اوكرانيا خط تماس جديد.. بين روسيا والولايات المتحدة

ukraine-map

موقع الاستشارية ـ
الدكتور عماد رزق:

من اوكرانيا الى المشرق في حوض المتوسط الى عمق اسيا الوسطى تنتشر ظاهرة الميليشيات المسلحة واكثر من 3 عقود من ازمة تفكك الاتحاد السوفياتي الى ازمة امدادات الطاقة وشرايين حياة اقتصاديات الدول النامية الصناعية الصاعدة.
اوكرانيا هي خط الدفاع الاخير عن الامن القومي الروسي قبل وصول الفوضى الخلاقة الى شوارع موسكو وبطرسبورغ والمدن الروسية فيما تعتبر معارك المتوسط والمشرق خط الدفاع الاخير قبل انتقال التطرف الى اسيا الوسطى والقوقاز والبلقان وربما انتقلت الى جوار موسكو اذا تفاعلت عناصر التظاهر والفوضى ليتداخل معها العامل الديني المتطرف في نفس السيناريو الذي حدث في سوريا وهو ما تخشاه روسيا من ترابط بين الواقع السوري وتصاعد الازمة في اوكرانيا، من هذه الظروف تعتقد روسيا ان ظروف انهيار اوكرانيا الاقتصادي والفشل السياسي كلها كانت عوامل تحفز سقوط مفهوم الدولة في اوكرانيا مما يؤثر على التآخي الاوكراني – الروسي وذلك اذا ما اضيفت له عوامل تاريخية تتعلق بالاوعي الجماعي عند الاوكرانيين وايمان البعض ان روسيا الامبراطورية وروسيا السوفياتية الاخ الاكبر والتي تريد الهيمنة او في المفهوم السياسي يعني تبعية الوطن وانتهاء مفهوم السيادة والاستقلال والخيارات المستقلة عند الشعب الاوكراني. هذه الظاهرة سبب لنشؤ الجماعات المتطرفة في شمال البلاد والتي ساهمت في نشؤ تيار مضاد يتحدث اللغة الروسية وتربطه علاقات تاريخية مع الشقيق الروسي فكان التصادم في الميدان وتدرج من التظاهرات المضادة الى المواجهات غير النظامية الى اعلان استقلال اقليمين وهو ما يعتبر اشارة لان تداعيات استمرار الاشتباك الاميركي – الروسي في شرق اوكرانيا سوف يثبت استقلال 6 اقليم وبما يساهم في نشؤ حالة “يوغسلافيا ” جديدة. والظاهر ان احداث اليوم مسبباتها تعود الى ما بعد الحرب العالمية الثانية وربما ما قبل الحرب العالمية الاولى. رسم الخريطة السياسية للمنطقة السلافية في تصاعد والبلقان نموذج اخر والقوقاز حلقة الربط مع اسيا الوسطى والازمات القادمة.
عامل اللغة هو العامل الايديولوجي لترويض الجمهور وضبط ايقاع الحرك التصاعدي والذي اذا استمر سوف يشكل عامل تصادم طويل الامل على رقعة كبيرة تمدد من الحدود الروسية واقليم خاركوف وصولاً الى مدينة اوديسا الساحلية على البحر الاسود ومولدوفيا على الحدود الرومانية وهذه الظروف سوف تسرع قيام “نوفا روسيا” هلال يحمي الحدود الروسية مع اوكرانيا ويقطع الوصول الاوكراني الاطلسي الى البحر الاسود، وتصبح تركيا نقطة الجذب القادم بين الاطلسي ومنظمة شنغهاي، والتي عبرها يمر النفط كما يمر المتطرفون في طرق العودة عبر جورجيا. لذلك التقارب الجورجي – الاوكراني – التركي سوف يشعل الازمات في البلقان والقوقاز وربما يتحرك الشارع التركي ويترافق ذلك مع استمرار الازمة الحكومية في بلغاريا واقتراب الانتخابات الرئاسية والحكومية في رومانيا ربما تكون فرصة للجانب الروسي لاعلان حوض البحر الاسود بحيرة روسية بإمتياز. فكيف اذا كان اسطول البحر الاسود يتنقل بين قواعد سيفستبول في القرم وقاعدة طرطوس على الساحل السوري وهو كان قد زار مرفأ بيروت ومرفأ حيفا يوم قصف الطيران الاسرائيلي دمشق منذ اكثر من سنة، وهل تكون الدولة الاسلامية ظاهرة لتغيير الخيارات الاستراتيجية الاميركية في المتوسط فتتغير الاولويات في اوكرانيا، ام تكون طريق الحرير الجديد التي اعلنها الرئيس الصيني وتعززها الصين مع روسيا عبر تشبيك مناطق النفوذ المشترك في اسيا ووصلاً الى مداخل اوروبا في البلقان مع رومانيا واوكرانيا بإتجاه المانيا والعراق بإتجاه حوض المتوسط، فرصة لروسيا لاعادة التوازن مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي وصولاً الى التعاون في الملفات بدل التصادم؟
فالتقارب الاوروبي – الاوكراني لن يكون تهديداً لروسيا بقدر ما يشكل عامل عدم استقرار للمنطقة الممتدة من لتفيا الى اوكرانيا ومعظم دول شرق اوروبا العشر، روسيا تعمل على تكامل دورها الاسيوي – الاوروبي بينما الولايات المتحدة تعمل على الزحف شرقاً فكما تحولت دول اوروبا الشرقية الى الحضن الاميركي – الاطلسي فإن اضعاف روسيا واعادة تموضع للقوة الامركية في قلب اسيا سوف يشكل استكمال الطوق على حلم التعددية القطبية ويمدد الاحادية الاميركية، والتنافس الاقتصادي بين روسيا والولايات المتحدة على اوكرانيا ليس الا تنافس على تقاسم الاتحاد الاوروبي وربما على المدى الطويل قيام تحالف بكين – موسكو – برلين.. او يتحول تحالف وتنافس القوى التقليدية التي سببت الحرب العالمية الثانية المانيا – انكلترا – الولايات المتحدة – روسيا هي نفسها تحاول رسم التوازنات الجديدة على خطوط التماس من اوكرانيا الى البلقان والقوقاز والمشرق والخليج وقلب اسيا وصولاً الى شرق اسيا وبحر الصين.
فهل تكون اكتشافات الغاز الصخري في الولايات المتحدة والامدادات التي وصلت الى ايطاليا والمانيا بحدود 40 % شجعت حالات الرفض للهيمنة الروسية على الغاز؟ بينما تساهم الضغوط اليوم بدفع اوروبا الى الاعتماد على الامدادات الاميركية القادمة حالياً من مقاطعة الالسكا والتي كانت ارض روسية قبل قرنين، هذه الامدادات سوف تؤثر على هيمنة روسيا على اسواق الغاز العالمية وانخفاض في الاسعار، فهل تكون التداعيات تعاون للحل في اوكرانيا او توسع رقعة الاشتباك نحو شرق اسيا؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.