النظام السياسي في اليمن .. الرقص على رؤوس الثعابين ـ الجزء الأول

yemen-naserhosseini-research1

 

المقدمة
يلعب اليمن، موطن العرب الأقحاح، دوراً سياسياً مهماً بما يمثله من موقع وجغرافيا سياسية وأطماع إقليمية ودولية تمثلت باحتلالات متعددة فارسية وعثمانية وبريطانية ومصرية وهيمنة سعودية خوفاً من بروزه كقوة مستقلة في شبه الجزيرة العربية. ومع استقلاله عن السلطنة العثمانية والإستعمار البريطاني، حاول اليمنيون تأسيس كيان سياسي يوحّد شطريه المحتل والمُسْتَعْمَر سابقاً قائم على المواطنة والدستور والحريات ويؤمن استقلالاً سياسياً واقتصادياً وسيادة وطنية واستقراراً قائماً على توزيع ثروات البلاد ومعالجة التباينات القَبَليّة والتمايزات الطائفية والخلل الديموغرافي ما بين الشمال الغني الكثيف سكانياً والجنوب الفقير قليل الكثافة السكانية…
لكنّ هذه التطلعات اصطدمت بحائط النزعات الشخصية المتطلعة إلى الحكم الفردي والتسلّط وضعف ثقافة تداول السلطة وَبَذْرِ غَرسة التفرقة وسياسة فرّق تسد من قبل المستعمر البريطاني في وجدان الشعب اليمني من جهة، ومن جهة أخرى سهولة استمالة القبيلة وقيام تحالفات موازية للدولة تجاذبها سلطانها، ما أوجد تركيبة مجتمعية وسياسية سهلة الإختراق قابلة للإرتهان وأطرافاً سياسية متصارعة، مع انقسام جغرافي ما بين شمال وجنوب، وليس أبلغ من توصيف الرئيس علي عبد الله صالح لواقع الحال السياسي في بلاده بأنّه كالرقص فوق رؤوس الثعابين. كما أنّ العوامل الخارجية غذّت هذه التباينات وأغدقت الأموال الطائلة لجعل اليمن خاصرة رخوة تؤمن مصالح الدول الكبرى والإقليمية الحيوية.
ويتموضع اليمن على مدخل بحري أساسي “باب المندب” الممر الأهم في العالم المتصل عبر قناة السويس شمالاً بالبحر المتوسط، واصلاً بحر العرب وامتداداته إلى الشرق بشمال القارة الأفريقية وجنوب أوروبا، وعبر مضيق جبل طارق إلى القارة الأمريكية وأعالي أوروبا. ومن مضيق هرمز وباب المندب يخرج 22 % من إمدادات النفط للعالم.
وفي هذه النقطة أيضاَ، يكمن اهتمام السعودية والولايات المتحدة سلباً وإيجاباً بالثروة النفطية، فالسعودية تريد ارتهان اليمن لسياساتها وتعارض أي جهود يمنية حقيقية لاستخراج المكامن النفطية الضخمة القريبة من حدودها الجنوبية، وشركات التنقيب الأمريكية تريد نصيبها في هذا الإقليم، عدا عن أنّ تنمية هذا القطاع النفطي سيخرج اليمن من فاقته الإقتصادية ومن تصنيف الأمم المتحدة القاضي بأنّ اليمن من “البلدان الأقل نماء” لاجتماع مؤشرات تدني النماء الإجتماعي والإقتصادي، ما يؤدي لخروج اليمن من هيمنة السعودية، وبروزه ـ بما له من عمق تاريخي ـ كنقيض لإمارة آل سعود الحديثة العهد والتي تريد اليمن على شاكلة بلدان الخليج الدائرين في فلكها…
وفي الآونة الأخيرة شهد اليمن تطورات متسارعة، حيث تواجد تنظيم القاعدة في الساحة اليمنية واتخذت الولايات المتحدة أراضيه وأراضي السعودية قاعدة انطلاق لضربه، وبرز معطى حركة أنصار الله القريبة من إيران باعتبارها حركة شيعية تدعمها إيران وحزب الله اللبناني ومطالبة الحوثيون بالمشاركة السياسية في اليمن كمكون أساسي في البلد، وتجددت مطالبات الجنوب بالإنفصال عن الشمال، ومؤخراً دخلت البلاد في حرب شنّتها السعودية بذريعة تمدد الحوثيين (أنصار الله) في شمال البلاد وجنوبها وسيطرتها سياسياً على العاصمة، كل ذلك يضع اليمن على خط تماس يبدأ محلياً بتهاوي التسوية السياسية بين الأفرقاء اليمنيين واتفاق تأسيس دولة اتحادية من ستة أقاليم سياسية، وبترسيم الحدود مع السعودية واسترجاع عسير ونجران وجازان المناطق التي ضمّتها السعودية ـ إثر احتلالها ـ باتفاق مع الرئيس علي عبد الله صالح، مروراً بخط التماس الإقليمي ودخول إيران كلاعب داعم للشعب اليمني ورافض للحصار المفروض من السعودية عليه، وترقب دور لمصر لإثبات حضورها في الإقليم ولما لها من علاقة وثيقة باليمن في ترتيب وضعه السياسي عقب دعمها ثورة الجمهوريين بمقابل المملكة المتوكلية المدعومة من السعودية، وانتهاء بخط التماس الدولي والحفاظ على إمدادات الطاقة عبر باب المندب والحرب على الإرهاب ومصلحة الولايات المتحدة في إيجاد نظام سياسي ينفّذ أجندتها في هذا المجال، ويؤمن حصتها من الإستثمارات في اليمن.
في هذا البحث، نظرة سريعة إلى النظام السياسي وحيثياته قبل الوحدة وبعدها، والنظام الأمثل الذي يتطلع إليه اليمنيون في ظل تنوعاتهم القبلية والطائفية، والقضايا المثارة من قبل الأطراف والمكونات السياسية الفاعلة التقليدية والحديثة العهد، وعلاقة الأطراف الخارجية باليمن وتأثيرات مصالحها عليه. ويقع البحث في أربعة فصول تعالج مراحل تطور النظام السياسي وأطراف التجاذب الداخلي، والدول المؤثرة على الواقع اليمني إضافة إلى لمحة تعريفية بموقع اليمن وجغرافيته السياسية.

