خاطرة “أبو المجد” (الحلقة التاسعة والخمسون)

bahjat-soleiman1

موقع إنباء الإخباري ـ الدكتور بهجت سليمان ـ سفير الجمهورية العربية السورية لدى الأردن:

(صباح الخير يا عاصمة الأمويين.. صباح الخير يا عاصمة الحمدانيين.. صباح الخير يا بلاد الشام.. صباح الخير يا وطني العربي الكبير).

 الحلقة التاسعة والخمسون

لا تَشْكُ للناس، جُرْحاً أنتَ صَاحِبُهُ            لا يؤلم الجرحُ، إلّا مَنْ به أَلَمُ

[ العبيد، وَحْدهم، هم مَن ينتقلون بسلاسة ويُسر، من الولاء لسيّد قديم، إلى الولاء لسيّد جديد ]

* المناضل الأممي والمفكر القومي (سعود قبيلات)

-1-

[ مَن هو الأسوأ: “باراك أوباما” و”جورج دبليو بوش” أم “أيمن الظواهري” و “أسامة بن لادن”؟ ]

مَن يعتقد أنّ “تنظيم القاعدة” أو “جبهة النصرة” وأشباهها وتفريخاتها، أكثر سوءاً، من “الإدارة الأمريكية” أو دول الاتحاد الأوربي، يكون مخطئاً…. ومَن يعتقد أنّ “أيمن الظواهري” و”أسامة بن لادن” أكثر سوءاً، من “الرئيس الأميركي” أو “الرئيس الفرنسي” أو “رئيس الوزراء البريطاني” أو وزراء خارجيتهم، يكون مخطئاً، لا بل يقع في الخطيئة الكبرى.. لماذا؟

(1): لأنّ الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، هم الذين أوجدوا واحتضنوا ودعموا “تنظيم القاعدة” وهم الذين أوعزوا لنواطير النفط، بتمويل هذا التنظيم وتسليحه وإرساله إلى أفغانستان.

(2): لأنّ الأمريكان والأوربيين، هم أصل المنشأ، لهذا التنظيم الإرهابي العالمي، وبأدوات متأسلمة، وبتمويل نفطي وغازي.. ولذلك، من البديهي، أن يرى أيّ عاقل، بأنّ الأصل أسوأ من الفرع، وبأنّ الصانع والتابع، أسوأ من المصنوع والمتبوع.

(3): وما يؤكد، أنّ الأصل الصانع، أسوأ من الفرع المصنوع – رغم السوء اللا محدود واللانهائي، لتنظيم القاعدة ولجبهة النصرة ومفرزاتها – هو ما جرى وما يجري في سورية، من دمار وخراب وتقتيل وتذبيح، على يد هذه العصابات الإرهابية، بشكل أساسي، منذ أكثر من عامين.. ومع ذلك، لا ترتوي ولا ترعوي واشنطن وأتباعها الأوربيون، عن تزوير الحقائق وقلب الوقائع، واحتضان هذه التنظيمات الظلامية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة، وبـ”الأسلحة غير القاتلة!!!” الأشدّ فتكاً، بالأبرياء، من الأسلحة القاتلة.. وتطمس، كلياً، حقيقة الحرب العدوانية الإرهابية الدولية على سورية، وتوظّف ماكينتها الأخطبوطية الهائلة، لصرف النظر عن المؤامرة الدولية، على سورية الحالية “والطبيعية”… وصرف النظر عن، بل وتمرير، عملية تصفية القضية الفلسطينية، تصفية نهائية، عبر “جامعة حمد بن أبيه” وعبر البيادق المحلية… وتلميع الهوس العثماني الجديد، باستعادة أمجاد العثماني القديم، عبر المظلة الإخونجية، للتحكّم من جديد، بالعالم العربي… والقضاء المبرم على مختلف القوى المقاومة لإسرائيل في المنطقة، واستئصال نهج الممانعة السياسية، للمشروع الاستعماري الجديد في المنطقة… وتفكيك وتفتيت المنطقة، وتمهيد الأرضية، لإقامة شرق أوسط إسرائيلي جديد… وتسليم ثروات المنطقة، الغازية والنفطية، للمحور الصهيو -أميركي، تسليماً كاملاً، إلى أن تنضب هذه الثروات… وإدخال الوطن العربي، عبر البوابة السورية، في حروب داخلية طاحنة، تستمر عشرات السنين، تخرج فيها الأمة العربية، والإسلام القرآني المحمدي المتنور، والمسيحية المشرقية الأصيلة، من التاريخ ومن الجغرافيا، إلى مئات السنين القادمة….

