الصحف الاجنبية: مسلحو سوريا يخسرون الحرب

 

رأت صحف اميركية بارزة ان التطورات الميدانية في مدينة حلب السورية قد تعني ان الجماعات المسلحة اصبحت تخسر الحرب،و ذلك في الوقت الذي قال فيه باحثون ان عددًا من اعضاء الكونغرس يعملون على مشروع قرار لوقف برنامج دعم الاستخبارات المركزية الاميركية للجماعات المسلحة في سوريا، اذ ان هذا الدعم يقوي تنظيم “القاعدة” وغيره من التنظيمات المتطرفة.

من جهة أخرى، اعتبر باحثون ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يسير ببلاده نحو المزيد من المشاكل في الداخل و الخارج.

الجماعات المسلحة تخسر الحرب في سوريا

نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً بتاريخ الرابع من شباط/ فبراير الحالي حمل عنوان “المتمردون السوريون يخسرون حلب وربما ايضاً الحرب”، والذي جاء فيه ان “المتمردين السوريين يقاتلون من اجل بقائهم” داخل وفي محيط مدينة حلب بعد التقدم الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه بدعم جوي روسي. وشدد التقرير على ان هذا الهجوم قد ادى الى قطع طريق امدادات رئيس من تركيا.

كذلك اكد التقرير على ان خسارة الجماعات المسلحة لمدنية حلب قد تشكل ضربة حاسمة لما وصفه “بالثورة” ضد الرئيس السوري بشار الاسد. واشار الى ان قادة الجماعات المسلحة تحدثوا عما يزيد عن 200 ضربة جوية خلال الساعات الاربع والعشرين الماضية، كما انهم وجهوا “نداءات طارئة” لارسال التعزيزات من مناطق اخرى من البلاد.

وشدد التقرير ايضاً على ان سيطرة الحكومة السورية على حلب سيشكل تحدياً كبيراً لتركيا والسعودية، مضيفاً بالوقت نفسه انه من غير الواضح ما اذا كان باستطاعة كلا البلدين القيام بشيء لمنع حدوث هذا السيناريو.

وبينما تطرق التقرير الى كلام المسؤولين الروس بان تركيا تستعد للتدخل العسكري في سوريا، اشار الى ان هامش مناورة الاتراك بات ضيق بعد حادثة اسقاط الطائرة الحربية الروسية اواخر العام الماضي، وما تلاه من تدابير انتقامية روسية.

كما نقل التقرير عن قياديين في الجماعات المسلحة ان الولايات المتحدة و في اطار تصميمها على بدء مفاوضات جنيف، قد ضغطت على دول مثل تركيا والسعودية لتقليص امدادات السلاح الى الجماعات المسلحة، ما ترك هذه الجماعات عرضة للهجوم الجديد.

كيسنجر يدعو الى التعاون مع روسيا

من جهته، نشر موقع  “National Interest” بتاريخ الرابع من شباط/ فبراير نصًا لكلمة ألقاها وزير الخارجية الاميركي الاسبق “هنري كيسنجر خلال ندوة في موسكو، والتي اعتبر فيها ان العلاقات الاميركية الروسية ربما وصلت الى ادنى مستواياتها منذ ما قبل نهاية الحرب الباردة.

ورأى كيسنجر ان المشكلة الاساس في العلاقات الروسية الاميركية تتمثل بوجود “فجوة في المفهوم التاريخي”. وشرح بانه وبالنسبة للولايات المتحدة فقد اثبتت نهاية الحرب الباردة صواب الثقة الاميركية التقليدية “بالثورة الديمقراطية الحتمية”، حيث قدمت صورة لتوسع النظام الدولي الذي تحكمه القواعد القانونية. غير انه اضاف ان التجربة التاريخية الروسية هي اكثر تعقيداً، اذ ان روسيا تعرضت لغزوات الجيوش الاجنبية على مدى قرون، ما يعني ان مسألة الامن يجب ان تستند على اساس جيوسياسي، اضافة الى الاساس القانوني. كما اضاف ان نهاية الحرب الباردة وانتقال “الحدود الامنية” شرقاً باتجاه موسكو، يعني بالتأكيد ان نظرة روسيا تجاه النظام العالمي ستتضمن “مكونا استراتيجيا حتميا”. وعليه قال ان التحدي الموجود اليوم يتمثل بالدمج ما بين النظرتين القانونية والجيوسياسية  كي تشكلا سوية “مفهوما  متماسكا”.