الفصل الاول: لمحة تعريفية

أ ـ تشكّل الدولة اليمنية
بـ ـ التضاريس والجغرافيا السياسية
ج ـ الاديان في اليمن
د ـ نظام الحكم السياسي
ـ السلطة التشريعية: مجلس النواب اليمني
ـ السلطة التنفيذية: رئيس الجمهورية اليمنية
ـ السلطة القضائية
ـ الأحزاب السياسية
ـ القَبَلِيّة في اليمن
ـ العلاقات الخارجية

الفصل الأول: لمحة تعريفية
الجمهورية اليمنية من أعرق البلدان من حيث الحضارة ومن أهمها من الناحية الجغرافية التي يتمتع بها هذا البلد والتي تجعله عرضة لأطماع الدول الاستعمارية الدولية والإقليمية منها، عاصمتها صنعاء، ويحتوي التقسيم الإداري للجمهورية اليمنية على 19 محافظة بالإضافة إلى أمانة العاصمة.

 

yemen-flag1

العلم الوطني يتمثل بثلاثة ألوان :
• الأحمر: ويرمز إلى الثورة.
• الأبيض: ويرمز إلى مبادئ الثورة.
• الأسود: ويرمز إلى عهد الظلام.

الشعار الوطني: يتمثل في نسر يرمز إلى قوة الشعب وانطلاقة في أفق التحرر، باسطاً جناحيه على العلم الوطني، ومرتكزاً على قاعدة كتب عليها “الجمهورية اليمنية”.
الدين واللغة: الإسلام دين الدولة، واللغة العربية هي اللغة الرسمية.
هي الدولة الوحيدة في الجزيرة العربية ذات نظام جمهوري. ينص الدستور اليمني على ديمقراطية الدولة وإقرارها التعددية الحزبية والسياسية وتبنيها نظام إقتصادي حر والالتزام بالمواثيق والعهود الدولية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وأنّ الشريعة الإسلامية هي المصدر الأساسي للتشريع.
أ ـ تشكّل الدولة اليمنية
تاريخ اليمن القديم يبدأ من أواخر الألفية الثانية ق.م حيث قامت مملكة سبأ ومَعيَّن وقتبان وحضرموت وحِمير وكانوا مسؤولين عن تطوير إحدى أقدم الأبجديات في العالم. قامت عدة دول في اليمن في العصور الوسطى مثل الدولة الزيادية والدولة اليعفرية والإمامة الزيدية والدولة الطاهرية وأقواها كانت الدولة الرسولية. استقل ما عُرف بشمال اليمن عن الإمبراطورية العثمانية عام 1918 وقامت المملكة المتوكلية اليمنية إلى أن تمّ إسقاطها عام 1962 وقيام الجمهورية العربية اليمنية، بينما بقي جنوب اليمن محمية بريطانية إلى العام 1967 وقيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. تحققت الوحدة اليمنية بين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 22 مايو 1990.
قامت سلسلة من الاحتجاجات الشعبية في عام 2011 مطالبة بإسقاط نظام علي عبد الله صالح، وأثمرت الاحتجاجات في تنحيته وأبنائه جزئياً عن المشهد السياسي بفضل المبادرة الخليجية (1) وبقيت رموز نظامه لانضمامها للإحتجاجات. انعقدت جلسات الحوار الوطني اليمني في 18 مارس/آذار 2013 الذي عُوّلَ عليه لإيجاد حلول لمشاكل اليمن العالقة وأستمر لحوالي 10 أشهر. واختتم المؤتمر في 25 يناير/كانون الثاني 2014 بالتوقيع على “الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل”، وتمّ الإتفاق على دولة إتحادية من ستة أقاليم يكون لكل إقليم حكومة، وبرلماناً لإدارة مختلف شؤون الإقليم، وتتولى الحكومة الاتحادية إدارة الشؤون الخارجية للبلاد والدفاع. في 21 سبتمبر/تشرين الأول 2014، سيطرت حركه أنصار الله على العاصمة صنعاء بعد قرابة شهر من الاحتجاجات أعقب ذلك توقيع على اتفاق سياسي برعاية الأمم المتحدة وهو “اتفاق السلم والشراكة الوطنية” (2) بين كافة القوى السياسة في البلاد.

