استنفار لبناني لمواجهة المخاوف من تغيير معادلات المنطقة

lebanon-army-orsal

صحيفة السفير اللبنانية ـ
غاصب المختار:

لم يكن ما جرى في العراق من اجتياح «تنظيم داعش» لبعض المدن الكبيرة، وحده الداعي الاساسي لما اثير من مخاوف في جلسة مجلس الوزراء وعلى لسان الرئيس نبيه بري وبعض القيادات السياسية والامنية، بل الاحداث الامنية المتنقلة ايضا في البقاع الشمالي على يد المسلحين السوريين المعارضين، والتي بدأت تكبر تدريجيا لتشمل اعمال القتل والاعدام والخطف وسرقة المواسم الزراعية والسيارات، والتي تهدد بالتوسع اكثر بعدما تجاوزت جرود عرسال وبلدة الطفيل لتصل الى جرود راس بعلبك، عدا المخاوف من وجود الخلايا النائمة لـ«داعش» و«النصرة» وسواها من مجموعات ارهابية لبنانية وغير لبنانية قد تكون تنتظر الامر بالتحرك لاستكمال تطويق وارهاق واستنزاف ما يسميه هؤلاء «المشروع الايراني الصفوي في المنطقة وامتداداته في لبنان»، وهو الامر الذي استدعى قيام الجيش اللبناني امس، بعملية امنية موضعية واسعة لكف ارهاب المسلحين عن منطقة البقاع الشمالي.
ولعل ما نشر في بعض الصحف الاميركية وفي مراكز الابحاث الدولية من كلام للرئيس الاميركي اوباما بأن ما يجري في سوريا والعراق هو استنزاف للدولتين ولإيران ايضا، فيه من الدلالات ما يبشر بأن المخاوف من انتقال التوتر الامني الى لبنان هي مخاوف جدية، وان كان المتوقع ان تكون اقل حدة، خاصة اذا استمر القرار الاميركي الاوروبي الخليجي بتجنيب لبنان حاليا التوترات الاقليمية الكبرى ليبقى فسحة راحة وتبادل رسائل باردة بين القوى الاقليمية المتصارعة، لكن لا احد يعرف متى تتحول الى رسائل ساخنة.
لكن بعض الوزراء قللوا من حجم انعكاس ما يجري في العراق على لبنان بشكل مباشر ودراماتيكي، وقال احد الوزراء من فريق «8 آذار»: «ان القلق الذي تم التعبير عنه في جلسة مجلس الوزراء، ناجم عن سرعة انهيار الجيش العراقي امام اجتياح قوات داعش، وفتح الحدود او إلغائها بين سوريا والعراق على نحو غير مسبوق بحيث تم وصل مناطق تواجد هذا التنظيم في البلدين، ما يعني تغييرا جوهريا في معادلات المنطقة وتوازنات القوى فيها، وهو امر يخلق توترات اضافية في المنطقة يخشى ان تنعكس على لبنان، لذلك تم اقتراح عقد جلسة سياسية ـ امنية لمجلس الوزراء لتدارس الموضوع وتلافي أي انعكاسات محتملة للوضع الاقليمي الجديد على لبنان، إلا أنه لم يتم الحديث عن اتخاذ اجراءات استثنائية حتى الآن، لا امنيا ولا سياسيا، لكن تم الاتفاق على متابعة موضوع النازحين السوريين بدقة اكثر ومحاولة حصر انتشارهم واحصائهم بدقة اكثر.
ويشير الوزير المذكور الى ان الاحداث الامنية المتفرقة في البقاع لا زالت دون المؤشر الخطير، لكن تم التنبه لها ومتابعتها حتى لا تتطور اكثر، عدا عن ان القيادات العسكرية والامنية كانت تراقب الوضع بدقة تحسبا لأي انفلات غير محسوب.

العملية العسكرية

كثرت في الآونة الأخيرة، الاعتداءات المسلحة، وأعمال القتل والخطف والسرقة في منطقة عرسال وجوارها من قبل مسلحين تابعين لتنظيمات إرهابية سورية معارضة، والتي كان آخرها التعرض لكسّارة مخول مراد الذي خطف وما زال محتجزا. وفي مهمة هدفها اعادة إرساء الامن، قام فوج المجوقل في الجيش اللبناني فجرا بعملية امنية عسكرية وتمشيط بمؤازرة المروحيات، ركزت بشكل خاص على جرود عرسال، ومخيمات النازحين في وادي حميد، والتي كانت مؤخرا مسرحا لاشتباكات مسلحة وتصفيات.
وهدفت العملية أيضا الى توقيف مطلوبين والبحث عن مخطوفين سوريين وعن مراد وعن اي مظاهر مخلة بالامن. وقد أوقف الجيش 6 سوريين في المخيمات للاشتباه في انتمائهم لـ«جبهة النصرة» و«كتائب عبدالله عزام». كما تم ضبط وثائق وحواسيب واجهزة. ولاحقا توسعت الحملة لتشمل مناطق جردية وعرة يعتقد ان المسلحين يختبئون فيها.
وأحكمت وحدات الجيش سيطرتها على بعض التلال الحساسة ونفذت انتشارا واسعا من اجل اقفال كافة الطرق الفرعية والترابية التي تسلكها المجموعات المسلحة. وأشار مصدر امني الى ان «العملية مفتوحة ومستمرة حتى اعادة الامن والهدوء الى تلك المنطقة خصوصا بعد تزايد عمليات التعدي والاخلال بالأمن».
وبحسب معلومات مصادر عسكرية مأذونة، فقد شاركت معظم سرايا الفوج المجوقل في الجيش في عملية التعقب والمداهمات في جرود عرسال ووادي حميد، بدعم من المروحيات، وبمؤازرة اللواء السادس المنتشر اصلا في المنطقة، وتم تمشيط القسم الاكبر من المنطقة وجرى دفع المسلحين الى الخلف بحيث تواروا بعيدا في الجرود الخلفية الاوسع او باتجاه الحدود السورية.
من جهتها، أعلنت قيادة الجيش في بيان ان «قوى الجيش نفّذت، امس، عملية دهم واسعة في جرود منطقة عرسال، بحثاً عن المسلحين والمشبوهين في علاقتهم بنشاطات إرهابية». واوضحت «انها أوقفت داخل مخيمات النازحين السوريين في المنطقة المذكورة، زاهر عبد العزيز الأحمد لانتمائه الى «كتائب عبد الله عزام»، وكلاً من: نور محي الدين شمس الدين، هيثم نادر غنوم، عادل سليمان غنوم، محمد نزيه غنوم، وجميعهم من التابعية السورية، وذلك لحيازتهم كاميرات تصوير وأجهزة كومبيوتر وأقراصا مدمجة، تثبت اشتراكهم في تدريبات مع مجموعات إرهابية». وأشار البيان الى انه «تم تسليم الموقوفين مع المضبوطات الى المراجع المعنية، وبوشر التحقيق بإشراف القضاء المختص».
وفي سياق متصل شّن الطيران الحربي السوري سلسلة غارات جوية عند الحدود اللبنانية السورية في السلسلة الشرقية مستهدفا المجموعات المسلحة السورية المنتشرة عند جرود فليطا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.