تسونامي من غضب يحاصر الحكم السعودي…؟!

saudi-leaders

صحيفة البناء اللبنانية ـ
د. تركي صقر:

بدأت دوائر تسونامي الغضب الداخلي تحاصر المملكة الوهابية بعد ان وصل الغضب الخارجي إلى ذروته جراء دعم العرش السعودي التنظيمات الإرهابية وتمويلها بلا حدود، حتى باتت تهم رعاية الإرهاب واحتضانه وتفريخه وتوجيهه لتدمير دول وتخريب مؤسساتها وسفك دماء شعوبها تلاحق أمراء النظام الحاكم في المملكة إقليمياً ودولياً الى درجة وصم هذا النظام بإرهاب الدولة المنظم.

واللافت انّ حكام السعودية بدلاً من تخفيف الاحتقان وخفض منسوب الغضب الداخلي والخارجي ونزع فتيل التوترات، راحوا يصعّدون في استفزازهم الآخرين ويزيدون القمع والكبت لشعب الجزيرة العربية ظناً منهم انّ دخولهم في تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية لمكافحة الإرهاب يمكن ان يحميهم من كلّ غضب، ويمكن ان يمسح عنهم كلّ تهم الإرهاب وجرائره، وما سال بسببه من دماء في دول المنطقة.

ففي حين كان مسار العلاقات السعودية ـ الإيرانية يتجه نحو التحسّن عمدت المملكة إرضاءً لأميركا و«إسرائيل»، وبتحريض مباشر منهما، على تقطيع حباله فتوقف فجأة نتيجة سلسلة من الاتهامات الكاذبة التي أطلقها سعود الفيصل، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الالماني فرانك فالتر شتاينماير، اعتبر فيها إيران في كثير من النزاعات في المنطقة جزءاً من المشكلة وليست جزءاً من الحلّ، وساق افتراءات حول وجود قوات محتلة لإيران في اليمن والعراق وسورية وأماكن أخرى، وعليها أن تسحبها لكي تستطيع المساهمة في حلّ المشاكل.

وفي حين لم يكن الوضع الشعبي داخل المملكة قد وصل بعد الى نقطة حرجة ولم يدخل في دائرة الفوران والغليان، قامت المحكمة الجزائية السعودية المتخصصة بإصدار حكم بالإعدام تعزيراً في حق الشيخ نمر النمر، الداعية الإسلامي في المنطقة الشرقية، بعد إدانته بتهمة الخروج على وليّ الأمر وإشعال الفتنة الطائفية وقيادة احتجاجات شعبية ضدّ السلطة وحمل السلاح في وجه رجال الأمن وإشاعة الفوضى، والمطالبة بسحب القوات السعودية من البحرين.

من يصدّق ادّعاءات حكام المملكة بعد الآن بأنهم يناصرون ثورات ما يُسمّى «الربيع العربي»؟ فيما هم ما زالوا يعِدون الخروج على وليّ الأمر جريمة تستحق عقوبتها الإعدام في زمن الحريات والثورات المطالبة بالعدالة الاجتماعية ومكافحة الفساد، ثم إنّ هذه مسألة جدلية لها جوانب متعدّدة وخلافية، وإلا لماذا تتبنّى المملكة رسمياً «المناصحة» منهجاً رسمياً للتعاطي مع هؤلاء في السجون والمعتقلات، وبعضهم أقدم على كلّ أنواع التحريض ضدّ النظام وشارك في هجمات دموية؟

حكم الإعدام هذا الذي أثار ردود فعل ليس في إيران ولبنان فحسب بل في دول كثيرة، وقوبل بإدانة من قبل منظمات حقوقية عالمية مثل منظمة العفو الدولية يستحق التوقف عنده في هذا الحيّز لما له من دلالات عديدة، وما أثاره من موجة احتجاجات صاخبة في العوامية والقطيف وأماكن أخرى في شرق المملكة، ينذر بقدوم تسونامي يزعزع أركان الحكم السعودي.

ليست المرة الأولى التي تتخبّط فيها السياسة السعودية في الداخل والخارج، وتبرهن عن إفلاسها وعجزها عن إقامة حكم رشيد وعادل في الداخل او بناء علاقات متوازنة مع دول الجوار كونها تحوّلت إلى سياسة عدوانية إرهابية يطاول أذاها وشرورها شعب الجزيرة ودول المنطقة القريبة منها والبعيدة، مؤكدة كلّ يوم أنها تضع نفسها وثروات المملكة كلها في خدمة المشروع الأميركي ـ «الإسرائيلي» في المنطقة بلا أدنى خجل أو حياء، وأنها مجرّد أداة لتنفيذ أوامر واشنطن وتل ابيب، وعندما جاءت الأوامر أطلق أمير الإرهاب التكفيري سعود الفيصل سلسلة جديدة من الأكاذيب ضدّ إيران تهدف إلى التغطية على ما بات حقيقة موثقة بصوت وصورة جو بايدن هذه المرة، وهو دعم حكام السعودية الجاثمين على صدر شعب الجزيرة العربية للإرهاب في العالم والمنطقة، وبخاصة في سورية والعراق.

إنّ أرقام وإحصاءات مراكز أبحاث عديدة تؤكد أنّ السعودية تتصدّر بجدارة قائمة البلدان المصدّرة للمقاتلين الإرهابيين الأجانب، وهو ما يضع آل سعود في مواجهة قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 2170 الذي تفترض صدقية تطبيقه إنْ وجدت أن تسارع الأمم المتحدة إلى مساءلة أمراء العشيرة الحاكمة وفي مقدمهم سعود الفيصل على صناعتهم وتصديرهم للإرهاب وللفكر الإرهابي الذي أشعل الشرق الأوسط وجعله جحيماً على سكانه.

ومن العجيب ان نسمع تنظيرات الفيصل عن الحلول السياسية لأزمات دول المنطقة فيما نظامه الحاكم أساس المشكلات فيها، لأنّ مملكة لم تعرف نوعاً من الانتخابات في تاريخها ولا تسمح للمرأة بمجرد قيادة سيارة غير مؤهلة لإعطاء أيّ درس في الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ولأنّ التاريخ المعاصر لم يعرف حكماً مستبداً وطغياناً مطلقاً مثل هذا النظام، فهو جزء أساسي من هذه المشكلات، وحتى يكون جزءاً من الحلّ فالمطلوب منه فقط الكفّ عن إرسال إرهابيّيه لقتل السوريين واليمنيين والبحرينيين والعراقيين، وكمّ أفواه مدّعي الدين ومطلقي فتاوى الفتنة ومنظري القتل والتفكير باسم الإسلام والتوقف عن إرسال السلاح والمال للمنظمات الإرهابية في تلك الدول…

إنها الحقيقة الساطعة التي بات الرأي العام في العالم يدركها ويؤمن بها، وهي أنّ أيّ تحالف دولي صادق في مواجهة الإرهاب واجتثاث جذوره وتخليص البشرية من شروره ينبغي أولاً وقبل أيّ شيء آخر أن يستهدف موطنه ومنبعه في مضارب وبلاط آل سعود الذين ذهبوا بعيداً في اضطهاد شعبهم والتمييز بين فئاته ودعم الإرهاب العالمي وسفك دم الأبرياء وتخريب حياة ملايين الناس، وبعد ان طفح الكيل، فلينتظر هؤلاء تسونامي من غضب عارم يجعلهم يدفعون الثمن باهظاً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.