أحداث عمران: بداية التغيير في خارطة اليمن السياسية

zeinabhammoud-yemen-omran

موقع إنباء الإخباري ـ
زينب حمود:

لا تشبه الحرب الدائرة اليوم في اليمن بين جماعة أنصار الله “الحوثيون”، من جهة، ومسلحي حزب الإصلاح “الإخوان المسلمون” وبعض القيادات العسكرية الموالية له من جهة ثانية، سابقاتها من الحروب.
عوامل عديدة تؤكد ذلك، أبرزها أن الحرب المندلعة اليوم، تجسيد لصراع سياسي بين فريقين على النفوذ والسلطة والتمدد الجغرافي، لا قمع سلطة وحكومة لما اعتبرته في حينه حركة تمرد.
وإن أٌقُحم الجيش اليمني في الأحداث الأخيرة، إلا أن الأوضاع الميدانية تؤكد أن اللواء ثلاثمائة وعشرة الموالي للمستشار العسكري للرئيس اليمني، الإصلاحي، علي محسن الأحمر وحده من يساند الحزب في معركته.
هذا وأثبتت معلومات من مصادر عسكرية أن حزب الإصلاح استخدم أوراقه كافة في المعركة، سياسياً وعسكرياً، ومن أهمها وأكثرها تأثيراً، الإستعانة بعناصر تكفيرية، وأخرى تابعة لتنظيم القاعدة للمشاركة في القتال.
إختلفت أيضا نتائج المعركة هذه المرة، فبعد نجاح الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح في حصر تمدد جماعة أنصار الله في المدن، وإقتصار تواجدها في صعدة ودماج، يبدو أن المعادلة قلبت اليوم.
فقد أعلن الحوثيون سيطرتهم على محافظة عمران، وباتوا على مرمى حجر من العاصمة اليمنية صنعاء، إذ إمتدت المواجهات إلى ضواحي العاصمة، وإلى مديرية همدان التي تبعد خمسة عشر كيلومتر فقط عنها.

yemen-omran-province

أكثر من إتفاق وقف إطلاق نار أبرم من قبل اللجنة الرئاسية المكلفة بإنهاء الصراع، إلا أن أي واحد منها لم يصمد طويلاً. وفيما تبادل طرفا النزاع الإتهامات حول خرق الإتفاق، أكد مصدر عسكري يمني أن جنود اللواء ثلاثمائة وعشرة، هم من بادروا في كل مرة إلى خرق الهدنة لإشعال المواجهات من جديد. إذاً، لم يرد حزب الإصلاح وقفاً لإطلاق النار، وإنما أراد انتصاراً عسكرياً وسياسياً، يخوّله توسيع دائرة نفوذه على الأرض.
لم تنته المعارك إذا، وسقط أكثر من ثلاثمائة قتيل من الطرفين خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من المواجهات في عمران، والتي وصفها مراقبون بالأعنف. إلا أن تطويق مقر اللواء وإقتحامه وإحكام السيطرة عليه، ومقتل قائده حميد القشيبي، وتفريق جمع الجنود، حسم المعركة هناك لمصلحة الحوثيين. فاليوم جامعة الإيمان التابعة للإصلاح والمؤسسات الحكومية ومقار الحزب، كلها بيد جماعة أنصار الله.
وما إن قلبت الموازين وتغيرت المعادلة في عمران حتى اتجهت الأنظار فوراً إلى العاصمة اليمنية صنعاء. وبعد صمت إقليمي ودولي وحتى محلي عن الصراع الدائر في البلاد، استنفرت كل القوى السياسية لسحب مسلحي الحوثيين من المحافظة. إذ زار الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المملكة العربية السعودية عقب مقتل القشيبي فوراً، وهي زيارة تثير الجدل من ناحية توقيتها وسريتها.

الحوثيون يسيطرون على محافظة عمران

فيما سارعت كل من الولايات المتحدة الأميركية وجامعة الدول العربية إلى تحميل جماعة أنصار الله مسؤولية الأحداث الدائرة في عمران. إذ أعلن نبيل العربي، أمين عام جامعة الدول العربية، تضامنه الكامل مع الرئيس اليمني، وبارك أية جهود يبذلها لوقف العنف في عمران، ومعالجة الموقف المتدهور وإعادة المحافظة إلى حضن الإصلاح. واعتبر العربي أن الحل الوحيد للأزمة الراهنة هي تنفيذ المشاريع المنبثقة عن الحوار اليمني، وسحب العناصر المسلحة التابعة للجماعة، محملا إياها مسؤولية تداعيات معارك عمران، من دون أن يحمل حزب الإصلاح أية مسؤولية.
من جهتها، طالبت حكومة الولايات المتحدة الحوثيين بالوقف الفوري لكافة التحركات المسلحة ووقف تقدمهم نحو العاصمة صنعاء. وأشادت الحكومة بجهود الرئيس هادي، وعزيمته الراسخة لتنفيذ نتائج مؤتمر الحوار، حد تعبيرها.
الحرب الكلامية بين طرفي النزاع، لا تقل عنفاً عن الحرب الميدانية، إذ شن حزب الإصلاح هجوماً لاذعاً على جماعة أنصار الله، متهماً إياها بالتمرد على الدولة، وأشار إلى أن الحوثيين يحاولون الوصول إلى السلطة بالقوة عبر إحكام السيطرة على المؤسسات والمقار الحكومية.
وأضاف حزب الإصلاح في بيان صدر عنه: “نطالب بمحاكمة قيادة جماعة الحوثي الإرهابية والميليشيات التي عاونتها وتلطخت يدها بالدماء وفقا للدستور والقانون، ونحمل جماعة الحوثي الإرهابية مسؤولية المحافظة على حياة المختطفين”.
وطالب الحزب، في ختام بيانه، الدولة بتحمل مسؤولياتها وبسط نفوذها في صعدة وعمران.

yemen-omran-view

على المقلب الآخر، أكد زعيم جماعة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي أن “مشكلتنا ليست مع الجيش أو مع الدولة أو مع الجمهورية، بل مع ثلاثي التخريب في البلد، ثلاثي العمالة، ثلاثي الصناعة الاستخباراتية، وهم القاعدة ودواعش الإصلاح وبعض القيادات العسكرية الموالية لحزب الإصلاح”.
وأكد الحوثي، في كلمة متلفزة بثتها قناة المسيرة الفضائية “أن القاعدة حاضرة بشكل كبير، خاصة في أرحب”، مشيراً إلى أن “حزب الإصلاح وفر لها الغطاء السياسي والحماية العسكرية، نظراً لإرتباطه معها، وبالمشروع التخريبي في البلد”، ولفت إلى أن الحزب يعمد إلى خلق الفوضى في البلاد لضمان عدم استقراره أمنياً وسياسياً وإقتصادياً، خدمةً للمشروع الخارجي الداعشي التكفيري، على حد تعبيره.
وشدد الحوثي على أن الجماعة لا يسعون إلى السيطرة على المقار الحكومية، داعياً جميع الموظفين الحكوميين إلى التوجه إلى عمران لمزاولة أعمالهم.

هكذا، تترنح العاصمة اليمنية صنعاء على شفير التغيير. لم يعد تقسيم المحافظات بين الأطراف السياسية ممكناً كالسابق، ثمة طرف سياسي وعسكري لا يستهان به دخل إلى اللعبة بقوة، وبات قريباً وقريباً جداً من عاصمة اليمن السياسية، فالمعركة بدأت من عمران، ولن تنتهي عندها. هذا ما تؤكده الوقائع على الأرض وهذا ما ستثبته مجريات الأحداث خلال الأيام المقبلة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.