المناضل كبوجي.. لديه بواكي ورفاق

 

موقع إنباء الإخباري ـ
الأكاديمي مروان سوداح*

كان رحيل المطران المناضل، المثلث الرحمات إيلاريون كبوجي عن الحياة الارضية، خسارة لكل الشرفاء في العالم ولجميع قوى التحرر وقضايا العدالة في الكون.

لذا، لم يكن غريباً البتة، أن تنعى قوى سياسية واجتماعية كثيرة في العالمين العربي – الاسلامي والاجنبي، الوفاة الجسدية للمطران – القدوة، والإشادة بتاريخه الحافل. فقد تقاطعت كل هذه الجهات واتفقت على تقدير المناضل كبوجي وتاريخه، فأعادت بالتالي الوهج النضالي للقضية الفلسطينية، وعلى أنها قضية يَجتمع حولها مختلف البشر، بغض النظر عن أديانهم وقومياتهم ولغاتهم وألوانهم.. ففلسطين هي منطلق وقاعدة السلام العادل والدائم في هذا العالم.

 

المطران كبوجي كان وسيبقى القاسم المشترك الكبير للكل في عالمينا العربي وغير العربي، وحاله هو حال القواسم النضالية الاخرى المشتركة، التي تعيش في فيافينا العربية والاسلامية والانسانية، والتي تتكاثر في كل يوم بمآثر خالدات، لا تمحى ويَستحيل على كل غاصب ومحتال وانتهازي وفاسد وفاسق وأفّاق سياسي واجتماعي وديني النيل منها أو الالتفاف عليها.

 

خسارتنا لكبوجي توازي خسارتنا للأب الخوري والقائد الفقد إبراهيم عيّاد، ولشهداء حركة لاهوت التحرير، الذي كان أولهم الشهيد رئيس أساقفة السلفادور أوسكار روميرو، الذي اغتيل في عام 1980، وهو يُقيم القداس على الهيكل في الكنيسة ويحمل الانجيل المقدس!

 

واليوم نرى كيف يتقاطر رهط من المدفوعين من طرف الامريكان وسفاراتهم وجيشهم، للإدّعاء بأنهم أبناء ورفاق المطران كبوجي، شهيد الفكرة والنضال، في محاولة مكشوفة لتتفيه نضاله ومواقفه، ومساواتها مع عَمالاتهم وتبعياتهم، ورغبة بتسويد صفحته الناصعة التي علينا ان ندافع عنها، وأن نذود عن إسمه وصورته الواضحة وضوح شمس النهار.

 

وللأسف الشديد، كانت الصدمة في القدّاس الجنائزي عن راحة نفس المطران المرحوم، الذي تم إحياؤه في كنيسة مطرانية الروم الكاثوليك بالعاصمة الاردنية عمّان، ان سفير فلسطين لم يحضر بحسب المعلومات التي وردت إلي، برغم الاتصال بمكتبه ودعوته للحضور، كما ولم يَحضر أي ممثل عنه، كما لم يكن هناك وبحسب المعلومات الراشحة، وجود فلسطيني رسمي أو حركي، ناهيك عن الحضور الشبابي الفلسطيني الذي كنا نأمل بتواجده، لما كان الشهيد يُمّثله بالنسبة لفلسطين وشبيبتها من روح نضالية وجذوة لاستمرارها بوجه الاحتلال..

لكن العزاء الذي نشعر به كان بالحضور المشكور والمتميز لسفير جمهورية إيران الاسلامية لدى الاردن، السيد مجبتي فردوسي بور، وممثل الجمهورية العربية السورية الدكتور أيمن علوش، وبعض الفعاليات الحزبية الاردنية التي تعبّر عن فلسطين.