هذا هو جوهر المخطط الغربي، في ما يخصنا، والذي تأخذ فيه، القوى الظلامية الإرهابية التكفيرية التدميرية الإقصائية الإلغائية، دور الأداة الأهم في تنفيذ هذا المخطط الجهنمي… والفرق بين الجهتين “أي: الغرب الاستعماري الجديد” وبين “القوى الظلامية الإرهابية” هو أنّ الأولى، ترتدي عباءة الحضارة والحرية والمدنية وحقوق الإنسان، من أجل إعادة استعمارنا ونهب ثرواتنا ومن أجل استعبادنا وتفتيتنا وتخلفنا، لكي نبقى تابعين ملحقين بالغرب الاستعماري الصهيوني، يتحكّم بنا ويحكمنا على هواه… وأمّا الثانية، فإنّها مكشوفة ومعروفة، مهما حاولت التستّر وراء الدين الإسلامي، وكلّما ازداد انكشافها وتعرّت حتى من ورقة التوت.. كلّما اضطر الغرب الاستعماري، ليس لنفض يده منها، بل للتبرؤ من الأشكال الراهنة القائمة لها، واستبدالها، بأشكال وتنظيمات وصيغ متأسلمة جديدة، تكون جاهزة ومؤهلة، لتنفيذ المهمات المناطة بها، في الخطة الاستعمارية العتيدة….

ومن هنا، يصبح واضحاً وجلياً، أنّ الغرب الاستعماري الأورو-أمريكي، أكثر سوءاً من هذه التنظيمات الإرهابية، وأنّ حكام فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، أكثر سوءاً، بكثير من “بن لادن” ومن “أيمن الظواهري” ومَن تابعيهم وملحقاتهم وصيصانهم، مهما ارتدى هؤلاء الحكام، من قفازات بيضاء، ومهما نجحوا في تزوير وتمرير حقيقتهم وجوهرهم، ومهما نجحوا في تزوير الحقائق والوقائع.

-2-

[ العبد الخَدَّام غير الحليم ]