 
ب ـ التضاريس والجغرافيا السياسية
الجمهورية اليمنية دولة تقع جنوب غرب شبه الجزيرة العربية في غربي آسيا. تبلغ مساحتها حوالي 527.970 كيلو متراً مربعاً. يحدّها من الشمال المملكة العربية السعودية التي لها مع اليمن شريط حدودي بطول 1458 كيلومتراً، ومن الشرق عمان بحدود تبلغ 288 كيلومتراً، لها ساحل جنوبي على بحر العرب وساحل غربي على البحر الأحمر. لدى اليمن أكثر من 200 جزيرة في البحر الأحمر وبحر العرب أكبرها جزيرتي سقطرى وحنيش.
يتكون اليمن من خمسة أقاليم جغرافية هي :
1 ـ إقليم السهل الساحلي : يمتد هذا الإقليم من تهامة مرورا بالسواحل الجنوبية للبلاد في عدن وحضرموت والمهرة. يتخلل هذا الإقليم عدة هضاب وجبال ويشمل سهول تهامة وأبين وميفعة والسهل الساحلي الشرقي في محافظة المهرة .
2 ـ إقليم المرتفعات الجبلية : وهو أكبر أقاليم اليمن الجغرافية إذ يمتد من أقاصي الحدود الشمالية الغربية للبلاد حتى الحدود الجنوبية الشرقية. والجبال في هذا الإقليم هي الأعلى ارتفاعا في شبه الجزيرة العربية بمعدل 2000 م وتبلغ بعض القمم 3500 م أعلى هذه القمم هي قمة جبل النبي شعيب.
3 ـ إقليم الأحواض الجبلية : يتميز هذا الإقليم بالأحواض والسهول الجبلية في مرتفعاته وأكثريتها تقع في الجانب الشرقي من الإقليم حيث تكثر المياه الآتية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وتعبر في قاع يريم وذمار ومعبر وحوض صنعاء وعمران وصعدة.
4 ـ إقليم المناطق الهضبية: تقع إلى الشرق والشمال من إقليم المرتفعات الجبلية وموازية لها لكنها تتسع أكثر باتجاه الربع الخالي وطبيعة هذا الإقليم صحراوية صخرية تتخله بعض الأودية وينقسم إلى قسمين الهضبة الغربية وأعلى ارتفاع لها قرابة 1300م والهضبة الشرقية المتمثلة في هضبة حضرموت التي بدورها تنقسم إلى شمالية وجنوبية بسبب وادي حضرموت الذي يفصل بينهما.
5 ـ إقليم الصحراء: إقليم رملي يكاد يخلو من غطاء نباتي بإسثناء مجاري الأمطار ويشمل أجزاء من صحراء الربع الخالي. تراوح ارتفاع السطح هنا بين (500-1000) م فوق مستوى سطح البحر.
يعطي مضيق “باب المندب” أهمية كبيرة لهذا البلد و هو من أهم الممرات المائية في العالم ويجعل اليمن عرضة للأطماع الاستعمارية.
يقع مضيق باب المندب ما بين البحر الأحمر وخليج عدن. أي أنّه هو الممر المائي الّذي يفصل بين قارتي آسيا وأفريقيا. يعتبر مضيق باب المندب واحداً من أكثر الممرات المائيّة المتنازع عليها بين الدول التي تشرف على هذا المضيق، لأنّ السيطرة عليه تعني السّيطرة على حركة السّفن الخارجة والدّاخلة إلى مياه البحر الأحمر؛ كونه منفذاً هاماً يربط غرب وشرق آسيا بقارة أفريقيا، ومن ثمّ إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسّط.

yemen-map

 

التقسيمات الادارية
• أولاً : التقسيمات الإدارية الرئيسية (حضر وريف):
أ ـ المحافظة: هي الوحدة الإدارية ضمن التقسيم الإداري للجمهورية اليمنية، وتنقسم الجمهورية إلى 20 محافظة بالإضافة إلى أمانة العاصمة، وتتكون محافظات اليمن من عدد من المديريات يتفاوت عددها من محافظة إلى أخرى.
ب ـ المديرية: هي الوحدة الإدارية ضمن التقسيم الإداري للمحافظة. ويبلغ عدد مديريات اليمن 333 مديرية.
*في حالة الريف: تتكون المديرية من مجموعة من “العزل” يتفاوت عددها من مديرية إلى أخرى .
* في حالة الحضر: تتكون المديرية إما من مدينة صغيرة أو من مجموعة من الأحياء والحارات المتجاورة .
• ثانياً : التقسيمات الإدارية الفرعية في المدن:
أ ـ المدينة: هي عبارة عن مراكز المحافظات ومراكز المديريات بالإضافة إلى كل تجمع سكاني حضري يبلغ عدد سكانها (5000) نسمة أو أكثر وتتوفر فيها خدمة أو أكثر من الخدمات الأساسية .
ب ـ الحي: مسمى متعارف عليه محلياً ويتكون من مجموعة من الحارات المتجاورة التي يختلف عددها من حي إلى اخر ويحيط بالحي مجموعة من الشوارع التي تفصله عن بقية الاحياء الاخرى ويكون جزءاً من مدينة.
ج ـ الحارة: مسمى متعارف عليه محلياً تتكون من مجموعة من المباني المتجاورة ويحيط بالحارة مجموعة من الشوارع التي تفصلها عن بقية الحارات منعاً لتداخل حدود الحارات فيما بينها و تسهيل تحديد معالمها .
د ـ الشارع /الطريق: هو كل ممر يؤدي إلى بعض أو كل مداخل المباني القائمة على جانبيه وقد يكون الطريق ميداناً أو شارعاً أو زقاقاً .
• ثالثاً : التقسيمات الإدارية الفرعية في الريف:
أ ـ العزلة: هي الوحدة الإدارية ضمن التقسيم الإداري للمديرية وتتكون العزلة من مجموعة من القرى و المحلات/التوابع ، وقد تضم العزلة مدينة متوسطة الحجم ومجموعة من القرى والمحلات/التوابع .
ب ـ القرية: تجمع سكاني ثابت مستقر له مسمى متعارف عليه، شريطة ألاّ يكون مدينة أو تجمع بدو رحل (تجمع بدوي) ، وللقرية اسم وحدود معينة تتضمن أراضيها الزراعية ومراعيها والمحلات (التوابع) إن وجدت.
ج ـ المحلة: تجمع سكاني ثابت مستقر يتبع أي قرية عندما ينطبق عليه حالة من الحالات التالية:
ـ أن تقع بالقرب من القرية ويكون الساكنون فيها من أبناء تلك القرية.
ـ أن تقع ضمن امتداد ممتلكات أهالي هذه القرية ولا يفصلها عنها حدود إدارية أو ممتلكات أهالي قرية أخرى .
ـ يجب مراعاة توفر الشرطين السابقين في تبعية المحلة التابعة للقرية في كل الظروف.

 

YEMEN.jpg

الاقتصاد
عبر مختلف العصور ازدهرت في اليمن تجارة العبيد، وأبرز محطات استقدام الرقيق كانت الحديدة وما يتبعها من مناطق في تهامة، فقد كان زعماء القبائل والأثرياء والسلاطين يشترون الجواري والغلمان من الهند بينما الوصيفات والوصفان يستقدمون من القرن الأفريقي (3) .

أمّا اليوم فاليمن دولة نامية ومن بين البلدان الأقل نماءً (4) نتيجة الفساد والصراعات المسلحة التي تعيق مسيرة التنمية، ويعتمد الاقتصاد اليمني على موارد محدودة من النفط والغاز لم تستغل جيداً ولا يزال هذا القطاع رغم أنه يشكل النسبة الأكبر من الناتج المحلي الإجمالي غير مطور. كما يعتمد على مداخيل ممراته البحرية وموانئه. من جهة أخرى، فإنّ قرابة نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر، ويعد معدل النمو السكاني واحداً من أعلى المعدلات في العالم ومن المتوقع أن يصل تعداد اليمن إلى 30.8 مليون نسمة عام 2020 (5) .