 

وجود السفير الإيراني في العزاء وفي داخل الكنيسة وبين جدرانها، يَعني الكثير على كل الأصعدة السياسية والعربية والاسلامية والدولتية والعالمية، فقد أكد هذا الحضور أن الحكومة الايرانية تعتبر تحرير فلسطين المحتلة هدفها الاول والرئيسي، كذلك الأمر في دعمها للمناضلين من أجل حريتها واستقلالها. فإيران تقيّم أي شخص وأية جهة وحزب ودولة وهيئة بحسب علاقتها ورأيها بفلسطين. ففلسطين إيرانياً – إسلامياً هي المقياس الحقيقي الاول للوطنية والحرية والتحرر، ولكل المعاني الانسانية على وجه البسيطة. فشكراً للسفير الايراني الأخ بور على حضوره المتميز للقداس الإلهي، وهو حضور لن يُنسى بخاصة في هذا الزمن الصعب، الذي تعاني منطقتنا العربية خلاله من هجمة إرهابية عالمية تشن عليها من أسياد الانتهازيين في واشنطن وتل أبيب وغيرها من العواصم، لتمزيقها وضرب مكوناتها الوطنية والاسلامية والمسيحية الحقيقية.

 

الى جانب ذلك، كانت كلمة الدكتور أيمن علوش التي ألقاها أمام حشد من الحضور في الكنيسة، تعبيراً عن المشاعر الحقيقية والدافقة تجاه الفقيد والقضية التي أفنى حياته وكرّس جهده وحِراكاته ونضاله الديني والسياسي من أجلها، سيّما وبأن القدّاس عن روح الفقيد، الذي أقيم في حلب الشهباء والمحرَّرة بقوى الجيش العربي السوري وحلفاء سورية أيران وروسيا، وغيرهما من القوى المناضلة، كان متميزاً، وإتّسم بأبعاد عميقة وواسعة عمودياً وأفقياً وعلى صعيد العالم كله.

 

ان حضور السفير الايراني للقدّاس، يتوافق مع نهج إيران تجاه مختلف القضايا النضالية، وفي علاقاتها مع الاديان والمذاهب الاخرى ومنها المسيحية.

 

ففي تصريح له، أعرب المتحدث بإسم وزارة الخارجية الايرانية بهرام قاسمي، عن تعازيه لجميع المسيحيين وأحرار العالم برحيل المطران إيلاريون كبوجي، قائلاً بشعوره بحزن عميق “لرحيل كبير الأساقفة السابق لكنيسة الروم الكاثوليك في القدس، وواصفاً إياه بالعَالِم المسيحي الكبير، الذي نذر عمره الشريف في مقارعة الإحتلال والدفاع عن المقاومة المشروعة للشعب الفلسطيني”. كما وأشار قاسمي إلى أن سجن هذا الرجل الكبير في السجن لمدة 14 عاماً من قبل الكيان المحتل للقدس، “دليل على الطبيعة الوحشية لهذا الكيان وممارساته القمعية مع القادة المدافعين عن القضية الفلسطينية، وتحدث عن أمله بأن تنعم روح هذا العِالِم الفقيد بالراحة الأبدية.

 

بدوره، تقدم “المفتي الجعفري الممتاز” في لبنان الشيخ أحمد قبلان، بأصدق مشاعر العزاء إلى للكنيسة المشرقية، وإلى جميع شرفاء العالم وجميع المقاومين الرافضين للطغيان والصامدين في وجه الاحتلال الصهيوني “برحيل مطران القدس للكاثوليك إيلاريون كبوجي”. وقال المفتي قبلان في بيان له، إن “هذا المطران جسّد صوت الحق وضمير الإنسانية في مقارعته للباطل ودفاعه عن كل المظلومين والمضطهدين، وبخاصة في فلسطين المحتلة وما يعانيه شعبها من جور وعدوان صهيوني”. وتابع “كان مِثال المسيحي المؤمن والمجاهد المتقدم في نصرة الحق وإزهاق الباطل له الرحمة ولفلسطين وشعبها الحرية والتحرير”.

ان إسم الفقيد إيلاريون كبوجي لن يخبو، ولن تتمكن جماعة الإفساد السياسي من النيل من إرثه الكفاحي الكبير، وسيبقى إسمه مُنيراً وعلامة لكل المناضلين، من أجل تحقيق النصر المؤزر على كل الأعداء، ومنهم أُولئك المُتسربلين بكل الألوان الفاقعة، والمرتشين بثلاثين من الفضة الزائلة، الذين وعدهم السيد المسيح بجهنم أبدية، فليتّعظوا…

*رئيس لجنة مسيحيون ومسلمون عرب من أجل السلام والعدالة، ورئيس رابطة القلميين مُحبي بوتين وروسيه للاردن والعالم العربي.

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.