الصحافة اليوم 27-9-2018: عون يحذر من خطر التوطين

تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 27-9-2018 العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.

الاخبارالأخبار

انقلاب في مطار بيروت

أدى خلافٌ شخصي بين ضابطين إلى شلّ مطار بيروت الدولي. تهديد واستنفار وتلاسن كاد يتحوّل إلى اشتباكٍ بالأيدي، وربما بالسلاح! أن يُهدِّد ضابطٌ في قوى الأمن ضابطاً في الجيش بتوقيف عناصره إذا ما ضُبطوا يُصوّرون عسكره. أن يلجأ الأخير أصلاً إلى تصوير عسكريين وضباط ويبادر بعدها إلى احتلال مراكزهم! أن يصل الأمر إلى حد أن يعتدي أحدهما بالضرب على الآخر وتُترك الأمور على حالها! كما إدارياً، كذلك أمنياً: لا شيء يسير على ما يُرام في المطار، سوى الفضيحة.

انقلابٌ في مطار بيروت. اشتباكٌ على الصلاحيات بين الجيش وقوى الأمن أمام أعين المسافرين. احتجازٌ وتأخير وشلل أدى إلى طرد الجميع. أخبارٌ وتسريبات تزعم احتلال عناصر الجيش مراكز قوى الأمن داخل حرم المطار. تسريباتٌ مقابلة تتحدث عن قيام عناصر قوى الأمن بإطفاء أجهزة التفتيش قصداً. معلومات متضاربة بين رصد شخص مشبوه وأخرى تتحدث عن تصوير عناصر الاستقصاء لزملائهم العاملين في سرية درك المطار. كل ذلك أدى إلى شلّ مطار بيروت الدولي لنحو ساعة، وتحميل المسافرين عبء خلاف بين ضابطين أقل ما يُقال فيهما إنهما عديما المسؤولية. حفلة جنون انتهت بقدوم وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي أعلن أنّ ما جرى لن يتكرر واعتذر من المواطنين عن التأخير الذي حصل. وساطة حل المشكلة بين ضابطين خاضتها رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية وقيادة الجيش.

الحال في المطار ليست على ما يُرام. كثُرت في الآونة الأخيرة الخروقات التي كانت تجري ويُصار إلى لفلفتها «حرصاً على سمعة المطار أمام الأجانب»! مِن هرب طفل ودخوله إلى متن طائرة ثم محاولة آخر الفرار، تلاها تعطّل نظام تسجيل المسافرين، وأخيراً جنونٌ أصاب عسكر قوى الأمن والجيش ضربوا معه بعرض الحائط كل القوانين والمسؤوليات. ماذا يعني أن يُقرر بضعة ضباط وعناصر توقيف مطار الدولة؟ ببساطة، يستند هؤلاء إلى كونهم محميين من زعمائهم السياسيين ومسؤوليهم الإداريين لدرجة أنّهم قادرون على تعطيل المطار من أجل خلافات تافهة.

ما جرى ويجري في مطار بيروت فضيحة على كل المستويات. يتكشّف أنّ بنية جهاز الأمن في المطار مهترئة تشبه إلى حد التطابق النظام اللبناني. جهاز الأمن التابع لوزير الداخلية يضم ضباطاً ورتباء من الجيش والأمن الداخلي، وتتبع له، إدارياً، كل القطعات الأمنية في المطار، مع مراعاة تطبيق القوانين والصلاحيات وطبيعة عمل الخاصة بكل جهاز (على سبيل المثال، لا يجوز لرئيس جهاز أمن المطار تعديل آليات تسجيل الدخول والخروج المنوطة بالأمن العام). لكن عملياً، لا يُحترم التسلسل الإداري. فرئيس جهاز أمن المطار يتبع لوزير الداخلية، لكنّه بصفته ضابطاً في الجيش، يعتبر أن مرجعيته قيادة الجيش. حتى أنّه يوم أمس رفض إعادة الامور إلى ما كانت عليه قبل الخلاف ــــ الفضيحة، إلا بعد تلقيه أمراً من قيادة الجيش. كذلك الأمر مع قائد سرية المطار الذي يتبع إدارياً لقائد جهاز أمن المطار ويتلقّى أوامره منه. غير أنّه يرفض التنسيق مع رئيسه، مطالباً بمخاطبته عبر المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. ليس هذا فحسب، ذهب قائد سرية درك المطار إلى التهديد باعتقال عناصر وضباط تابعين للاستقصاء في جهاز امن المطار، بموجب مذكرة إدارية وجهها شخصياً إلى قائد الجهاز.

جهاز امن المطار اسم بلا مسمّى. هو أقرب ما يكون إلى تجمّع سياسي ــــ ملّي للأجهزة اللبنانية. قبل نحو عام، وصل الخلاف بين رئيس الجهاز العميد جورج ضومط وقائد سرية درك المطار العقيد بلال الحجّار إلى حد اعتداء الأول بالضرب على الثاني. بعض الضباط يقول إنّ الأمر اقتصر على تدافع بالأيدي بين الضابطين! كذلك بعث ضومط برسالة إلى وزير الداخلية نهاد المشنوق يشكو فيها أن الحجار لا يؤدي له التحية العسكرية.

