الشرق المتغير

middle-east-map

صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
أجل سيتغير الشرق الأوسط كما ترى المخابرات الفرنسية وكل المخابرات على ما أعتقد .. منذ أن أقيمت إسرائيل وهذا الشرق مصاب بفيروس قاتل، ومعه قوى سهلت له وجوده وانتفاخه ومكاسبه التي حققها في حروبه.
تسمم حال الشرق وتغير منذ النكبة التي أودت بقطر عربي هو فلسطين إلى الغياب وكان سيف العرب وترسهم كما يقال .. ليس سهلا أن يخسر العرب واسطة العقد، الأرض التي تجمع بقية الأراضي، والقطر الذي من خلاله يمكن تحقيق وحدة جغرافية متكاملة بدل القفز فوق الجغرافيا كما حدث في وحدة مصر وسوريا.
صحيح أن المخابرات الفرنسية تدلل على التغير من خلال ما حصل فيه من جحيم المتغيرات الحالية، لكن الحقيقة التي تتناساها تلك المخابرات وغيرها من المخابرات أن العالم العربي ما كان له أن يضيع لو أن جغرافيته المتواصلة حققت له وحدته، أو على الأقل، جمعت ما يمكن جمعه على طريقة الفهم السوري القومي الاجتماعي الذي ينادي بوحدة أقطار متشابهة ومتقاربة تتم على أثرها الوحدة الشاملة.
لقد ضاع الشرق منذ أن ضاعت فلسطين .. أصيب في مقتله وتاه بحثا عمن يسترجعه، ومن أجل استرجاعه ذهبت مناطق أخرى، ثم من أجل أن يستمر الأمل، لحقتها أقطار أخرى، وها هي العراق وسوريا وليبيا وحتى مصر تريد الخلاص ولا تتخلص من الداء .. لعل غياب فلسطين قد أدى إلى تلك المصائب، والمزيد من وقت غيابها سيؤدي بالكيان العبري إلى أن يظل على لعبه بمحيطه كي يصفي وجوده تماما، أو يجعله دويلات تابعة له، وهو الأقوى فيما بينها.
تغير الشرق وليس بجديد أن يقال إنه كذلك، منذ تلك الخلية السرطانية التي اسمها إسرائيل والتهابات الجسد العربي لا تتوقف .. كان على هذا الجسد أن يدافع عن نفسه كي لا يقع فريسة الكيان الاستيطاني، وفي الوقت نفسه كان يتحضر لقتاله .. من المؤسف أنه سقط في الحالتين .. لم يستطع هزيمته، ولم يتمكن من حماية ذاته. هل في الأمر ما قيل إن قواتنا المسلحة لم تكن على جهوزيتها لدور التحرير، وقيل أيضا إن الشعوب العربية لم تكن على خط قواتها المسلحة وبعيدة عنها، وقيل ما قيل عن الأنظمة التي كان تحرير فلسطين مجرد شعار وليس حقيقة ..
تغير شرقنا، وسيتغير أكثر .. لكننا نراهن على الوقت كي لا يؤدي المزيد منه إلى طوفان الموت والدم والخراب، وبالتالي أن نكون أمام عشرات السنين من أجل إعادة البناء بدل أن يكون الأمر من أجل تحرير فلسطين. كان اعتمادنا على مصر فخرجت من المعادلة بموجب اتفاقية لم تجد لها حلا يخدم مصر من جديد بعودتها إلى عالمها العربي قوة وإمكانيات وقوى شعبية متأهبة لو أنها وقفت ما وقفته في ملايينها التي ملأت الساحات لفعلت المعجزات في قتال العدو .. ثم اعتمدنا على العراق فتم فرط مكوناته كلها، الآن يعاد بناؤه ومن نقطة الصفر التي بدأت، وكان اعتمادنا على سوريا فإذا بالعالم كله يرسل إرهابه لسحق شعبها ودولتها ونظامها وجيشها وهي اليوم تقاتلهم جميعا على أمل أن تصل إلى شرف الحسم الذي قد يقع ونرجو أن نراه في وقت قريب.
فكم سيتغير الشرق مجددا .. لكن لو أنه بدون إسرائيل..!!!!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.