بعد أن بلغ “العبد الخدام غير الحليم” أرذل العمر، وبعد أن عاث وعاش فساداً، هو وأبناؤه وذووه، في لبنان وسورية، من غير حساب ولا عقاب، عشرات السنين، لأنه كان صاحب قرار سياسي واقتصادي، وكان قادراً على محاسبة الآخرين، دون أن يكون للآخرين قدرة، حتى على مساءلته.. وبعد أن خرج على وطنه والتحق بأسياده الحقيقيين، خارج الوطن، وقدّم لهم أوراق اعتماده، في جميع المجالات، التي كان يظن أنها ستعيده، إلى واجهة الأحداث.. وعندما حاول الأمريكان والفرنسيون والوهّابيون، تثمير وتوظيف، ما قدّمه لهم “الخدام العبد غير الحليم” أيقنوا بأنها لا تساوي إلّا صفراً مكعباً، وذلك لأنّ هذا الخدام وبقية الخدم الآخرين، من المسؤولين السوريين السابقين، الذين خرجوا على الوطن السوري والشعب السوري والدولة السورية، لا يساوون شروى نقير، ولا حتى “فطسة عنز” منذ اللحظة التي يخونون فيها أوطانهم، وينضمون إلى أعداء الوطن، وما لم يدركه هؤلاء الخونة الخارجون على وطنهم والمتآمرون عليه في الخارج، أنّ “القوّة” التي كانوا يتمتعون بها داخل الوطن، كانت مستمدة، من المواقع السلطوية التي كانوا يشغلونها داخل الوطن، وأنّهم في اللحظة التي خرجوا فيها على الوطن ومن الوطن، عادوا إلى حجومهم الأصلية التي هي “لا شيء” ولذلك ركلهم أسيادهم ومشغّلوهم الجدد، عندما اكتشفوا حقيقة خوائهم وإفلاسهم، ولكن هذا الركل، كان كل مرة في اتجاه، من أجل إثارة ضوضاء وصخب وضجيج إعلامي، لا أكثر، بعد أن ثبت بالبرهان القاطع، أنّهم لم يعودوا يمثلون شيئاً، داخل الوطن، بعد أن انقلبوا عليه.. ولذلك يتسابق هؤلاء المارقون في محاولات بائسة، لتقديم أوراق اعتماد مهترئة، أملاً منهم، في احتمال عودتهم إلى الواجهة، مرة أخرى، ولذلك تتوجه جميع محاولاتهم إلى استرضاء إسرائيل، ومحاولة إغرائها، بادّعاء القدرة، على تقديم ما لم يستطع الآخرون، تقديمه لها… تماماً، وفي هذا السياق، جاء “عرض” “الخدام العبد غير الحليم” لإسرائيل ومَن معها، بأنّ “النظام السوري الجديد” و “الجيش السوري الجديد” (سوف يدخل إلى لبنان، ويقتلع “حزب الله”)!!!!!!!!!!!!..

الله الله، أيّها العبد الخدام، هل وصل بك الخرف والعته، إلى درجة، تتوهم فيها، وجود مغفل واحد في العالم، يمكن أن يصدقك، بأن ما عجزت إسرائيل، بكامل جيشها وعتادها وجنودها، عن القيام به تجاه “حزب الله”، ستستطيع عصابات إرهابية ظلامية، أن تقوم به!!!!!!!!! ولكن ما لم تفطن إليه – أيّها العبد الخدام -، بل وما لم يفطن إليه مشغّلوك وأسياد مشغّليك، هو أن ما صرّحت به وقلته في هذا المجال، قد ألقم حجراً، لكل من انتقد أو عارض، قرار “حزب الله” بالمشاركة في مواجهة هذه العصابات الإرهابية الظلامية، على الأرض السورية نفسها، لأنّ المرحلة الثانية المطلوب، أمريكياً وإسرائيلياً، من هذه العصابات، تنفيذها، هي الدخول إلى لبنان، وتنفيذ ما لم تستطع إسرائيل، تنفيذه في مواجهة المقاومة اللبنانية…. وبهذا يصبح من حق “حزب الله” لا بل من واجبه”، وطنياً وأخلاقياً وإنسانياً، أن يلاحق هذه العصابات الإرهابية المسلحة في كل مكان، وأن يسحقها في كل مكان، توجد فيه، وأنه ليس على حزب الله، أن ينتظر هذه العصابات، حتى تتجذر في لبنان، بل يصبح من البديهي، أن يقوم بحرب استباقية، ضدها، في كل مكان توجد فيه، وبالتعاون مع مختلف أطراف منظومة المقاومة والممانعة، بحيث تكون الحرب، ضد الأفعى الصهيو-أمريكية، وضد أذنابها الإرهابية الوهّابية، أينما انوجدت وحيثما حلّت.

-3-

[ الأَمْرُ: للشعب السوري، وحده ]

