المارشال الأعلى كيم إيل سونغ.. إسم عِملاق وخالد

yelina-nedogina-korea-kimilsong

موقع إنباء الإخباري ـ
يلينا نيدوغينا*:

 

في حياته الحافلة بالمآثر، كان الرئيس كيم إيل سونغ (1912-1994)، باني كوريا الاشتراكية ومؤسـس الجيش الشعبي الكوري، إستراتيجياً عسكرياً عظيماً، وقائداً لامعاً، وفولاذي الإرادة ومُظفّراً دائماً، غلب الامبرياليتين القويتين خلال حياته وقهر إرادتهما.

بطل اسطوري

خلال فترة إحتلال الامبرياليين اليابانيين العسكري لكوريا (1905-1945)، قاد الرئيس كيم إيل سونغ النضال المسلح المناهض لليابان طوال15 عاماً، وحرّر البلاد من سيطرتهم.

 

وبعد أن غادر مسقط رأسه مانكيونغداي، عزم كيم إيل سونغ أن لا يعود إلى كوريا قبل تحقيق استقلالها الناجز. وحين كان يافعاً، أعلن حرباً شاملة على الامبريالية اليابانية، وبث قشعريرة في أوصال قوات كوانتونغ اليابانية وكان عديدها مليون جندي، وذلك بتوظيفه أساليب حرب العصابات المَرنة والحاذقة، بفطنته وتكتيكاته العسكرية الفريدة في ظروف عدم وجود جيش نظامي، ودون دعم مندولةٍ تشكّل عمقاً وبعداً له.

 

كانت الطرق والتكتيكات الحربية التي أبدعها الرئيس في فترة النضال المسلح المناهض لليابان فريدة وأصيلة، لا مثيل لها في أيٍّ من النظريات العسكرية السابقة، ومناهج العسكرية الجاهزة. ومن هذه كانت على سبيل المثال لا الحصر، “عمليات إرباك مؤخرة العدو”؛ و “تكتيك إطلاق الصوت في الشرق”؛ و “الهجوم في الغرب”، و “تكتيك اقتتال الأعداء”؛ وت “ركيز القوات وتشتيتها”؛ و “الهجوم المركّز بوحدة كبيرة” و “الاقتحام المباغت بوحدة صغيرة”؛ و “التنقل السريع”؛ و “أسلوب الاستدراج ونصب الكمائن”؛ و “أسلوب الدوران” وغيرها…

 

وبهذه الاساليب والتكتيكات المتنوعة لم يكن الامبرياليين اليابانيين يستطيعوا تفادي الهزائم في المعارك مع  جيش حرب العصابات، الذي كانوا يدّعون بأنه “قطرة في محيط”، لكنهم اكتشفوا فوراًعقم تصوراتهم، فأطلق رجال الجيش والشرطة اليابانيون صرخات الحسرة و الأسى، واعترفوا ان القائد “كيم إيل سونغ يمارس فن تقصير المسافات”؛ و”يستخدم جيش حرب العصابات (الاساليب الحربية) التي لا وجود لها في أي من الكتب العسكرية”.

 

نابغة في الشؤون العسكرية

قهر الرئيس كيم إيل سونغ في الحرب الكورية (حزيران 1950- تموز 1953) الامبريالية الامريكية التي كانت تتبجح بانها “الأقوى” في العالم. كانت الحرب الكورية أقسى حرب شهدتها البشرية بعد ختام الحرب العالمية الثانية، إذ كانت بمثابة صراع سياسي وفكري بين الاشتراكية والرأسمالية، وفي الوقت ذاته كانت اختباراً لفن القيادة لدى قادة عسكريين.

 

وقبل إشعال نيران الحرب الكورية، ضمنت الولايات المتحدة الامريكية تفوّقاً مُطلقاً على القوات المسلحة للجيش الشعبي الكوري، فجلبت الاعتدة العسكرية والتقنية الضخمة، وتبجحت بأن الحرب المقبلة التي سوف تشنّها هي حرب “الأهبّة المتكاملة قبل بدئها”؛ و”ان الحرب ستنتهي بعد أيام”، فدفع ذلك أعداداً كبيرة من الشعوب للتعبير عن قلقها على مصير جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية الفتية أنذاك.