ويقول مقربون من ضومط إنه يطلب، منذ 6 أشهر، مقابلة وزير الداخلية، وأن الأخير لم يحدد له موعداً! يحصل ذلك من دون محاسبة أحد. ما جرى يوم أمس ختام لمسيرة من الصدام المتواصل منذ أكثر من عام. بداية تشرين الأول الماضي اشتعلت النار بين ضومط والحجّار على خلفية احتجاج الأخير على منح الأول عدداً من المدنيين تراخيص استثنائية للدخول إلى «المنطقة المحرّمة» (ما بعد التفتيش الاولي). وما يحصل اليوم هو تراكم «القلوب المليانة» بين الضابطين اللذي يمثلان مهزلة الدولة اللبنانية الكبرى. فالدولة ضعيفة لدرجة أنها ليست قادرة على أن تفرض على ضابطين، رئيس ومرؤوس، أن يتعاونا، او ان تستبدلهما، ببساطة. ضومط يُحسب على رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر والحجّار يُحسب على رئيس الحكومة وتيار المستقبل. والطامة الكبرى أن الحل يفترض استبدال الرجلين. إذ إنّ الإطاحة بضابط من دون الآخر تعني كسر الطرف المقابل. وبحسب المعلومات، قضت التسوية السابقة، بداية العام الجاري، بأن يُستبدل الضابطان، لكن لم يتحقق ذلك لأسباب لا تزال مجهولة!

الأخطر من كل ما سبق أنّ رؤساء أجهزة أمنية يتهمون رؤوساً أمنية في المطار بالتورط في صفقات تهريب الكوكايين والهواتف الخلوية وتقاضي الرشى، لكن أحداً لم يُحرّك ساكناً. كل جهازٍ يحكم امبراطوريته بقوّة ساعده رغماً عن الآخر، ويعزز ذلك توازن القوى وتقاسم الحصص غالباً.

فضيحة أمس بدأت بعد انتشار عناصر من الجيش (تابعين لاستقصاء امن المطار) في نقاط ومراكز التفتيش الأولي التي يتولاها عناصر الدرك (التابعون أيضاً لأمن المطار) عند نقاط مغادرة المسافرين. نتج عن ذلك توقف عناصر قوى الأمن الداخلي عن تفتيش الركاب المغادرين. وروت مصادر أمنية لـ«الأخبار» أن عناصر الجيش عمدوا الى تصوير أحد عناصر قوى الأمن، رغم وجود كاميرات مراقبة، الأمر الذي استفزّ أحد ضباط قوى الامن فتلاسن مع دورية الجيش. عندها عمد عناصر الجيش الى ابعاد عناصر قوى الامن بالقوة والحلول مكانهم. ولكون عناصر الجيش، بحسب المصادر الأمنية، لا دراية لهم بتشغيل أجهزة التفتيش، تسبب ذلك بتوقف التفتيشات واحتجاز المواطنين لنحو ساعة حتى تدخّل وساطات لإنهاء القضية بانسحاب عناصر الجيش. في المقابل، تحضر رواية مقابلة على لسان مصدر عسكري يؤكد أنّ استنفار عناصر الجيش كان بناء على ورود معلومة أمنية تفيد بمحاولة شخص مشبوه دخول المطار، فانتشر عناصر الاستقصاء احترازياً. وبحسب المصدر العسكري، استفز وجود عناصر الجيش عناصر قوى الامن الذين قرروا وقف التفتيشات، مانعين الناس من الدخول، ما اضطر رجال الجيش إلى محاولة تشغيل ماكينات التفتيش، فضلاً عن توليهم التدقيق في جوازات السفر.

يتهم رؤساء أجهزة أمنية مسؤولين في المطار بالتورط في تهريب الكوكايين والهواتف الخلوية وتقاضي الرشى

وسبق الخلاف كتاب مُرسل من الحجار إلى ضومط، يتهم فيه عناصر من جهاز أمن المطار بتصوير عناصر سرية الدرك «أثناء قيامهم بخدمتهم». كذلك، اتهمهم بـ«تسريب فيديوهات لوسائل الإعلام مؤخراً لعناصرنا أثناء قيامهم بواجباتهم»، مشيراً إلى أن هذه الفيديوهات «تكون أحياناً مجتزأة ولا يعرف مصدرها». وهدّد الحجّار بأنه «في حال ضُبط أي عنصر يقوم بتصوير عناصرنا فسنقوم بتوقيفه ومخابرة النيابة العامة العسكرية لمعرفة سبب قيامه بالتصوير وإجراء المقتضى القانوني بحقه».

ما جرى أمس كان في عنوانه العام تعارض في الصلاحيات بين رئيس جهاز أمن المطار ومرؤوسه قائد سرية الدرك، ما تسبب بتعطّل حركة المسافرين. غير أنّ الواقع يكشف دولة مهترئة عاجزة عن إدارة جهاز تفتيش. كيف ستنتهي هذه المهزلة؟ لا أحد يضمن عدم اختتامها على الطريقة اللبنانية المعروفة: ثمة خطأ، لكن أحداً لم يرتكبه.

البناءالبناء

عون يحذّر العالم من التوطين والعبث بالقضية الفلسطينية… وعرقلة العودة إلى سورية
جنبلاط: للتنسيق الأمني مع سورية باسيل للأوروبيين: سيعود النازحون برضاكم وبدونه
أزمات مفتعلة في المطار… ورسائل سياسية وأمنية… ومشروع لربطه برئاسة الحكومة