نعم، الشعب السوري، هو الذي يحدّد، مَن سيحكم سورية، ومَن لا يحكمها، وهو صاحب القرار الوحيد، فيما إذا كان الرئيس “بشّار الأسد” سوف يترشّح لانتخابات الرئاسة، في “عام (2014) أم لا.. ومنذ أسبوع فقط، أصدرت المخابرات الأميركية، تقريراً غير رسمي، تقول فيه، بأنّ استطلاعات الرأي التي أجريت، خلال الفترة الأخيرة، أظهرت بأنّ الرئيس بشّار الأسد، يتمتع بنسبة” (75) بالمئة، من تأييد الشعب السوري.. فماذا يعني هذا الكلام؟ إنه يعني بأنّ من حق الرئيس الأسد، ومن واجبه، أن يترشّح للانتخابات الرئاسية، عام (2014)، ولم يسبق للرئيس بشّار الأسد، أن خَذَلَ الشعب السوري، ولم يُعْهَدْ عنه، أنه يرفض الاستجابة لرغبات وأماني وطموحات وتطلعات الشعب السوري.. ولذلك من البديهي، أن يترشّح الرئيس بشّار الأسد، للانتخابات الرئاسية، في حينه.. والشعب السوري، هو وحده، في هذا الكون، الذي يقرّر انتخاب أو عدم انتخاب الرئيس الأسد، لفترة رئاسية جديدة.. وأيّ محاولة دولية أو إقليمية، لانتزاع هذا الحق من الشعب السوري، لن يكون مصيرها، إلّا الفشل الذريع.

-4-

[ ديمقراطية أصدقاء إسرائيل وأعداء سورية، الذين أطلقوا على أنفسهم “أصدقاء سورية”!!!!!]

(1):  يسمحون لأنفسهم، بدعم العصابات الإرهابية الإجرامية، الوالغة في دماء السوريين.

(2): ويسمحون لأنفسهم، باحتضان المارقين والهاربين والخارجين على القانون والأخلاق.

(3): ويسمحون لأنفسهم، بتحويل بلدانهم إلى معسكرات تجميع وتدريب وتمويل وتذخير وتسليح، عشرات آلاف الإرهابيين المستوردين، من مختلف بقاع الكرة الأرضية، وإعادة تصديرهم إلى داخل سورية، لكي يعيثوا فيها خراباً ودماراً وقتلاً وذبحاً.

(4): ويسمحون لأنفسهم، بتزوير الحقائق وقلب الوقائع، وتظهير التمرد المسلّح والإجرام الفظيع والثورة المضادة، على أنها (ثورة) و(انتفاضة) و(إرادة شعب).

(5): ويسمحون لأنفسهم بالاصطفاف وراء المحور الصهيو-أميركي، والتسويق لأكاذيبه وأحابيله، والانسياق مع خططه الجهنمية، ضد الدولة الوطنية السورية.

(6):  وبعد ذلك، وفوق ذلك، يجعلون من إعلامهم المرئي والمقروء والمسموع والإلكتروني، ميداناً للحرب الإعلامية القذرة، ضد سورية.

ورغم كل ذلك، عندما يخرج قلم شريف مخالف لرأيهم، أو رأي حصيف، أو صوت صادق، أو كلمة حازمة جازمة، تفضح عريهم وخزيهم، حينئذ تثور ثائرتهم وتقوم قائمتهم، ويتراقصون غضباً وانفعالاً وهيجاناً وهذياناً، إلى أن يتحوّلوا إلى ثيران هائجة، ترغي وتزبد، يميناً وشمالاً وفي مختلف الاتجاهات، ويطالبون بإقامة الحدّ، على مَن يختلف معهم أو يخالف رأيهم، وينادون بضرورة إسكاته ومنعه من التعبير عن رأيه (أليست “ثورتهم” هي ثورة الحرية والديمقراطية وحق التعبير الحر عن الرأي!!!!!)، هكذا هو ديدنهم: انفصال كامل بين القول والفعل، وافتراق شامل، بين الواقع الحقيقي و”الواقع” التسويقي.. وكلّ مَن لا ينساق معهم في ضلالهم وتضليلهم، يقومون بشيطنته وأبلسته والمطالبة بإقامة الحدّ عليه.. وكأنّهم يجهلون أنّ الشعوب الحية، تمهل ولا تهمل، وأنّ ملايين العرب الشرفاء، سوف يضعون لهم، حدّاً فاصلاً، وعاجلاً، لا آجلاً.

