السيد صفي الدين: وصلنا إلى مرحلة لا يستحي ولا يخجل فيها البعض في أن يكون بخدمة مشاريع أعداء البلد

 

أكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين أن بعض السياسيين في لبنان من خلال الفكر الضحل الذي ينتمون إليه لا يعرفون إلاّ لغة البيع والشراء والصفقات على حساب المبادئ والقيم الإنسانية والوطنية والحق الصريح الواضح، وهذا ليس شيمة بل مذمّة، حيث أن هناك بعض اللبنانيين يفاخرون بها، متسائلاً هل هذه هي السياسة، وهل هذا هو الفهم، وهل هذه هي الزعامة، وهل بهذه الطريقة تحفظ الزعامات نفسها، فهذا النمط السياسي السيء والرديء عاشه لبنان منذ أن أصبح ولو بالشكل دولة، وليس كما يعتبر البعض أنه نتاج هذه الأيام فقط، فهذا النمط كان واجه كل من يحمل راية الحق والصدق، وهناك كثيرون في الماضي من خيرة العلماء والقادة تحملوا في مواجهة هذه الأنماط السيئة والرديئة.

واعتبر السيد صفي الدين أن هذا النمط الرديء أنتج رخاوة وضعفاً في البنية السياسية والثقافية والاجتماعية، مما فتح المجال للخارج أن ينفذ إلى لبنان، وأن يؤسس لمشاريع له، وهو نفسه الذي جعل إسرائيل في يوم من الأيام تحلم بأن يكون لبنان بيدها، وهو الشيء الطبيعي بحسب سياسة إسرائيل، إلا أن ما هو غير طبيعي أن تحلم إسرائيل بأن تحكم لبنان بأشخاص لبنانيين هم إسرائيليون في العمق.

رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين

رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين

وخلال احتفال تأبيني في بلدة برج قلاويه للحاج علي نور الدين والد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ خضر نور الدين، أشار السيد صفي الدين إلى أنه من نتائج تجربة المقاومة أنها فرضت نمطاً سياسياً جديداً جدياً ومسؤولاً وصادقاً لشد عصب الحياة السياسية نحو قيم الحق والصدق، وهذا ما نراه اليوم وتثبته الساحة، ونحن نفتخر ونعتز بهذا النمط، لأنه يعبّر عن قيمنا وصدقنا وثقافتنا، لافتاً إلى أن التركيبة اللبنانية قد انبثق منها ثقافة أنتجت تجربة وتركيبة سيئة في مواجهة العدو الإسرائيلي، فحينما كنّا وما زلنا نقاوم ونضحي ونقدم الشهداء والجرحى والتضحيات من أجل كل لبنان، كان البعض يتحدث عن وجهة نظر في عداوة الإسرائيليين، والبعض الآخر كان لا يستحي أن يمد جسور التعاطي مع إسرائيل ويتعامل معها، كما أن البعض سخّر كل تاريخه وأحزابه في خدمة الإسرائيلي، وهناك ما هو أسوأ من ذلك، هو أن هؤلاء وقفوا في المواجهات والتحديات كما في حرب تموز عام 2006 مع الإسرائيلي، وتحالفوا معه بوجه أهلنا وشعبنا وقرانا، بحيث أنهم كانوا شركاء في كل ما حصل من مآسٍ ومظالم، والأسوأ من ذلك كلّه أن يقبل هؤلاء على أنهم وطنيون وشركاء حقيقيون، ولكنهم وفي حال تحدث البعض عنهم بكلمة خيانة فإنهم يثورون بالويل والثبور.

وتساءل رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله ” إذا كان الذي تعامل مع الإسرائيلي، وتآمر على شعبه، وفتح الأبواب في بلده للعدو لينكّل بالشعب ويستهدفه ليس خائناً، فمن هو الخائن، وفي المقابل فإننا كلما تحدثنا بذلك يقولون لنا بأننا نخوّنهم، ولكن أيهما أصعب أن يخوّن شخص ما شخص آخر، أو أن يخون هذا الشخص بلده، إلا أنه وللأسف فقد وصلنا إلى مرحلة لا يستحي ولا يخجل فيها البعض في أن يكون بخدمة مشاريع أعداء البلد، كما أنه لا يستحي أن يطالبنا بوجوب أن نحترمه ونقدره”.

ورأى السيد صفي الدين أن ما حصل في موضوع مضايا المزعوم يدل بشكل واضح على أن هناك كذب ودجل وحقد وجهل مطبق، فبعض الناس لا يريدون أن يفكروا ولا أن يشغلوا عقولهم، لأنه من غير المعقول أنه إذا حصل مجاعة في مدينة ما أن تصيب 15 أو 20 شخصاً منها فقط من دون الباقين، فهذا أمر لا يحصل بالمنطق، لأنه عندما تضرب المجاعة مكان ما، فإنها تضربه بأكمله، وأما فيما يخص المشاهد، فإنها واضحة تماماً بأن هذا أمر فيه كذب صريح، مضيفاً أنهم اختبؤوا وتلطوا وراء هذا الكذب وصنعوا منه قضية جهل، وأما الحقد فكثير ممن كان يتخيّل أن حقده هو غير معلوم أو كامن، فهو اليوم إذا تخيل في لحظة من اللحظات أنه قادر على أن ينفث بهذا الحقد فهو يسارع إلى ذلك، وأما التآمر، فهو من خلال الماكينة الإعلامية المعروفة التي صنعت هذه الكذبة وروّجت لها ومدت الكثير من السياسيين ووسائل التواصل الاجتماعي بالمادة المطلوبة، وعندها ينخرط هؤلاء ويكونوا جزءاً من هذه الماكينة.

