بعد مرور عامين على ثورة البحرين: انتهاكات واضحة للقانون الدولي من قبل النظام

law-culture6

موقع إنباء الإخباري ـ
علي مطر:

بعد مرور عامين على الذكرى الثانية للثورة السلمية في البحرين، وعشية ذكرى الثورة، انطلقت جلسات الحوار، بين النظام والمعارضين. إلا أن يد النظام الملطخة بدماء البحرانيين، لا زالت تمارس القمع والقتل بدم بارد بحق الأبرياء، الذين خرجوا للتظاهر بذكرى الثورة.

وقد شاهد العالم القمع الواضح للمظاهرات السلمية التي خرجت بمناسبة ذكرى 14 فبراير، حيث لا يزال الشهداء الأطفال يسقطون، ومنهم الطفل حسين الجزيري بعد استهدافه بشكل مباشر بطلقات الشوزن في منطقة الديه صباح الخميس 14 شباط/ فبراير بذكرى الثورة. وهنا يطرح السؤال: هل يمكن للعدالة أن تتحقق في البحرين، في ظل القمع الذي يحصل؟ وفي ظل الجرائم التي ترتكب بحق أهالي البحرين؟

منذ بداية الثورة السلمية في البحرين، والنظام البحريني يرتكب الكثير من الجرائم، التي تتنافى مع معايير وتشريعات القانون الدولي الإنساني، ويقوم بانتهاكات واضحة لحقوق الإنسان، دون أي رادع من الأمم المتحدة أو أي بيان من أمينها العام، أو من الدول التي تدعي حرصها على حقوق الإنسان.

ومن يتابع الأحداث في البحرين، يتوصل إلى نتيجة مفادها أن حقوق الإنسان معدومة للشعب البحريني، فليس هناك أي تقيد أو مراعاة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمعارضين بالبحرين فضلاً عن أنهم يتعرضون للأذى والإعتقال التعسفي والتعذيب والقتل، فإنهم يجردون من جنسياتهم، وحقوقهم المدنية، في حين نرى أن الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، تتعامل بمعايير مزدوجة واضحة مع الكثير من القضايا، ولم نرَ أي تدخل للمحافظة على الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الإنسان في البحرين.

وفي الوقت الذي يقوم فيه المجتمع الدولي بدعم ومساندة الشعوب العربية الراغبة والساعية للحرية والعدالة – ولو حتى بالدعم العسكري – نجده يؤيد عملية عسكرية عكسية ضد الشعب البحريني الأعزل المطالب بالحرية، علماً أن “حرية الرأي والتعبير هي من المبادئ الأساسية التي لا يتنازع عليها، فهي مكفولة في العديد من المواثيق والإعلانات الدولية، فالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي صدر سنة 1948  تنص المادة 19 منه على أن “لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي وبالتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود”. وقد اعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حرية الرأي، من الحريات السياسية، بعد أن تضمن هذا الإعلان الحقوق السياسية، وهي الحق في حرية الرأي والتعبير، والحق في الإعلام، والحق في حرية التجمع وتأليف الجمعيات، والحق في المشاركة في الحكم والوظائف العامة، وكذلك نجد حرية الرأي والتعبير مكفولة في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لعام 1966. فالحرية لا تتجزأ ولا تخص شعباً دون غيره، ولا يجب التفريق في هذا المجال بين شعب وآخر.

إن شعب البحرين، وعلى مدى أكثر من عامين، يذبح بآلة القتل أمام عيون أصحاب نظريات الحقوق والديمقراطيات، ولم ينتصر له أحد، لا عربياً “الانظمة”، ولا دولياً، مع أن  قضيته سبقت كل قضايا الشعوب التي انتفضت، وهي أكثرها سلمية وحضارية.

وللأسف لم نرَ الأمم المتحدة تتحرك باتجاه البحرين إلا بلجنة تقصي الحقائق في البحرين التي ترأسها الخبير قي القانون الدولي وأبرز المحققين في انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب الدكتور شريف بسيوني. ولكن، وللأسف أيضاً، مع أهمية هذا التقرير، إلا أنه لم يطبق فعلياً على أرض الواقع، حيث خلص تقريره إلى أن “مواجهة المتظاهرين في البحرين بالقوة تسببت في موت مدنيين وزيادة التوتر في الشارع البحريني”، كاشفاً أن السلطات البحرينية “لجأت إلى استخدام القوة المفرطة وغير الضرورية” بما في ذلك ” بث الرعب بين المواطنين وإتلاف الممتلكات خلاف التعليمات التي لديهم”. وأكد التقرير أن التعذيب “مورس على المعتقلين بشكل متعمد بهدف انتزاع الاعترافات أو للعقاب والانتقام”. لقد أشار تقرير بسيوني إلى انتهاكات تُعتبر من أبرز انتهاكات حقوق الإنسان التي يعاقب عليه القانون الدولي، وينشئ لأجلها المحاكم الدولية أو يحول مرتكبيها إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تدخل ضمنها جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة.

فجرائم الإبادة بحسب نظام روما 1998 الذي يعتبر أساس المحكمة الجنائية الدولية تعني أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه، إهلاكاً كلياً أو جزئياً: قتل أفراد الجماعة؛ إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة؛ إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً؛ فرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة ونقل أطفال الجماعة عنوة إلى جماعة أخرى، وهذا ما يحصل فعلاً بحق شعب البحرين. أما الجرائم ضد الإنسانية فتنص المادة 7 من نظام المحكمة الجنائية الدولية على أن “أي فعل من الأفعال التالية يشكل “جريمة ضد الإنسانية” متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين، وعن علم بالهجوم، وقد تطابق تقرير البسيوني مع نظام المحكمة الجنائية الدولية بأن هناك جرائم إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

إن المادة الأولى، من اتفاقية منع التعذيب تقول إن “التعذيب” يعني أي عمل ينتج عنه ألم او عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص، أو من شخص ثالث، على معلومات أو على اعتراف، أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في انه ارتكبه، هو أو شخص ثالث أو تخويفه أو إرغامه ـ هو أو أي شخص ثالث – أو عندما يلحق مثل هذا الألم أو العذاب لأي سبب من الأسباب يقوم على التمييز أياً كان نوعه، أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. ولا يتضمن ذلك الألم او العذاب الناشئ فقط عن عقوبات قانونية او الملازم لهذه العقوبات أو الذي يكون نتيجة عرضية لها.

ولكن للأسف نرى أن نظام البحرين يسير باستراتجية القمع، والتفريق المذهبي، ضارباً بعرض الحائط كل المواثيق الدولية، دون أية محاسبة أو مطالبة من الأمم المتحدة، وللأسف فإننا نرى دائماً دموع الأمهات تذرف على الشهداء، دون أن يتحرك أي أحد لوقف نزيف الدم الذي يحصل بسبب أعمال آل عيسى.

ونأسف لأن كل ما نقرأه ونتعلمه ونبحث عنه وننادي به في القوانين الدولية، لا يطبق فعلاً من قبل المسؤول عن تطبيق القانون الدولي في العالم، وحيث يطبق فإنه يطبق وفق معايير مزدوجة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.