براعة في النفاق

caricature-syria-dragon-issamhanafy

صحيفة الوطن العمانية ـ
رأي الوطن:
لا تزال تطورات المشهد للأزمة السورية تؤكد إصرار الأطراف الداعمة للإرهاب في سوريا على هذا الخيار لتحقيق مآربهم التدميرية، والإصرار على مواصلة عملية التدمير عبر أدواتهم على الأرض، ويتبدى هذا الأمر في الكثير من المواقف السياسية والميدانية، وفي عملية تبادل الأدوار القائمة بين الأسياد والأدوات والوكلاء بين الدعاية والترويج بوجود أطراف “أجنبية” تقاتل في صف قوات الجيش العربي السوري، والمطالبة بمغادرتها الأراضي السورية، وبين إطلاق التهديدات “الفقاعية” بشن هجمات إرهابية غير مسبوقة على مواقع سورية ولبنانية، والتلويح بإقامة منطقة حظر طيران، وانتهاء بإعلان المعارضة المسلحة شرطها رحيل الرئيس السوري بشار الأسد لبدء الحوار.
طبعًا كل هذه المواقف والتصريحات الدعائية والفقاعية والتبادلية تشير بالمطلق إلى رفض منع إراقة الدماء السورية من بوابة تمييع الحل السياسي وسط الشروط والعراقيل والتحججات والدعايات، في الوقت الذي يتم فيه استخدام المعارضة في إنجاز ما يمليه عليها أعداء سوريا، وهو مواصلة عملية تدمير الوطن السوري وسفك دماء الشعب السوري عن بكرة أبيه، فالقرار الأخير للاتحاد الأوروبي برفع حظر السلاح عن المعارضة المسلحة والترحيب الأميركي بالقرار، ترى فيهما هذه المعارضة أنها نصر وانتصار لها، في حين هي ـ مدركة ذلك أو غير مدركة، واعية لذلك أو غير واعية ـ، مجرد أداة بيد الأميركيين والأوروبيين ومن خلفهم كيان الاحتلال الصهيوني الطرف الأصيل ومخلب القط في مأساة الشعب السوري كما هو مخلب القط في مأساة الشعب الفلسطيني، والأمر المؤكد ما أن تنهي هذه المعارضة المهمة والهدف الاستراتيجي يكون الأسياد في حل من المعارضة المسلحة وجميع الوكلاء والعملاء والأدوات.
إن ما يبعث على الأسى، ويندى له الجبين أن يخرج من بين ظهراني هذه الأمة التي وصفها خالقها بأنها خير أمة أخرجت للناس من يتخندقون في خندق أعدائها التاريخيين والأزليين، وأن يكونوا أداة تدمير ومعول هدم، بينما كان بإمكانها أن تنتصر للوطن السوري وتردع العدوان وتمنع الإرهاب وتوقف التدمير، ومن ثم تتجه إلى طاولة الحوار الند للند.
إن محاولات التفريغ الممنهجة لمضمون كل الجهود الدؤوبة والقائمة للحل السياسي، والتمسك بالتلكؤ الذي لا مبرر له، لا يمكن تفسير ذلك في هذا الوقت بالذات إلا أنه محاولة لمط الوقت إلى حين تفتح البوابات الأوروبية على مصراعيها كافة أمام التدفق الهائل المنتظر للأسلحة بعد قرار الاتحاد الأوروبي رفع الحظر عنها، سعيًا في إحداث متغيرات جديدة على الميدان. وفي اعتقادنا أن هذه المتغيرات المرادة لن تخدم الحل السياسي إذا كانت هناك نية ما نحو ذلك، بقدر ما تلحق الدمار الهائل والإرهاب المستطير بالشعب السوري وتدمر وطنه، وبالتالي فإن الحديث عن مقاتلين أجانب يقاتلون بجانب الجيش العربي السوري، والضجة المثارة عن صفقات الصواريخ الروسية لسوريا، كل ذلك محاولات لإسدال غطاء كبير على ما ينوي عليه الداعمون للإرهاب من ضخ كميات هائلة من الأسلحة بجانب آلاف الأطنان السابقة، وللتغطية على المرتزقة الذين تم جلبهم من أنحاء أوروبا وآسيا وإفريقيا وأميركا. وهو ما يؤكد مدى براعة داعمي الإرهاب في النفاق الذين يدعون الحرص على الشعب السوري, ويذرفون دموع التماسيح، بينما في الوقت ذاته يسومونه صنوف الإرهاب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.