الخليج والصافر.. أيُّ جديد؟

yemen-emarates

موقع العهد الإخباري ـ
محمود ريا:

ليست الخسائر التي تكبدتها القوات اﻹماراتية – والخليجية اﻷخرى – في قاعدة الصافر في محافظة مأرب هي اﻷولى التي لحقت بقوات العدوان الخليجي على اﻷرض اليمنية، وربما ﻻ تكون اﻷكبر، ولكنها بالتأكيد الخسائر اﻷقسى التي تم توثيقها واﻻعتراف بها – أو ببعض منها – من قبل إدارة العدوان في الرياض وأبوظبي كما في البحرين.

وهناك تساؤﻻت تطرح بقوة عن سبب اﻻعتراف بهذا العدد الكبير من القتلى – 45 قتيلاً إماراتيا  وخمسة بحرينيين – وهل يخفي أرقاما أعلى بكثير من اﻷرقام المعترف بها، وجاء إيراد هذا الرقم كمحاولة للتغطية على حجم الضربة الحقيقي التي تعرضت لها القوات الغازية، أم أن اﻻعتراف هو مقدمة لإجراءات جديدة تستعد اﻹمارات تحديداً، ومعها البحرين، للسير فيها فيما يتعلق باﻷزمة في اليمن.

المعلومات تتحدث عن إبادة حقيقية تعرض لها معسكر الصافر، والصور المنقولة من هناك تظهر ساحة حرب بكل ما في الكلمة من معنى، حيث الآليات المدمرة، ودخان الحرائق يغطي اﻷجواء. أما الجثث، فقد أخفتها الرقابة العسكرية، على الرغم من تسريب بعض الصور لجثث يتم استقبالها في أحد المطارات.

على أرض الواقع، الصدمة كبيرة في المجتمع الخليجي، فهو غير معتاد على هذا الرقم من الخسائر، وهذا الحجم من التضحيات. وما قطع القنوات الإماراتية لبثها المعتاد، وبث اﻵيات القرآنية، إﻻ دليل على ما يمر به المجتمع اﻹماراتي من شعور بالكارثة التي يعيشها.

لقد كانت القوات التي استهدفها صاروخ توشكا الفعال والمدمر تحتشد للانقضاض على العاصمة اليمنية صنعاء، باعتبار أن هذه الخطوة ستكون الحد الفاصل للحرب الدائرة في اليمن، حيث ستنهي حالة اﻻستنزاف التي تعاني منها حملة الغزو السعودي الخليجي على اليمن، والفشل في تحقيق إنجاز حقيقي يتجاوز الدخول إلى مدينة عدن، والتي لها ظروفها الخاصة.

بعد أكثر من خمسة أشهر على بدء العدوان السعودي الخليجي اﻷميركي على اليمن، تقف الحملة الخليجية عند حدود أدنى اﻹنجازات، بما ﻻ يليق بحجم الاعتداءات الممارسة من قبل آلة الحرب العربية الغربية، ما أثار الكثير من اﻻنتقادات المتبادلة داخل التحالف العدواني، وبين التحالف وداعميه الخارجيين، نظراً لهزالة الإنجازات، والصيت السيء الذي بات يلاحق الترسانة العسكرية ومفرداتها. كمثال على ذلك باتت طائرة اﻵباتشي، أيقونة الصناعة العسكرية اﻷميركية، مثار سخرية في سوق السلاح العالمي، بعد إسقاط عدة طائرات منها من قبل رجال الجيش واللجان الشعبية في اليمن، ما دفع جهات عسكرية أميركية إلى توجيه انتقادات حادة للطيارين السعوديين “الفاشلين وغير الكفوئين”.

في ظل هذه الظروف السوداوية المتراكمة، تأتي صفعة الصافر لتزيد الطين بلة، ولتجعل التحالف يقف على شفا التحول إلى شظايا مبعثرة، بعدما أجهضت هذه الصفعة ما يمكن اعتباره آخر فرصة حقيقية ﻹحداث تحول في ساحة الميدان.

من هنا، يمكن استقراء معاني اﻹعلان الجنائزي، المرفق بالكثير من النواح، عن حجم الخسائر قي صفوف الجيش اﻹماراتي، ومعه الجيش البحريني. وكأن في هذا اﻹعلان ملامح تراجع، ومؤشرات تخلٍّ، واستعداداً لترك السعودي وحده في الميدان، وهو الذي أبى، بغيا واستكبارا، أن يعلن عن الخسائر التي تكبدها في معسكر الصافر.

لقد ضاق الخناق كثيراً على القيادة السعودية، وهي ترى أحلامها تذروها الرياح، ومشاريعها تقع في دائرة التضعضع والتخبط، فيما هي مطالبة بالتزامات استراتيجية على مستوى الخليج وشبه الجزيرة من ناحية، وعلى مستوى الإقليم ككل من جهة ثانية، بينما تعاني هذه القيادة من التفسخ والانقسام، على مستوى العلاقات بين مكوّناتها، وعلى مستوى الخيارات الكبرى أيضًا.

فهل سنشهد خلال الأيام المقبلة سلوكًا مختلفًا لقيادة العدوان، يؤدي إلى حل سياسي يتفق عليه الجميع، ويُخرج العديد من القوى من عنق الزجاجة، أم أن البديل سيكون تشظيًا للتحالف وتكريسًا للافتراق بين مكوّناته، وتكون ضربة الصافر هي صافرة الانطلاق لهذا الاتجاه؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.