الصحف الاجنبية: دعوات اميركية للتصعيد ضد موسكو في سوريا

كشفت صحف اميركية بارزة ان فريقا من كبار المسؤولين الاميركيين يحث البيت الابيض على تصعيد العمل ضد روسيا في سوريا بعد التقدم الميداني الذي احرزه الجيش السوري وحلفاؤه بدعم جوي روسي.

من جهة أخرى، أشار باحثون غربيون موالون لـ”اسرائيل” الى ان السعودية قد تصعد الحرب المالية على ايران للتعويض عن رفض ادارة اوباما فرض المزيد من العقوبات على طهران. هذا فيما تساءل باحثون آخرون عن اسباب غياب ولي العهد السعودي محمد بن نايف عن الانظار.

نشرت صحيفة “Wall Street Journal” تقريراً بتاريخ الثالث والعشرين من شباط/فبراير الجاري قالت فيه ان كبار المستشارين العسكريين والاستخبارتيين للرئيس الاميركي باراك اوباما يقومون بزيادة الضغط على موسكو في سوريا، حيث يطرحون توسيع المساعدة العسكرية السرية لبعض الجماعات المسلحة التي تستهدف من قبل الطيران الحربي الروسي.

وكشف التقرير نقلاً عن مسؤول رفيع في الادارة الاميركية ان كلا من وزير الحرب “آشتون كارتر” و رئيس هيئة الاركان المشتركة الجنرال “جوزيف دانفورد” ومدير وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) “جون برينان” دعوا خلال اجتماعات في البيت الابيض الى اتخاذ تدابير جديدة “لالحاق ألم حقيقي بالروس”.

وقال التقرير ان هذا التحالف الناشىء “للصقور” المعادين لروسيا (المكون من كارتر ودانفورد وبرينان) يكشف الخلافات بين المسؤولين وقد يؤدي الى الضغط على اوباما بغية دفعه الى التصعيد ضد موسكو. كما نقل عن المسؤولين بأن القصف الروسي في سوريا قد اغضب الـ “CIA” بشكل خاص، اذ ان الضربات الجوية الروسية تستهدف الجماعات التي تدعمها الاخيرة بالاسلحة، ومن بينها الصواريخ المضادة للدبابات.

وفي الوقت نفسه، نقل التقرير عن المسؤولين بانه لا يزال من غير الواضح ما اذا كان تعزيز الدعم للجماعات المسلحة سيشكل فارقا كبيرا في هذه المرحلة، نظراً للخسائر الميدانية الكبيرة التي تلقتها الجماعات التي تدعمها وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية.

كذلك لفت التقرير الى كلام وزير الخارجية الاميركي جون كيري خلال جلسة استماع امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي، والذي قال فيه أن محادثات جرت داخل الادارة الاميركية حول الاستراتيجية التي يجب ان تتبع في حال عدم نجاح المفاوضات لحل الازمة السورية. غير انه اشار بالوقت نفسه الى تصريحات كيري والتي قيلت في المناسبة نفسها واعتبر فيها انه يجب العمل على انجاح الجهود الدبلوماسية بدلاً من الحديث عن سلبيات العملية الدبلوماسية والاجراءات التي قد تتخذ فيما بعد.

هذا وكشف التقرير ايضاً ان ايا من “كارتر” او “دانفورد” لم يسلم توصيات الى اوباما، لكنه نقل عن المسؤولين بالوقت نفسه انه والى جانب توسيع برنامج الـ “CIA” لدعم الجماعات المسلحة، فان الخيارات الاخرى التي تُبحث تشمل توفير المعلومات الاستخباراتية لما يسمى “المعارضة المعتدلة” بغية تعزيز قدرتها على التصدي للهجمات الجوية الروسية، وكذلك امكانية القيام بعمليات هجومية اكثر فاعلية.

واضاف التقرير ان خيارا آخر يحظى بدعم كبير عند مستشارين اوباما يتمثل بفرض عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا، لكنه لفت بالوقت نفسه الى ان المسؤولين الاميركيين الكبار يشككون بان ينضم الاوروبيون الى اي مسعى من هذا القبيل، نظراً لأهمية التبادل التجاري مع موسكو لدى الدول الاوروبية.

وعاد التقرير ليشدد على ان المفاوضات الاخيرة التي جرت مع روسيا حول اتفاق وقف اطلاق النار في سوريا كشفت اتساع الخلافات داخل الادارة الاميركية، حيث قال انه على الرغم من اعراب “كارتر” عن دعمه للمفاوضات التي يقودها كيري، الا انه و”برينان” و”دانفورد” قد حذروا البيت الابيض في الاجتماعات المغلقة من ان المفاوضات قد تقوض مكانة واشنطن عند شركائها الاقليميين في اطار التحالفين اللذين تقودهما اميركا – التحالف الداعم “للمتمردين المعادين للاسد”، والتحالف ضد داعش، وذلك بحسب ما نقل عن مسؤولين اميركيين كبار.

