الذين دمروا إسطنبول هم شرفاؤكم يا داوداوغلو!

davutoglu-basbakan-e1434385461439.jpg

موقع زمان التركي ـ
أرجون باباخان:

من أهم مزايا أعضاء العدالة والتنمية أنهم رغم توليهم السلطة على مدى 13 عاما لا يرون أي بأس في أن ينتقدوا الإجراءات التي حدثت في عهدهم وكأنها من صنع المعارضة. فلا داعي لتكرار الضرر الذي ألحقه حزب العدالة والتنمية بالقانون والديمقراطية في تركيا، فالكل بات على دراية بذلك. ويمكن تلافي تلك الأضرار من خلال مرحلة إصلاحية تعيد النظام إلى سابق عهده. لكن التخلص من آثار الإساءة والتخريب التي ألحقها الحزب بثقافة المدن والنسيج البيئي سيكون مستحيلا.

أحمد داوداوغلو الذي يترأس حكومة العدالة والتنمية، التي سمحت بتدمير الطبيعة من أجل المعادن، أصبح فجأة من عشاق إسطنبول.

أدلى داوداوغلو بتصريح مثير حول إسطنبول إذ قال: “من ناحية الطبيعة والبعد المادي فإن المدن، مثل سيدني ونيويورك، قد تكون جميلة كإسطنبول، لكن الأهم هو البعد المعنوي وما وراء الطبيعة الذي ورثته إسطنبول من التاريخ.وبإمكاني القول إنه قلما نجد مدينة تعرضت فيها الآثار التاريخية للتخريب والإساءة لروحها القديم جراء الحداثة والتدخلات الشيطانية مثل إسطنبول. ولكن ألا يمكن التوفيق بين الحداثة والعولمة وبين روح المدينة القديمة والأصيلة ومشهدها التاريخي من خلال الحفاظ على كل حجر من أحجارها وكونها المدينة التي بشر الرسول صلى الله عليه وسلم بفتحها؟ يجب على كل مثقفينا وعلينا جميعا أن نسأل أنفسنا هذا السؤال: “ما الذي يمكننا فعله لنصبح حداثيين وعالميين مع الحفاظ على إسطنبول الجميلة بمضيقها وتلالها السبعة وأصالة مشهد شروق الشمس فيها”؟

إن الجواب على سؤال داوداوغلو بسيط، وهو قطع العلاقة بين حزب العدالة والتنمية وبين المقاولين، والاعتذار للشباب الذين نذروا أنفسهم لحماية البيئة ونسيج الطبيعة الخضراء في حديقة جيزي بارك.

وقد كان عبد اللطيف شنر نائب، رئيس الوزراء السابق من العدالة والتنمية، قال كلمة مشهورة وهي: “لم نرث عن حزب الوطن الأم سوى المقاولين المقربين من الدولة…”

وقد أضاف أردوغان لمقاولي الدولة مقاولين جدد، هم الذين يعملون من أجل مؤسسة بناء المجمعات السكنية TOKİ التابعة لرئاسة الوزراء. علما بأن هؤلاء المقاولين نشروا المباني القبيحة في كل المدن التركية ولا سيما إسطنبول. ولم يتسبب الولع ببناء مراكز التسوق وناطحات السحاب في تحويل إسطنبول إلى إحدى أقبح مدن العالم منظرا، فحسب، بل قضت على مشهدها التاريخي أيضا. كما هو الحال في الآونة الأخيرة على الشريط الساحلي في منطقة آتاكوي حيث ترتفع ناطحات سحب جديدة.

ونحن لم نسمع من داوداوغلو، العاشق لإسطنبول، أي انتقاد بصوت مرتفع تجاه هذه المباني التي تتطاول فيما بينها.

ولم يرفع داوداوغلو صوته تجاه الغابات التي أُحرقت في مدينة بودروم لتبنى مكانها فنادق بعضها أقبح من بعض من ناحية المنظر.

ولعله يعبر عن حزنه تجاه تدمير طبيعة مدينة أرتفين، التي تعد من روائع الطبيعة، بعد أن يتم تخريبها من أجل المعادن.
كلكم كنتم هناك عندما كان يحدث كل هذا التخريب!

لكنكم التزمتم الصمت وتغاضيتم عنه، بل فعلتم أسوأ من الصمت والتغاضي إذ اتهمتم الذين دافعوا عن جمال المدن والطبيعة بأنهم يحاولون الانقلاب على حكومتكم وبالخيانة الوطنية.
إن النزاهة الفكرية تقتضي اتخاذ الموقف والحفاظ على قيمة ثقافية. أما الذين ينتقدون ويحققون بعد فوات الأوان فثمة شك في نزاهتهم الفكرية. فلاشك في أن تركيا ستحقق مع هؤلاء وستحاكمهم من خلال الضمير الجمعي للشعب.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.