اين انتم يا عرب؟

akhlaq-amrica

بقلم : شارل ايوب – صحيفة الديار اللبنانية

اننا ننتمي الى عالم عربي مؤلف من 330 مليون عربي، باللغة وبالتاريخ والجغرافيا والتفاعل الانساني والاجتماعي والتجاري ومصالح الحياة. ولغتنا العربية هي سابع لغة في العالم، من حيث الذين يتكلمون بها، واننا في المرتبة الاولى في العالم، من حيث احتياط النفط، الذي يصل الى 65% من نفط العالم. واننا في المرتبة الثانية، من حيث الغاز الموجود تحت الأرض في العالم العربي، وفي آباره. ومع ذلك، يتدنّى مستوى العالم العربي في النمو والتقدّم، الى 1،5% ولا نلعب الدور الذي يجب ان نلعبه كقوة مؤلفة من 330 مليون عربي، بل نلعب دوراً متخاصماً ونستشرس على بعضنا البعض، فيما مليار و200 مليون نسمة في الصين، يصنعون كل يوم 3 مليارات قطعة ثياب، ويوزعونها على العالم.

أين نحن يا عرب؟ فلسطين مغتصبة، نتنياهو يتحدّى المجتمع الدولي ويتحدّانا، وأنتم يا عرب، بدل ان تنتفضوا على قيام نتنياهو باعلان قيامة 4600 وحدة سكنية، منها 1600 وحدة في القدس الشرقية، تضعون كل همّتكم ضد سوريا، وتعلّقون عضويتها في الجامعة العربية، فيما هذه الجامعة العربية بات نصف اعضائها لديه ممثلين في اسرائيل، فليست سوريا هي التي انعزلت، بل انتم الذين عزلتم انفسكم، وانتم تضربون طاقات العرب كلها، تملكون الثروة، تملكون العنصر البشري، تملكون الثقافة والحضارة، ومع ذلك يأتي سفير من الناتو او من الغرب، ويدير رؤساء جمهوريات عربية. وانتم يا عرب غائبون عن التاريخ والتقدم والحضارة.

ماذا فعلتم بفلسطين، لا شيء، ألا يستحق قيام اسرائيل ببناء 4600 وحدة سكنية في الضفة والقدس اجتماعا طارئاً لوزراء خارجية الجامعة العربية، ام ان مظاهرة في دمشق يجتمع من أجلها مجلس وزراء خارجية العرب.

أنتجنا في تاريخنا العربي أعظم الكتب وأهم الحضارات، واليوم نشكّل نحن كل العرب، 3% من الانتاج الأدبي والفكري في العالم، ونمثل 5% من الصناعة العالمية، اما في الزراعة فنأتي في المرتبة الـ84% وفق منظمة الزراعة الدولية، ومع ذلك لا تفكرون بأجيال آتية، تجلسون على آبار الذهب، على مليارات، فقط امس حساب لابن الرئيس قذافي في اسبانيا، تمت مصادرته يبلغ 121 مليون يورو. اضافة الى اليوم حيث تعلن السلطة الاسبانية انها صادرت 28 مليون يورو لنجل حسني مبارك. هذا دون ان نتحدث عن ثروات امراء وملوك وشخصيات، التي ليس من حقها ان تملك هكذا ثروات دون توزيعها على الشعب العربي.