تمثل المساحة المزروعة في الجمهورية اليمنية ما نسبته 90% من إجمالي المساحة الصالحة للزراعة، ويساهم قطاع الزراعة بنسبة تتراوح بين (5%-10%) من قيمة الناتج المحلي الإجمالي. ويُعتبر القطاع الزراعي أكثر القطاعات الاقتصادية استيعاباً للعمالة حيث يستوعب حوالي 54% من إجمالي القوى العاملة ومصدر دخل لأكثر من 70% من السكان.
كما يُعَدُّ قطاع النفط أحد القطاعات الإنتاجية الأساسية، ويتركز استغلال الموارد النفطية في عدد من محافظات الجمهورية أهمها محافظات مأرب،شبوه، حضرموت، ويساهم هذا القطاع بنسبة تتراوح بين (30%-40%) من قيمة الناتج المحلي الإجمالي، كما يسهم بأكثر من 70% من إيرادات الموازنة العامة للدولة ويمثل أكثر من 90% من قيمة الصادرات اليمنية (6) .
السكان
يقدّ تعداد سكان اليمن بقرابة 26 مليون نسمة تشكّل القبائل الغالبية العظمى من المواطنين بقرابة 85% من التعداد الكلّي للسكان  (7) وجلّهم من همدان والتي منها تفرعت حاشد وبكيل وحمير وكندة ومذحج والمعافر وخولان وحضرموت وما يندرج تحتهم من بطون وأفخاذ وأحلاف.
معظم سكان اليمن حَضَر ويعيشون في قرى متناثرة بأرجاء البلاد، وتوجد قبائل بدوية في محافظة مأرب والجوف وبادية الربع الخالي شمال حضرموت.
وهناك سكان محافظة المهرة في شرق اليمن وهم يتحدثون لغتهم الخاصة وهي اللغة المهرية. أما سكان جزيرة سقطرى المعزولين عن بقية المواطنين، إذ تبعد الجزيرة قرابة 300 كم عن البر اليمني، فهم سكان أصليون، فالجزيرة معزولة عن شبه الجزيرة العربية وأفريقيا وهو ما خلق ثقافة فريدة لسكانها وهم يقتربون من سكان محافظة المهرة وعددهم قرابة الخمسين ألفاً.

