القاتل التركي في قبضة موسكو

marwan-soudah-russia-turkey

موقع إنباء الإخباري ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:

وأخيراً، نجحت القوات المُشتركة الروسية – السورية في إلقاء القبض على المجرم التركي الب ارسلان تشيليك، الذي قتل برشاشه الثقيل الطيارالحربي الروسي، خلال هبوطة بالمظلة على الأراضي السورية المُحتلة.

وكانت قناة “سي إن إن” الناطقة باللغة التركية، قد بثت شريطاً لقائد المجموعة المسلحة التي أطلقت النار على طيارين إثنين للقاذفة الروسية “سو-24” التي أسقطتها مقاتلات تركية في الأجواء السورية أثناء هبوطهما بالمظلة، وقائد المجموعة الارهابية كما اعترفت القناة هو التركي “ألب أرسلان جيليك”، أحد أعضاء منظمة “الذئاب الرمادية” المتطرفة، و.. نجل عُمدة سابق لإحدى المدن التركية.

ولتأكيد إرتباط هذه المنظمة الارهابية بالسلطات التركية الرسمية، كشفت وسائل الإعلام التركية عن ان رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو، قام في سبتمبر الماضي، بزيارة قبر ألب أرسلان توركيش، مؤسس منظمة “الذئاب الرمادية” وحزب الحركة القومية في العاصمة أنقرة!، وبذلك أكدت انقرة رسمياً، وبما لا يدع مجالاً للشك، بأنها تتحمل المسؤولية عن أفعال هذه المنظمة في كل مجال، وفي كل بلد، وبأن المنظمة ليست سوى ذراع شرق أوسطية وعالمية ضاربة للسلطات التركية.

الموسوعة الدولية “ويكيبيديا” تُشير الى ان منظمة الذئاب الرمادية تسمى أيضاً بمنظمة الشباب المثالي، “وهي منظمة تركية يمينية متطرفة، تُعتبر الذراع المسلح غير الرسمي لحزب الحركة القومية، وتعارض أي تسوية سياسية مع الأكراد“.

 

وتؤكد مراجع مختلفة، أن الذئاب الرمادية منظمة تركية معروفة بتطرفها القومي، تأسست في نهاية ستينيات القرن الماضي، بمبادرة من ألب أرسلان توركيش، وبرعاية حزب الحركة القومية. وقد قامت بعمليات عنيفة ودموية في السبعينيات، وعدّت لفترة من الوقت إرهابية.

وفي توظيف انقرة منظمة الذئاب الرمادية في عمليات خارج أراضيها، أظهرت صورة نشرت في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، مشاركة أعضاء من هذه المنظمة التركية المتطرفة في حصار فرضته على شبه جزيرة القرم من الجانب الأوكراني.  ويبدو في الصورة 3 رجال يرسمون بأصابعهم إشارة “الذئاب الرمادية”، بينهم مُنظّم الحصار ضد شبه جزيرة القرم لينور إسلاموف، الذي وضع تعليقاً على الصورة يقول: “شركاؤنا الأتراك من منظمة الذئاب الرمادية يشاركوننا في حصارنا. حلقة الحصار تضيق”.

الطيار الحربي الروسي قُـتل بصورة بشعة جداً تنم عن همجية واضحة ولا مثيل لها، وتجرّد من الانسانية والأخلاق، وفي تضاد كامل مع قوانين الحرب واللوائح الدولية لحماية الأسرى. وقد نشر المجرمون التركمان وحُماتهم الاتراك فيديو يُظهرُ بجلاء كيفية قتلهم الطيار الروسي بينما كان يهبط بمظلته على الاراضي السورية المحتلة داعشياً وتركياً، بعد إصابة طائرته، فلم يخفِ القاتل جريمته، وتظاهرعلانية وبوقاحة أمام كاميرات التلفزيون، بينما أشاد زملاؤه بإصطيادهم الطيار الروسي، وتحدثوا عن عملية القتل كما لو كانت اصطياد عصفور، وليس إنساناً لم يَعد حاملاً للسلاح للدفاع عن نفسه، في مواجهة جيش مدجج بوسائل القتل ومُجيش بالحِقدِ.

في الجيب السوري المُحتل تركياً شمالي اللاذقية، تتواجد للآن عناصر عسكرية تركية، والى جانبها مجموعات إرهابية موالية لإحدى الجماعات السياسية الدينية الدولية المتطرفة الموالية لأنقرة، وغالبية المقاتلين في الجيب الشمالي الغربي بالأراضي السورية هم من التركمان وتنظيمات أجنبية مُستوردة تركياً عَبر الحدود الدولية، توصف عادة في وسائل الإعلام المولية لتركيا والغرب بأنها “معارضة سورية”!!!

