استعدادات سورية لمواجهة الأمريكان عسكرياً!

 

موقع إنباء الإخباري ـ
#يلينا_نيدوغينا*:

تتحدث الصحافة الروسية هذه الأيام بنبرة جديدة عن التواجد العسكري الأمريكي في سوريا. وعلى سبيل المِثال لا الحصر، تقول الصحيفة الالكترونية “مير تيسين”، وزميلتها “بوليتيتشسكي كاليداسكوب”، إن السوريين يَستجمعون قواهم بعد قصمهم ظهر القوى الرئيسية للإرهاب الدولي، لعبور مرحلة جديدة هي “الحرب ضد الولايات المتحدة الامريكية”.

هذه الأخبار المتواترة تعكس الحالة السياسية والعسكرية المتوترة القائمة حالياً ما بين روسيا وأمريكا، فغالباً ما نقرأ ونستمع لأخبار عن احتكاكات للقوات الروسية والأمريكية بعضها ببعض، خلال العمليات العسكرية، أو دخول هذه القوات الى المجال الجوي والبري لبعضها بعضاً بدون أنذار مُسبق، وهو ما يَشي بأن التنسيق العسكري ما بين الدولتين على الساحة السورية، وعالمياً، لم يَعد قائماً، أو أنه تراجع الى أدنى مستوىً، بخاصة منذ إعلان الدولة الروسية وبوتين عن قضاء القوات الروسية على العمود الفقري لتنظيم داعش وأشياعه في سوريا.

وضمن هذا الإطار نلاحظ أنه، ومنذ شهور عديدة، لم تعد روسيا والصحافة الروسية ـ ناهيك عن وزير الخارجية سيرغي لافروف والمسؤولين الروس الآخرين ـ تتحدث لا بكثرة ولا بقلّةٍ عن أمريكا والأمريكان كزملاء وأصدقاء في الحرب على الإرهابيين، بل على العكس من ذلك تماماً، صارت موسكو الرسمية تهتم بشكل متصاعد بتعرية دعم الأمريكان للإرهابيين ومنهم “داعش” و “القاعدة” بِمسمّياتها المختلفة، وكذلك حديثها عن الأهداف الآنية والبعيدة المدى لقوات القواعد العسكرية الأمريكية على الأرض السورية، ومنها قاعدة “التنف” التي تؤوي قادة وعناصر الإرهابيين، والتي يزداد عديد قواتها بإضطراد، وتصف الصحافة الروسية وجود هذه القواعد وهذه القوات بغير الشرعي، وبأنها تتواجد على الأرض السورية بقوة غاشمة، وبدون أي طلب رسمي من جانب الحكومة السورية الشرعية، التي شرّعت بالمناسبة تواجد القوات الروسية على أراضيها، وكذلك الأمر لمختلف القوات العربية والأجنبية الحليفة لسوريا التي تقاتل على الأرض هناك.

ونلمس من العناوين العريضة في الصحافة الروسية، أن شيئاً كبيراً يجري على الأرض السورية، وعلى الأغلب أنها تحضيرات إستراتيجية لمرحلة مُقبلة..، مرحلة ما بعد داعش ومنظمات القاعدة، وقد تكون مشابهة لتلك المرحلة التي أعقبت احتلال الأمريكان للعراق بعد 2003، حيث إضطرت التنظيمات العراقية، وكانت بالعشرات أو المئات، لإعلان الحرب على القوات الامريكية المحتلة للعراق، وتمكّنوا في نهاية المطاف من طردها، وقد يكون السيناريو العراقي هذا سورياً في الشهور القليلة المُقبلة، وقد يؤثر ذلك على دول الجوار السوري، وعلى إدراة الرئيس ترامب التي ستُلحق بها هزيمة عسكرية وسياسية جديدة.