ج ـ الاديان في اليمن
تقدر نسبة المسلمين في اليمن 99% و 1.5% من مجموع مسلمي العالم، وينقسم المسلمون في اليمن إلى مجموعتين رئيسيّتين هما السنّة الشافعية والشيعة الزيدية وتبلغ نسبة الشافعية حوالي 60 إلى 70 بالمئة مقابل زيدية بنسبة 30 إلى 40 بالمئة (8).
وقد عاش اليمنيون عبر تاريخهم الإسلامي على نحو من التآخي العام دون أن يعني ذلك خلو الأجواء من المناكفات والمشاحنات بين حين وآخر، وعادة ما يسهم في تأجيجها تسييس أي من المذهبين حين تكون الغلبة لأي منهما، ذلك أنّه قد تمكن بعض الأئمة الزيدية من السيطرة على بعض المناطق في اليمن وجعل المذهب الرسمي للحكم فيها هو المذهب الزيدي لحقبة تزيد عن ألف عام.
زيديون
يعتبر المذهب الزيدي من فرق الشيعة، ويوصف دائماً بأنّه أقرب المذاهب الشيعية إلى فرق أهل السنة، بما يحمله من مبادئ وأسس، كما تأثّر بالمذاهب السنية. ينسب المذهب الزيدي إلى زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن ابي طالب عليهم السلام، ولد في المدينة المنورة سنة 80 للهجرة. تربّى زيد في كنف ابيه علي بن الحسين (زين العابدين). وتتلمذ على يد ابنه الاكبر محمد الباقر. خرج على حكم بني أميّة في عهد هشام بن عبد الملك بن مروان بثورة انتهت بمقتله في شهر ذي الحجة سنة 122 هـ.
يعتبر اليمن أهم مكان لوجود المذهب الزيدي، ويرتبط دخول الزيدية إلى اليمن بالإمام يحيى بن الحسين بن القاسم المعروف بالهادي (245-298هـ)، وهو من أحفاد الإمام الحسن بن الإمام علي بن ابي طالب عليهما السلام، عكف على دراسة الفقه على مذهب زيد، ومذهب أبي حنيفة، ورحل إلى اليمن سنة 280هـ فوجدها أرضاً صالحة لبذر آرائه الفقهية، لكنّ الإمام الهادي عاد بعد ذلك إلى الحجاز، ولم يكن قد دعا إلى إمامته في هذه الرحلة، وأحس أهل اليمن بالفراغ الذي تركه، فراسلوه ليرجع إليهم فأجابهم، وعاد إلى اليمن سنة 284هـ، واستقر في صعدة شمال اليمن، وأخذ منهم البيعة على إقامة الكتاب والسنة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. بدأ الإمام الهادي حركته الإصلاحية بلم الشّمل والقضاء على الفرقة والاختلاف، حتى استطاع أن يحكم معظم أنحاء اليمن وجزءاً من الحجاز. استمر حكم اليمن بيد أولاد الهادي وذريته حتّى قيام الثورة اليمنية سنة 1382هـ (1962م)
تجيز الزيدية أن يكون الإمام في كل أولاد فاطمة بنت محمد (ص)، سواءً أكانوا من نسل الإمام الحسن بن علي أم من نسل أخيه الإمام الحسين بن علي. الإمامة لديهم ليست بالنص وهي ليست وراثية بل تقوم على البيعة، ويتم اختيار الإمام من قبل أهل الحل والعقد. جمع المذهب الزيدي في نشأته بين فقه أهل البيت والاعتزال، مع الميل في الفروع للمذهب الحنفي، وتبنى قاعدة مشروعية الخروج على الحاكم الظالم، وهي القاعدة التي طبقتها الزيدية جيلاً بعد جيل. يجيزون أيضاً وجود أكثر من إمام في وقت واحد في قطرين مختلفين. ويجيزون إمامة المفضول مع وجود الأفضل. يقرّون خلافة أبي بكر وعمر ولا يلعنونهما. يميلون إلى الاعتزال فيما يتعلق بالعقيدة في الله تعالى والقضاء والقدر. يقولون بتخليد أهل الكبائر في النار (9).
ويتفق الزيديون مع الشيعة الإثني عشرية في زكاة الخمس، ويرون جواز التقية إذا لزم الأمر، وأحقيّة أهل البيت في الخلافة، وتفضيل الأحاديث الواردة عنهم على غيرها، وتقليدهم. ويقولون “حي على خير العمل” في الآذان. المذهب الزيدي من أكثر المذاهب تعدداً، ومن فرقه: الجارودية، السلمانية، البترية، النعيمية، المتبرئون واليعقوبية.
وبحسب المصادر فـ “الحوثيون” أي “أنصار الله” هم من الفرقة الجارودية، وهذه الفرقة تقول أنّ النبي (ص) نص على الإمام علي بن أبي طالب بالوصف، لا بالتسمية، فكان هو الإمام من بعده، وأنّ الناس ضلّوا وكفروا بتركهم الاقتداءَ به بعد الرسول (ص)، ثم الحسنُ من بعد علي هو الإمام، ثم الحسين هو الإمام من بعد الحسن.
شوافع
أمّا المذهب الشافعي، فيتواجد في محافظات اليمن الوسطى والجنوبية مثل محافظات حضرموت عدن وتعز والحديدة وإِب ومأرب، وتتميز مناطق تواجدهم بالكثافة السكانية العالية، فمحافظة تعز السنية، يصل عدد سكانها إلى أكثر من مليوني نسمة. وقد قامت معارك ضخمة بينهم و بين الإمام يحيى الزيدي أعقبت خروج العثمانيين، حيث أخضع الزيدية الشوافع لفترة طويلة و تمت معاملتهم بإذلال بالغ (10) .
وللإمام الشافعي، نسبة إلى الإمام محمد بن ادريس بن شافع الهاشمي وأمه اليمانية من الأزد وقيل من قبيلة الاسد وهي قبيلة عربية لكنها ليست قرشية، صِلة باليمن وطيدة وله إليها عدة رحلات، ولكن انتشار المذهب الشافعي في اليمن كان في بداية القرن الخامس الهجري، أي بعد استقرار المذهب، وللأيوبيين دور كبير في نشر دعائم المذهب باليمن، ولفقهاء الشافعية باليمن جهود مشهورة في خدمة المذهب، انتشر في مخلاف الجند وصنعاء وعدن وتهامة وحضرموت، وصار مذهب الدول السُّنِّية التي حكمت اليمن والتي استقرت فيما يعرف باليمن الأسفل ويتبع له إقليم حضرموت (جنوب اليمن) الذي انتشر فيه المذهب الشافعي أواسط القرن السابع والذي يعد من أهم الأقاليم التي استمر بها مذهب الشافعي، ويتميَّزُ مجتمعه بالالتزام التام بأحكامه إلى يومنا هذا، وفي عهد الدولة القعيطية كتب مشروع قانون للمحاكم الشرعية مستمد بأكمله من المذهب الشافعي، وتعد هذه ظاهرة فريدة تميز بها هذا القطر.
يقول المؤرخ السيد سقاف الكاف: كانت جميع المحاكم الشرعية والنظم البلدية تأخذ أحكامها من هذا المذهب، ولا يجوز للقاضي ولا غيره الخروج عن المذهب والانتقال إلى غيره مطلقاً، إلا في عهد السلطان صالح بن غالب القعيطي حيث أدخل على نظام التشريع والقضاء مسائلَ مختارة من المذاهب الفقهية الأخرى، رأى أن المصلحة تقتضيها ، وذلك سنة 1341هـ، وبقي الأمر على ذلك حتى عام 1392هـ، حيث أسقط النظام الشيوعي في عدن التشريعات الإسلامية كافة واستبدل بها النظام الشيوعي، وهو الذي ينازع الشعب اليمني سلطان المذهب الزيدي مع كون الشافعية الغالبية العظمى (11).
اسماعيليون
توجد أقلية إسماعيلية في اليمن وتأتي في الرقم ثلاثة من حيث انتشارها بعد الشافعية والزيدية. تغيب هذه الطائفة من الحضور الإعلامي كثيراً، وربما ذلك لرغبة عن أبناء الطائفة نفسها الذين يفضلون عدم الظهور، حفاظاً على مشاعر الآخرين ورغبة منهم في العيش الآمن، وممارسة أعمالهم بأمان. وقد تعرضت هذه الطائفة لحروب عدة خلال القرن الماضي، وشنّت ضدها شائعات مازال البعض يرددها حتى الآن من بينها ممارستهم لطقوس خاصة برمضان، والقول بأن صومهم هو امتناع عن الكلام والستر والكتمان لمدة 30 يوماً (12).
خضعت الطائفة الاسماعيلية فكراً ومذهباً وسياسة لرقابة وتضييق كبيرين من قبل حكام وولاة الدول اليمنية المتعاقبة منذ انهيار الدولة الصليحية واستمر هذا الحال حتى قيام النظام الجمهوري في 1962م. وما تزال بعض مظاهر تلك الرقابة قائمة حتى اليوم وخصوصاً فيما يتعلق بحرية التفكير والعبادة على الرغم من أن أفراد هذه الطائفة يناهزون اليوم نصف مليون نسمة بحسب احصائيات غير رسمية.
وفي هذا الاطار، يقول شيخ الطائفة الاسماعيلية في اليمن أحمد علي عبدالله المحلّه في حديث صحفي إنّ هناك إقصاء بحق الطائفة يأتي ضمن سلسلة العداء التاريخي الممنهج الذي يُشن ضد أتباع الطائفة، ووصل في بعض الأحيان إلى التكفير والقتل.. مشيراً إلى أنّ عدد أتباع الطائفة في اليمن يصل إلى نصف مليون اسماعيلي (السليماني والداودي) يتمركزون في حراز بصنعاء ومنطقة عراس والعدين في إب وفي وائلة بصعدة وفي منطقة همدان وهم قليلون.. وان ما يميز الفكر الاسماعيلي انه لا يرتهن ولا يجادل إلا من خلال أقوال وأحاديث منسوبة إلى آل رسول الله (ص)، ولا يأخذ بما عدا ذلك من الأقوال، وأكّد المحلّه أن أتباع الطائفة الاسماعيلية يحبذون السلام الاجتماعي والتعايش والأخوة مع المذاهب الأخرى، ولا يمكن أن يكفروا أو يحلوا قتل أي شخص يخالفهم المذهب، فالاسماعيليون تعرضوا على مدى التاريخ إلى القتل والإبادة بالآلاف، ومن ذلك قتل أكثر من 50 ألفاً من الاسماعيليين من قبل المذهب الزيدي أيام عبدالله بن حمزة ويحي بن حمزة والمتوكل وغيرهم، منوّهاً إلى أنّ الانفتاح الذي حدث مؤخراً في المذهب الزيدي أزال الكثير من العداء تجاه الاسماعليين، بعد معرفتهم والآخرين بالكثير من الحقائق، وهو ما جعل إتباع المذهب الزيدي يقررون تقديم اعتذار للطائفة الاسماعيلية.
ويضيف المحلّه أنّ الاسماعيليين قدموا لمؤتمر الحوار الوطني رؤية تتضمن العديد من المطالب، ومنها أحقية أتباع الطائفة بالمشاركة في الحوار وفي العملية السياسية، وضرورة ترسيخ مبادئ الإخاء والمحبة بين كل اليمنيين في إطار الدولة اليمنية الموحدة، وتجريم كل أنواع القتل والعنف ضد أي طائفة أو منطقة باليمن، لكن مؤتمر الحوار تجاهل كل تلك المطالب، موضحاً بأنّ الاسماعيليين لا ينوون التوسع أو إعادة نشر الفكر الاسماعيلي، ويطالبون المذاهب الأخرى بتركهم وشأنهم، متهماً السلطات اليمنية بمنع وصول كتبهم من لبنان، مؤكداً تواجد أتباع المذهب الاسماعيلي في العديد من الدول بالإضافة إلى اليمن، كالهند(الداودية) ونجران بالسعودية (السليمانية) (13).
ولم تتغير الأوضاع كثيراً بالنسبة للطائفة الاسماعيلية بعد ثورة 62م، فقد ظلت نظرة المجتمع لهم كما هي، بل ونظرة المؤسسة الدينية الرسمية في العهد الجمهوري مع تغير مرجعيتها، فلم يتم الاعتراف بمذهبهم أو ذكره في المناهج الدراسية، واستمرت حملة التشويه ضدهم حتى داخل المؤسسات الرسمية التعليمية والقضائية وغيرها، واستمر نهج الاقصاء السياسي بحقهم (14).
ورغم تطلعهم للتمثيل في السلطة وفي مجلس النواب والحوار الوطني الأخير، وتقديمهم مرشحين تمت الموافقة عليهم من قبل اللجنة الفنية المعنية بالتهيئة في المؤتمر، إلاّ أنّهم لم يحصلوا على مقاعد لهم ولم يظهر أي مرشح منهم في المؤسسات التمثيلية (15).
كذلك هناك أعداد قليلة باقية من اليمنيين اليهود إذ هاجر أغلبهم إلى إسرائيل والولايات المتحدة وهم الأقليّة غير المسلمة الوحيدة من سكان اليمن الأصليين، ووجودهم قديم للغاية ويعود للقرون الأولى بعد الميلاد، كان معظمهم يعمل في صياغة الذهب وصناعة الخناجر اليمنية ولهم ثقافة مميزة عن باقي اليهود حول العالم.
كذلك تواجدت خلال الإستعمار الإنكليزي لعدن، أقليات مسيحية وبارسية (زرادشتية إيرانية) وافدة رحل معظمهم برحيل الإنجليز عام 1967.
يذكر في هذا السياق، تزايد أعداد معتنقي الوهابية في اليمن ولا إحصاءات رسمية بشأن معتنقيها، وإنتشارهم مرتبط بشكل رئيسي بتمويل السعودية لمدارس تابعة لحزب التجمع اليمني للإصلاح (16) .

