حلقة مفقودة بين تيار “المستقبل” والسعودية

sanyoura-mustaqbal

موقع النشرة الإخباري ـ
ماهر الخطيب:

في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة والعالم، تبرز على الصعيد المحلي حالة من الضياع على مستوى بعض الأفرقاء المحليين، مفادها عدم إدراكهم حقيقة ما يجري في الغرف المغلقة، خصوصاً أن العجلة تدور بسرعة فائقة لا يمكن معها توقع مسار الأحداث بأي شكل من الأشكال.
على هذا الصعيد، يبرز موقف تيار “المستقبل” من أغلب التطورات، خصوصاً تلك المرتبطة بالأحداث السورية والحوار مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد توقيع الإتفاق النووي معها، حيث تسيطر الضبابية الناتجة عن فقدان قناة الإتصال الفعلية مع المملكة العربية السعودية، الأمر الذي يصح معه القول أن نواب وقياديي التيار يمرون بواقع لا يُحسَدون عليه على الإطلاق، فقد يكونون مضطرين اليوم إلى تبديل المواقف التي أصرّوا عليها بالأمس القريب.
قد تكون أبرز الأسئلة، التي تُطرَح على هؤلاء، متعلقة بالتفاوض الذي يحصل بين الحكومتين السعودية والسورية، بصورةٍ مباشرة أو غير مباشرة، أو بالطريقة التي ستتعامل معها الرياض مع التطورات المتعلقة بالعلاقة مع الحكومة الإيرانية، إلا أن مصدراً نيابياً في كتلة “المستقبل” يؤكد، عبر النشرة”، أنّ زيارة مدير مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك إلى المملكة، بالإضافة إلى لقائه مع الشخصية الأقوى فيها، أي ولي ولي العهد وزير الدفاع محمد بن سلمان، هو الحلقة الغامضة حتى الساعة، التي قد تحتاج إلى جهد كبير لتبريرها أمام الجمهور الغاضب من كل أساليب التيار في إدارة الملفات العالقة، خصوصاً بعد أن أثبت أنه عاجز عن تحقيق أي إنجاز.
يجزم هذا المصدر بأن المرحلة التي يمر بها “المستقبل” على الصعيد المحلي صعبة جداً، ويلفت إلى أن الكثير من الملفات تنفجر بوجه قيادته من دون أن يكون له القدرة على حل أي منها، من النفايات إلى التعيينات الأمنية، وصولاً إلى المخاطر التي تهدد إتفاق الطائف برمته، بالتزامن مع أزمات متعددة على الصعيد الداخلي، تبدأ من الصراع بين القيادات المختلفة على وراثة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري في السراي الحكومي، ولا تنتهي بالواقع المالي الذي يحدّ من نشاطه، في حين تبرز على الساحة السنية أكثر من جهة طامحة إلى منافسته بكل قوة.
ويشدد هذا المصدر على أن أحداً داخل التيار، سواء كان من الصف الأول أو الثاني أو الثالث، ليس لديه أي توقع حول مستقبل الأوضاع، المحلية أو الإقليمية، في وقت يدرك فيه الجميع أن إنعكاساتها على الساحة اللبنانية ستكون كبيرة جداً، ويشير إلى أن الحريري نفسه قد لا يكون على علم بتفاصيل ما يحصل من لقاءات ومشاورات بين اللاعبين البارزين، خصوصاً أن علاقته مع القيادة السعودية، التي من المؤكد أنها تحسنت عن السابق، لم تصل إلى المستوى الذي كان قائماً في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، لا بل يذهب المصدر إلى حد القول أن الرياض نفسها ليس لديها حتى الآن تصور واضح حول رسم سياستها الخارجية في المستقبل القريب أو البعيد.

على صعيد متصل، يُقر مصدر نيابي آخر من الكتلة نفسها، عبر “النشرة”، بهذا الواقع، إلا أنه يشير إلى أن الأمور ليست بهذه الصورة المأساوية، لا سيما أن السعودية ستبقى الداعم الأول لتياره السياسي في كل الحالات، في مقابل إلتزامه المقابل بالتناغم معها مهما كانت الظروف، ويشدد على أن الجميع كان يدرك أن سمة الفترة السابقة كانت التصعيد والتصعيد المضاد، لكن إنطلاقاً من القاعدة الشهيرة: “لا صداقة ولا عداوة دائمة في السياسة”، يمكن القول أن التفاوض والبحث عن حلول سلمية سيكون سمة المرحلة المقبلة، ويضيف: “في الأصل المملكة لم تكن في أي يوم من الأيام مع توتير الأجواء على الساحة اللبنانية، لا بل هي شجعت على الحوار بين الأفرقاء المحليين، ولم تمانع الجلوس مع “حزب الله” من أجل التفاهم على بعض النقاط، بعيداً عما يجري في البلدان المجاورة من صراعات”.
وفي حين ينفي هذا المصدر وجود حلقة مفقودة بين الرياض والحريري، يعتبر أن ليس هناك من نتائج عملية حتى الآن تستحق التنسيق الكبير بين مختلف الحلفاء، بل على العكس من ذلك الغموض يسيطر على الأوضاع في كافة الملفات العالقة، ويلفت إلى أن المملكة تضع على رأس سلم أولوياتها الأزمة اليمنية، وبالتالي لا يمكن الحديث عن أي تحولات بالنسبة لها قبل الخروج من المعركة التي تخوضها بنتائج تحقق الحد الأدنى من الأهداف التي وضعتها.

في المحصلة، ليست أوضاع تيار “المستقبل” على أحسن ما يرام، وهو لا يكاد يخرج من أزمة حتى ينصدم بأخرى أكبر منها، لكن من المؤكد أنّ الرياض لن تذهب إلى حد التخلي عن أبرز أوراقها في المنطقة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.