أتدمّر أمريكا نفسها بنفسها؟!

mohamad-tweimi-america

موقع إنباء الإخباري ـ
محمد حسن التويمي*
قبل يوم واحد من انعقاد “المؤتمر الصحفي الشعبي” للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أي في يوم الخامس عشر من الشهر الجاري، حذّر المحلل الفرنسي جان بول باكياست، من أن أي نزاع عسكري بين واشنطن وموسكو، قد يتحول بسهولة إلى حرب نووية ذات عواقب مروعة، قد تطال الكرة الأرضية برمتها، وتؤدي إلى تدمير أمريكا بالكامل واندثارها.
باكياست يرى في تحليلاته المنشورة في مدونته على موقع “Mediapart” الإعلامي الفرنسي، أن العسكريين الأمريكيين يدرسون، على ما يبدو، إمكانية توجيه “ضربة نووية احترازية” إلى روسيا، وأشار إلى ظهور مقالات كثيرة في وسائل الإعلام الأمريكية خلال الآونة الأخيرة تتحدث عن مثل هذا الاحتمال.
الحديث عن ضرب روسيا ليس جديداً، ولا يقتصر على باكياست وحده. فقد ذهب عدد آخر من المحللين إلى الرأي نفسه، استناداً إلى متابعاتهم السياسية لتطورات العلاقات السياسية الأمريكية الروسية، وردع روسيا لأمريكا في مناطق عديدة في العالم، ما لم ولا تحتمله أمريكا، التي تحذّر وتتوعد روسيا بالويل والثبور وعظائم الأمور، وصولاً إلى قصف موسكو بالسلاح الذري الذي كشفت عن النية لاستخدامه ضد روسيا وموسكو وبالذات ضد الكرملين، رئيسة الوزراء الأوكرانية السابقة يوليا تيموشينكو.
عدد لا يُحصى من الزعماء العالميين والقادة العسكريين، الذين لم يكن هتلر أحدهم، ولا التتار والمغول أولهم، حاولوا جهدهم تدمير موسكو وتسوية روسيا بالأرض، لكنهم جميعاَ ذهبوا أدراج الرياح، بينما بقيت موسكو التي صارت كل طرق العالم تؤدي إليها، وبقي شعب روسيا الحليف صامداً كالطود ونصيراً للعالم الفقير والشعوب المضطهَدة. لكن القادة التوسعيين لا يُطالعون التاريخ، ولا يتّعظون من دروسه ونقلاته الحادة، لذلك ذهبوا إلى غير رجعة، وذهبت معهم أسماؤهم إلى مزابل التاريخ، أو الى جهنم لتبتلعها نيرانها أبدياً.
روسيا لم تخضع لأمريكا ولن تخضع تماماً كما أنها لم تخضع لأي عابر أو مصارع. ونرى في كل يوم تزايداً في النبرة الروسية الحادة تجاه الولايات المتحدة، واهتمام موسكو المُتزايد بالشرق الاوسط والتطورات فيه، وصولاً لاهتمامها بكل القارات والدول وتأثير سيرورتها السياسية وانعكاساتها على روسيا نفسها، التي تربط كل تلك المجريات السياسية بأمنها ووجودها. لذلك، نرى كيف ان روسيا تُسارع في اختراعاتها لأجيال جديدة من الصواريخ العابرة للقارات، والأكثر تطوراً في مجال الالكترونيات والتدمير الشامل.
القيادة السياسية الروسية ترى أن السلوك الأمريكي يُعزّز قناعاتها بأن واشنطن تعِدُّ رداً عسكرياً كبيراً عليها، لمَنعها من توثيق علاقاتها بالعالم الثالث على نحو استراتيجي مشترك، ولها الحق بهذا الاستنتاج والتحرك. وباكياست من جانبه يُحذّر من عجز الجيش الأمريكي عن تدمير روسيا دون أن تتكبد الولايات المتحدة نفسها خسائر هائلة، وبالطبع يكون هذا الاستنتاج منطقياً جداً، إذ أن زمن الاستعمار المباشر قد ولىّ، وقوى الردع تأخذ زمام المبادرات الدولية، على نحو بوتيني واضح، مما يُسرّع باستخدام واشنطن لقواها ضد روسيا التي اعتقد أنها تعدُ العدة سراً لردع على نحو قاصم وغير مسبوق وإنقاذي لأُمم الارض، فيكون أن أمريكا تدمّر نفسها بنفسها جرّاء رؤوس حامية لبعض أصحاب القرار الحربي فيها.
*مسؤول المطبوعات في الاتحاد الدولي للصحفيين والاعلاميين والكتاب العرب اصدقاء الصين. 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.