yemen_m.jpg

 

د ـ نظام الحكم السياسي
نظام اليمن جمهوري تمثيلي ديموقراطي يكون فيه الرئيس رأس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس الوزراء (الذي يعين من الرئيس) رئيساً للحكومة. السلطة التنفيذية بيد الحكومة، والسلطة التشريعية تخضع لتداول الحكومة ومجلس النواب اليمني وهي مستقلة كما ينص الدستور. المدة الرئاسية التي ينص عليها الدستور هي 7 سنوات و 6 سنوات للنائب و حق التصويت مكفول لكل مواطن فوق 18 سنة (17) وقد أبدت الحكومة الفرنسية والألمانية إستعدادها لتقديم المساعدة لكتابة دستور اليمن الجديد وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.

السلطة التشريعية: مجلس النواب اليمني
مجلس النواب يقوم بالمهام التشريعية وهو مؤلف من ثلاثمئة ونائب (301) ينتخبون مباشرة كممثلين عن دوائرهم الإنتخابية. في مايو/أيّار 1997 قام الرئيس علي عبد الله صالح بتشكيل مجلس شورى يعين جميع أفراده من قبله دون إنتخابات و يشار للمجلس بمجلس النواب الأعلى و يبلغ عدد أعضائه مئة وثلاثة وثلاثون عضواً  (18).