تقدم العالم وأصبح يعتمد على الانترنت، واصبح يرتكز على الاجهزة والمواقع الالكترونية، هل تعرفون يا عرب، اننا نمثل 4% من الانتاج كله في مجال الانترنت، ولماذا التخلّف في هذا المجال، وهو المجال القادم للشعوب والشبّان. حتى أن شركة “غوغل” بعد احصائيات لها، وجدت ان العرب لا ينتجون الا 4% من الانتاج العالمي، مع انهم 330 مليون عربي، فأقامت شركة “غوغل” العربية، وخصصت فريقاً من 12 ألف موظف، لانها تعتبر ان اسواق 330 مليون عربي، يمكن أن تدرّ عليها عائدات بالمليارات، وأما الحكومات فغائبة، واما الحكومات فضائعة، واما الشعوب فهي لا تعيش حالة استقرار، ولا تعيش حالة انتظام، ولا تعيش حالة ازدهار، رغم ان الثروات الموضوعة في الخارج من دول الخليج والدول العربية كلها تستطيع ان تغير وضع الشرق الاوسط كله، ولكن اين انتم يا عرب؟ انتم المطالبون بالديموقراطية في سوريا، ونحن نطالب بالديموقراطية بجدية تامة، اما انتم فلا تطالبون بالديموقراطية، بل تطالبون بأن تقطع سوريا علاقتها بايران، وانتم تطلبون تدجين حزب الله وترويضه من خلال الضغط على سوريا، كي لا يشكل حزب الله قوة في وجه اسرائيل. هذه هي حربكم يا اعضاء الجامعة العربية من دون سوريا، التي تقفونها ضد سوريا وضد الرئيس بشار الاسد.

من منكم يشاور شعبه، من منكم لديه مجلس نواب منتخب حقيقي، فأنتم لا تعرفون الديموقراطية كي تطالبون بها، اذا كنتم خائفون على أن يصبح لبنان وسوريا فارسيّاً، عليكم أن تعرفوا فقط ان السيد حسن نصرالله، قائد المقاومة، عاش في كربلاء والنجف، وتربّى هناك، ثم جاء الى لبنان. والشيعة في لبنان، وفي العراق، وفي سوريا، وفي العالم العربي، مرجعهم النجف وكربلاء، مع كل الاحترام لمدينة قم وقيمتها الدينية، لكنكم أنتم تنفذون مؤامرة خارجية، اذ استفاق الغرب على ان ايران انهت ديونها بسرعة خلال سنتين، بعد حربها مع صدام حسين. كما ان ايران قامت بدعم المقاومة في لبنان، وايران قدّمت مساعدات بحجم مليار دولار في السنة لسوريا، وايران قدمت لحركة حماس والجهاد الاسلامي الاموال والاسلحة، فاذا بحلف الناتو وأميركا لا يريدون اي قوة في وجه اسرائيل، كيف لا، واسرائيل المتجبّرة والظالمة وجدت نفسها فريسة لصواريخ حزب الله وهي تهبط عليها. ولم يكن الاسرائيلي يصدّق ذلك، حتى ان قائد سلاح الجو الاسرائيلي الذي استقال قال لقد عملنا كل الحسابات الا ضرب اسرائيل بالصواريخ وبهذه المسافات.

وما حاولتم ان تطفئوه في لبنان عبر نزع الشرعية عن سلاح الاشارة في حزب الله، استيقظ لدى حماس بصواريخ فجر5، فمنذ متى كانت لنا القدرة أن نقصف من غزة تل ابيب، وان نقصف القدس، وان نوصل صوتنا ولو بالصواريخ الى ارضنا المغتصبة من الاسرائيليين وشذّاذ الافاق الذين تجمعوا كالسرطان في جسمنا، وجعلوا المنطقة منكوبة منذ 1948 يوم اعلان دولة اسرائيل على جزء من ارض فلسطين.

اين انتم يا عرب، من حقيقة الامور، بالله عليكم، هل انتم ديموقراطيون، هل أنتم حقاً تعطون حقوق الانسان في بلدانهم، أم ان سجونكم مليئة. ان الامور اصبحت مكشوفة ومفضوحة، ان الحرب على سوريا هي من أجل ان تقطع علاقتها مع ايران ومن اجل وقف دعمها لحزب الله. واذا وافقت سوريا على هذا الأمر، سيكون الطلب الثاني أن تنزع سوريا صواريخها والاسلحة الكيمائية، اذا كانت تملك هذه الاسلحة، لان الكيان الصهيوني لا يخطط لنزع سلاح حزب الله وصواريخه فقط، بل هو يعرف الترسانة الصاروخية لدى سوريا، والمسافة الفاصلة، ما بين محافظة حوران، والمنطقة الاخرى، ومسافتها لا تزيد عن 90 كيلومترا عن اهم نقاط على الشاطىء الفلسطيني المحتل.

