أطفال سورية: “الجيش الحر” يسلّحهم و”الأمم المتحدة” تغض نظرها عنهم

law-culture14

موقع إنباء الإخباري ـ
علي مطر:

يفترض أن الطفل هو نور الحياة، فعندما ترى الطفل تبتسم له وترى فيه جيل المستقبل.
والطفل هو بحسب اتفاقية حقوق الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه.
أما في سورية فالوضع مغاير، ولم يعد للأطفال مكان في المستقبل. لقد ذهبت البسمة عن وجوه أطفال سورية البريئة. ظهر الشيب عليهم، وغُرر بهم، فحملوا سلاح الميليشيات ليحاربوا به دولتهم التي تؤويهم.
أولاد كانوا بالأمس يلعبون ويلهون في الشوارع، اليوم أصبحوا من عناصر “الجيش الحر”. تركوا مقاعد الدراسة مرغمين، أعطوا ظهرهم للشهادات العلمية، لكي يستخدمهم الإرهابيون ليس دروعاً بشرية، إنما لكي يستخدموهم في النزاع ضد الجيش السوري، فما ذنب هؤلاء الاطفال؟

يأسف المراقب عندما يتابع أخبار سورية وأطفالها، والأسف الأكبر ينبع من موقف المنظمات الدولية التي لا ترى إلا بعين واحدة. كانت منظمة “الأمم المتحدة”  هي الأمل لهؤلاء في شتى أنحاء العالم، واليوم لم يعد يهمها الحفاظ عليهم، لأن من يستخدمهم هم قوات المعارضة ضد النظام السوري، ولا مشكلة لدى  هذه المنظمات، طالما أن الهدف هو إسقاط الدولة السورية.

القوانين الدولية ـ التي لم تعد تراعى هذه الأيام، وفي الكثير من الصراعات التي تخدم الغرب، وتشتت العرب وتقتل خيرة شبابهم ـ تضع شروطاً قاسية  لعمالة الأطفال، فكيف باستخدام هؤلاء في النزاعات المسلحة.
لكن لا عجب، فالمسلحون في سورية، آكلو الأكباد وقاطعو الرؤوس لا يعون خطورة  هذا الأمر، هم همهم فقط الاستمرار في الارهاب، واستخدام العناصر والوسائل كافةلاسقاط نظام الرئيس بشار الاسد. وهو مستمرون في ذلك طالما  أن لا أحد يحاسبهم.
لقد أعلنت الممثلة الخاصة للأمم المتحدة من أجل الاطفال في النزاعات المسلحة راديكا كوماراسوامي ان “المنظمة الدولية تلقت  تقارير تشير إلى تجنيد اطفال في الجيش السوري الحر الذي يقاتل نظام الرئيس بشار الاسد. وأخذنا علماً بالادعاءات عن تجنيد اطفال في صفوف  الجيش السوري الحر. ولكن لسنا قادرين على التحقق أو التأكد من هذه الادعاءات التي تشكل انتهاكاً للمعاهدات الدولية التي تحرم تجنيد من هم دون  السادسة عشرة”.(1)
و”كشفت تقارير إعلامية عن حملات تجنيد تجري في اليمن لإرهابيين بغرض إرسالهم إلى سورية بـ”صورة سرية”، في تشابه مع حملات مشابهة نشطت أواسط الثمانينات وأوائل القرن الحالي لتجنيد يمنيين للذهاب إلى أفغانستان والعراق”.(2)
وأفاد تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية أن الجيش السوري الحر الذي يقاتل النظام السوري يدرب أطفالاً مراهقين ليصبحوا فيما بعد “آلات قتل”، حيث يقول مدربهم “الأطفال هم أفضل جنود عرفتهم. تأمر فيطيعون”.(3)
وكذلك قال تقرير للأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن “جماعات المعارضة المسلحة – بما في ذلك الجيش السوري الحر- متهمة أيضا باستخدام أطفال تتراوح أعمارهم في العادة من 15 إلى 17 عاما في القتال وفي القيام بأدوار لمساندة المقاتلين مثل نقل الأغذية والمياه وتعبئة خراطيش الذخائر”.(4)