السلطة التنفيذية: رئيس الجمهورية اليمنية
ينتخب الرئيس عبر إنتخابات مباشرة لمدة 7 سنوات و يقوم بتعيين نائب الرئيس و رئيس الوزراء و نائب رئيس الوزراء. يعد الرئيس علي عبد الله صالح صاحب أطول فترة رئاسية منذ قيام الجمهورية في اليمن. يشترط في المرشح لمنصب رئيس الجمهورية ألا يقل عمره عن أربعين سنة ومن والدين يمنيين وأن لا يكون قد صدر ضده حكم قضائي في قضية مخلة بالشرف أو الأمانة وعدد من الشروط الأخرى مثل: “أن يكون مستقيم الأخلاق والسلوك محافظاً على الشعائر الإسلامية وأن لا يكون متزوجاً من أجنبية وألا يتزوج أثناء مدة ولايته من أجنبية”.

السلطة القضائية
تنص المادة الثالثة من الدستور اليمني أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع. عدد كبير من القضاة و المستشارين في اليمن رجال دين في الأساس. ويقسم القضاء اليمني إلى ثلاثة مستويات: المحكمة الابتدائية، محكمة الاستئناف، المحكمة العليا (19) .

الأحزاب السياسية
يعتبر حزب المؤتمر الشعبي العام الحزب المهيمن على مفاصل الحياة السياسية في اليمن وكان الحزب الإشتراكي اليمني الحزب الأوحد في جنوب اليمن قبل 1990. ويعتبر حزب التجمع اليمني للإصلاح أكبر حزب إسلامي في البلاد، وهو يضم أطيافاً من إخوان مسلمين ووهابية وقبليين، وحصل حزب اتحاد الرشاد اليمني السلفي على اعتراف رسمي في مارس/آذار 2012 هو وحزب الأمة الزيدي. ويعارض الدستور اليمني الحالي قيام أحزاب سياسية “تعارض الإسلام” وفي نفس الوقت يحظر قيام أحزاب على أسس دينية أو قبلية أو مناطقية أو فئويّة، ويجرم الدستور اليمني التمويل الأجنبي للأحزاب والسياسيين. إلا أن السعودية تقوم بتمويل أطراف مرتبطة بحزب التجمع اليمني للإصلاح بصورة رئيسية وحزب المؤتمر الشعبي العام كذلك (20) . وهناك أحزاب أخرى انبثق بعضها من الإحتجاجات الشعبية عام 2011. ووفقاً لإستطلاع منظمة الشفافية الدولية، فإن 78% من المواطنين يعتقدون أن الأحزاب السياسية فاسدة (21) .

القَبَلِيّة في اليمن
حسب بعض الإحصائيات فإنه يتواجد ما يقارب 200 قبيلة في اليمن وبعضها أحصى أكثر من 400 قبيلة. اليمن أكثر بلدان العالم العربي قَبَلِيّة من ناحية نفوذ زعماء القبائل وتغلغلهم في مفاصل الدولة، ولمعظم القبائل تاريخ قديم بعضها من أيام مملكة سبأ.
وفي فترات مختلفة من التاريخ تشكلت تحالفات قَبَليّة قوية لبناء دول أو إسقاطها، ورغم أنّ عموم القبائل تعود إلى أقسام مشتركة بطبيعة الحال، فإنّ نَسَب القبيلة يُعَدّ تَرَفاً معرفياً في اليمن فهو ليس بأهمية التحالفات فالقبائل أبعد من أن تكون هياكل مجتمعية متجانسة بأي حال من الأحوال، فقد تشترك عدة عشائر في تاريخ ونَسَب مشترك ولكن القبيلة في اليمن ليست كيان سياسي متماسك، حيث قد تغير عشائر تنتمي لـنسبٍ مشترك إنتماءاتها وولاءاتها حسب ما تمليه الاحتياجات والظروف.
وللقبيلة أهمية سياسية في بناء الدولة، وتشكّل جزءاً من سلطتها، وتلعب دوراً رئيسياً في صناعة القرار السياسي مع أنها لا تمتلك رؤية للتحول الاجتماعي، إلا أنّها تمتلك تأثيراً في معارضة أو وقف كل قرار يتعارض مع مصالحها. كما أن اتّساع وفاعلية الدور القَبَلي في اليمن عمل على تعزيز البنى القبلية والالتزام بثقافة الخصوصية وعلاقات المواطنة غير المتساوية التي ظلت من أهم القضايا التي يدور حولها صراع بين قوى التحديث والقوى التقليدية، وهذا الوضع يضعف دور المجتمع المدني الديمقراطي كون القوى التقليدية تعتبر قوى اجتماعية محافظة مقاومة للتغير.
وهناك اتّفاق على ان كل اليمنيين ينتمون الى قبائل وجلّهم ـ إن لم يكن كلهم ـ ينتمون الى خمس اتحادات قبائل هي: حمير و مذحج و كنده وحاشد و بكيل…
و هي ناجمة عن انقسام القبيلة الرئيسية أي الشعب الى قسمين: الاول كهلان و الثاني حمير. ومن هذين القسمين تفرعت القبائل العديدة: حمير وتنتمي اليها قبائل لحج و عدن و حضرموت و يافع. وكهلان و تنتمي اليها مذحج و همدان.
ثمّة عوامل اقتصادية و سياسية و اجتماعية و ثقافية أيضاً أدّت إلى إضعاف تأثير البنى والروابط والعلاقات القبلية بين السكان الذين ينتمون الى قبائل حمير و مذحج و كنده، واستمر تأثيرها في أوساط المواطنين الذين ينتمون الى قبيلتي حاشد و بكيل اللتين يتركز و جودهما في المنطقة الممتدة من شمال مدينة صنعاء الى الحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية. لذلك فإنّ الحديث عن الدور السياسي للقبائل وعن البنية القبلية إنّما يرتكز على الحديث عن قبيلتي حاشد و بكيل اللتين استطاع شيوخهما الاحتفاظ بقوة سياسية كبيرة.
النزعة الاستقلالية للقبائل عبر تاريخها جعلت اليمنيين عرضة للاستقطاب الخارجي في العصر الحديث وبالذات من السعودية. والقبيلة تلعب دوراً سلبياً بارزاً في الحياة السياسية والاجتماعية اليمنية بسبب الدعم السعودي عن طريق اللجنة الخاصّة لنخب قبلية مختلفة في البلاد لعرقلة وإضعاف مركز الدولة واستمرار استقلالية القبائل. وهناك تذمّر شعبي من سيطرة مشايخ القبائل على الدولة واستئثارهم بالقرار السياسي دون بقية الشعب.
يقول الدكتور علي العثربي في شرحه لأفضلية “النظام الرئاسي بقوة المجلس النيابي” حول تأثير دور القَبَلِيّة على النظام السياسي في اليمن (22) : لا جدال بتاتاً في حجم التأثيرات الملموسة والقوية التي تمارسها القوى التقليدية وعلى رأسها القبيلة في إطار مكونات النظام السياسي من مواقع غير رسمية، وهي المحطة الأبرز في صياغة تاريخ اليمن منذ القدم، فالقبيلة لم تكن على الدوام مكوناً غريباً عن اليمن (الأرض والإنسان والدولة)، والقبيلة بحكم طبيعة تكوينها السوسيولوجي عادة ما تنزع إلى الاستقلالية وتنازع الاختصاص الاجتماعي – في الأساس- مع المؤسسات الرسمية في الدولة، وذلك أمر قد يبدو طبيعياً في كثير من الظروف، ومن المؤكد أنه لا يمكن أن يصنف أي تنازع من ذلك النوع في خانة الانتقاص من اختصاصات الدولة خاصة عندما يتعلق ذلك التنازع بممارسة القبيلة لدور تقليدي ايجابي كحل النزاعات وإنهاء الثارات وعمليات التحكيم القبلي التي تمنع وصول الكثير من قضايا الخصومة إلى دهاليز القضاء، وتتم في الأساس وفقاً لأسس يقرها القانون والشرع.
ولكن عندما تتحول القبيلة إلى اللعب في ميدان السياسة وفقاً لمبدأ العصبية فعندها لا يمكن الحديث عن أية ايجابية في ذلك؛ إذ غالباً ما تتحول القبيلة حينها إلى عامل معطل ومعرقل لتجذر مفهوم الدولة ذاته، وتتحول (أي القبيلة) أيضاً إلى مركز بديل غير منصف ولا مستقر لإدارة النزاعات السياسية وإقرار التسويات غير العادلة نظراً لاختلال معايير الحكم التي تتبناها القبيلة وفقاً لمبادئ العصبية والانكفاء على المصالح الفئوية لأبنائها.