 

إذا عدنا بذاكرتنا الى تاريخ الحروب في العالم، نرى انه كان من المعتاد ان يتراجع الطرف الذي يتعرض لهجوم مباغت من العدو، ولو بصورةٍ مؤقتةٍ، وذلك لتسوية شؤون الجبهة، وللتحضير لشن هجوم معاكس. لكن الرئيس كيم إيل سونغ حرص على سحق الهجوم المعادي المباغت الذي بدأ في فحر يوم 25 (يوم الاحد) حزيران عام 1950 بضربة واحدة بهجوم معاكس شامل وفوري، بحيث انتقلت وحدات الجيش الشعبي الكوري الى الهجوم المعاكس بعد عدة ساعات فقط منذ نشوب الحرب وبعد صد الهجوم المعادي، وتقدّمت الى الجنوب بسرعة البرق، خلال شهرين فقط، وحرّرت أكثر من90 بالمئة من مساحة أراضي كوريا الجنوبية، وأكثر من92 بالمئة من سكانها.

 

وحين سعت الولايات المتحدة الامريكية الى “حصار” الجيش الشعبي الكوري و”إبادته!”، من خلال زج قوات 15بلداً يدور في فلكها، أمر الرئيس بالتراجع الاستراتيجي المؤقت، واستطاع معالجة الوضع الخطير في حينه وعلى جناح السرعة، كما انه حوّل مجال الحرب لصالح جيشه 1/بتشديد المعارك؛ 2/ وضرب العدو من وراء خطوطه؛ و3/ البدء بالهجوم المعاكس الجديد، فأفضى ذلك الى: 1/سحق هجوم الاعداء؛ 2/ وإبادة وإضعاف قواتهم بلا توقف، بممارسة مختلف الاساليب الحربية، بما فيها (حرب الأنفاق) التي تتلاءم مع الظروف الطبوغرافية في كوريا التي تكثر فيها الجبال؛ و3/ تنشيط حركات القناصة و “زُمر” قنص الطائرات والدبابات؛ و4/ وتفعيل نشاطات “زُمر” الاقتحام.

 

وفي نتائج الحذاقة العسكرية للرئيس كيم إيل سونغ، أسقط أفراد الجيش الشعبي الكوري أكثر من1200 طائرة معادية، في عام 1952 وحده، بنشاطات “زُمر” قنص الطائرات. وبما ان الرئيس كان يمسك دائماُ بزمام المبادرة، ويوظف بسرعة أساليب عسكرية فريدة ومتغيرة ومرنة، ويخوض العمليات الجريئة والذكية، اضطرت الولايات المتحدة الامريكية للركوع على ركبتيها امام الشعب الكوري، برغم ان امريكا كانت دولة أمبريالية تملك قوات ضخمة وعدداً هائلا من الاعتدة الحربية.

 

قال غوميس الرئيس البرتغالي الاسبق الذي شارك في الحرب الكورية ما يلي:

“كانت خطة العمليات الامريكية خُلاصة مناقشات متكررة لعشرات الجنرالات البرجوازيين من رؤساء هيئات الاركان الغربية التي تحالفت مع أمريكا، وغيرهم من خبراء الحرب. إلا ان القائد كيم إيل سونغ حطمها بيديه وبعقله الاستراتيجي النيّر. لقد رأى كثيرون تحطيم الاسطورة العسكرية الامريكية بأعينهم، وأدركوا حقيقة “أن القائد كيم إيل سونغ إستراتيجي عسكري لامع، وقائد عظيم حقاً، لا نظير له في هذه الدنيا”، وهو ما صرّحوا به بألسنتهم.

 

وتأكيداً على ذلك، اعترف كلارك، القائد العام لقوات الامم المتحدة، والذي وقّع في يوم 27 تموز عام 1953، على اتفاقية الهدنة الكورية، – وهي في واقعها وثيقة لا تختلف بشيئ عن وثيقة استسلام الولايات المتحدة الامريكية لكوريا الديمقراطية – .. اعترف بألم وحشرجة قائلاً: “أن الفضل في نجاح الجيش الكوري الشمالي يعود الى قيادة القائد كيم إيل سونغ الماهرة”.

 

القائد اللامع فولاذي الإرادة

بعد انتهاء الحرب أيضاً، إضطرت كوريا الديمقراطية إلى مواصلة خوض حرب المواجهة الحادة لتحجيم قدرات الولايات المتحدة الامريكية وعدوانها. إذ ان امريكا ركّزت رأس رمح عدوانها على آسيا، وجلبت الى كوريا الجنوبية قواتها العدوانية الضخمة واسلحة الدمار الشامل، مثل الاسلحة النووية، ولم تنفك عن شن عمليات الاستطلاعات والاستفزازات العسكرية والمناورات الحربية ضد جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.