هؤلاء لم يكتفوا

(أ): بتوريط الأردن، في الحرب العدوانية الإرهابية الدولية، على سورية،ولم يكتفوا:

(ب): بالتحايل عليه في موضوع النازحين (المهجرين) السوريين، ودفعه لاستدراجهم إلى معسكرات حدودية، بغرض تدريب بعضهم، وإعادة تصديره إلى سورية، للقتال فيها، مقابل وعود بمكاسب مالية مجزية، سواء للجهات الرسمية الأردنية، أو للقسم الأكبر من النازحين، الذين جرى إغراؤهم، بوعود عرقوبية، لم ينفّذ إلّا أقل القليل منها، الأمر الذي جعل من موضوع النازحين (المهجّرين) “فضيحة أخلاقية وسياسية وأمنية”، بعد أن كان معولاً عليه، لكي يكون “استثمارة مجزية”، ولم يكتفوا:

(ج): ابتزاز الأردن والضغط المالي الهائل عليه، واستغلال الضائقة المالية الشديدة التي يمر بها، بغرض دفعه للغرق، أكثر فأكثر، في منعرجات الحرب الصهيو-أطلسية -التركية -البترو دولارية -الإسرائيلية، على سورية، من غير مراعاة الأمن الوطني والقومي الأردني، ومن غير احتساب المصالح الأردنية العليا، ليس على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني، فقط، بل وعلى الصعيد المصيري الوجودي، للملكة الأردنية الهاشمية، ككيان اجتماعي وجغرافي، وكنظام سياسي وجيوسياسي، ولم يكتفوا:

(د): بتحويل أرضه، إلى مراكز تجمع، لتجميع الإرهابيين المجلوبين من شتى بقاع الأرض، جواً وبراً، وتسريبهم وتهريبهم، عبر الحدود إلى الداخل السوري… كل تلك الإجراءات، أدخلت الأردن في نفق متعدد المسارب المغلقة، التي تقود إلى الهاوية، في حال استمرارها…. وبدلاً من أن يعيد الأردن، النظر في ذلك المنزلق الذي جرى وضعه فيه، حفاظاً على وحدته وأمنه وسلامته، وبدلاً من انطلاق المواقف الأردنية، من المصلحة العليا الأردنية، بالدرجة الأولى، جرى دفعه، لانعقاد مؤتمر أصدقاء إسرائيل، وأعداء الشعب السوري، المسمّى (مؤتمر أصدقاء الشعب السوري) ومتى ؟؟!! في وقت، يعيد فيه الأمريكان والأوربيون وأذنابهم، النظر في مواقفهم الحمقاء السابقة، تجاه سورية، ليس لكرم أخلاقهم، بل بسبب فشلهم الذريع، في إسقاط سورية، رغم الخسائر، البشرية والمادية، التي ألحقوها بالشعب السوري، سواء عبر عصاباتهم الإرهابية الإجرامية، أو عبر سلسلة العقوبات الإجرامية الهائلة، التي فرضوها على سورية، بغرض خنقها وإسقاطها!!!!!!.

أرادوا للأردن، أن ينعقد ذلك المؤتمر الموبوء على أرضه، في محاولة منهم، لقطع الطريق على إمكانية إعادته النظر – كما فعلوا هم – في مواقفه السابقة المنخرطة، بشكل أو بآخر، في المخطط الدولي المهيأ، لسورية.. ذلك المخطط الذي أسقطه الصمود الأسطوري للشعب العربي السوري… فمتى سيتوقفون عن ضغوطاتهم الهائلة على الأردن، ومتى سيتوقفون عن ابتزازه، ومتى سيتوقفون عن محاولات إجباره، لكي يعمل ضد مصالحه الحقيقية، كرمى لعيون “أصدقائه” الذين يتربّصون به شراً ؟!؟!؟!؟!؟!؟!؟!؟!.

-5-

[ الحس الدبلوماسي !!!!!! ]

من البديهي، أنّ “الحسّ الدبلوماسي” يجب أن يكون في خدمة الواجب الوطني.. وعندما لا يكون هذا “الحس” في خدمة الواجب الوطني، يتحول إلى شعوذة غير دبلوماسية، ويكون صاحبه، حينئذ، مقصّراً في أداء واجبه المهني والوطني والقومي والأخلاقي والإنساني.