العلاقات الخارجية
اليمن عضو في جامعة الدول العربية منذ العام 1945 والأمم المتحدة منذ العام 1947 ومنظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الإنحياز، وعلاقات اليمن جيدة مع معظم الدول العربية وتلك التي تقطنها أغلبية مسلمة. أهمية اليمن تكمن في موقعه الإستراتيجي ولكن الصراعات السياسية والمذهبية والقبلية تعيق إستغلال الموقع وتأثيره لصالح البلاد. قبلت الجمهورية اليمنية المسؤولية عن جميع المعاهدات والديون من سابقاتها، الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. بالإضافة إلى ذلك، انضمت اليمن إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. لا توجد سياسة يمنية خارجية، فالسيادة اليمنية بحد ذاتها منتهكة من السعودية (23) . وتعد السعودية من أبرز عوامل الإضطراب الخارجية المؤثرة على اليمن (24) .

 

الهوامش:

1 ـ أنظر الملحق تنفيذ مبادرة دول مجلس التعاون لدول الخليج التي تمّ التوصل إليها بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب المعارضة، آخر البحث.

2ـ أنظر نص الاتفاق في الملحق آخر البحث.

3ـ موسوعة المعرفة / إنترنت

4 ـ “البلدان الأقل نماءً” وفق منظمة الأمم المتحدة هي ذات المؤشرات المتدنية للنماء الاجتماعي الاقتصادي، ويتم التصنيف إذا تحققت ثلاثة معايير مجتمعة: انخفاض الدخل، ضعف الموارد البشرية وسرعة التأثر الاقتصادي.

5 ـ موقع ويكيبيديا / إنترنت

6 ـ المركز الوطني للمعلومات اليمني التابع لرئاسة الجمهورية

7 ^ CIA world facts book – Yemen Geography /July 2014 est

8 ^  David Levinson – Ethnic Groups Worldwide: A Ready Reference Handbook p.302

9 ـ مركز التنوير للدراسات الإنسانية/ دراسة عن الزيدية في اليمن

10 ـ موسوعة المعرفة

11 ـ محمد بن عمر الكاف/ انتشار المذهب الشافعي في العالم الإسلامي/ الملتقى الفقهي 9-7-2012

12 ـ وكالة الأنباء الدولية / الطائفة الإسماعيلية في اليمن .. رمضان لون آخر 2014-07-20

13 ـ مقابلة أجراها موقع المشهد اليمني الإلكتروني، الاثنين 30 سبتمبر/أيلول 2013

14 ـ على البخيتي/ متى سنعتذر للإسماعيلية؟ صحيفة الأولى 31 / 5 / 2014

15 ـ منصور عبد الله الحرازي الناشط الحقوقي الإسماعيلي/ إذاعة الأمم المتحدة، الأخبار والإعلام 24/11/2014

16 ـ ويكيبيديا الموسوعة الحرة

17 . CIA world facts book – Yemen Executive branch

18 .Yemen times viewed by al-bab.com site 14-05-2015

Arab Judicial Structures A Study Presented To The United Nations Development Program by Nathan J Brown _19

20_  Sarah Philipes. Yemen’s Democracy Experiment in Regional Perspective. Palgrave Macmillan.. ISBN 0230616488.

Also ^ “Yemen: Hamid al-Ahmar Sees Saleh as Weak and Isolated, Plans Next Steps”. Wikileaks Cables. Aug 2009.

21  Transparency International. 2013.

22 ـ رؤية مقترَحة قدمها د. علي مطهر العثربي لحلقة نقاش بعنوان “الحوار الوطني وشكل النظــام السياســي فـي اليمــن”، صعدة برس الجمعة، 26-ابريل/نيسان2013

Steven C. Caton. Yemen. ABC-CLIO.ISBN 159884928X.23

24 Julie Chernov Hwang. Peaceful Islamist Mobilization in the Muslim World: What Went Right.

Palgrave Macmillan. ISBN 9781137016232.