"الترامبية" هي الوجه الحقيقي لامريكا

موقع شفقنا الإخباري ـ
ماجد حاتمي:
حاول اعلام بعض الدول الإقليمية ان يُبرّز وبشكل لافت المواقف المعادية لايران للرئيس الامريكي الجديد دونالد ترامب، وكأنها المواقف الوحيدة المعلنة من ترامب على الصعيد الدولي، لتسويق فكرة لا تبرح رؤوس ممولي ذلك الإعلام، ومفادها ان امريكا ستصطدم بايران عسكريا عاجلا ام اجلا، ودفن هذا الإعلام رأسه بطريقة غبية في التراب، اعتقادا منه ان العالم سوف لا يرى ولا يسمع مثله، مواقف ترامب من المرأة والعرب والمسلمين والاتحاد الاوروبي والناتو والبيئة والصين و..، وكلها مواقف لا تقل عدائية من العداء المعلن لايران.

في اليوم الأول الذي تلى حفل تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، عمت العديد من دول العالم، ومنها امريكا، تظاهرات نسوية عارمة احتجاجا على المواقف العدائية لترامب ضد المرأة ومحاولاته المتكررة للحط من قدرها واذلالها، وهي مواقف لطالما افتخر بها ترامب دون خجل.

لم يمر سوى أسبوع على تنصيبه حتى وقع ترامب على قراره العنصري سيىء الصيت، والقاضي بمنع مواطني سبع دول اسلامية من الدخول الى امريكا، الأمر الذي أثار عليه العالم اجمع، حكومات وشعوبا، وكشفت المواقف السياسية لقادة العالم والتظاهرات والاحتجاجات التي عمت العديد من الدول، وخاصة امريكا، رفض العالم لهذا الإجراء العنصري.

محاولاته لشرعنة نشر مشاعر العداء للاخر، وترويجه لثقافة الكراهية والخوف في المجتمع الامريكي، تصدى لها قضاة ورجال قانون امريكيون شجعان، نجحوا في عرقلة قراراته العنصرية، التي اعتبروها انتهاكا صارخا لمبادىء حقوق الإنسان وللدستور الامريكي.

مجاهرته ب”ضرورة” سرقة نفط العرب، كتعويض عن الحروب التي شنتها امريكا على المنطقة، وكذلك مجاهرته ب”ضرورة” ان تدفع الاسر الحاكمة في الدول الخليجية فاتورة حماية عروشها، اثارتا موجة من الإستنكار والإستهجان حتى في الداخل الامريكي.

عداءه لجيران امريكا ومنهم المكسيك، وتعامله معها بفوقية ومطالبته ببناء جدار يفصل امريكا عن المكسيك، على ان تدفع الأخيرة نفقات بناء الجدار، جوبه بالرفض من قبل المسكيك ودول امريكا اللاتيتية، التي وصفت موقف ترامب منها بالمستهجن.

عداءه للإتحاد الأوروبي والناتو، وتشكيكه باستعداد واشنطن للدفاع عن اوروبا، ل”عدم دفع الأوروبيين نصيبهم في النفقات العسكرية للناتو”، وكذلك ل”عدم دفع المانيا نفقات حمايتها من قبل امريكا على مدى عقود”، واختياره مندوب امريكي في الإتحاد، لا يؤمن بالإتحاد ومن اكثر الداعين الى تفكيكه، هو ما اثار حفيظة الأتحاد الأوروبي الذي دعا الى الإعتماد على قواه الذاتية وتشكيل قوة اوروبية موحدة.

عداءه للفلسطينيين وتأكيده على نقل السفارة الامريكية من تل ابيب الى القدس المحتله، اثار استياء واسعا لدى كل الجهات المعنية بالقضية الفلسطينية، وحتى لدى العواصم الغربية الحليفة لامريكا، التي رأت في القرار تبنيا كاملا لمواقف رئيس الوزراء “الاسرائيلي” بنيامين نتنياهو.

اسراعه في اعلان عدائه للصين عبر تهديدها بالإعتراف باستقلال تايوان ما لم تقدم تنازلات تجارية لامريكا، هو الذي دعا وزير الخارجية الصيني، وانغ يي بالرد عليه بالقول إن “أي شخص أو قوة في العالم تحاول النيل من الصين أو المس بمصالحها الأساسية، فسيكون ذلك كمن يزحزح صخرة ستسحق قدميه”.