كانت كلمة الرئيس اللبناني العماد ميشال عون هي الأهم بين الكلمات التي أُلقيت من منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، وقد أثارت الكثير من النقاط الواقعية بهدوء ولغة منطقية لقيت التقدير والاهتمام، حيث تحدّث رئيس الجمهورية عن مظالم الدول الضعيفة التي تعجز الأمم المتحدة عن حمايتها، مشيراً إلى القرار 425 الذي بقي أكثر من عشرين عاماً ينتظر التطبيق، ولم يُطبّق إلا بتضحيات المقاومة التي أجبرت الاحتلال على الرحيل، وخصص الرئيس ميشال عون للقضية الفلسطينية وقضية عودة النازحين السوريين الحيّز الأكبر من كلمته، سواء من زوايا لبنانية أو من الزوايا التي تتشكل منها القضيتان، متسائلاً إلى أين يُراد دفع الشعب الفلسطيني عبر إغلاق كل المنافذ أمامه، بتهويد القدس وإعلان دولة التطهير العنصري، وتصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين، بينما تناول قضية عودة النازحين السوريين ببعديها الوطني والإنساني، مستغرباً أن تضع دول تدّعي الديمقراطية وتتغنى بها شروطاً على عودة النازحين، وهو ما تناوله بالتفصيل وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل، في اللقاء الذي نظّمه الاتحاد الأوروبي حول قضية النازحين السوريين، فقال «إن سياسة ربط عودة النازحين وإعادة الإعمار بالحل السياسي ستفشل وستسقط ، مشيراً إلى أن الإعمار سيبدأ في سورية ولو من دون موافقتكم والنازحون سيعودون ولو من دون تشجيعكم ، وأضاف: العودة الممرحلة تستدام بإعادة الإعمار وهي المفتاح للحل السياسي الآتي حتماً ولو متأخراً .

لبنانياً، كان كلام النائب السابق وليد جنبلاط عن العلاقة بسورية لافتاً، متحفظاً على كلمة التطبيع معها لان العلاقة بين البلدين هي علاقة تنسيق، مشيراً الى أن التنسيق الأمني بين البلدين جارٍ منذ أحداث طرابلس وبعدها أحداث صيدا، مؤكدا أن لا مفر منه لأنه حين يكون هناك مصلحة للبلد نفكر بموضوعية.

أما القضية التي شغلت اللبنانيين ولفتت نظر الخارج، فكانت ما شهده مطار بيروت من إشكال بين جهاز أمن المطار وقوى الأمن الداخلي، وما تلاهما من زيارة لوزير الداخلية، الذي أعلن في ختام زيارته أن السلطة في النهاية هي لوزير الداخلية، كاشفاً كلمة السرّ في ما يشهده مطار بيروت من أزمات لافتة للنظر بتتابعها وتكاثرها، وجعله تحت الضوء بصورة طرحت التساؤلات حول مدة فعل المصادفات في إنتاج أزمة كل يوم تجعل من المطار مصدراً لخبر أول في البلد. وتساءلت مصادر متابعة لملف المطار عن معنى الأزمات المتكرّرة من قضية عرقلة السفر بحجة أن المطار لا يتسع لعدد ضخم من المسافرين، بينما مطارات أقل حجماً تستقبل عدداً أكبر من المسافرين، ومن ثم أزمة الشركة المسؤولة عن الحقائب، وبعدها أزمة مفتعلة مع سفر رئيس الجمهورية، وركاب رحلة مصر، وصولاً لأزمة بين أجهزة الأمن العاملة في المطار وطرح قضية صلاحيات الإشراف على المطار كقضية راهنة. وقالت المصادر إنه منذ عدوان تموز 2006 والعين الأميركية على مطار بيروت، والمحاولات التي لا تتوقف لوضع اليد عليه بطريقة أو بأخرى وقضية السعي لإلغاء السلطة المستقلة للمطار متصلة منذ الأزمة التي رافقت إقالة الرئيس السابق لجهاز أمن المطار قبل سنوات. وقالت المصادر إن مَن يتابع كيفية التغطية الإعلامية للأحداث المتتابعة في المطار من قبل الفضائيات الخليجية وربطها بالحرب على حزب الله، يكتشف وجود أيد خفية تقف وراء الربط بين هذه الأزمات وبرمجتها، خصوصاً مع وجود مشروع لتحويل المطار إلى مؤسسة عامة خارج نطاق مسؤولية وزير الأشغال والنقل، وربطها برئيس الحكومة مباشرة كسلطة وصاية تحت شعار منع التجاذب بين الوزارات حولها، وربط المسؤولية عن الأمن في المطار تلقائياً برئيس الحكومة تحت شعار منع تجاذبات مشابهة على الصلاحيات بين الأجهزة، وتشكيل قوة مستقلة للمطار يلحق بها الضباط والأفراد من أجهزتهم ليصيروا تحت سلطة مستقلة وإمرة مستقلة تتبع لرئيس الحكومة.

الحريري ينتظر إشارة سعودية!

فيما أدّى المجلس النيابي «قسطه للعلى» في «تشريع الضرورة» بجلسات متتالية على مدى يومين طيّر المستقبل والقوات اللبنانية جلستها المسائية لاعتبارات سياسية وطائفية لا «ميثاقية» كما أُشيع، بقي ملف تأليف الحكومة في غياهب النسيان باستثناء حركة خجولة قام بها الرئيس المكلف سعد الحريري عبر اجتماع جمعه والنائب وائل أبو فاعور في بيت الوسط بحضور الوزير غطاس خوري خُصِص لبحث الوضع الحكومي، غير أن لا تقدم يُذكر على خط العقد الحكومية، بحسب معلومات «البناء» بانتظار إشارات خارجية سعودية للحريري غير متوافرة في الوقت الراهن في ظل التطورات الدراماتيكية الساخنة في المنطقة. ولفتت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن «الرئيس الحريري اشترط مسبقاً أنه لن يستمر في الجلسة عندما تخرج بنودها عن إطار تشريع الضرورة. وهو لا يريد أن يظهر وكأن مؤسسات الدولة الدستورية تسير بشكل طبيعي وموقع السنّة الأول أي رئيس الحكومة في تصريف أعمال»، لكن ذلك يدعو للتساؤل: هل الحريري ونواب تيار المستقبل وحدَهم يمثلون الميثاقية السنية؟ أين نواب المعارضة السنيّة العشرة؟ ألا يعتبر تطيير الجلسة بسبب انسحاب نواب المستقبل تجاهلاً لنتائج الانتخابات النيابية؟ وألا يشكل سابقة لتحكم تيار الحريري بانعقاد المجلس النيابي وجدول أعماله؟ وما هو مصير الحكومة الجديدة والبلد إن اندلعت حرب «الميثاقيات الطائفية»؟ وهل كان الرئيس المكلف ليحضر الجلسة لولا إقرار تشريعات مؤتمر سيدر الذي يعوّل عليه فريق الحريري لإعادة تعويمه مالياً؟