واعتبر كيسنجر ان ذلك يشكل مشكلة فلسفية، حيث تساءل:”كيف يمكن ان تعمل الولايات المتحدة مع روسيا، التي لا تتشارك معها في جميع قيمها (القيم الاميركية) لكنها بالوقت نفسه مكون اساسي في النظام الدولي”.

كما تحدث كيسنجر عن تغيير انواع التهديدات، اذ ان تهديدات اليوم ناتجة عن تفتت سلطة الدولة وزيادة عدد المناطق غير الخاضعة للحكم. واعتبر انه ليس بمقدور اية دولة ومهما بلغت قوتها، ان تتعامل بمفردها مع انتشار فراغ السلطة، مشدداً على ان ذلك يتطلب تعاونا مستمرا بين الولايات المتحدة وروسيا وغيرهما من القوى الكبرى. وعليه اكد على ضرورة وضع قيود على التنافس داخل “نظام ما بين الدول”.

وشدد كيسنجر ايضاً على ان العالم تغير بشكل “دراماتيكي” منذ الستينيات والسبعينيات،حيث سادت علاقات الخصومة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي. وقال انه وفي اطار “النظام المتعدد الاقطاب الناشىء” يجب النظر الى روسيا على انها مكون اساس لاي توازن عالمي جديد، وليس على انها بالدرجة الاولى تهديد للولايات المتحدة.

سياسة اردوغان تجر بلاده نحو الهاوية

بدوره، كتب الباحث “Henri Barkey” مقالة نشرت بتاريخ الرابع من شباط/ فبراير في مجلة “Foreign Policy” حملت عنوان “سياسة اردوغان الخارجية في حالة خراب”، اعتبر فيها ان هذه السياسة وقعت ضحية لتحول الاحداث في الربيع العربي وخاصة سوريا، اضافة إلى “الغطرسة والحسابات الخاطئة في السياسة الداخلية والخارجية”. واشار الكاتب الى انه وباستثناء حكومة اقليم كردستان في شمال العراق، فقد توترت العلاقات التركية مع جميع الدول المجاورة تقريباً، وذلك علاوة على تعزيز حدة التوتر مع كل من الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وروسيا.

واعتبر الكاتب ان نجاح الاسد بالبقاء في السلطة دفع باردوغان الى اتباع سياسة احادية، مضيفاً ان “الانقسامات العميقة” بدأت تظهر مع الولايات المتحدة عندما اعرب اردوغان عن خيبة امله من عدم استعداد اوباما التدخل في سوريا.

كما اضاف الكاتب ان انقلاب اردوغان ضد الاسد شكل بداية “سياسة سنية طائفية” اصبحت اكثر وضوحاً مع بقاء النظام في سوريا. وقال ان السياسة التركية بتشجيع المقاتلين الاجانب على عبور الحدود الى شمال سوريا قد ساهمت بجعل المعارضة راديكالية و خلقت توترات مع الولايات المتحدة واوروبا. ولفت الى ان الحكومة التركية كانت تدرك بان العديد من هؤلاء المقاتلين الاجانب سينضمون الى “الميليشيات الجهادية” مثل جبهة النصرة، الا انها سمحت لهم بعبور الحدود لان ما يسمى “بالمتمردين المعتدلين” اثبتوا فشلهم بالاطاحة بالنظام السوري. ورأى ان حسابات انقرة كانت تقوم على اساس ان “المقاتلين الجهاديين” هم اكثر استعداداً للموت من اجل القضية، وبالتالي يستطيعون انجاز مهمة الاطاحة بالنظام السورية. وقال الكاتب ان من نتائج سياسة ادخال المقاتلين الاجانب عبر الحدود صعود وتقوية تنظيم داعش.

وعلى صعيد المسألة الكردية اشار الكاتب الى ان الولايات المتحدة انشأت تحالفًا مع اكراد سوريا (وحدات حماية الشعب)، موضحاً ان واشنطن قد بينت انها تميز ما بين حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديمقراطي (والذي وحدات حماية الشعب هي جزء منه). واعتبر ان هذا التحالف جاء على حساب الحكومة التركية.

الكاتب رأى ان اردوغان لم يتخلَّ بعد عن حلمه ببناء النفوذ التركي في المنطقة، مشيراً الى اعلان انقرة بناء قاعدة بحرية جديدة في قطر وانشاء مراكز تدريب في الصومال.كما لفت الى تحسن علاقات تركيا مؤخراً مع “إسرائيل”، مشيراً الى ان التقارب التركي الاسرائيلي يفتح المجال لبناء انابيب نقل الغاز من الحقول الواقعة في شرق المتوسط الى تركيا عبر قبرص.

