الخصمان السابقان في جنوب السودان يتحولان إلى «إخوة»

لا تزال البوابات المعدنية تحمل آثار عملية اقتحام الجنود منزل رياك مشار في ديسمبر 2013، حينما كان نائبا لرئيس دولة جنوب السودان، مع اندلاع حرب أهلية مروعة، أودت بحياة عشرات آلاف الأشخاص.

لكن أول من أمس وصف الرئيس سلفا كير ذلك بالماضي، أثناء استقباله زعيم المتمردين الذي أصبح «الأخ» مشار لدى عودته الى جوبا، قائلاً إن عودته تؤذن «بنهاية الحرب وعودة السلام والاستقرار».

وأطلقت حمامات السلام وبعد أداء مشار اليمين، وقف الرجلان جنبا الى جنب واليد على القلب احتراما للنشيد الوطني «بورك جنوب السودان».

الآمال عالية لكن التحديات ضخمة، كما يحذر المحللون الذي يعرب عدد كبير منهم عن موقف حذر، مشيرين الى أن الزعيمين اختلفا في السابق وتحاربا، ثم تصالحا وتحاربا مجدداً.

وعاد مشار ليتولى منصب نائب الرئيس الذي أقيل منه قبل خمسة أشهر من اندلاع الحرب. وقال إنه يريد العمل من أجل التطبيق الكامل «لاتفاقية أغسطس 2015» وضمان أن يعم السلام كافة أنحاء البلاد. وفي الوقت الحاضر، يبدو أن الشعب الذي أنهكته الحرب، يتنفس الصعداء، إذ ولو لمرة، هناك أمل بإحلال السلام.

وقالت تيريزا نياديت (58 عاماً) وهي أم لثمانية أولاد، «نريد أن يتوقف القتل». والمرأة واحدة من أكثر من 180 ألف شخص يقيمون خلف أسلاك شائكة في قواعد للأمم المتحدة في البلاد. وأضافت «نحن النساء نريد السلام في جنوب السودان، وعلى مشار أن يضمن وضع حد لظروف حياتنا هذه».

وأوضحت اليزابيث اكول، وهي أم لأربعة أولاد تقيم أيضاً في قاعدة للأمم المتحدة في جوبا «أنا سعيدة لعودة رياك مشار، فهذا يعني أننا الآن سنخرج من المعسكر»، وأضافت «تعبنا وعانينا الكثير».

تحذير

في الأثناء، حذر رئيس معهد الأبحاث «سودد» جوك مادوت جوك، من أن عودة مشار ليست سوى خطوة من خطوات عدة. وقال جوك «قد يكون شعب جنوب السودان يحبس أنفاسه لتنتهي الحرب.. لكن أعتقد إنهم يجب أن يبقوا حذرين».

وكل من كير ومشار هما قائدا تمرد سابقان ازداد نفوذهما خلال الحرب الأهلية في السودان بين 1983 و2005 بين الشمال والجنوب، وهو نزاع تقاتل الاثنان فيه، قبل استقلال جنوب السودان في 2011.

وحذر جوك من أن الخصمين السابقين «قد يختلفان على العديد من الأشياء على طريق التطبيق، وهذا يمكن أن يعيد البلاد الى وضع تسوده فوضى كبيرة».

ومع أكثر من خمسة ملايين شخص بحاجة لمساعدات، وأكثر من مليونين أجبروا على النزوح من ديارهم، فإن وكالات الإغاثة التي تجهد لدعمهم قالت إنها ترحب بأي خطوة نحو السلام، لكن الأزمة بعيدة عن نهايتها.

وقال فيكتور موزيس الذي يدير وكالة الإغاثة «المجلس النرويجي للاجئين» في جنوب السودان «رغم أن عملية السلام تحل بعض الخلافات السياسية على المستوى الوطني، إلا أنها لا تحل الاحتياجات الإنسانية المتزايدة على الأرض».

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.