جانب من الحضور في الاحتفال التأبيني في بلدة برج قلاويه للحاج علي نور الدين

جانب من الحضور في الاحتفال التأبيني في بلدة برج قلاويه للحاج علي نور الدين

وتابع السيدصفي الدين أن هؤلاء منذ بداية ظهور التكفيريين وخطرهم في لبنان وسوريا وصولاً إلى تجربة خطف العسكريين والنصرة وحتى موضوع مجاعة مضايا المزعومة قبل أيام، نشعر أنهم قد أخذوا على عاتقهم الاندماج والانسجام الكامل مع التكفيريين ومشاريعهم وكل تزييفهم وأكاذيبهم، متسائلاً ماذا يوصف في هذا البلد من كان يعتبر أن جبهة النصرة ليست إرهاباً ويسعى لتبييض صورتها وتشويه صورة المقاومة، وما هي هويته وسياسته، وكيف نفسر أن هناك أناسًا سعت وتسعى في الليل والنهار لتبييض صورة جبهة النصرة التي قتلت وأعدمت وقطعت الرؤوس وخطفت العسكريين واعتدت على لبنان وهددته، فبعد كل ذلك لا يصح أن يقال إننا نخوّن هؤلاء الناس، لأن هذا هو واقعهم وحالهم وهذه هي التجربة معهم.

وأشار السيد صفي الدين إلى أنه وفي الأيام التي مضت قد وجدنا أنفسنا مجدداً أمام جوقة من الكذبة والدجّالين الذين عليهم أن لا يتوقعوا منا أن نسكت أو أن نصفق لهم، بل إنهم إذا توقعوا ذلك فهم مشتبهون، لأن هؤلاء هم تجار المواقف ولا يتورّعون عن شيء، ويعتمدون الأساليب الملتوية للحصول على مكسب سياسي أو موقع، وعليهم أن يعرفوا تماماً أن ما يفعلونه يمسّ بالمقدسات، وبالتالي فإن عليهم أن يتحملوا المسؤولية، لأنه من غير المسموح أن يفعلوا ما يريدون ويكذبوا ويشتموا كيفما يريدون، وبعدها يقولون إن هذا الموضوع قد انتهى، وقد انتقلنا إلى موضوع آخر، وكأن شيئاً لم يحصل، فهذا بالحد الأدنى يترك أثراً في الفهم والوعي والمعرفة والموقف، ونحن ممن يرتب آثاراً على ذلك، لأن مقاومتنا ومعنوياتها وقيمنا وثقافتنا وشهداءنا وجرحانا وقادتنا وعلماءنا وسادتنا وسيد مقاومتنا كلّها قيم مقدسة نفتخر ونعتز بها وندافع عنها، والمقاومة تصبر وتسكت وتتحمل كل مساوئهم وأكاذيبهم من أجل البلد والوطن ووحدته، ولكن هذا لا يعني أنها يمكن أن تتخلى عن حقها في الدفاع عن قيمها وثقافتها وتاريخها وصدقيتها، لأن أعز ما تملكه هذه المقاومة في هذه الدنيا هو هذه الصدقية وهذه القيم.

واعتبر السيد صفي الدين أن المواقف المجنونة الأخيرة للمملكة العربية السعودية لا يمكن توصيفها، فهي لا مكان لها لا في العقل ولا في المنطق ولا في السياسة، وقد أدخلت البلد والمنطقة في واقع جديد، والعالم اليوم يذهب إلى انقسامات لم نطلبها يوماً، لأن واجبنا جميعاً هو أن نواجه الفتنة ومحرّضيها والساعين إليها، ولكن ما العمل أمام هذه الوقائع الصعبة، حيث أنهم يحركون الفتنة أساساً كي نتخلى عن مسؤوليتنا.

وأشار سماحته إلى أن هذا النمط الذي تطل به السعودية على كل عالمنا الإسلامي هو نفس النمط الذي واجهناه في لبنان على مدى عشر سنوات ماضية، وهو أنه إما أن تسيروا مثل ما نريد وإما الفتنة والتحريض، كوننا كنا حريصين دائماً على أن لا تكون هناك فتنة وحريصين على الوحدة الإسلامية، وعلى أن لا تتمذهب الصراعات، لأننا نعرف أن طبيعة هذه الصراعات هي طبيعة سياسية وليست مذهبية، وبالتالي فإن من اختار في لبنان في ظل هذه الانقسامات والأحوال أن يكون شريك الملوك والأمراء، ويضرب بسيفهم وينطق بأحقادهم وجهلهم وفتنهم، ويأكل من مالهم وعلى موائدهم فيجب أن يعرف بكل وضوح أنه إذا خسر هؤلاء الملوك والأمراء فإنه سيخسر، ولذلك فليجهز هؤلاء أنفسهم منذ الآن، ولا يتوقعون أنهم بعدما كانوا يدافعون اليوم عن هؤلاء الملوك والأمراء بكل قوتهم، إذا خسر هؤلاء الملوك والأمراء أنهم سيربحوا في لبنان، ونحن على ثقة تامة بأن هؤلاء الأمراء والجهلة الذين لا ينضحون في معركتهم إلاّ بالحقد، ولا يستندون فيها إلى عقل أو منطق أو معرفة أو حتى سياسة، هم أمراء الخيبة والخسران من اليمن إلى لبنان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.