وفي ظل هذا الجمود الحكومي والسياسي القائم والأزمات التي تحاصر البلد من كل حدبٍ وصوب والفوضى التي تعمّ المؤسسات، وحده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يخوض الحرب الدبلوماسية للدفاع عن حقوق لبنان وقضاياه الوطنية والمصيرية من على منصة الأمم المتحدة، فيما تقوم بعض القوى السياسية في الداخل بشن حملات «تشويه سياسي» على الرئيس عون وعهده الرئاسي تحت عناوين اقتصادية ومالية وأمنية مختلفة وتحميله مسؤولية استفحال الأزمات والمشاكل، علماً أن هذه القوى هي المسؤولة عن كل هذه الأزمات كأزمة النازحين السوريين وتراكم الديون وعجز الخزينة والكهرباء والبيئة والمطار وغيرها وهي كانت في موقع السلطة والتسلط في المراحل والعهود والحكومات السابقة، ما دفع مصادر مطلعة للتساؤل عن الأسباب الخفية الكامنة للتعرّض لرئيس الجمهورية وعهده في هذا التوقيت بالذات، مشيرة لـ«البناء» الى أن «الهدف هو الضغط على رئيس الجمهورية للتنازل في الموضوع الحكومي والسياسة الخارجية، حيث يعمُد بعض الأطراف الى تنفيذ خطة خارجية لحصار العهد وتخييره بين السير بحكومة يكون لـ 14 آذار اليد الطولى فيها أو التهديد بانهيار اقتصادي ومالي مقبل على لبنان». وحمل عضو تكتل لبنان القوي النائب الياس بو صعب القوات اللبنانية مسؤولية الانسحاب من الجلسة، محذّراً من خطورة الهجوم على العهد ورئيس الجمهورية.

وما يدعو للشك والريبة أكثر هو تزامن ذلك مع صدور مشروع قانون العقوبات الجديد على حزب الله عام 2018 رقم 1595 الذي قدّمه رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي اد رويس أمس، تمهيداً لتصويت الكونغرس الاميركي عليه في الساعات المقبلة! في حين تحوّل مطار بيروت الدولي الى منصة للتصويب على الرئيس عون ونصب الفخاخ له وافتعال مشكلات وقلاقل تطال الرئاسة مباشرة، فهل كل ذلك محض صدفة؟

وقللت مصادر معنية من مشروع قرار العقوبات الجديد، مشيرة لـ«البناء» الى أن «حزب الله يتوقع أن تصل العقوبات الى الحد الأقصى، لكن ذلك لن يؤثر عليه لا مالياً ولن يدفعه للتنازل سياسياً ولا عسكرياً في أي ساحة من الساحات. وهو يعتبر أنه حقق انتصارات عسكرية في كل الميادين، فلن يأخذ أحد منه بالسياسة ما عجز عنه في الحرب»، موضحة أن «توالي قرارات العقوبات يهدف الى اطالة الحرب المالية على حزب الله. وهي حرب نفسية أكثر منها واقعية».

وأكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن « البنك المركزي مستمرّ بدعم الاقتصاد عموماً والإسكان خصوصاً»، مشيراً إلى أن «القروض الإنتاجية مستمرة وبالنسبة للقروض السكنية، فلدينا رزمة جديدة سنتفق عليها مع المصارف في عام 2019».

وفي المقابل بقي إقرار المجلس النيابي لبند تمويل القروض السكنية ضبابياً، فقد أوضحت مصادر المؤسسة العامة للإسكان لـ«البناء» أن «إقرار القانون خطوة جدية ومتقدّمة ووضعت قطار عودة القروض السكنية على السكة، لكنها تحتاج الى آليات تنفيذية نعمل على صياغتها لتقديمها لاحقاً الى مجلس الوزراء لإقرارها عند تأليف الحكومة الجديدة». ولفتت الى أن «بتّ الملف ينتظر الحكومة المقبلة»، مبينة أن «عودة القروض ستتم ضمن شروط معينة تختلف عن السابق وحصر منح القروض بذوي المداخيل المحدودة مع رفع الفائدة على القروض الى 5 في المئة». واعتبر النائب ابراهيم كنعان ، ان «اقرار قانون دعم الإسكان خطوة ستمكّن الشباب الذين تقدموا بطلباتهم لتملك وحدات سكنية، من تحقيق هدفهم»، موضحاً «ان المئة مليار ليرة هي بمثابة جرعة ستحل المشكلة من خلال اقفال الملفات المقدمة».

الحجار يتمرّد على رئيسه…

ويبدو أن الصراع السياسي والحكومي الذي تجلى أمس في البرلمان بدأ ينسحب الى الأجهزة الأمنية بعد تمدده في الادارات والمؤسسات العامة كما انتقلت حرب الصلاحيات الدستورية الى تنافس على الصلاحيات في مطار بيروت. فقد وقع خلاف بين قائد جهاز أمن المطار العميد جورج ضومط وقائد سرية الدرك في المطار العقيد بلال الحجار، أدى إلى انسحاب الدرك عن التفتيش الأولي وتسلّم عناصر الجيش اللبناني التابعين لجهاز الأمن عمليات تفتيش المسافرين والحقائب. ما انعكس على حركة المسافرين التي توقفت لفترة زمينة.

