المقاومة ما بعد 2014: السعي إلى الأفضل

صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
بيان عبد الواحد:

برغم توقيع اتفاق تهدئة في السادس والعشرين من آب 2014، فإن رجال المقاومة في قطاع غزة لم يتركوا حدوده من دون عين ساهرة تراقب ليلاً ونهاراً أي لحظة غادرة من العدو الإسرائيلي. ذلك الحذر المتزايد يأتي وفق إفادة مقاتلين في إطار ترميم المقاومة قدراتها، منذ اليوم الأول لانتهاء الحرب حتى إتمام العام عليها، خاصة أن 51 يوماً من المواجهات التي تخللها نحو 10 أيام من هدن متقطعة، كانت كفيلة باستنزاف جزء كبير من الأسلحة والذخائر، في ظل استمرار حصار قطاع غزة براً وبحراً قبل الحرب وبعدها.

عدا الرصد المتواصل والدقيق، يهمس أكبر جناحين عسكريين على الساحة الفلسطينية (كتائب القسام «حركة حماس»، وسرايا القدس «الجهاد الإسلامي»)، أنهما أدخلا تطوراً جديداً على المنظومة الصاروخية التي يمتلكانها، دون أن توضح مصادر في التنظيمين إلى أي حدّ تطور مدى الصواريخ المحلية أو قدرة رؤوسها التفجيرية. ولكن التجارب الصاروخية التي يستمع إليها سكان غزة بين حين وآخر في ساعات متأخرة من الليل، تعكس بما لا يدع مجالاً للشك أن ثمة من يعمل على تطوير النوع والمدى، وهو ما يظهر من قوة اندفاع الصواريخ التجريبية والصوت الذي تخلفه.

ولا شك في أن المقاومة التي كانت تعمل على تذخير صواريخها خلال أيام الحرب، لن تترك الفرصة في ما بعدها، ولا سيما أن هناك تلويحاً بضرورة العودة إلى المواجهة إذا لم تلتزم إسرائيل تطبيق شروط التهدئة المتعلقة بفتح المعابر ورفع الحصار على وجه الخصوص.

في الوقت نفسه، استأنفت المقاومة حفر الأنفاق الأرضية منذ وقت، إذ يسمع السكان ليلاً أصوات المعاول برغم أن معظم المناطق الحدودية لم تتعافَ حتى الآن من مخلفات الحرب. ويشير مصدر عسكري في «كتائب القسام» إلى أن الجهد ينصبّ في إجراء إصلاحات لبعض الأنفاق التي شهدت انهيارات أثناء الحرب الأخيرة، مؤكداً أنهم استطاعوا بالإمكانات المتوافرة أن يعيدوا ترميم وبناء الأنفاق التي تمكنهم من «الإنزال خلف خطوط العدو» في أي مواجهة مقبلة.

والمتابع لسلسلة المناورات والتدريبات العسكرية التي تجريها المقاومة علناً أمام أجهزة المراقبة الإسرائيلية على حدود غزة، ولا سيما ما يعرف بالموقع العسكري «جكر» الواقع أقصى شمال القطاع، يظهر له أن وحدة الدروع والكمائن شهدت تطوراً كبيراً في المرحلة الأخيرة.

كذلك يتحدث مقاومون آخرون عن أن تطويراً كبيراً جرى على وحدتي النخبة (الاقتحام البري) والضفادع البشرية (الاقتحام البحري)، اللتين عرفتا بين الجمهور بعدما نفذتا عمليات مميزة في الحرب، بل أوقعتا خسائر حصراً في صفوف الجنود الإسرائيليين. ويقول المقاومون إن هناك اهتماماً غير مسبوق في تجهيز هاتين النخبتين اللتين يطلب المقاومون في عدة وحدات الانضمام إليهما، ويجري الآن تدريبهما على دهم مواقع عسكرية أكبر من التي جرى استهدافها، كذلك يُعمل على أن يكونوا أكثر دقة وذوي قدرة عالية على التخفي، مع إجادة استخدام أنواع الأسلحة المختلفة ونصب الكمائن.

على هذا الصعيد، يوضح مصدر عسكري مطلع في «سرايا القدس» أنهم قوّموا التجربة الماضية التي كان نشاطهم الصاروخي فيها هو الأبرز، لذا يجري «تطوير قدرات العناصر في الوحدات الثلاث الرئيسية: الهندسة والمدفعية والصاروخية». ولفت المصدر إلى أن ما يجري يمكن وصفه بأنه «سباق تسلح وتدريب يجري في غزة للمراكمة على الخبرات السابقة»، فضلاً عن أن «الدفاع الصاروخي قد بلغ مستوى جيداً من التطوير»، دون أن يفصح عن تفاصيل أخرى تبقى طيّ الكتمان إلى حين أن تكشفها أي معارك مقبلة.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.