واعتبر الكاتب ان اردوغان يواجه ثلاثة تحديات مترابطة، فيسعى الى تعديل دستوري يسمح له بحصر السلطات التنفيذية بموقع الرئاسة، ويواجه كذلك نزاعًا متصاعدًا مع الاكراد يهدد بانفصالهم التام عن الدولة التركية،كما ان تدهور الوضع في سوريا سيؤدي ليس فقط الى تفاقم النزاع الكردي، بل ايضاً الى اضعاف العلاقات مع الولايات المتحدة بينما تعزز الاخيرة علاقاتها مع السوريين الاكراد.

كما حذر الكاتب من ان النظام الرئاسي الذي يسعى اليه اردوغان يحمل معه ثمن المزيد من الانقسامات داخل المجتمع التركي وكذلك المزيد الانقسامات بين تركيا و”حلفائها التقليديين”. واعتبر ان اردوغان واثقٌ بان مقاربته حيال الاكراد تحقق النجاح ويعول على انقلاب البعض في المجتمع الكردي على حزب العمال الكردستاني.كما رأى انه وعلى ضوء التغيرات الدولية، وخاصة في العراق و سوريا، فان الانتصار العسكري ضد الاكراد قد يكلف ثمناً باهظاً.

وتحدث الكاتب ايضاً عن خلاف واضح في الاولويات بين تركيا من جهة والولايات المتحدة واوروبا من جهة، حيال الوضع في سوريا، اذ اعتبر ان “شركاء تركيا الغربيين” يرون في هزيمة داعش الاولوية القصوى بينما ترى انقرة ان اولويتها تكمن بالاطاحة بنظام الاسد و منع انشاء منطقة حكم ذاتي كردية في سوريا. وحذر من ان استمرار التوتر مع الاكراد في الداخل التركي سيعزز الخلافات اكثر فاكثر بين تركيا والغرب.

هذا ورأى الكاتب ان السياسة الخارجية التركية لم تعد تتعلق بتركيا وانما باردوغان، معتبراً ان الاخير انطلق على مسار “غير ليبرالي” في الداخل.

اميركا تدعم القاعدة في سوريا

كتبت “Christina Lin”، التي شغلت سابقاً منصب مديرة الشؤون الصينية في وزارة الحرب الاميركية ولديها مؤلفات عن الصين، مقالة نشرت على موقع “Asia Times” اشارت فيها الى وجود اصوات متزايدة تطالب بإجراء نقاش داخلي اميركي حول البرنامج الذي تديره وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية “الـ CIA ” “لدعم الجماعات التابعة للقاعدة في سوريا”. ولفتت الكاتبة الى ان عضو مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي “Tulsi Gabbard” تقود عددًا من النواب الاميركيين المؤيدين لمشروع قرار رقم 4108 الهادف الى وقف قيام “الـ CIA” بالتسليح و التمويل غير القانوني” للجماعات “التابعة للقاعدة في سوريا”.

وتحدثت الكاتبة عن تقرير مشترك جديد صدر عن معهد دراسات الحرب ومؤسسة “American Enterprise” يحذر من ان جبهة النصرة التابعة للقاعدة في سوريا تشكل تهديدًا وجوديًا اكبر للولايات المتحدة وأوروبا من داعش. واضافت ان هذا التقرير انتقد تركيز السياسة الاميركية على داعش فقط وتجاهل التهديدات التي تشكلها جماعات اخرى تابعة للقاعدة وغيرها. واشارت الى ان التقرير قد حذر من ان “اية استراتيجية تترك جبهة النصرة في مكانها ستفشل في حماية الداخل الاميركي”.

كذلك قالت الكاتبة ان التقرير المذكور يحذر من ان النصرة انشأت شبكة واسعة من الشراكة مع جماعات معارضة داخل سوريا اصبحت تعتمد على النصرة او تدين لها بالولاء،كما قالت ان النصرة تستفيد من هذه الجماعات من اجل الحصول على المال والسلاح الاميركي.

ورأت الكاتبة ان تقوية الجماعات التي تقودها القاعدة في سوريا من اجل محاربة الجيش السوري وفي الوقت نفسه السماح بتوسع داعش قد ادى الى امتداده والقاعدة الى آسيا.

كما لفتت الكاتبة الى ان هذه ليست المرة الاولى التي يتوجه فيها “الجهاديون المدعومون اميركياً” الى آسيا، اذ قاموا بذلك خلال الثمانيات عندما دعمت الولايات المتحدة والسعودية “الجهاديين” في افغانستان، وان هذه المشلكة تفاقمت مع انتشار المدارس الوهابية السعودية في القارة الآسيوية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.