ثلاثة مليارات سعودية لفرنسا .. عبر الجيش

LEBANON-BLAST

كاد إعلان الرئيس ميشال سليمان عن قرار الملك السعودي عبدالله تقديم مساعدة للجيش اللبناني بقيمة ثلاثة مليارات دولار، مجيّرة مسبقاً للفرنسيين، يخطف الأضواء من الأحداث التي تسارعت يوم أمس، من تشييع الوزير الأسبق الشهيد محمد شطح وما رافقه من مواقف خطيرة للرئيس فؤاد السنيورة، وصولا الى محاصرة مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني في مسجد الخاشقجي ومحاولة الاعتداء عليه، في «محاكاة» لسيناريو الهجوم على السرايا الحكومية بعد اغتيال اللواء وسام الحسن الذي أدى يومها، كما البارحة، الى حرف الأنظار عن الجريمة والمجرمين.

ويبدو ان ما بدأه سليمان أمس ستكون له تتمة في النصف الاول من كانون الثاني المقبل، وعلى الأرجح في السادس منه، حيث توقعت أوساط واسعة الاطلاع ان تولد في هذا اليوم حكومة حيادية، يسمي وزراءها الرئيس المكلف تمام سلام بالتشاور مع رئيس الجمهورية، الأمر الذي من شأنه، إذا صح، ان يفتح باب التداعيات على كل الاحتمالات.

وإذا كانت أي مساعدة للجيش خصوصاً في هذه الظروف مشكورة، وإذا كان الجهد الذي بذله رئيس الجمهورية على هذا الصعيد موضع تقدير، إلا أن المبادرة السعودية لا تعفي من طرح بعض الأسئلة الاستيضاحية حول حجمها وتوقيتها وآلية تنفيذها وكيفية التعاطي معها:

أولاً، من حيث الشكل:

– ألا يفترض بمجلس الوزراء أن يكون صاحب الصلاحية في قبول أو رفض مساعدة بهذا الحجم؟

– ألم يكن من الأفضل لسليمان أن يتفادى القول في نهاية خطابه: «عاشت المملكة العربية السعودية»، كونه رئيس الجمهورية اللبنانية، مع ما يمثله هذا الموقع من رمز للسيادة والكرامة، لا سيما أن هذه العبارة تخدش «الكبرياء الوطني»، وقد أثارت ردود فعل حادة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ثانياً، من حيث المضمون:

– ما هي الوظيفة السياسية لهذه المساعدة العسكرية التي تجاوزت بكثير البرنامج الذي كان قد وضعه الجيش لتعزيز قدراته، على مدى خمس سنوات؟

– وفق أي عقيدة قتالية سيجري منح الجيش سلاحاً فرنسياً بتمويل سعودي؟

– هل تندرج هذه المساعدة في إطار تقوية الجيش لمواجهة إسرائيل والإرهاب، أم ان لها غاية أخرى مضمرة، وبالتالي أين ستكون المليارات الثلاثة من معادلة «الجيش والشعب والمقاومة»؟

– ماذا عن طبيعة الأسلحة الحديثة والجديدة التي سيحصل عليها الجيش، كما أكد سليمان؟ هل ستمنح فرنسا المؤسسة العسكرية سلاحاً متطوراً للدفاع الجوي وصواريخ مضادة للدبابات وصواريخ بعيدة المدى كتلك التي حرمت منها طائرات «الغازيل»، بحيث يصبح قادراً على مواجهة أية اعتداءات او خروق اسرائيلية، أم ان هناك قيوداً ضمنية ستفرض على نوعية التسليح؟

– لماذا اعتبرت القناة الأولى الإسرائيلية أن «هبة السعودية للجيش اللبناني تطور مؤثر جداً قد تستفيد إسرائيل من ثماره في المستقبل»، علماً أن العدو كان يعارض بشدة في السابق مد الجيش بسلاح نوعي، خشية أن يستخدم ضده او يقع بحوزة «حزب الله»؟

– لماذا تقرر ان تكون باريس ممراً إلزامياً لصفقة المليارات الثلاثة ومصدراً وحيداً لصفقة التسلح هذه، في حين رُفضت سابقاً عروض للمســاعدة من إيران وروسيا؟

– هل تأتي هذه الصفقة في سياق تعبير ضمني عن صراع فرنسي – أميركي، يترافق مع ابتعاد الرياض عن واشنطن واقترابها من باريس؟

– لماذا جاءت «المساعدة العسكرية» في هذا التوقيت بالذات؟

– هل هناك من يفترض أن «صفقة المليارات» للجيش ستؤدي الى «إحراج» «حزب الله»، بعد حملته الاخيرة على السعودية، وصولا الى «إخراجه» لاحقاً تحت شعار انه لم يعد يوجد أي مبرر للإبقاء على سلاح المقاومة ما دام ان الجيش أصبح قوياً وقادراً على الدفاع عن لبنان، كما كان يطلب الحزب في أدبياته.

– هل ان «إغراق» الجيش بهذا الكرم يهدف الى وضع اليد عليه، وتحويله مع الوقت الى نسخة عن «فرع المعلومات» من حيث الولاء السياسي، أم من شأن هذه المساعدة السعودية ان تمنح المؤسسة العسكرية غطاءً سنياً، إقليمياً ومحلياً، هي بأشد الحاجة اليه في هذه المرحلة لمواجهة الإرهاب الوافد والمجموعات المتطرفة؟

– أين السعودية من «المساعدة السياسية» التي لا تقل إلحاحاً عن تلك العسكرية، بعدما وصل الانقسام الداخلي الى حافة الفتنة الموصوفة؟ وهل هي على استعداد للدفع في اتجاه تشكيل حكومة توافقية وتجنيب لبنان مخاطر المغامرات غير المحسوبة، وماذا عن تعامل السعودية مع الملف السوري واحتمالات تسوية جنيف 2؟

 

المصدر: صحيفة السفير اللبنانية 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.