القصير.. دلالات النصر

Qusayr-syrian-army2

وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل

أثار الإنجاز الميداني الذي حققه الجيش العربي السوري بتحرير القصير في ريف حمص كثيرا من ردود الفعل و التداعيات السياسية و الإعلامية و ظهرت ملامح الهستيريا على عصابات الإرهاب التكفيري في سوريا و لبنان وتزلزلت الواجهات السورية للعدوان الغربي التركي الخليجي بينما اجتاح الذعر من عمق التحولات القادمة مراكز القرار في عواصم الناتو دفعة واحدة .

أولا  يتبين لمن راقب مسار التحول الميداني ووقائع ما بعد سقوط مواقع العصابات في القصير ان حسم المعركة و انهيار الجماعات الإرهابية لم يكن ناتجا عن نقص في الذخائر و الأسلحة النوعية المكدسة التي أظهرتها الكاميرات فكذبت ما حاول حلف العدوان ان يدعيه لتبرير هزيمته فما كشف من مستودعات ضخمة و من تحصينات و انفاق مجهزة جرى العمل عليها و من داخلها طيلة اكثر من سنة و نصف ليس قليلا في حسابات القدرة على الثبات و القتال وبدا واضحا ان عقدة القصير تحولت لحصن حقيقي وقع فيه انهيار كبير و شامل داخل صفوف العصابات الإرهابية التي فقدت حاضنها الشعبي وتضعضع حاضنها الخارجي مع اهتزازحكم العدالة و التنمية في تركيا واضطرار الولايات المتحدة لقبول بيان موسكو و الرضوخ لمبدأ الحوار بين الدولة السورية و المعارضة و التخلي بالتالي عن شعارات التنحي التي داعبت خيالات المخططين و المرتزقة التابعين وكان واضحا ان كل الصراخ و العويل الذي صدر من القصير ومن خارجها لطلب تدخل الناتو وحكومات العدوان في المنطقة و لطلب نجدة الجماعات اللبنانية المتورطة في العدوان على سوريا لن يؤت شيئا ،خصوصا بعد تثبيت الرئيس بشار الأسد و السيد حسن نصرالله لمعادلات الردع الجديدة التي غلت يد إسرائيل و شلت قدرتها على التدخل و لذلك صب قادة الجماعات التي صمدت في القصير غضبهم على تيار المستقبل و الشيخين القرضاوي و الأسير و حكام قطر والسعودية وتركيا ومصر وتونس الذين تخلوا عنهم كما جاء في الخطب الأخيرة لشيوخ و قادة ظلوا في القصير حتى اللحظة الأخيرة للانهيار وهي متداولة على اليوتيوب ومواقع التواصل.

ثانيا  ركزت بعض التعليقات و المواقف على دور المقاومة اللبنانية في حسم معركة القصير وانطوى الخطاب السياسي للمعارضات المرتبطة بالأجنبي على محاولة يائسة لترميم المعنويات المنهارة بعد الهزيمة و لرفع منسوب التحريض الطائفي في التعامل مع مسار الأحداث و الحقيقة هي ان المقاومة تاخرت في الانخراط بمعركة الدفاع عن ظهرها و سندها و هي لمست حجم الانخراط الإسرائيلي المباشر و تعرف الكثير عن دور حلف الناتو و جميع الحكومات العميلة و تلك المعارضات السورية التي تغطي دور خليط عالمي إرهابي على الأرض بتسمية الثوار المزعومة و التي تجاهر بطلب غزو جيوش الناتو و أساطيله لبلادها هي المسؤولة اولا و أخيرا عن تدخل شركاء محور المقاومة بعد تمادي التدخلات الأجنبية طيلة أكثر من عامين و إثر سد أبواب الحل السياسي و الحوار و يعرف جماعة الائتلاف قبل سواهم و معهم قادة تنظيم الأخوان المسلمين ما بذله حزب الله من الجهود و المساعي طيلة عامين لإقناعهم بالحوار الذي رفضوه تلبية لأوامر اميركية و لرهانهم على غزو الناتو لسوريا او بناء على ترقبهم لمبادرة إسرائيل إلى اجتياح سوريا بفضل ما فعلوه و هم يعرفون ما قدمه لهم حزب الله من الضمانات لكنهم كانوا مصممين على المزيد من التورط في السكة الأميركية الإسرائيلية بهدي من مرجعيهم العزيزين أردوغان و حمد و هم يعلمون ان حزب الله يتحرك بحافز وطني تحرري و يدركون ان كتلة رئيسية و حاسمة من السنة العرب في بلاد الشام تقف مع الدولة السورية و جيشها و تساند حزب الله كحركة مقاومة ضد إسرائيل و هذا ما يمثل مع موقف المسيحية المشرقية عامودا فقريا لمنظومة المقاومة السورية اللبنانية.

ثالثا  سأل كثيرون حول ما بعد القصير و من الواضح ان ما بعدها انهيارات متجددة في صفوف العصابات و تقدم متواصل لقوات الجيش العربي السوري و مزيد من الشراكة و التلاحم بين سوريا العربية و حلفائها المقاومين و اختلال متصاعد في المعادلات الدولية و الإقليمية لصالح سوريا و شعبها و جيشها .

لن تأتي التحولات على نسق اوتوماتيكي كما يرى البعض فلكل هدف وقته الضروري و بقدر ما هي الحرب عالمية الطابع و تترتب على نتائجها تحولات كونية و إقليمية نوعية فإن حسم الأمور بصورة شاملة يقتضي المزيد من الوقت و التضحيات و الأكيد ان انتصارات الدولة السورية خلال الأسابيع و الأشهر القادمة على العدوان الاستعماري و أداته عصابات التكفير الإرهابي ستعزز قدرة دول الشرق على محاصرة هذا الخطر و التخلص منه في السنوات المقبلة و سيكون للإنجاز السوري تأثيره العميق في فرض توازنات عالمية جديدة و إنهاض محور المقاومة الذي ارادت إسرائيل بكل قواها ان تسدد له ضربة قاتلة عبر خطة تدمير سوريا بالتحالف مع حكومات الخليج و تركيا و الناتو .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.