وأمّا مسألة (توجيه الشكر) فمَن لم يشكر الناس، لم يشكر الله.. والشكر موصول، سابقاً وحالياً ولاحقاً، للشعب الأردني العظيم، ولقواه الوطنية والقومية الحيّة، ولنخبه الثقافية والفكرية والمهنية والنيابية والنقابية والعشائرية، وللتيار الوطني داخل منظومة صنع القرار الرسمي الأردني، هذه القوى مجتمعة، التي لم تضيّع السمت، ولم تفقد الاتجاه.. تستحق الشكر والعرفان والامتنان، على مواقفها المشرّفة، من الحرب الكونية العدوانية الإرهابية، التي شنّها ويشنّها، على سورية، المحور الصهيو- أميركي وحلفاؤه وأتباعه وأذنابه وبيادقه.

ومن البديهي، أن لا يشمل هذا “الشكر” أولئك الذين قاموا بتدريب وتمرير وتسريب، آلاف الإرهابيين، إلى سورية، ولا أولئك الذين استقبلوا وسهّلوا وصول عشرات طائرات النقل، المليئة بالأسلحة والعتاد والمعدات، من أجل تأمين وصولها إلى الإرهابيين في سورية.

وإذا كان “التعبير الكلامي عن الموقف الوطني” لدولة ما، يجري اعتباره تدخلاً في شؤون الدولة الثانية.. فالسؤال الذي يفرض نفسه، هنا، هو: ماذا يمكن اعتبار سلسلة التدخلات – وليس التدخل فقط – الفعلية، الميدانية والتسليحية والتدريبية واللوجستية والتنظيمية، لصالح العصابات الإرهابية الظلامية التكفيرية التدميرية، التي تقوم بقتل السوريين، وتدمير مقدراتهم وتفجير منشآتهم ومحاربة جيشهم؟!؟!؟!؟! وهل هذه الأعمال المخالفة للقوانين والأعراف والروابط الأخوية والعلاقات المصيرية، ليست تدخلاً في شؤون الدولة الشقيقة.. ولكن الاستنكار اللفظي الكلامي، لهذه الأعمال، هو وحده “تدخل” في شؤون الآخرين؟!؟!؟!؟!؟!؟!

-6-

[ أضعف الإيمان، لمَن يعتبرون أنفسهم، أصدقاء للشعب السوري ]

لو كان (أصدقاء إسرائيل وأعداء سورية) حريصين على حل الأزمة السورية، كما ادّعوا ويدّعون – في مؤتمرهم المنعقد في عمّان – لَتَوَقّفوا عن:

(1)            مصادرة حق الشعب السوري وادّعاء النطق باسمه وتحديد ما يناسبه ومالا يناسبه، ولأقلعوا عن إعطاء الدروس للسوريين، في ما يجب أن يكون ومالا يجب أن يكون.

(2)            لطالبوا تركيا وقطر، بالتوقّف فوراً، عن تصدير الإرهاب والإرهابيين، إلى سورية، ولطالبوا

(3)            ولطالبوا السعودية، بالتوقّف عن تسليح الإرهابيين السوريين، بدلاً من مطالبتهم إيران وحزب الله، بالانسحاب من سورية.. وهم يعلمون حق العلم، أنّ ذلك غير صحيح، ولكنهم يريدون تغطية انخراطهم الكامل، بالحرب القذرة على سورية، عبر اتّهام إيران وحزب الله، بالتدخل في سورية..

(4)            ولاعترفوا بأنّهم فشلوا في مخططاتهم لإسقاط سورية، ولتراجعوا واعتذروا عما قاموا به سابقاً، لأنّهم لن يحصدوا إلّا المزيد من الفشل، على حساب المزيد من سفكهم لدماء السوريين.

