بين 17 أيلول و14 أيار.. خيانة عنوانها كامب ديفيد!

موقع الوقت التحليلي:

تحبس العديد من دول المنطقة أنفاسها بانتظار اللقاء “التاريخي” المرتقب بين قادة دول مجلس التعاون والرئيس الأمريكي باراك أوباما يوم الأربعاء المقبل في كامب ديفيد، ذلك المنتجع الرئاسي بولاية “ميريلاند” القريبة من العاصمة الأمريكية “واشنطن” والذي شهد قبل ٣٧ عاماً توقيع إتفاقية الذل والعار بين الجانب المصري والإسرائيلي.

تختلف الظروف الحالية للقاء كامب ديفيد المرتقب بين الجانبين العربي والأمريكي في ١٤ أيار ٢٠١٥، عن لقاء ١٧ أيلول ١٩٧٨ الذي جمع بين الجانبين المصري والإسرائيلي بوساطة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، لكن هل تختلف نتائج هذا اللقاء عن سابقه؟ وأين تكمن المصلحة الإسرائيلية في الإتفاقين؟

كامب ديفيد .. إتفاقية الذل

تعتبر معاهدة السلام (إتفاقية كامب ديفيد) بين مصر والكيان الإسرائيلي التي وقعت عام ١٩٧٩ أول خرق للموقف العربي الرافض للتعامل مع الكيان الإسرائيلي، حينما قرّر الرئيس المصري أنور السادات امتطاء قارب التطبيع التي أخرجت مصر من الصراع مع الكيان، وأدخلتها في قطيعة (آنذاك) مع شقيقاتها من الدول العربية.

إتفاقية “كامب ديفيد” حملت مواداً كارثية أهدر فيها الجانب المصري الكثير من الحقوق، حيث نصَّت معاهدة كامب ديفيد على تحديد عدد أفراد الجيش المصري في سيناء، وكان لها العديد من البنود السرية، حيت التزم السادات بموجب الاتفاقية الأولى التي وقعها مع بيجين بعدم اشتراك مصر في أي حرب يمكن أن تنشب بين الكيان الإسرائيلي وأي دولة عربية أو أكثر، بجانب التزام السادات بمساعدة الكيان الإسرائيلي في الكشف عن قواعد المقاومة الفلسطينية، وتبادل المعلومات الأمنية بين المخابرات المصرية والإسرائيلية!

أما الاتفاقية الثانية فقد وقعت بين الرئيسين السادات وكارتر وتنص على إرسال خمسة آلاف فني ومستشار عسكري أمريكي إلى مصر للعمل بقواتها المسلحة، كما التزمت واشنطن بحماية حكم السادات، ووفقا للاتفاقية الثالثة الموقعة بين أمريكا والكيان الإسرائيلي اتفق الطرفان “المصري والإسرائيلي” على متابعة المباحثات لتوقيع معاهدة دفاع مشترك. ومنذ ذلك الحين أيقن حسني مبارك أن جواز بقائه في الحكم مرهون باستمساكه بكتاب كامب ديفيد المقدس حتى غدا “حكم مصر مصدره الرضا الأمريكي والقبول الإسرائيلي”.

اذاً نتائج كامب ديفيد المصرية كانت كارثية على الشعب العربي عموماً والمصري على وجه الخصوص، فما هو واقع لقاء كامب ديفيد الخليجية على المنطقة؟ كيف يمكن فهم الغياب الإسرائيلي عن كامب ديفيد ٢٠١٥ مع أنه كان حاضراً في ١٩٧٨و٢٠٠٠؟ وهل تغيّرت الأولويات الأمريكية أم أنه مجرّد تغيّر تكتيكي يخدم الإستراتيجية السابقة؟