يا عرب من قواعدكم انتم انطلقت الطائرات الاميركية ودمّرت العراق. ويا عرب، بالاسلحة الاميركية وقنابلها وصواريخها احرقتنا اسرائيل وقتلت ابناءنا واحتلت ارضنا، ومع ذلك على أي اساس ترتبطون بهذه العلاقة الحميمة مع اميركا، ولماذا لا تواجهون أميركا وترفضون سياستها، ألن يعد الرئيس بوش الابن، في خطابه يوم استلم سلطته انه سيعمل من اجل الدولة الفلسطينية، فأين هي الدولة الفلسطينية، واين وعود اميركا، حتى ادانة واحدة لاسرائيل ممنوعة، فالفيتو الاميركي جاهز، اما ان تستعمل روسيا الفيتو مرة او مرتين لقرار ضد سوريا، فان روسيا خارجة عن النظام العالمي، ولا تحترم حقوق الانسان.

لو كان المطلوب فقط نزع صواريخ حزب الله، لكنّا بحثنا الامر، لو كان المطلوب فقط قطع علاقة سوريا مع ايران، لكنّا بحثنا الامر، لكن المطالب التي يخفيها الصهيوني تحت الطاولة لم تنتهِ، فاسرائيل تريد الوصول الى البرامج التربوية في مدارسنا، حيث يصبح التاريخ الذي يتعلّمه الاطفال والاولاد في المدارس ان دير ياسين قام أهاليها بذبح الهاغانا وليست الهاغانا الاسرائيلية هي التي ذبحت اهالي ديرياسين، وسيجعلكم الصهيونيون تكتبون ان مجزرة كفرقاسم قام بها الفلسطينيون ضد المستوطنين الاسرائيليين، وليس المستوطنون الاسرائيليون الذين ذبحوا اهالي كفرقاسم وهم نائمون خلال الليل، فيما كانت القوات البريطانية تطوّق كفرقاسم من كل الجهات.

لا، لن نسلّم سلاحنا، ونحن نملك اكبر رأسمال، فلا آبار نفط تهمنا، ولا آباركم من الغاز تهمنا، ولا قنواتكم الفضائية تهمنا، نحن نملك أغلى رأسمال في العالم، وهي قطرات دمائنا، التي تولع براكين في فلسطين المحتلة وفي كل مكان، ونحن نقاتل بالصدر العالي، وبالثياب الممزّقة، وبرغيف الخبز الذي مضى عليه اسبوع، ونتحمّل الجوع، ومع ذلك، فان عزّة النفس، وان حقنا في أرضنا وفي فلسطين لن نتخلى عنه، وان دماءنا في فلسطين، طالما حيينا، وطالما عشنا، وطالما استمرينا، وانها وصيتنا لاجيالنا القادمة. وسنة 1948 وقع الشعب الفلسطيني نتيجة فخّ بريطاني ووعود وهمية عربية، فأبلغهم جيش الانقاذ العربي بأن يخرجوا من فلسطين كي يقوم جيش الانقاذ العربي بتحرير فلسطين، فكان ان بقي الفلسطينيون 54 سنة في المخيمات حتى اليوم.

لكن ماذا نشهد اليوم، اليوم نشهد الطفل في وجه الدبابة، اليوم نشهد الصاروخ في وجه احدث طائرات العالم، اليوم نشهد ان حزب الله من فقراء الجنوب والبقاع ولبنان، يقاتل اغنى دولة في العالم، اذا حسبنا الصهيونية انها دولة اسرائيل المنتشرة في فلسطين المحتلة والعالم.

نحن نملك قطرات دمائنا، ونملك تراث شهدائنا، ونملك الامانة التي اوصونا بها، وستكون وصيتنا لابنائنا استرجاع فلسطين، واسترجاع الحق في ارضنا، واننا من فئة من الناس، تؤمن بأن الله خلقنا للخير وليس للشر، والشر هو اسرائيل، والخير والعزة والحكمة هم المضطهدون والعرب الحقيقيون الواقفون في وجه اسرائيل. وسينتصر الخير على الشر، فاذا كان للباطل جولة، فللحق ألف جولة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.