ولكن “على مَن تقرأ مزاميرك يا داؤود” ؟ فالمحور الصهيو-أميركي، لن يسمح لأتباعه بالتراجع، ولو أدى ذلك، إلى زعزعة الأمن القومي لهؤلاء الأتباع.. حتى تضطرهم وتجبرهم قبضات الجيش السوري الأسطوري، على الاعتراف بهزيمتهم.

-7-

[هؤلاء يُعَرُّونَ أنفسهم، عندما يُسَمُّون سَيِّدَ المقاومة الأوّل على وجه الأرض، دَجَّالاً ]

عندما تطلق عصابات الإرهاب الصهيو- أميركية -الوهابية -الإخونجية، على يوم الجمعة هذا، تسمية جمعة (دجّال المقاومة: حسن نصر الله)، فلا يقتصر الأمر، على أنّ الدم يصعد إلى رأس كل مواطن عربي ومسلم ومسيحي، شريف في هذا العالم، بحيث تكاد تنفجر رؤوسهم من الغيظ والحنق، على هؤلاء العملاء السفلة، الذي وضعوا أنفسهم، بذلك، في أسفل أسفل لائحة خدم إسرائيل وكلابها وزواحفها….. بل يمتد الغيظ والحنق، ليشمل، بعد الآن، كل مواطن سوري أو عربي، مسلماً كان أم مسيحياً، علمانياً كان أم غير علماني، لا يقف ضد هذه العصابات الإرهابية المجرمة، داخل سورية، أو لا يعلن الحرب عليها، بمختلف الوسائل الممكنة، بعد أن تعرّت حتى من ورقة التوت، وبعد أن تطاولت على أشرف وأنبل وأنقى وأصدق وأكفأ وأعظم رمز للمقاومة، في تاريخ القرن العشرين (سماحة السيد حسن نصر الله)، الذي تعتبره إسرائيل، عدوّها الأوّل في هذا العالَم، وهو مَن أدمى أنف إسرائيل، وبث الذعر والهلع في أوصال الملايين من مواطنيها، مرّات عديدة، وهو مَن تمكّن من تحقيق توازن الرعب مع إسرائيل، في بلد صغير، كلبنان، كانت إسرائيل، تحتقره وتعتبره خارج أي حساب عسكري، وكان الإسرائيليون يتندرون قبل ذلك، بأنّ السيطرة على لبنان، لا تحتاج إلى فرقة عسكرية، بل إلى فرقة موسيقية!!!. ومع ذلك، ورغم ذلك، يأتي “ثوّار!!!!” سورية، أصحاب “الثورة غير المسبوقة!!!!!!” في سورية، ليقولوا عنه، هذه الأقوال التي لم يجرؤ الإسرائيليون أنفسهم، على قولها، بحقه، لأنّ صهاينة إسرائيل، ليسوا أغبياء، كصهاينة الداخل السوري، ولذلك أوعز الإسرائيليون، لأدواتهم في الداخل السوري، لكي يرفعوا شعاراً، كهذا الشعار الغبي الأبله المسموم الموبوء، والذي سوف يكون، بالتأكيد، هو المعول الذي سوف يحفر قبر أصحاب هذا الشعار، ومَن احتضنهم ومَن تبنّاهم ومَن زجّهم في حربه الكونية العدوانية الإرهابية على سورية.

-8-

[ الاستماتة لصهينة العروبة والإسلام والمسيحية المشرقية ]

يريدون (صهينة العروبة والإسلام) وكذلك صهينة المسيحية المشرقية، عبر إلحاقهم بإسرائيل الصهيونية، وعبر تحويل إسرائيل إلى صديق وحليف ومرجع، وعبر إحلال إيران، عدواً بديلاً عنها… وكل ذلك، يتحقق عبر استبدال الصراع العربي الإسرائيلي، بصراع “سنّي – شيعي” من جهة، وبصراع عربي – فارسي من جهة ثانية.. ويتحقق ذلك، بتقسيم المنطقة إلى هلالين إسلاميين متصارعين “هلال سنّي” و”هلال شيعي”.. ويجري تنفيذ ذلك، عبر نسيان العرب، بأنّهم عرب، ونسيان المسلمين، بأنّهم مسلمون، ونسيان المسيحيين المشرقيين، بأنّهم مسيحيون مشرقيون، واعتبار المسلمين لأنفسهم، بأنّهم “سنّة” و”شيعة” فقط، وعبر اعتبار المسيحيين، بأنّهم جاليات مرتبطة بالغرب، بدلاً من اعتبارهم أهل المنطقة الأصليين… وكلما نجحوا في ذلك، كلما تمكنوا من صهينة العروبة والإسلام والمسيحية المشرقية.