كامب ديفيد ٢٠١٥

يأتي اللقاء المرتقب في ظل العديد من المتغيرات الإقليمية، وقد أعلن المتحدث باسم البيت الأبيض إريك شولتز للصحافيين المسافرين مع الرئيس أوباما على طائرة الرئاسة، أنَّ أوباما والملك سلمان “سيواصلان مشاوراتهما بخصوص نطاق واسع من القضايا الإقليمية والثنائية”. وتشير مصادر مطلعة إلى أن مسودة البيان الختامي للقمة التي ستُعقد الأربعاء والخميس المقبلين تُركِّز على إنشاء ترسانة دفاعية لدول الخليج الفارسي، وقبول اتفاق يمنع طهران من تطوير سلاح نووي، وتقوية المعارضة السورية، وتأكيد فقدان الرئيس السوري بشار الأسد شرعيته وتبنّي مبادرة مجلس التعاون أساسًا للحل في اليمن. وتشدّد المسودة على دعم هيكلية أمنية دفاعية لمجلس التعاون والإفساح في المجال لمبيعات أسلحة وتسريع تسليمها بإجراءات يتّخذها الرئيس أوباما، وتشمل هذه الأسلحة منظومة باتريوت الصاروخية وصواريخ “ثاد” التي تصنعها شركة “لوكهيد مارتن”، كما سيتعهّد البيان الختامي، وفق المسودّة الأولى، بإطلاق برنامج تدريبات عسكرية وتعزيز الحماية البحرية في مياه الخليج الفارسي فورًا بعد القمة.

مسودة البيان الختامي تضرب عرض الحائط قرار الشعب السوري في الإنتخابات الأخيرة، وتعزّز دور الجماعات التكفيرية في المنطقة خدمةً لطرفين أولاً الكيان الإسرائيلي المستفيد الأكبر من تفتيت دول المنطقة، وثانياً شركات السلاح الأمريكية.

بنود المسودّة حول قبول اتفاق يمنع طهران من تطوير سلاح نووي، وكذلك إطلاق برنامج تدريبات عسكرية وتعزيز الحماية البحرية في مياه الخليج الفارسي فورًا بعد القمة، تأتي في سياق التلويح بالبعبع الإيراني لإبتزاز الدول العربية، في نفس الوقت التي تسعى فيه أمريكا لشرعنة الكيان الإسرائيلي عبر إستعداء الجار الإيراني، والمصلحة إسرائيلية بطبيعة الحال سواءً عبر إنفتاح الكيان الإسرائيلي على دول المنطقة أو عبر ضرب محور المقاومة المدعوم ايرانياً، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: متى اعتدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية على أي دولة أخرى؟ ولكن على من تنشد مزاميرك يا داوود!

قد ينجح الرئيس الأمريكي في إقناع “المشيخات الخليجية” بمنظومة باتريوت الصاروخية، في ظل وجود الذريعة المعلبة التي يُحضرها الأمريكي لإبتزاز دول مجلس التعاون “ايران فوبيا”، فمن المستفيد هنا أيضاً، أليس شركات الأسلحة الأمريكية التي ستحصد حوالي الـ١٥٠ مليار من هذه الصفقة؟ ما الذي يضمن أن لا يتعاون الجانبين الإسرائيلي والخليجي تحت عنوان الباتريوت؟ ألا يخجل مشايخ الخليج من ان تكون وجهة هذه الصواريخ في خدمة الكيان الإسرائيلي الذي يحتل قبلتهم الأولى!

النقطة الأخيرة المرتقبة في مسودة البيان ربّما تكون في صالح السعودية عبر تبنّي مبادرة مجلس التعاون أساسًا للحل في اليمن، لكن الوضع الميداني يشير إلى أن المرحلة السياسية المقبلة بعد العدوان ستقوّضها نتائج العدوان الميدانية التي تصب في صالح أنصار الله والجيش اليمني.

في الخلاصة، وكما إتفاقية الذل الأولى في كامب ديفيد، يتضح وبالدليل أن المصلحة العليا للقاء كامب ديفيد المرتقب للجانب الأمريكي على الصعيد الإقتصادي، وللكيان الإسرائيلي على الصعيدين الأمني والعسكري، وتبقى مصلحة بعض المشيخات الخليجية في تأمين حمايتها من الجانب الأمريكي ولربما الإسرائيلي فما بين ١٧ أيلول ١٩٧٨ و١٤ أيار٢٠١٥ خيانة عنوانها كامب ديفيد!

نقلاً عن موقع الوقت

MJK

Source link

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.