أسئلة حول تحييد الجولاني ’أحرار الشام’؟

syria-aboumhmad-joulani

موقع العهد الإخباري ـ
محمد محمود مرتضى:

كثيرة هي الرسائل، وفي كل الاتجاهات، تلك التي ارسلها المدعو أبو محمد الجولاني (“أمير جبهة النصرة” – فرع تنظيم القاعدة في سوريا). فالجولاني الذي عقد مؤتمرا صحفيا مع اشخاص مختارين من وسائل اعلامية محددة فضل الحفاظ على سرية شخصه، اذ تم تمويه الوجه بحيث لم تظهر هويته الشخصية، لكن المواقف التي اطلقها كانت واضحة ودون مواربات او تمويه باستثناء الحفاظ على حدود معينة من العلاقة مع حلفاء السلاح الذين شاركوا في مؤتمر الرياض لا سيما حركة احرار الشام.  

اصر الجولانى على أرتباطه بالـ«قاعدة» ورفض  فكرة فك الارتباط  معلنا أن “لا نية بفك الارتباط بالقاعدة، والغرب يصنف الفصائل بناء على الفكر الذي تحمله، لذا فإن الارتباط بتنظيم القاعدة ليس له علاقة بهذا التصنيف”.

وحول التدخل الروسي حاول الجولاني رفع معنويات مناصرية والتغطية على الخسائر التي منيت بها الجبهة فركز بكلامه على عدم امكانية التدخل الروسي بريا خشية من وقوع خسائر بشرية لديها في استعادة للتجرية الافغانية، مدعيا ان القصف لم يغير شيئا في الوضع الميداني.

لكن الحيز الاكبر الذي اخذه المؤتمر الصحفي كان يتعلق بالمؤتمر الذي انعقد في الرياض ودعيت اليه الفصائل العسكرية باستثناء داعش وجبهة النصرة.

فالمؤتمر اختتم في الرياض بإصدار بيان ختامي شدد فيه المجتمون على ضرورة التسوية السياسية للقضية السورية، “بناء على بيان جنيف والقرارات الدولية ذات الصلة، ودون أي إخلال بثوابت الثورة السورية ومبادئها”. لكن الجولاني انتقد الفصائل المشاركة في مؤتمر الرياض، موضحا إن جبهة النصرة لم تتلق دعوة للحضور، وأنها لم تكن لتحضر فيما لو دعيت اليه لان هذا المؤتمر من وجهة نظر الجولاني بمثابة “خطوة تنفيذية لما جرى في فيينا ومرتبط به ارتباطا وثيقا، وخرج مؤتمر فيينا بأشياء لا تصب في مصلحة أهل الشام، وهو مرفوض جملة وتفصيلا” بحسب تعبير الجولاني نفسه.

وعلى الرغم من ان الجولاني قد اعلن صراحة انه سيحارب نتائج هذا المؤتمر وسيسعى للاجهاز عليه والعمل على افشاله، الا انه لم يطلق النار بشكل مباشر على الفصائل التي حضرته لا سيما “احرار الشام”. ومن المعلوم ان هذه الحركة تنضوي في تحالف مع الجبهة تحت مسمى “جيش الفتح”.

ورغم النبرة الهادئة التي ظهر بها الجولاني بشكل عام، الا ان هذا الهدوء كان يخفي توترا، فالجولاني يعلم تماما ماذا يعني اطلاق النار على “حركة احرار الشام” في ظل التوتر والمعارك المتنقلة والمتفرقة بين الجبهة من جهة وداعش من جهة اخرى اضافة الى معارك سابقة بين الجبهة واطراف اخرى منها “حركة حزم” التي اجهز عليها وجماعات تابعة لما يسمى “بالجيش الحر”.

يدرك الجولاني تماما ان اطلاق النار على “احرار الشام” يعني عمليا:

اولا : الدخول بحرب مع فصيل مسلح من اكبر الفصائل التي تعمل في الساحة السورية.

ثانيا : سيدفع بكثير من الدول الغربية لتبني خيار “احرار الشام” وتسويقها على انها حركة معتدلة.

ثالثا : سيحرج بعض الدول التي تدعم الجبهة وعلى رأسهم قطر وتركيا.

رابعا : تفكك «جيش الفتح» واشتعال المناطق ذات التواجد المشترك ولعل اخطرها محافظ ادلب.

خامسا : خسارة المكتسبات التي حققها «جيش الفتح» في كل من ادلب وجسر الشغور وباقي محافظة ادلب.

لهذه الاسباب ورغم ان الجولاني شن حملته على المؤتمر واتهم المشاركين فيها بخيانة ما أسماه «دماء شهداء الثورة» لكنه تجنب تسمية اي فصيل من الفصائل، او التهجم على فصيل بعينه.

وعلى اي حال، فالجولاني لم ينس في مؤتمره الصحفي الاشارة الى حزب الله وحاول اللعب على قضية صفقة التبادل التي جرت مع العسكريين اللبنانين عبر الادعاء ان الصفقة كان يمكن ان تتم منذ وقت طويل متهما الحزب بعرقلتها، محاولا التعمية على حقيقة ان تعقّد الصفقة في مراحل سابقة كان بسبب انقلاب الجبهة نفسها على الاتفاقات المبرمة عبر الاتيان بشروط جديدة.

ومهما يكن من أمر، فمن الواضح ان الجولاني، ورغم النبرة الهادئة التي ظهر بها، الا ان هذه النبرة تخفي تخبطا وتوترا ومخاوف لدى الجبهة من امكانية تدهور الوضع الميداني وخسارة الكثير من المكتسبات التي حققتها الجبهة في اكثر كن جبهة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.