وقالت أوساط أمنية معنية لـ«البناء» إن «ما حصل في مطار بيروت هو تمرد الحجار على رئيس جهاز أمن المطار الذي تخضع له جميع الوحدات الأمنية على أرض المطار بحسب القانون، وهذا التمرد جاء بغطاء من مرجعيته السياسية والوزارية أي من الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق، وتساءلت كيف يزور وزير الداخلية الحجار في مكتبه فيما الأخير رفض الامتثال لتعليمات رئيسه المباشر وعمد الى إرسال برقية له يطلب منه التوقف عن مراقبته؟ وتساءلت ماذا يُخفي الحجار وماذا يُحضر كي لا يريد أن يراقبه أحد؟ وأوضحت المصادر بأن ما حصل ليس تضارب صلاحيات الضابطين بل اعتكاف أحدهما عن أداء مهمة ما يستدعي توقيفه فوراً للتحقيق معه». ولفتت المصادر الى أن «ما حصل ربما يحمل رسالة الى رئيس الجمهورية لكون أحد الضباط المسؤولين في المطار محسوباً عليه سياسياً وتأتي ملحقاً لحملة التشويه التي تعرّض لها قبيل سفره الى نيويورك»، ولفتت الى «أنه وفور عودة عون سيبادر الى التحرك لوضع النقاط على الحروف».

وباشر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية التحقيقات في موضوع توقف حركة المطار والإشكال الحاصل بين رئيس جهاز الامن وقائد وحدة قوى الامن الداخلي هناك، وكلف الأجهزة المعنية بإجراء تحقيق مشترك في الموضوع. وخلال جولة له في المطار حيث اجتمع برؤساء الأجهزة، بعد الاشكال، قال وزير الداخلية «الإشكال انتهى ولن يتكرر ومسؤولية المطار تفتح الباب للاجتهادات ويجب وجود حد أدنى من التفاهمات، وقد حصل سوء تفاهم وانتهى». كما زار المشنوق الحريري ووضعه في الإجراءات التي اتخذتها وزارته لتأمين انتظام العمل في المطار.

عون يواجه العالم بخريطة النازحين…

واعتبر الرئيس عون خلال كلمته في الجمعية العامة للامم المتحدة أن «ازمات الجوار لا تزال تضغط على لبنان الذي يتلمس طريقه للنهوض من الازمات المتلاحقة التي عصفت به»، مشدداً على ان الأعداد الضخمة من النازحين وتداعياتها على المجتمع اللبناني تجعل الاستمرار في تحمّل هذا العبء غير ممكن، خصوصاً أن الجزء الأكبر من الأراضي السورية أصبح آمناً، معيداً التذكير بمطالبته بالعودة الآمنة لهم في كلمته من على منبر الأمم المتحدة العام الماضي، وتمييزه بينها وبين العودة الطوعية.

وأظهر الرئيس عون الخريطة الصادرة في العام 2014 عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون النازحين، وقد رفعها عالياً خلال إلقاء كلمته لمواجهة العالم، والتي تبين تطوّر أعداد النازحين المسجلين من 25 الفاً في العام 2012 الى أكثر من مليون في العام 2014، لافتاً الى ان الامم المتحدة توقفت في العام 2014 عن احصاء النازحين، وبعد ذلك التاريخ تابع الامن العام اللبناني الاحصاءات التي دلت على ان الاعداد تجاوزت منذ ذلك الحين وحتى اليوم المليون ونصف المليون نازح. واعاد التأكيد على «موقف لبنان الساعي لتثبيت حق العودة الكريمة والآمنة والمستدامة للنازحين الى أرضهم، والرافض كل مماطلة أو مقايضة في هذا الملف الكياني، أو ربطه بحل سياسي غير معلوم متى سيأتي، والرافض قطعاً لأي مشروع توطين، سواء لنازح أو للاجئ»، مرحباً بأي مبادرة تسعى لحل مسألة النزوح على غرار المبادرة الروسية.

من جهته، أشاد حزب الله بعون ورأى نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم، «ان المواقف التي أعلنها رئيس الجمهورية على صفحات صحيفة الـ»فيغارو» هي مواقف مشرفة ومسؤولة، فقد عبر عن رؤيته للبنان السيد المستقل في إطار وحدة وطنية لا تقبل التبعية ولا الاحتلال ولا الانخراط في لعبة المحاور». وأكد أن الرئيس عون «هو الضمانة الأولى للاستقرار في لبنان، وهو الذي ملأ سجله الناصع بمواجهة الاحتلال الإسرائيلي من أجل التحرير، وبمواجهة الإرهاب التكفيري وتحقيق التحرير الكامل، وهو الحريص على تحرير لبنان وحمايته والدفاع عنه».

من جهته، اعتبر وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل خلال الاجتماع الوزاري الخاص بسورية الذي نظمه الاتحاد الاوروبي في مقر الامم المتحدة في نيويورك الى أن « سياسة ربط عودة النازحين وإعادة الإعمار بالحل السياسي ستفشل وستسقط»، مشيراً إلى أن «الإعمار سيبدأ في سورية ولو من دون موافقتكم والنازحون سيعودون ولو من دون تشجيعكم»، واضاف: «العودة الممرحلة تستدام بإعادة الإعمار وهي المفتاح للحل السياسي الآتي حتماً ولو متأخرا». مشيراً إلى أنه «من مصلحة لبنان أن يكون منصة لإعادة الإعمار في سورية، خاصة أن لبنان مني بخسائر كبيرة نتيجة الأزمة السورية».