عداء ترامب تجاوز الشعوب والدول والحكومات الى الارض بشكل عام، فقد أكد محامون امريكيون إن ترامب قد يستخدم طرقا قانونية مختصرة للإنسحاب من الاتفاق العالمي لمكافحة التغير المناخي خلال عام، ومتجنبا الانتظار لأربع سنوات، وهي المدة التي حددها الإتفاق للدول التي ترغب بالإنسحاب منه، بعد اعلان ترامب ان التغير المناخي خدعه ومن اختراع الصينيين لتقويض الصناعة الأمريكية، وبذلك يضع ترامب الارض امام كارثة كبرى تهدد مستقبل الإنسان على الأرض، وهو ما دفع عددا من العلماء الى الدعوة الى تنظيم مسيرة تتوجه نحو البيت الأبيض في يوم الأرض المصادف 22 نيسان/ ابريل القادم، في محاولة لإجبار ترامب، على الاعتراف بالتغيرات المناخية، وتمكن أولئك العلماء من استقطاب أكثر من 1.3 مليون مؤيد عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

في سياق هذا الجو العام المشحون بالعداء لكل شيء حتى الطبيعة، الذي يفيض من بين ثنايا سياسة ترامب، فإن عداءه لإيران، لن يخرج من هذا السياق، كما انه عداء ليس بجديد، فهذا العداء كان يكنه من قبل لإيران رؤساء امريكا السابقون، الا ان هناك “فضيلة” تميز ترامب عن سابقيه، وهي انه نزع عن وجعه قناع النفاق الذي غطى السابقون وجوههم به، فقد أعلن ومنذ بداية الإنتخابات الرئاسية الأمريكية انه يعتبر الاتفاق النووي مع ايران، اسوء اتفاق توصلت اليه امريكا في تاريخها، وان جميع الخيارات مطروحة على الطاولة للتعامل مع ايران.

من الواضح ان ترامب، في عدائه لايران كما في عدائه للذين ذكرنا من قبل، لا يستهدف عدوا متربصا ببلاده، بل يهدف الى اشباع نوازع الجشع والتسلط والهيمنة لدى اصحاب الثروة في امريكا، على مقدرات الشعوب وحتى الشعب الأمريكي، فاذا كان الإتفاق النووي أبعد شبح الحرب عن المنطقة والعالم، كما أقرت القوى الكبرى ومن بينها امريكا بذلك، فلماذا يريد ترامب تمزيقه؟، الا يكشف هذا العداء للسلام والأمن والإستقرار في المنطقة، ان الرجل يسعى الى زرع الخوف والفوضى في العالم من اجل انعاش مصانع السلاح التابعة لاصحاب الثروة في امريكا؟.

كانت ايران قبل ترامب، وعلى مدى اكثر من ثلاثة عقود، تؤكد ان العداء الامريكي للجمهورية الاسلامية في ايران ليس بسبب برنامجها النووي، كما تزعم امريكا، بل بسبب رفضها التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية، وبسبب مواقفها المبدئية من القضية الفلسطينية، الا انه لم يكن هناك من يصغي لها، بل على العكس خُدع البعض بالكذبة الامريكية وانخرط  في المعسكر الامريكي المعادي لإيران، ولكن بعد ترامب اصبح العالم اليوم اكثر اقتناعا بما كانت تقوله ايران بالامس.

هناك من يرى في ترامب “نقمة” حلت بالعالم، ويتوقع بين لحظة واخرى ان يضيف موبقة اخرى الى سجل موبقاته التي تدفع بالعالم دفعا الى هوة سحيقة لا يعرف مداها الا الله، الا ان هناك ايضا من يرى ترامب “نعمة” كشفت عن الوجه الحقيقي للسياسة الامريكية، فظهر هذا الوجه قبيحا مقززا عنصريا متغطرسا كريها، فهذه السياسة لا ترى فائدة من المرأة ما لم تكن وسيلة لإشباع غرائز اصحاب الثروة في امريكا، ولا فائد من ثروات العالم ما لم تكن في قبضة اصحاب الثروة في امريكا، ولا فائدة من مصالح الشعوب ما لم تكن كلها في صالح اصحاب الثروة في امريكا، ولا فائدة من المواثيق والمعاهدات الدولية التي تحافظ على الأرض والسلم والاستقرار فيها ما لم تكن في مصلحة اصحاب الثروة في امريكا و.. ف”الترامبية” هي النسخة الأصلية للسياسة الامريكية.

• ماجد حاتمي – شفقنا

208

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.