اما كيري، فقد نقل التقرير عن مصدر مقرب منه قوله بان اتفاق وقف اطلاق النار في سوريا قابل للنجاح، وذلك خلافاً لكارتر الذي يعتقد انه “حيلة” روسية، بحسب مسؤول اميركي رفيع.

وكشف التقرير نقلاً عن مسؤولين كبار ان الثلاثي “كارتر” و برينان” و “دانفورد” طرحوا مخاوفهم خلال اجتماعات جرت الاسبوع الماضي في البيت الابيض، وشارك فيها ايضاً كيري ومستشارة الامن القومي “سوزان رايس” وكبير موظفي البيت الابيض “Dennis McDonough”.

ونقل التقرير عن المصدر المقرب من كيري بانه في حال عدم “التزام روسيا” باتفاق وقف اطلاق النار، فيجب النظر بالخطة- ب، وذلك في الوقت الذي قال فيه مسؤولون كبار يشاركون في النقاشات انه من غير الواضح ما اذا كان اوباما سيدعم توسيع البرنامج الذي تديره الـ “CIA” لدعم الجماعات المسلحة. ونقل ايضاً عن مسؤولين سابقين بان المعارضين لهذا البرنامج في البيت الابيض يحذرون من ان الدعم المفتوح للمتمردين قد يجر الولايات المتحدة اكثر الى النزاع بينما تبقى فرص النجاح ضئيلة طالما ظلت موسكو على استعداد لدعم الاسد.

كما نقل التقرير عن مسؤولين حاليين وسابقين بان موافقة اوباما الاولية على برنامج الـ “CIA” عام 2013 تعود جزئياً الى حرصه على اعطاء دور للاستخبارات المركزية الاميركية لضبط نشاطات حلفاء اميركا الاقليميين، بمن فيهم تركيا والسعودية، ومنعهم من ارسال اسلحة متطورة مضادة للطائرات الى الجماعات المسلحة.

أصوات موالية لاسرائيل تستند بالسعودية ضد ايران

صحيفة “Wall Street Journal” ايضاً نشرت مقالة بتاريخ الحادي والعشرين من شباط فبراير الجاري (لا يزال منشورا إلى  الآن) كتبها الباحثان في “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”  “David Andrew Weinburg” و”Mark Dubowitz”، والتي قالا فيها ان لدى السعودية وحلفائها الخليجيين أسلحة مالية قوية يمكن ان تستخدم ضد ايران.

الباحثان اللذان ينتميان الى مؤسسة تعتبر مقربة جداً من اسرائيل وتيار المحافظين الجدد، اشارا الى ان الرياض سبق وان استخدمت النفط سلاحاً ضد طهران. واضافا ان صندوق الثورة لدى السعودية يعطيها نفوذاً كبيراً على اي طرف يفكر بالاستثمار في ايران، فقد زعما ان الرياض يمكن ان تضع اللاعبين الماليين امام خيارين: اما التجارة في الرياض او في طهران.

وأشار الكاتبان الى شركة تسمى “Blackrock”، حيث قالا انه في شهر آذار/مارس العام الماضي صدرت أنباء بأن مدير هذه الشركة يخطط لرحلة استكشافية الى ايران، وان السعودية قامت حينها بسحب ارصدتها من عدد من الشركة المذكورة، اضافة الى عدد من الشركات الاخرى.

غير ان الكاتبين شددا على ان السلاح المالي الاقوى لدى الرياض قد يتمثل بالاستثمار داخل السعودية. وتحدثا عن العقود التي منحت للشركات الاجنبية للعمل في السعودية، حيث حصلت الشركات من دول مثل كوريا الجنوبية واسبانيا على عقود بقيمة مليارات الدولارات. ولفتا الى ان هذه الشركات تبحث عن المشاريع في ايران، وبالتالي قد يضطرون قريبا الى الاختيار بين السعودية او ايران.

الكاتبان زعما ايضاً بان السعودية مسلحة بشكل افضل للحرب الاقتصادية من ايران، واشارا الى وجود حليف قوي للرياض يتمثل بدولة الامارات. وعليه قالا ان ادارة اوباما مترددة بفرض عقوبات اقتصادية ومالية جديدة على طهران، لكن “في حال وحّد السعوديون والاماراتيون” قوتهم المالية، فذلك قد يكون كافياً لاضعاف الاقتصاد الايراني مجدداً، على حد قولهما.

ما أسباب غياب محمد بن نايف عن المشهد

بدوره، الباحث الاميركي المعروف “Bruce Riedel” كتب مقالة نشرت على موقع معهد “Brookings” بتاريخ الثالث و العشرين من شباط فبراير كذلك، و التي تساءل فيها عن معنى غياب ولي العهد السعودي محمد بن نايف عن الانظار.

الكاتب لفت الى ان محمد بن نايف بقي في السعودية بالغالب، باستثناء زيارة قام بها الى منتجع كامب ديفيد. وأضاف ان ولي ولي العهد محمد بن سلمان في المقابل زار كلا من روسيا وفرنسا ومصر والاردن والولايات المتحدة ومقر حلف الناتو في بروكسل. مشيرًا الى ان ابن سلمان هو من يبرم الاتفاقات للمملكة وكذلك هو وجه الحرب على اليمن.