اللواءاللواء

مصالِح إقتصادية ووزارية وراء افتعال الأزمات في مطار بيروت
حزب الله يستعجل الحكومة قبل 5ت2.. ويتّهم سلامة بالتماهي مع العقوبات الأميركية

فرض الاشكال الأمني، الذي وقع في مطار رفيق الحريري وأدى الى تعطيل الملاحة الجوية لبعض الوقت، قبل ان يتوجه وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال نهاد المشنوق إلى المطار للمساهمة في فضّ الاشكال، واعادة الأمور الى نصابها، واحتواء الاحتقان بين رئيس جهاز أمن المطار العميد جورج ضومط، وقائد سرية الدرك في المطار العقيد بلال حجار، نفسه بنداً بالغ الخطورة، وكأن وراء الأكمة ما وراءها، بعد سلسلة من الإشكالات بدأت مع العطل الذي طرأ في 7 ايلول الجاري على شبكة الاتصالات التابعة لشركة Sita المشغلة لنظام الحقائب والركاب المغادرين عبر المطار.. ثم تتالي الأعطال في حركة الطيران وصولاً الى ما عرف «بالطائرة الرئاسية»، بهدف زعزعة الثقة بالبلد بالتزامن مع ضغوطات مقبلة، تتعلق بخضات محدقة منها المالي ومنها الاقتصادي، أو النقدي، مع تنامي الضغوطات على الليرة، في سياق العقوبات التي تستهدف دول مناوئة للسياسة الأميركية، من ايران إلى تركيا مروراً بروسيا الاتحادية، حيث تتالت انهيارات الروبل، والريال الإيراني، والليرة التركية.. وسط معلومات تتحدث عن إقرار سلسلة من العقوبات الجديدة ضد حزب الله قبل الخامس من ت2 المقبل..

وبانتظار عودة الرئيس ميشال عون من الأمم المتحدة المتوقعة خلال 24 ساعة، بعد ان ألقى أمس كلمة لبنان امام الجمعية العامة للمنظمة الدولية، معلناً رفض لبنان القطعي لأي مشروع توطين سواء لنازح أو لاجئ، معرباً عن ترحيب لبنان بأي مبادرة تسعى لحل مسألة النزوح على غرار المبادرة الروسية، استمرت الاتصالات، ولكن على وتيرة بطيئة حول التأليف الحكومي، فاستقبل الرئيس المكلف سعد الحريري النائب وائل أبو فاعور وعرض معه الموقف، وعلمت «اللواء» من مصدر «اشتراكي ان أي تقدّم لم يطرأ ولا شيء جدياً حتى الآن في طروحات معالجة العقدة الدرزية، أو التمثيل الدرزي.. على ان الأهم، ما كشفته مصادر واسعة الاطلاع لـ«اللواء» من ان حزب الله، يتجه للقيام باتصالات مباشرة تتعلق بالمساهمة في حلحلة العقد التي تؤخّر تأليف الحكومة، ومنها الاتصال المباشر مع بعبدا وفريق رئيس الجمهورية، بهدف تسريع عملية التأليف لمواجهة التحديات المرتقبة، وفي فترة زمنية لا تتجاوز أوائل تشرين الثاني المقبل، موعد العقوبات الأميركية الجديدة ضد إيران وحزب الله.

وعلى ذمة مصادر سياسية بارزة، فان لبنان مقبل من الآن وحتى نهاية السنة الحالية على خضة مالية واقتصادية خطيرة، حيث من المتوقع ان تخسر الليرة اللبنانية قيمتها أمام الدولار على نحو دراماتيكي. وشددت المصادر على ان المسألة هنا ليست تهويلا ويجب التدقيق بها في ظل ما يحكى عن استياء جهات سياسية مهمة بينها الثنائي الشيعي من اداء حاكم مصرف لبنان رياض سلامه واتهامه بشكل مباشر بالتماهي الى حد بعيد مع الضغوطات الاميركية، واستعداده لتطبيق العقوبات بحذافيرها.

ووفقا لمعلومات خاصة بـ«اللواء» فان زيارة مدير مكتب التحقيقات الفدرالي الاميركي كريستوفر راي الى بيروت منذ اسبوع جاءت في جزء منها للتباحث في شان العقوبات الاميركية ضد حزب الله والضغط على الدولة اللبنانية للتجاوب معها تحت التهديد بتضييق الخناق عليها اقتصاديا وسياسيا في حال التنصل من العقوبات او الالتفاف عليها. وعليه ، اذا اردنا قراءة ما تقدم من زاوية منطقية، نجد بان تأييد حزب الله لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في الجلسة التشريعية قبل يومين فيما خص مقررات مؤتمر «سيدر» يصب في اطار مغازلة فرنسا وتوجيه رسالة ودية لجهة استعداد الحزب لحماية ما تعتبره باريس منفذها الوحيد حاليا للعودة الى لبنان، وتوفير مظلة دولية – أوروبية في وجه التهور الأميركي وارتدادات العقوبات الاقتصادية غير المدروسة.

الحكومة الى الواجهة

في هذا الوقت، عادت البلاد الى دوامة البحث عن صيغة حكومية جديدة بعدما انشغلت على مدى يومين  بالجلسة التشريعية للمجلس النيابي مع ما لها من انجازات وما عليها من ملاحظات، فيما ترك كلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط امس الاول عن امكانية البحث في ما يعرض عليه من حصة وزارية وحقائب الباب امام تكهنات باحتمال تدويره الزوايا في ما خصّ حصة الحزب في الحكومة، شرط ان يعرض عليه شيء عملي ومباشر، بينما استمر الحديث عن تعديلات انجزها الرئيس المكلف سعد الحريري وهو بصدد تقديمها الى الرئيس عون فور عودته من نيويورك مساء غد الجمعة.

