حزب الله يستردّ من السعودية اعتبار 7 سنوات

hezbollah-and-iran
هي أيام… هدأت الأوضاع نسبياً. ركدت المياه المغليّة بين حزب الله والسعودية…. ليس فعلاً. السيد حسن نصرالله قال ما لديه ومضى. علاقة الطرفيْن شديدة الفتور، ليست على ما يرام. لم تكن يومًا كذلك سوى في أوقاتٍ مستقطعة ما بعد حرب تموز. “شماتةُ” حزب الله لا يمكن أن تهضمها معدة المملكة لا هناك ولا هنا وحديثُ أمينه العام عن “سقوط رهان” أشبه بسهمٍ يخرق قلوب آل سعود التي لا تنبض بشكل طبيعي هذه الأيام بعد تبدّل مشهدية التوازنات على حساب خاسرٍ واحد يجمع المراقبون على أنه السعودية بلا منافس.

حزب الله لم ينسَ. حزب الله لا ينسى أصلاً. فمنظومة عمله الداخلية والإقليمية لا تسمح له بأن ينسى. اليوم، يأبى أبناء الحزب أن يسمّوه “انتقامًا”، إنه ببساطةٍ “ردّ اعتبار” وأبعد من ذلك إنها السياسة في عينها. أسهمٌ ترتفع وأخرى تتراجع، والحظّ لم يكن حليف المملكة هذه المرة في بورصة واشنطن إنه الوقت المناسب بالنسبة الى حزب الله، ولا وقت يفوقه استراتيجية. الحزب أراد أن يقول الكثير للسعودية التي لم تكن علاقتُه يومًا وطيدة بها بل معلّقة أخيراً على حبال المشهد السوري. أراد حزب الله أن يقول للمملكة إنها خسرت الرهان في سورية. أراد أن يعيد الى مسرح ذاكرتها جملة عوامل كانت تُثقِل كاهله في الفترة الأخيرة وهو الذي كان يدافع وحيداً عن انخراطه في الميدان السوري ويتلقى يومًا بعد آخر صفعةً تلو الصفعة غالباً ما هُمِس في أذنه بأن المملكة تقف وراء معظمها إن لم يكن كلها.

هذه هي العوامل

كثيرةٌ هي عناصر الاحتقان والحوافز التي دفعت بالسيّد نصرالله الى تسمية السعودية ورفع سقف التحدّي معها: أولاً، المباركة السعودية العلنية لوضع حزب الله على لائحة الإرهاب الأوروبية عقب اتهامه بالضلوع في تفجير بلغاريا. ثانياً، محاولات التضييق عليه سياسيًا واقتصادياً من بوابتيْ مجلس التعاون الذي وضعه على لائحته للمنظمات الإرهابية وجامعة الدول العربية. ثالثاً، رفع لهجة اعتراضها على تدخله في سورية ودعواتها المتكررة اليه للانسحاب. رابعاً، الاعتراض على مؤتمر جنيف 2 ليقين المملكة بأنه سيصبّ في خانة إعلاء شأن النظام وحلفائه وتحديداً حزب الله الذي شكّل ولا يزال نقاط تحوّل جوهريّة في مسار المعركة على الأرض لصالح الأسد وأكثرها نقاحةً معركة القصير الشهيرة. خامسًا، الضغط في اتجاه طرد العاملين الشيعة من دول الخليج “الفارسي” أو التضييق عليهم في أحسن الأحوال. سادساً، اقتناع الحزب بأن السعودية لم تقصّر يومًا في استخدام طرابلس ورقة مذهبيّةً مؤذيةً متى ضاقت بها السبل. سابعاً، بقاء السعودية وحيدةً تغرّد خارج سرب الحلّ السياسي في سورية. ثامناً، التقارب الأميركي-الإيراني الذي شكّل قوّة دفع لحزب الله ومنح السيّد ضوءًا أخضر للحديث عن إقصاءٍ صريح للمملكة التي غامرت بورقة الأمم المتحدة وتغامر بشبكة مصالحها مع الولايات المتحدة، كلّ ذلك مقابل انفتاحٍ قطريٍّ غير مسبوقٍ على يد الأمير الشاب تميم. تاسعاً، طفوّ اسم رئيس جهاز المخابرات بندر بن سلطان على سطح الحدود الشمالية السورية ودعمه لمجموعاتٍ مناهضة للنظام وإقحام اسمه في ملفّ مخطوفي أعزاز (سابقاً) وتفجيري الضاحية. عاشراً، وهو العامل غير المرئي لكن المُشار اليه، الضغط السعودي في اتجاه إقصاء الحزب من الحكومة وهو ما تجسد جلياً في أكثر من موقفٍ من أبناء تيار “المستقبل” وحتى على لسان رئيسه سعد الحريري يوم دعا الحزب الى إسقاط مشاركته في الحكومة على أن يتعامل المستقبليون بالمثل.

مغامرة…

ربّما تعود حكاية الفتور بين حزب الله والسعودية الى حرب تموز التي يعتبر الحزب انتصاره فيها مقدسًا فيما حاولت المملكة منذ انطلاقتها حتى نهايتها “تبخيس” الانتصار فيها تحت عنوان: “المغامرة غير المحسوبة”. كثيراً ما آلمت تلك العبارة حزب الله من دون أن يتكلّم. تلك العلاقة بينهما شهدت انفراجاً طفيفاً تجسد في معادلة الـ “س س” الشهيرة قبل ان تتدهور على أعتاب الأزمة السورية وقبلها عقب فرط عقد حكومة من كان ابنها المدلل سعد الحريري. اليوم بدا واضحًا حجم الاحتقان المختبئ في كواليس الحزب. احتقانٌ فجّره نصرالله في ثوانٍ عندما سمّى المملكة وهو ما لم يفعله أيٌّ من قيادات الحزب مكتفين بالتلميح اليها، وهو ما لم يفعله السيد نفسه في العموم إذ لم يعتد أحدٌ في إطلالته على غرقه في التسميات والاستفزاز الأقرب الى الهزء. “المستقبل” ليس في وارد التعليق. تكتفي مصادره بالإشارة الى أن “الإناء ينضح بما فيه وبأن هذه الهجمة لا تصبّ سوى في خانة تخبئة عورات الحزب”. أما الأخير فلا حاجة الى استنطاق مصادره: “السيّد كفّى ووفّى” وعبّر عمّا لم يستطع الكثيرون قوله ربما منذ سنوات… أو أكثر.

الياس قطار- البلد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.