الجولة الأخيرة.. الفرنسيون حائرون بين خطورة لوبان وشاعرية ماكرون

شبكة النبأ المعلوماتية:

مع قرب موعد الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، ليس أمام الفرنسيين المزيد من الوقت للوصول إلى قناعة ثابتة تقودهم إلى اختيار أحد المرشحيّن.

بين إيمانويل ماكرون الذي اختار ضفة “الوسط”، واليمنية المتطرفة مارين لوبن، حرب استعراضية بمفعول ضئيل لم تنجح كما المطلوب إن لم تأت بنتائج عكسية تزيد من حيرة الناخبين حتى السابع من مايو/ أيار الجاري.

شيء من الارتياب بدأ يظهر على قناعات الفرنسيين مؤخراً فيما يرتبط بما سيقدمه هذين المرشحيّن، والقلق يكبر مع حملات انتخابية هجومية بطلتها تركة اليمين في الانتخابات الحالية لوبن، غير أن خصمها لا يزال متقدماً عليها رغم تراجع بسيط في نسبة المصوتين له بحسب آخر استطلاعات الرأي.

ماكرون العاشق الحالم، الذي يسعى بطموح الشباب إلى إمبراطورية الإلزية الفرنسية، اعترف مؤخراً بأن فوزه على لوبن ليس محسوما. وذلك بعد أن أدلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بتصريحات مشابهة.

أما لوبن.. فإلى جانب حملتها الهجومية تراهن على عاطفة الفرنسيين وتحاول دائما أن تظهر من خلال خطاباتها على أنها المنقذ الوحيد لما يعانيه الفرنسيين من مشاكل أبرزها البطالة.

يظهر ذلك جلياً في واحدة من كلماتها الأخيرة لجمهورها: “لدينا سبعة ملايين عاطل عن العمل وتسعة ملايين فقير، وقد أتينا بمئتي ألف أجنبي سنويا”.

بين الخطر الكبير القادم مع لوبن، كما يسميه الرئيس السابق “هولاند”، وبين شاب من جيل “صاعد” لا يملك تلك الخبرة السياسية الكافية لقيادة البلاد، يعيش الفرنسيون تقلبات حسم هذه المعركة بخياريها الحاليين. فما هي نوايا الفرنسيين؟

لا خيارات أفضل من ماكرون

تشير التقارير إلى أن اكثر من 40% ممن صوتوا لإيمانويل ماكرون في الدورة الاولى من الانتخابات الرئاسية اقترعوا لصالحه لعدم توافر خيارات افضل.

لكن استطلاعات ميدانية أجريت في وقت سابق كشفت عن أن اعداد كبيرة يرون في ماكرون شخصاً مستقيماً نال تربية جيدة كان الاول في صفه وكلها امور لا تفضي بالضرورة الى اجماع، لكن في نظرها ليس هذا المهم، وكل هذا لا يكفي لرئاسة دولة مثل فرنسا.

هل الفرنسيون أغبياء؟

ومع الاعتقاد الراسخ لدى الفرنسيين في أن فوز مارين لوبن أصبح ضعيفاً، إلا أنهم يقرون بأن فوز ماكرون لن يكون بإجماع حقيقي، وبحسب استطلاع اخير للرأي فان ماكرون حصل على 41% من الاصوات لعدم توافر خيارات افضل.

ويقول جان فيسكونت (64 عاما) لوكالة فرانس برس الفرنسية، “اذا لم نثق بالأجيال الصاعدة فإننا مسنون أغبياء” فهو يرغب في ان يثق بإرادة ماكرون في “رص الصفوف رغم الانقسامات السياسية” وبـ “شبابه”.

بينما يرى الطبيب المتقاعد جاكار (75 عاما) أن اختياره لماكرون باعتباره البديل الوحيد الممكن من خلال انتقائه الافضل لدى اليمين واليسار.

هل سيواجه المرشحان البطالة؟

الكثير من الناخبين متشككون في قدرة كلا المرشحين على حل مشكلة البطالة المزمنة أو التصدي للمخاوف الأمنية وذلك قبل أيام قليلة على جولة ثانية حاسمة من انتخابات الرئاسة الفرنسية، وفقاً لاستطلاعات الرأي.

كما تتوقع استطلاعات الرأي أن يفوز ماكرون، وهو وزير اقتصاد سابق، بجولة الإعادة في السابع من مايو أيار بما بين 59 و60 في المئة، لكن القوة الدافعة تحولت في الآونة الأخيرة لصالح لوبان التي اقتنصت نحو خمس نقاط مئوية إضافية على مدى الأسبوع الماضي.

المواجهة الجديدة التي بدأت تظهر الآن أمام المرشحيّن، أن الناخبين يعتقدون أنهما لن يضعا حداً للبطالة التي تقارب منذ سنوات نسبة عشرة في المئة، فيرى نحو 36 في المئة من الناخبين إن أياً من المرشحين لن يتمكن من حماية فرنسا من الهجمات.

وقد يجد ماكرون صعوبة في استنساخ نفس الحركة الواسعة ضد مرشحة الجبهة الوطنية إذا كان الإقبال ضعيفاً في الجولة الثانية، فهو يراهن على سياسة السوق الحر في وقت تزداد فيه المشاعر المناهضة للمؤسسات الحاكمة في أوروبا والولايات المتحدة.

لوبن وحرب العصابات!

وسط هذه الشكوك التي لم تحرك ساكن المرشحيّن، تفضل مارين لوبن، أن تخوض حملة انتخابية أخيرة أشبه بـ “حرب عصابات” كما تصفها وسائل إعلام فرنسية، لتقويض فرص خصمها الأوفر حظاً الذي تصفه بـ “ممثل العولمة الجامحة”، دون ان تستثمر هي أو خصمها فرصة “الشك” الملازمة للناخبين وطمأنتهم لكسب المزيد من الأصوات.

وضمن حملتها ظهرت، لوبن وكأنها “حامية فرنسا” وهي تبحر مع صيادين في ميناء صيد صغير جنوب فرنسا.

وقالت لوبن في منطقة فقيرة اخترقها حزبها “الجبهة الوطنية” منذ فترة طويلة ان ماكرون “يريد تطبيق سياسة تفرط في الليبرالية” و”تلغي الضوابط بالكامل” وتلحق “دمارا اجتماعيا”.

وسرعان ما نشرت صورتها مبتسمة بمعطف مشمع أصفر يرتديه الصيادون على حسابيها في موقعي تويتر وفيسبوك اللذين يتابعهما حوالى 1,5 مليون شخص.

وتأتي تحركات لوبن هذه ضمن حملة “هجومية” تشمل لقاءات ميدانية مفاجئة في مناطق صوتت بشكل عارم لصالحها وصالح برنامجها، وفي إطار تكذيب استطلاعات الرأي التي توقعت هزيمتها في 7 ايار/مايو المقبل.

معركة اميانس

وتعتمد لوبن استراتيجية تقويض موقع خصمها التي انعكست مؤخراً في شمال البلاد في ما اسمته صحيفة ليبراسيون اليسارية “معركة اميانس” وهي المدينة التي شهدت مبارزة خاضها المرشحان بشأن مصير مصنع “مجموعة وورلبول الاميركية الضخمة” المهدد بالنقل.

وأجرت لوبن التي اعلنت نفسها مرشحة الخاسرين جراء العولمة، زيارة مفاجئة للقاء موظفي المصنع فيما كان ماكرون يتباحث مع ممثلين نقابيين في قاعة منفصلة قرب المنشأة.

وبقي السؤال الأهم.. هل ستأتي تحركات المرشحيّن على شكلها الحالي بأكلها؟!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.