الشيخ السلمان: إدماج الشيعة والسنة من دون تمييز في أجهزة الدولة يصب في خير البحرين وأمنها

قال مسؤول ملف الحريات الدينية بمرصد البحرين لحقوق الإنسان الشيخ ميثم السلمان إن “معالجة ازدياد الانتهاكات للحريات الدينية والتضييقات الممنهجة على حرية التعبد وإذاعة المعتقد وممارسة الشعائر واجب وطني وديني وأخلاقي وإنساني ونعتبره مسئولية وطنية كبرى”.

وخلال مشاركته في ندوة منتدى البحرين لحقوق الإنسان حول واقع الحريات الدينية في البحرين “الواقع والمطلوب” التي أقيمت في العاصمة اللبنانية بيروت أمس الثلاثاء قال السلمان إنه “عندما نطالب بصون الحريات الدينية فنحن لا ننطلق من منطلق طائفي للمطالبة بصون حقوق مكون ديني بذاته وإنما نطالب بصون الحقوق والحريات لكل المكونات الدينية في البحرين لما لذلك من أثرٍ طيب في صناعة الإستقرار الإجتماعي المستدام”.

وأضاف إن “كل دعوةٍ باحترام الحريات الدينية في ظل إستشراء ثقافة التشدد والتطرف و التحريض على الكراهية الدينية وتحكم سياسات التمييز الديني وشرعنة الاضطهاد ليست صادقة”، ورأى “إن ثقافة التطرف الديني تنمو في المجتمعات التي تقوم فيها فئة مجتمعية برفض التسامح مع فئة أخرى على خلفية دينية وليس على خلفية اجتماعية أو سياسية أو ذوقية”.

وقال السلمان إن بعض الجهات التأزيمية للأسف الشديد قد ساهمت في تعزيز هذه الثقافة التي أدت إلى تمزيق المجتمع وبث الكراهية بين الطائفتين الكريمتين بُغية عرقلة الديمقراطية قدر الإمكان وتأجيلها، وقد استغلت ثقافة التطرف الديني في البحرين لإضفاء الشرعية على الإضطهاد الديني إذ تم سجن وتعذيب وقتل البحرينيين على أساس هويتهم الدينية، كما أسهمت سياسة التطرف الديني في استمرار التعديات الممنهجة على الحريات الدينية والشعائر الدينية.

وشدد على أن التسامح وتعزيزه في المجتمعات يمثل قارب نجاة للدول التي أنعم الله عليها بتعدد التلاوين الدينية والإثنية والمذهبية، وأضاف لقد عرّفت اليونسكو التسامح بالإحترام والتقدير للتنوع الثري لثقافات العالم ولأشكال التعبير وللصفات الإنسانية لدينا، ويتعزز هذا التسامح بالإنفتاح وحرية الفكر والتعبير والحرية الدينية، ولا يعد واجباً أخلاقياً فحسب، بل هو واجب سياسي وقانوني أيضا على الأنظمة السياسية.

وقال السلمان أنه ما أحوجنا إلى التسامح في ظل انتشار ثقافة الكراهية في العالم الإسلامي وجرائم حرق الكنائس وهدم المساجد ونسف المعابد وقتل المختلف على خلفية الهوية الدينية والإثنية، فالتسامح مفتاح للسلام وركيزة للتقدم الإجتماعي والإستقرار السياسي، وتعزيزه فعلياً هو أفضل وسيلة لمكافحة التعصب و التمييز و الكراهية والعنف والتكفير.

وتحت تساؤله عن كيفية تعزيز التسامح على مستوى الأنظمة السياسية، قال السلمان إن “المسؤولية الأخلاقية والشرعية والسياسية تقع على حكومة البحرين لتعزيز ثقافة التسامح ونبذ التعصب والتطرف، وقد أكدت المبادئ العالمية للتسامح في مادتها الثانية أنّ التسامح على مستوى الدولة يقتضي ضمان العدل وعدم التحيز في التشريعات وفي إنفاذ القوانين والإجراءات الرسمية، وذلك يقتضي إتاحة الفرص الإقتصادية والإجتماعية والسياسية المتساوية لكل شخص من دون تمييز. فكل استبعاد أو تهميش إنما يؤدي إلى إحباط التعصب والتوتر الشديد بسبب الشعور بالمظلومية”.

وأكد أنّ تعزيز المواطنة المتساوية وإلغاء التمييز، ضرورة لتعزيز التسامح في المجتمعات ومكافحة التطرف والعنف. ويؤسفنا أن حكومة البحرين فشلت فشلاً ذريعاً في تعزيز التسامح في مجتمعها.

ورأى أنه ليس لأحد الحق في حرمان المواطنين بصرف النظر عن دينهم أو مذهبهم أو آرائهم السياسية من حق التمتع بالمساواة في الحقوق والحريات والمواطنة المتساوية. كما أن غياب الحضور لقيمة المساواة في أيديولوجية وتفكير وخطاب بعض المواطنين هو مقدمة لتورطهم بصورة غير مباشرة في خطاب التحريض على التمييز.

وقال إن محاربة التمييز بين المواطنين وإدماج الشيعة والسنة من دون تمييز في أجهزة الدولة وبالخصوص الأجهزة الأمنية والعسكرية يصب في خير البحرين وأمنها، حيث تخلفت البحرين عن معالجة هذا التخلف الواضح الذي أكدت عليه توصيات المراجعة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الانسان بالأمم المتحدة، وأضاف نريد للبحرين أن تعتز بالتعددية الإجتماعية والسياسية ليصبح مفهوم الوحدة الوطنية مرتكزاً على احترام التعددية لا السعي لإلغاء التعدد فالوحدة الوطنية لا تعني اتحاد الكل مع موقف السلطة بالضرورة، بل تعني احتضان السلطة للتعدديات، للمختلف معها والمتفق سياسياً واثنياً ودينياً ومذهبياً.

وأضاف إنّ من يدافع عن التمييز ويبرر استشرائه في الممارسات المجتمعية والدوائر الرسمية يساهم تلقائياً في توسيع ممارسات التمييز وتعزيز موقعية ونفوذ العنصريين وتقوية مشاريع التشطير المجتمعي.

واستطرد :أقول بصدق: من عادى مواطناً سنياً لتسننه أو شيعياً لتشيعه أو مسيحياً لمسيحيته فقد أقر على نفسه بفقدان شرط المواطنة الصالحة وهو التعايش المدني المشترك وقبول التنوع في البحرين”.

وفي ختام كلمته أكد السلمان على المحصلة التي توصلت إليها اللجنة الأمريكية الدولية للحرية الدينية الدولية في تقرير هذا العام وهي تخلف السلطة عن تطبيق توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق.

وقال إنّ الجهات التي تسوق إكذوبة تطبيق توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق هي نفسها الجهات التي رفضت تطبيق التوصيات المتعلقة بحرية التعبير والمصالحة الوطنية والإفراج عن المعتقلين.

ودعا السلطة إلى المسارعة لتطبيق توصيات اللجنة بقوله: “سارعي يا سلطة في تطبيق التوصيات فالأيام ستثبت لك أن تسويق الأوهام لن ينطلي على المجتمع الدولي والمراقبين والمنظمات الدولية وسوف تبدي لك الأيام انحراف مسارك عن جادة المصلحة الوطنية”.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.