كما لفت الكاتب الى غياب محمد بن نايف عن احداث هامة، اذ اشار الى ان كلا من الملك سلمان ونجله محمد بعثا برقيات تعزية ورسائل دعم الى تركيا بعد الهجوم الارهابي الاخير في انقرة، دون ان يوجه بن نايف أية رسالة على الرغم من اختصاصه المعروف بمكافحة الارهاب.كذلك تحدث عن العدد الكبير من المقابلات التي اجراها محمد بن سلمان مع وسائل الاعلام، والتي “نادراً ما يذكر فيها” محمد بن نايف.

وبينما قال الكاتب ان محمد بن نايف لطالما كان رجلا بعيدا عن الاضواء، الا ان المقارنة بينه وبين محمد بن سلمان يحظى باهتمام واسع في الدوائر السعودية، وعليه تساءل عما اذا كان ذلك ينبىء بتغييرات مستقبلية.

خلفيات السياسة الخارجية لحزب العدالة والتنمية

من جهته، الصحفي التركي “Semih Idiz” كتب مقالة نشرت على موقع “Al-Monitor” بتاريخ الثالث والعشرين من شباط فبراير نقل فيها عن سفراء اتراك سابقين عملوا تحت قيادة حزب العدالة والتنمية بان سياسة انقرة الخارجية في حالة من الفوضى بسبب سياسات الحزب الحاكم. واشار الكاتب الى وجود اجماع لدى هؤلاء بان ذلك يعود الى تخلي تركيا عن سياستها الخارجية القديمة وتبني مقاربة “اسلامية”.

الكاتب لفت الى ان السفراء الاتراك السابقين الذيي اجرى معهم المقابلات اعتبروا ان خيارات انقرة تضاءلت بشكل كبير، اذ نقل عن السفير المتقاعد “Uluc Ozulker” بان سياسة مؤسس الدولة مصطفى كمال اتاتورك التي كانت تستند على الاستدارة نحو الغرب، قد تغيرت تحت حكم حزب العدالة والتنمية.

ونقل الكاتب عن “Ozulker” بان “النظرة الايديولوجية العالمية لحزب العدالية والتنمية مبنية على ما يعرف بالرؤية الوطنية، التي تستند على الاسلام وتنحرف نحو آفاق الاخوان المسلمين”.كما اعتبر “Ozulker” وفقا لما روى الكاتب، ان حزب العدالة و التنمية “يحاول تنفيذ سياسات تفوق وسائل وقدرات تركيا”، حيث استفاد حزب العدالة والتنمية من النمو الاقتصادي لدعم “الرؤية الوطنية وتكثيف نشاطه السياسي. غير انه اضاف ان تركيا كانت تهدف جراء ذلك الى توطيد العلاقات مع جيرانها، لكنها فشلت في ذلك و تسببت بتردي العلاقات مع جيرانها و قوى اقليمية اخرى.

كما اعتبر “Ozulker”” (بحسب الكاتب طبعاً) ان خطا آخر ارتكبه حزب العدالة يتمثل باتباع سياسة خارجية مثالية، خاصة تحت ارشاد رئيس الوزراء احمد داود اوغلو، الذي شغل منصب وزير الخارجية بين عامي 2009 و2014. ونقل الكاتب عن الاخير ايضاً بان حزب العدالة والتنمية يتبنى مقاربة انتقامية في السياسة الخارجية ويقوم بإقصاء من يرفض الاستماع اليه.

هذا ونقل الكاتب عن السفير المتقاعد ايضاً “Temel Iskit” بان الخطأ الاساس الذي ارتكبه حزب العدالة هو ابعاد تركيا عن سياستها الخارجية التقليدية، حيث قال الاخير ان الحزب الحاكم حاول استبدال هذه السياسة الخارجية باخرى تستند على الايديولوجيا و”النظرة العالمية السنية”. واشار “Iskit” الى ان تركيا افترضت انها قادرة ان تكوِّن زعيما سنيا اقليميا، واصفاً ذلك بانه غير واقعي.

و بحسب الكاتب رأى “Iskit” ان اردوغان اكثر من داوود اوغلو،هو السبب الاساس للوضع الذي تجد تركيا نفسها فيه حالياً،اذ قال ان “اردوغان حاول فرض منظاره الشخصي على الآخرين،و عندما رفضوا القبول به،كما حصل مع الاسد،ىاصبح عدوهم ومارس ما يعد بمثابة  الثأر ضدهم.لهذا السبب تركيا على خلاف مع الغرب روسيا، ومع جميع الآخرين تقريباً اليوم”.و اعتبر ان “الغطرسة و الطموحات الشخصية” اصبحت تسيطر على اردوغان، مرجحاً ان يستمر الموقف الصعب لتركيا على الساحة الدولية طالما بقي اردوغان في الحكم.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.