وفيما لم تعرف بالضبط ما هي التعديلات التي يقترحها الرئيس الحريري، تردد ان من بينها اما العودة الى صيغة الثلاث عشرات التي سبق ورفضها التيار الوطني الحر مطالبا بحصة له ولرئيس الجمهورية من 11 وزيرا ما يعني الثلث المعطل المرفوض من قبل الرئيس المكلف، واما العودة الى صيغة 24 وزيرا لتخفيف حجم وحدة المطالب للاطراف السياسية وبما يعالج الكثير من العقد حول التمثيل المسيحي والدرزي والسني من خارج تيار المستقبل. لكن ثمة طرح ثابت في كل الصيغ وهو امكانية منح «القوات» نيابة رئاسة الحكومة برغم انه منصب فخري اكثرما هو عملي، وحقيبة خدماتية وحقيبة اساسية وحقيبة دولة. وفي هذا الصدد، قالت مصادر نيابية في «تكتل لبنان القوي» ان التيار الحر لم يتلقَ بعد اي مقترح جديد حول صيغة الثلاث عشرات، وانه حتى يوم امس، لم يكن قد طرأ اي جديد حول تشكيل الحكومة.

وبقيت صيغة 24 وزيرا مكتومة ومتحفظ عليها، خاصة مع عدم وضوح نوع الحقائب التي ستسند «للقوات اللبنانية» وللحزب الاشتراكي، الذي لن يحصل في ظل مطالب الاطراف الاخرى على حقيبة وازنة واساسية سوى على حقيبة التربية على مايبدو، بعدما تمسك حزب الله وتيار «المردة» بحقيبتي الصحة والاشغال وحقائب عادية، ورفض التيار منح حقيبة العدل «للقوات» وتمسكه بها الى جانب حقائب الدفاع والطاقة والخارجية وحقائب اخرى عادية، فيما يتمسك تيار المستقبل بحقيبتي الاتصالات والداخلية. وتبقى كل هذه الطروحات من قبيل الافكار للتداول وليست نهائية.

وكان الرئيس الحريري قد التقى امس، عضو كتلة اللقاء الديموقراطي النائب وائل ابو فاعور في حضور الوزير غطاس خوري، وجرى بحث في اخر  المستجدات الحكومية.

صراع أجهزة أم صراع سياسي

وسط هذه الأجواء، كان لافتاً للانتباه، تمدد الصراع السياسي إلى الأجهزة الأمنية في مطار بيروت، مما طرح أكثر من سؤال وعلامات استفهام حول ما يحصل في المطار، خصوصاً وأن ما جرى أمس، في قاعة المغادرين، عطل سفر الركاب لفترة زمنية استمرت أكثر من ساعتين، واعاد إلى الأذهان العطل التقني الذي طرأ على أجهزة «السكانر» قبل ثلاثة أسابيع، وأدى إلى فوضى عارمة وازدحام كثيف فوت على كثير من المسافرين رحلات عمل إلى الخارج وألحق اضراراً بمصالحهم، من دون ان يعوض عليهم أحد، أو يكشف التحقيق أسباب هذا العطل. علماً ان ما جرى تزامن أيضاً مع ملابسات حصلت قبل سفر الرئيس ميشال عون إلى نيويورك، من تسريب معلومات عن عدد الوفد الرسمي المرافق له، وعن إنزال ركاب طائرة رديفة كانت مخصصة لرحلة إلى القاهرة في نفس موعد سفر الرئيس، مما جعل القضاء يتحرك على خلفية شبهات بحصول خرق أمني للاجراءات المتخذة لحماية أمن رئيس الجمهورية.

كل هذه الحوادث غير البريئة دفع عددا من السياسيين والمسؤولين إلى التساؤل، حول طبيعة المؤامرة التي تستهدف مطار رفيق الحريري الدولي، والهدف من تعطيل هذا المرفق الحيوي، ووجه لبنان إلى الخارج، وعما إذا كان يهدف إلى تحميل المسؤولية للشركة التي تتولى ادارته، والتي تعتبر من أنجح الشركات اللبنانية، أو تحميلها للوزارة المخولة الاشراف على المطار، بقصد انتزاعها من التيار السياسي الذي يتولى حقيبة هذه الوزارة، لتبرير تسليمها للتيار السياسي الحاكم.

وإذا كانت كل هذه التساؤلات ستطرح لاحقاً من ضمن التحقيقات التي باشرها مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، سواء في ما جرى من صراع بين الأجهزة الأمنية، أو في الخرق الأمني لحماية رئيس الجمهورية، فإن الثابت ان الصراع الذي حصل أمس بين جهاز أمن المطار، وقيادة سرية درك المطار، ليس صراعاً على الصلاحيات، بحسب ما أكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق، معتبراً اياه مجرد «سوء تفاهم انتهى»، بل هو أبعد من ذلك، تتداخل فيه السياسة مع الصلاحيات المناطة بالأجهزة، لترسم صورة مأساوية لواقع الحال في المطار والذي لا يسر أحداً.

على ان الرواية شبه الرسمية لما حصل، اشارت إلى ان الاشكال الذي حصل، كان نتيجة «قلوب مليانة»، بين قائد سرية درك المطار العقيد بلال الحجار ورئيس جهاز أمن المطار العميد جورج ضوميط، وان الحجار كان رفع كتاباً إلى ضوميط رغم انه يعتبر رئيسه المباشر، شكا إليه من ان عناصر الجهاز يعمدون إلى مراقبة عناصر سرية الدرك عند نقاط التفتيش لدى مغادرة الركاب، مهدداً بتوقيف من يعمد الى ذلك، لكن ما حصل، بحسب المعلومات، ان عناصر من جهاز أمن المطار، وبناءً على معلومات ذات طابع أمني حضروا صباحاً إلى نقاط التفتيش لمراقبة حركة المسافرين، مما اثار امتعاض عناصر قوى الأمن الذين كانوا عند هذه النقاط، ثم عمدوا إلى الانسحاب، بعد مراجعة قائدهم العقيد الحجار الذي طلب منهم إطفاء أجهزة التفتيش ومغادرة مكانهم.