إن القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي المنطبق على النزاعات المسلحة يمنح حماية خاصة للأطفال إلى جانب الحماية العامة الممنوحة للمدنيين.
وإذا شارك الأطفال في الأعمال العدائية، فيفقدون في هذه الحالة، الحماية العامة الممنوحة للمدنيين لكنهم يحتفظون بالحماية الخاصة التي يتمتع بها الأطفال. فغالباً ما يكون الأطفال ضحايا الانتهاكات المباشرة والخطيرة للقانون الدولي الإنساني، بما يشمل القتل والتشويه والعنف الجنسي والتجنيد في الجيش والجماعات المسلحة. ولكنهم يذهبون أيضاً ضحايا الآثار غير المباشرة للحرب مثل عدم كفاية الرعاية الصحية والغذاء والمياه.
وتؤدي هذه الآثار الجانبية إلى وفاة العديد من الأطفال أكثر ما يؤدي إليه الرصاص والقنابل، وعليه فإن الكثير مما يعانيه الأطفال أثناء النزاع يمكن تفاديه من خلال تحسين امتثال جميع الأطراف المتحاربة للقانون الدولي الإنساني. ويتطلب هذا الفرع من القانون، ضمن جملة أمور أخرى، معاملة المدنيين معاملة إنسانية، ويحظر القتل والتعذيب وغيره من أشكال سوء المعاملة، فضلا عن حالات الاختفاء القسري. ويحظر أيضا توجيه هجمات ضد المدنيين وضد الأهداف المدنية.(5)

لقد شملت اتفاقية حقوق الطفل والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، والاتفاقية المتعلقة بأسوأ أشكال عمل الأطفال، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة، فضلاً عن قرارات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، حقوق الطفل خلال النزاعات المسلحة، حيث تحرم إشراك الاطفال دون 17 عاماً بالأعمال القتالية. وبالتالي فيجب أن يكون للطفل الأولوية فى الإسعاف والإنقاذ فى أوقات الحروب والكوارث.

تقول المادة 38 من اتفاقية حقوق الطفل، انه:
1. تتعهد الدول الأطراف بأن تحترم قواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة عليها في المنازعات المسلحة وذات الصلة بالطفل وأن تضمن احترام هذه القواعد.
2. تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن ألا يشترك الأشخاص الذين لم يبلغ سنهم خمس عشرة سنة اشتراكا مباشراً في الحرب.

إذا إن هذه المادة تحرم اشراك الدول للأطفال في نزاعاتها المسلحة، ولكن من سيمنع “الجيش الحر” و”جبهة النصرة”، وهم عبارة عن ميلشيات مسلحة، يقومون بقتل الناس دون تورع، من سيمنعهم من استغلال الأطفال، وإشراكهم في القتال. وقد شاهدنا جميعاً صور الأطفال الذي يقاتلون إلى جانب هؤلاء التكفيريين.
هل ستهب الأمم المتحدة لإنقاذ هؤلاء من براثن الحرب التي فرضتها المجموعات المسلحة؟.

ــــــــــــــــــــــــــــ
“1”: في سوريا وليس الصومال: ‘الجيش الحر’ يجند الاطفال، ميدل ايست أونلاين،
http://www.middle-east-online.com/?id=128273.
“2”: القاعدة تجند أطفال اليمن للقتال في سورية،
http://www.newyemen.net/dgNews/news-8135.htm.
“3”: وكالة الصحافة الفرنسية : الجيش السوري الحر يجند أطفال لاستغلالهم فى القتال،
http://www.hoqook.com/66881/%D9%88%D9%83%D8%A7%D9%84%D8%A9
“4”: http://ara.reuters.com/article/topNews/idARACAE9B2T3420130613
“5”: انظر، حماية حقوق الأطفال والحث عليها: بيان اللجنة الدولية للأمم المتحدة, 2010،
http://www.icrc.org/ara/resources/documents/statement/united-nations-children-statement-2010-10-18.htm

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.