الصحافة الروسية تتحدث كذلك عن ستالينغرادات سورية عديدة، تمكّنت من التصدي للإرهاب وإنقاذ البلاد، في صورة مشابهة لستالينغراد الروسية السوفييتية الشهيرة، التي قامت من بين الأنقاض مارداً جباراً بكل ما في الكلمة من مَعنى، لتُلحق بالاحتلال الألماني النازي هزيمة مدوية، دوّت أصداؤها في كل العالم، ويبدو أن التحضيرات العسكرية على الأرض السورية، تشابه تلك التي جرت قُبيل النصر النهائي في ستالينغراد الروسية في الحرب الوطنية العظمى للشعب السوفييتي – الحرب العالمية الثانية.

كذلك، تتحدث الصحافة الروسية كما لم يكن حديثها من قبل، عن إمتلاء صفوف القوات السورية بالمقاتلين السوريين الأشداء، إلى حد التخمة، وعدم وجود أماكن فارغة لمتطوعين جُدد، لذلك يجري توجيه الاختصاصيين من المتطوعين للعمل في مواقع الإنتاج المدني والخدمة المدنية التي تتسق مع تخصصاتهم، يرافق ذلك حديث الصحافة الروسية عن بطولات القوات السورية، وصمود المدنيين السوريين في أراضيهم دون وجل، ومنهم المواطن المدعو أحمد، الذي بلغ من العمر قبل أيام قليلة ثمانية عشر عاماً، والتحق بالقوات السورية في جبهة القتال.

المقاتل السوري أحمد يرى في حديث له مع صحفيين روس، أن الحرب في وطنه السوري “لا تزال في بداياتها”، ويرى كذلك بأنه “صحيح أن القوات السورية والروسية قضت على الجزء الأساسي من داعش وغالبية مقاتلي التنظيمين الإرهابيين، وبأن أحرار الشام مطوّقة، وبقية الإرهابيين هنا وهناك يهرولون هرباً من الساحة، إلا أن العدو الأساسي بقي في سوريا”، لذلك نرى كيف أن المقاتل المُستجد أحمد يُجيب على تساؤلات الصحفيين الروس  بحدة وصراخ، برغم أنهم طرحوا عليه مجرد إفتراضات منها، أن الحرب قد وصلت بالفعل إلى نهايتها في سوريا، فلم يبقَ هناك سوى مخلفات محتملة من الجماعات الإرهابية..

يُجيب أحمد على أسئلة الصحفيين التي منها “مع مَن أنت ستذهب للقتال.. ولماذا أنت تريد الذهاب إلى الجيش؟”، بأن الحرب لا تزال في بداياتها، ويستطرد: أما تعلمون عن وجود مستعمرة “التنف” التي هي في الواقع “استيلاء أمريكي على جزء من سوريا.. إن هذا يَعني أنه يجب علينا إرغام شاغليها على مغادرة أراضي الجمهورية العربية السورية.. فأولئك الذين يتواجدون فيها هم مِثلهم مِثل غيرهم من قُطّاع الطٌرق، يَفهمون لغة القوة فقط!”.

لم يتوقف الأمر عند هذا فقط. تقول الصحافة الروسية إن أحمد وملايين السوريين الآخرين يرددون ويؤكدون بأنهم سيقاتلون ضد القواعد العسكرية الأمريكية التي تحتل سوريا، حتى وإن استخدمت تلك القوات أسلحة نووية ضدهم، فهم سيقاتلونها ليس برشاش فقط، بل وبيدين عاريتين أيضاً، ليكنّسوا الأرض السورية من الأجنبي الدخيل.. وتحذّر الصحافة الروسية آباء وأمهات وشقيقات الجنود الأمريكان في “التنف” وغيرها، وتذكّرهم بحرب فيتنام، وبأن أمثال أحمد كثيرون في سوريا، وعلى الجنود الأمريكان أن يرحلوا عن تلك البلاد العربية، وإلا عادوا إلى أقاربهم الأمريكان “في صناديق خشبية”!

*#يلينا_نيدوغينا: *رئيسة تحرير “#الملحق_الروسي” سابقاً، ونائب رئيس #رابطة القلميين الألكترونية مُحبي #بوتين و #روسيّه للاردن والعالم العربي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.