ورغم تدخل الجيش وتسلمه نقاط التفتيش محل عناصر قوى الأمن، الا ان ما جرى أدى إلى توقيف التفتيش لبعض الوقت، وازدحام كثيف للمسافرين عند هذه النقاط، ولكن من دون تعطيل رحلات الطيران ضمن مواعيدها المعتادة. وعلى وقع اتصالات على المستويات العسكرية والأمنية والوزارية، بلغت الرئيس عون في نيويورك والرئيس سعد الحريري، حضر الوزير المشنوق إلى المطار، وعقد سلسلة اجتماعات في مبنى المديرية العامة للطيران المدني، ثم أعلن ان الاشكال الذي حصل نتيجة سوء تفاهم تمّ حله، وانه جاء ليعتذر من النّاس، وانه هو المسؤول عن كل الأجهزة الأمنية في المطار، مشدداً على ان لا كيدية بين رؤساء هذه الأجهزة، في إشارة إلى خلاف ضوميط – الحجار، علماً أن الأخير لم يحضر الاجتماع الموسع مع الوزير، بل التقاه على انفراد بعده. ولاحقاً زار المشنوق الرئيس الحريري في بيت الوسط، واطلعه على الإجراءات التي اتخذها لإعادة انتظام العمل في المطار.

يُشار على هذا الصعيد، ان مديرية المخابرات افرجت أمس عن مدير صفحة «Olba Aviation» محمود المصري بعد التحقيق معه في قضية تسريب معلومات عن رحلة رئيس الجمهورية إلى نيويورك.

عون امام الأمم المتحدة

وفي محطة اليوم الثالث من زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى نيويورك: كان خطابه الذي توجه به الى الجمعية العامة للامم المتحدة باعثا برسائل في جميع الاتجاهات. وضع الرئيس عون الحقائق عن مشاكل دول العالم وكشف عن مكامن الخلل في السياسات المتبعة ما يحتم على الامم المتحدة تطوير دورها المستقبلي، وهو تقصد ان تكون بداية الخطاب عن واقع الامم المتحدة لينطلق بعد ذلك الى اهمية وضع مشروع اصلاحي يلحظ توسيع مجلس الامن واعتماد نظام شفاف. وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان الرئيس عون تميز في هذه الاشارة عن معظم الرؤساء لجهة الاضاءة على هذا الملف.

وفي خطابه الذي وزع باللغتين الانكليزية والفرنسية , اتى على ذكر القرارات الدولية التي تمنعت الدول عن تنفيذها لانها لا تناسبها. وهنا كانت لافـتة عدم حصره الامر بالموضوع اللبناني انما بالموضوع الفلسطيني وكانت استفاضة منه عن تهويد القدس ووفف مساعدات الولايات المتحدة للاونروا طارحا المشهد المتكامل للقضية الفلسطينية، فهناك شعب وجد نفسه من دون هويه ووطن. اما في الشق المتصل بلبنان فقدّم عرضا عن واقع الحال مؤكدا ان لبنان على طريق تشكيل حكومته تبعا لنتائج الانتخابات النيابية.

وقالت المصادر نفسها ان رئيس الجمهورية سارع الى رفض اي مقايضة في ملف النازحين السوريين حاملا خارطة استحوذت على اهتمام الحاضرين عن تطور اعداد النازحبن للاعوام 2012 و 2013 و2014. رفع الخريطة وانهالت كاميرات التصوير لالتقاط الصورة عن ازدياد الاعداد. واوضحت المصادر نفسها ان الرئيس عون اشار في اكثر من اطلالة خارجية عن المقاربات الدولية التي تفتقر الى العدالة والى التطرف، ومن هنا ختم الخطاب مكرراً الدعوة الى الحوار وقدم طرحه حول ضرورة ان تتجسد مبادرة جعل لبنان مركزا لحوار الحضارات بإنشاء أكاديمية لتفادي النزاعات.

اما الخارطة الصادرة عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فقد بينت تطوّر اعداد النازحين المسجلين من 25 ألفاً في العام 2012 إلى أكثر من مليون ونصف في العام 2014، رافضاً اعتبار هؤلاء لاجئين سياسيين، باستثناء قلة منهم، ومرحباً بأي مبادرة تسعى لحل مسألة النزوح على غرار المبادرة الروسية. ومساءً بتوقيت بيروت (ظهراً بتوقيت نيويورك) سلم الرئيس عون الأمين العام للأمم المتحدة انطونيوس غويتريس دراسة مفصلة لتطوير مبادرة المركز الدولي لحوار الحضارات والثقافات والاديان، وانشاء اكاديمية للتلاقي والحوار الدائم وتعزيز روح التعايش بما يتماشى مع اهداف الامم المتحدة، متمنيا على غوتيريس ان «تدعم الامم المتحدة نشوء هذه الاكاديمية». وقد رحب غوتيريس بـ«المبادرة اللبنانية»، واعدا بـ«تقديم كل الدعم اللازم إليها»، معلنا أن «الامم المتحدة في صدد تفعيل تحركها من اجل الحوار بين الاديان والحضارات، من خلال تعيين ممثل شخصي للامين العام لهذه المهمة». ويلتقي عون (عند الثالثة من فجر الخميس بتوقيت بيروت) أبناء الجالية اللبنانية في نيويورك، قبل ان يعود إلى بيروت ليصل الجمعة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.