 

ولمواجهة هذا الوضع المتفاقم يوماً في إثر يوم جرّاء مؤامرات الامبرياليين الامريكيين لإشعال نيران حرب جديدة، طرح الرئيس كيم إيل سونغ الخط الخاص بتطوير البناء الاقتصادي، والبناء الدفاعي، بشكل متوازٍ في مطلع الستينيات من القرن الماضي، وعزّز القدرة الدفاعية للبلاد بكل السُبل المتاحة. كما انه طرح الخط العسكري للدفاع الذاتي، إلا وهو تحويل الجيش كله الى جيش من الكوادر، وتحديث الجيش بأجمعه، وتسليح الشعب برمته، وتحصين البلاد بأسرها، حتى عزّز وطوّر الجيش الشعبي الكوري ليغدو قوات مسلحة يعادل كل فرد منها مئة من الاعداء، وحوّل البلاد كلها لحصن منيع صلد.

 

ونتيجة لذلك، لم تتوقف إخفاقات أمريكا عسكرياً واحدة بعد أخرى. وأبرز مِثال على ذلك هو، حادثة سفينة “بويبلو”، التي وقعت في كانون الثاني عام 1968، حين أُسرت سفينة التجسس المسلحة الامريكية “بويبلو” بعد توغلها في المياه الاقليمية الكورية، ما أثار ثائرة الامبريالية الامريكية، فضج ضجيجها وعلا صخبها، فأزبدت وتوعدت بـ”الرد العسكري القوي”، و”الانتقام”، لكنها بدت  كسارق متلبس بالجرم المشهود، الذي يرفع يده لضرب الشهود! فبعد حشد قواتها الضخمة، بما فيها حاملة الطائرات في سواحل كوريا، نشأ في كوريا وضع خطير لم يكن لأحد ان يتوقع جراءه متى وفي أية لحظة ستنفجر الحرب هناك.

 

لكن الرئيس كيم إيل سونغ أعلن في هذا الوقت الحرج، أنه سيرد على (“الانتقام” بالانتقام”)، و “الحرب الشاملة بالحرب الشاملة”. فأحجمت الولايات المتحدة الامريكية، أمام جرأته الفريدة وإرادته الفولاذية، عن أية هجمات جديدة، واضطرت للتوقيع على وثيقة تعتذر فيها مطأطئة الرأس عن أفعال سفينتها التجسسية المعادية، وتعهدت في المستقبل بعدم توغّل أية سفينة اخرى تابعة لها في المياه الاقليمية لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية. فقد كانت هذه أول وثيقة اعتذار، وقعت عليها الولايات المتحدة الامريكية منذ تأسيسها!

 

حقا، لقد كان الرئيس كيم إيل سونغ بطلاً أُسطورياً، ونابغة عسكرياً، وقائداً لامعاً وفولاذي الإرادة، إذ أبدع أفكاراً عسكرية بارزة، واجترح خططاً إستراتيجية وتكتيكية فريدة، واكتسب تجارب متنوعة في غمار النضال الطويل والشاق من أجل تحرير كوريا، والدفاع عن سيادة البلاد، فحقق المآثر العسكرية الفريدة في تاريخ العالم.

في نيسان عام 1992، مُنح للرئيس كيم إيل سونغ لقب المارشال الأعلى لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية.

كوريا تواصل قضية الاشتراكية

يقف اليوم القائد الأعلى كيم جونغ وون في طليعة منجزي قضية الاشتراكية التي يجترحها الشعب الكوي. وبالتأكيد، فإن أعظم قضية هي دعم أفكار الرئيس كيم ايل سونغ والقائد كيم جونغ ايل وقضيتهما العظيمة.

 

لذلك، أعلن القائد الأعلى كيم جونغ وون أنه لن يتنازل أبداً عن هذا السبيل، ولن يخطو فيه خطوة واحدة الى الوراء، ولن يَحيد عنه قيد أُنملة.

 

سيواصل الشعب الكوري تحت قيادة القائد الأعلى كيم جونغ وون قضية الاشتراكية حتى النهاية،  ويواصل السير بها من نصر الى نصر، ومن جيل الى جيل، كذلك دعم ومساندة الاماني العربية التحررية والاستقلالية، والثبات على قضية تحرير كل فلسطين من احتلال الصهيونية العالمية، ورفض إقامة أية علاقات مع الدويلة الصهيونية القائمة على أرض فلسطين والجاثمة على صدور العرب أصحابها الشرعيين.

 

*كاتبة وقيادية في المجلس الاردني والعربي للتضامن مع الشعب الكوري

ومُناصرة توحيد شطري كوريا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.