إسرائيل تبحث عن حصة في سوريا (2)

israel-borders1
الميادين. نت ـ
علي فواز:
التقديرات الإسرائيلية تشير إلى أن الأزمة في سوريا لن تنتهي قريبا ًوسوف تمتد لسنوات. وعلى الرغم من انهماك الجيش السوري وتشتته على جبهات عدة كان لافتاً أن يضع رئيس “معهد أبحاث الأمن القومي” عاموس يدلين سوريا، نظاماً وجيشاً، ضمن قائمة التهديدات التي تواجهها إسرائيل في العام الحالي. إلام يؤشر ذلك؟ وما هي الاستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع الساحة السورية؟ في ما يلي قراءة للمختص في الشؤون الإسرائيلية والأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور عباس اسماعيل.
عندما تنظر إسرائيل إلى الساحة السورية تخلص إلى مجموعة من التقديرات: أولاً،المشاركة الروسية والغطاء السياسي والعسكري الذي قدمته موسكو لسوريا يعني أن خيار إسقاط النظام السوري بالقوة لم يعد مطروحاً. أي خيار من هذا النوع يعني الصدام مع روسيا. وبالتالي هذا الخيار الذي كانت إسرائيل تراهن عليه سقط. ثانياً، الكفة على الأرض بدأت تميل بوضوح لصالح محور المقاومة بعد الدخول الروسي. موازين القوى تغيرت والمبادرة الآن بيد الجيش السوري وحلفائه. ترى إسرائيل، أن من سيقطف ثمار التدخل الروسي، بغض النظر عن الحسابات الروسية، هو محور المقاومة. أي ربح لهذا المحور بنظرها هو خسارة لها حتى لو كان ضد داعش. التقدير العسكري الإسرائيلي لعام 2016 يعتبر في هذا الإطار أن هزيمة داعش في سوريا على يد المحور الراديكالي، كما تصفه، هو أخبار غير جيدة ويوجّه بضرورة العمل للتأثير على هذا المسار. ثالثاً، التقدير الإسرائيلي يرى أن الأزمة في سوريا لن تنتهي قريباً وسوف تمتد لسنوات. سوريا التي كانت قائمة لن تعود بغض النظر عن شكل التسوية. هذا يعني بالقراءة الإسرائيلية أن سوريا لن يعود فيها نظام واحد أو وحدة سياسية أو وحدة جغرافية. قد يكون التقسيم أحد تجليات هذه القراءة ويرجّح أن تكون لكل قوة إقليمية أو دولية حصة في سوريا المستقبلية. من هنا تبحث إسرائيل عن حصة وعن مكان لها في التسوية المستقبلية. هذا المسعى أعلن عنه نتنياهو بشكل صريح. كيف يمكن أن يكون شكل هذه الحصة؟ هذا سؤال كبير مفتوح. الدول لا تعطي مكافآت والقوى لا تقدم هدايا مجانية. إذا كان هذا الأمر بديهياً في العلاقات الدولية وأبجدية السياسة علينا أن نفتش عن كيفية انتزاع إسرائيل لحصتها. لا يوجد توضيح إسرائيلي رسمي لكيفية تحقيق هذا الهدف، الأمر الذي يضطرنا إلى الدخول في باب التكهنات والافتراضات. وهنا على سبيل المثال لا الحصر مجموعة من الخيارات التي قد تلجأ إليها: –          أن تعلن نفسها دولة عضو في التحالف الدولي لمكافحة داعش وتوظيف هذا الأمر للحصول على حصتها. –          أن “تفبرك” عملاً ما عند الحدود في منطقة الجولان وتقول إن داعش نفذته أو تدفعها إلى تنفيذه أو تنتظرها لتنفيذه، وتتخذ من هذا الأمر ذريعة لكي تعلن أنها تريد الدفاع عن أمنها في تلك المنطقة بذريعة محاربة داعش وتعمد إلى التوغل برياً في منطقة معينة وتحجز مكان لها. –          من خلال التواصل والتنسيق مع دول عربية تدعم الجماعات السورية المعارضة. –          تستغل علاقتها مع المجموعات المنتشرة في الجولان وتستثمرها في وقت معين لحجز بطاقة في اختيار الجماعات التي سوف تنتشر عند الحدود في الجولان. كيف ستفعل إسرائيل ذلك؟ قد يكون من خلال خيارات أخرى غير التي ذكرت، لكن المهم أن إسرائيل تفكر حكماً بأن عليها أن تحجز مكاناً في أي تسوية مستقبلية.

داعش خارج الدائرة

التقدير في إسرائيل أن داعش لا يضعها على سلم أولوياته (أ ف ب).

التقدير في إسرائيل أن داعش لا يضعها على سلم أولوياته (أ ف ب).
كان لافتاً أن يضع رئيس “معهد أبحاث الأمن القومي” عاموس يدلين سوريا ضمن قائمة التهديدات التي تواجهها إسرائيل في العام الحالي. منعاً للالتباس، سوريا التي احتلت المركز الثالث في قائمة التهديدات بعد حزب الله وإيران قصد بها يدلين الجيش السوري والنظام. بعد سوريا تأتي حماس على القائمة يليها داعش في النهاية.
حتى الآن لا تتعامل إسرائيل مع المعارضة السورية والمجموعات المسلحة بوصفها تهديداً. كما لا تتعامل معها باعتبارها كتلة واحدة. نظرتها إلى الجيش الحر تختلف عن نظرتها إلى جبهة النصرة، أما داعش فينظر إليه على حدة. معلوم في إسرائيل أنها مدت شبكة من العلاقات مع الجيش السوري الحر. الاتصالات الهاتفية مع هذه الجهة ترد في التقارير التلفزيونية الإسرائلية.  مع جبهة النصرة هناك خطوط تواصل. جزء منها يندرج في إطار معالجة الجرحى وتقديم مساعدات وصفها وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعالون بأنها مساعدات إنسانية. يذكر في هذا السياق أن يعالون اشترط مقابل هذه المساعدات أمرين: –          أن تساعد هذه الجماعات إسرائيل على إبعاد “التنظيمات الإسلامية المتطرفة” ويقصد هنا داعش تحديداً. –          أن لا تقترب من القرى التي تضم الدروز السوريين، لأن من شأن هذا الأمر أن ينعكس على دروز الجولان المحتل كما على دروز أراضي 48 الذين قد يهبون لمساعدة إخوتهم، ما من شأنه أن يشكل مصدر إزعاج للسلطات الإسرائيلية ويضع جيشها في موضع حرج. يقع داعش خارج هذه الدائرة. تصنفه إسرائيل منظمة إرهابية وتتعامل معه على هذا الأساس. تم اتخاذ قرار في الحكومة الاسرائيلية بسن قانون يدرجه على هذا الأساس. التقدير في تل أبيب أن داعش لا يضع إسرائيل على سلم أولوياته. ولكن في إسرائيل لا يقارب التهديد عادة وفق أولويات الخصم إنما وفق ما يمكن أن ينطوي عليه من قدرات. بمعنى أن إسرائيل لا تنتظر أن يبدأ داعش الاستعداد للقيام بعمليات ضدها حتى تبدأ استعداداتها. تتعامل معه على أنه تهديد مستقبلي. ليس تهديداً وجودياً أو حتى استراتيجياً، بل تهديداً أمنياً يمكنها التعامل معه.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.