ومن بين وسائل الإعلام التي كشفت عن العملية العسكرية رفيعة المستوى التي أفضت الى إلقاء القبض على المجرم التركي، وكالة أنباء “فارس” الايرانية، والمواقع الإخبارية الروسية على الانترنت. وقد كان لنجاح العملية العسكرية السورية – الروسية ردود أفعال كبيرة وإيجابية، أكدت ضرورة التفعيل المتواصل لنظرية “الدم بالدم” التي باتت تسلكها روسيا بوتين، للنيل مِن كل مَن يقتل مواطنيها وعسكرييها في سوريا، وفي شرقي أوكرانيا، وفي غيرها من أصقاع العالم، وتشي بأن روسيا وحلفاء موسكو لن يتركوا القتلة والمأجورين يَجولون ويصولون في العالم بدون عقاب أو رادع.

المجرم التركي وبحسب الإعلام، يَخضع حالياً لعملية استجواب طويلة، ويرشح أنه يدلي بمعلومات خطيرة، وقد كشف للمُحققين العسكريين عن الكثير من الأسرار والفضائح السياسية والعسكرية، بخاصة طبيعة الوجود التركي العسكري الرسمي في شمال وشمال غرب سوريا، ومخططات تركيا للسيطرة على تلك المناطق، وتعاونها مع العناصر والجماعات المتطرفة على اختلاف مُسمّياتها.

 

المجرم التركي ليس أسير حرب، فهو ليس جندياً في جيش رسمي أو جهاز استخباري عسكري حكومي، لكونه ينتمي لمنظمة إجرامية متطرفة، عمرها عشرات السنين، إسمها “الذئاب الرمادية” تتمتع بعلاقات وثيقة مع السلطات التركية. ونشطت المنظمة وما تزال تنشط في العديد من الدول وترتكب الجرائم، ومنها محاولة إغتيال البابا يوحنا بولص الثاني، في عام1981، فقد حاولت المنظمة قتل البابا على يد أحد أعضائها، وإسمه “محمد علي أقجا”، لكن بابا الفاتيكان صفح عنه بعد ان التقاه في سجنه، وأسقط حقه الشخصي عنه، ودعاه لتغيير نمط حياته الإجرامي، والبدء بسلوك مسلك سلمي.

وبحسب “موقع لكل المصريين” على الانترنت، فإن الذئاب الرمادية ارتكبت حماقات إرهابية منها:

ـ دخلت منظمة “الذئاب الرمادية” التركية قفص الاتهام المخصص للجماعات الإرهابية، حيث يُشتبه في تورطها بحادث إسقاط الطائرة الروسية “إيرباص321” فوق شبه جزيرة سيناء، يوم 31 تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، والذي أسفر عن مقتل كافة ركاب الطائرة والبالغ عددهم 224 راكبًا.
ـ أعلنت دائرة الأمن الفيديرالي الروسي أن “الذئاب الرمادية”، المرتبطة بتنظيم “داعش” الإرهابي، شاركت في إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء في 31 اكتوبر العام الماضي، ما أسفر عن مقتل جميع ركابها البالغ عددهم 224 راكبًا.
ـ كشفت صحيفة “كوميرسانت” الروسية عن أن إدارة الأمن الفيدرالي الروسي تعتقد أن منظمة قومية تركية متطرفة مرتبطة بداعش قد تكون وراء انفجار الطائرة الروسية.
ـ الذئاب الرمادية ارتكبت مذبحة عام 1978 بجامعة “إسطنبول”، وأعدمت 14 طالباً يساريًا داخل الجامعة.
ـ الذئاب الرمادية هي جماعة تعارض أي تسوية مع الأكراد.

ـ  شاركت الذئاب الرمادية في العمليات القتالية في جمهورية “الشيشان” جنوب روسيا، بالإضافة إلى تنظيم نقل الأسلحة لداخل المنطقة.
ـ  نُسبت إلى الذئاب الرمادية عمليات اغتيال، إذ نفذت المنظمة 694 جريمة قتل للوسطاء ما بين سنوات 1974 و1980.
ـ   ارتكبت الذئاب الرمادية جرائم اغتيال ضد المثقفين اليساريين والأكاديميين، منهم من تولوا منصب النائب العام، وتعذيب العديد من أنصار اليساريين والمتعاطفين وقتلهم.
*كاتب وصحفي وناشط سياسي مختص بالقضايا الروسية والصينية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.