-9-

[ مَنْ هو الأسوأ؟ النُّخب السياسية أم النخب الثقافية العربية؟ ]

يخطئ مَن يظنّ، أنّ كارثة الأمة العربية، هي فقط بسبب أنظمتها السياسية المتخلّعة المتهتّكة المأجورة للأجنبي.. إنّها، قبل ذلك وبعده، بِنُخَبِها الفكرية والثقافية، المشبعة بالنرجسية والانتهازية والكيدية والضغائنية والثأرية، وبمقاربة جميع المسائل، من منظور المصلحة الذاتية، أولاً وثانياً وثالثاً، وتصوير هذه المقاربة الأنانية، على أنّها موقف مبدئي أخلاقي؟!!… حتى لو كان ذلك، ليس على حساب الوطن فقط، بل حتى على جثّة الوطن، عندما تقتضي ذلك، المصلحة الذاتية، لمعظم النخب الثقافية والفكرية العربية… لا يوجد في الوطن العربي (جان جاك روسو) ولا (جان بول سارتر) بل للأسف، يوجد أشباه مفكّرين وأشباه مثقفين، إلاّ من عَصِمَ ربّك.. وحتى (مَن عَصِمَ ربّك) هم قِلّة.. فهل عرفتم الآن، لماذا يتقدّم العالَم ويتأخّر العرب؟!!.

-10-

[ يمارسون الخيانة، ثم يستنكرون مَن يُوَصِّفهم بها ]

إذا كان البعض، يعتبر توصيفه بما هو عليه، حقاً وفعلاً، يعتبره شتيمة، فهذا أمر عائد إليه… وإذا كان بعض بيادق الموساد وبعض ﻻعقي أحذية نواطير النفط والغاز، يعتبرون توصيفهم بهذه الحقائق والوقائع الدامغة، التي تتلبسهم وتفضحهم، سواء عبر تاريخهم السابق، أو عبر سلوكهم اللاحق.. إذا كانوا يعتبرون ذلك، تخويناً لهم، فأيضاً، هذا أمر يخصهم.. ولن يستطيعوا أن يمارسوا فعل الخيانة، ثم يطلبون من اﻵخرين، التوقّف عن توصيفهم بذلك.. وإذا كانوا فعلاً، يريدون من غيرهم التوقف عن رميهم بـ “تهمة الخيانة” كما يقولون، فما عليهم، هم، إلّا التوقّف عن ممارسة الخيانة وعن اقتراف جريمة العمالة، ﻷعداء الوطن واﻷمة، حتى يتوقف اﻵخرون عن تعريتهم وفضحهم..

أي باختصار: توقّفوا عن “فعل” الخيانة، حتى يتوقّف اﻵخرون عن الـ “قول” بأنّكم خونة.

-11-

[ الخروج من الوطن.. والخروج على الوطن ]

حبّذا، لو يعمل شرفاء سورية في الداخل – وما أكثرهم – على إسكات بعض الأبواق النشاز، التي لم تتوقّف عن الخوض بما ليس لها به علم، ولم تتوقّف عن (التعفيس) عبر توجيه الاتّهامات الظالمة، لكل مَن هو خارج سورية، بأنّه متخاذل وهارب.

إنّ هذه الاتّهامات الجائرة، تضرّ كثيراً، بالتلاحم والتعاضد القائم بين شرفاء سورية في الداخل وفي الخارج، وإذا كان هناك مئات السوريين، قد خرجوا من الوطن، وخرجوا على الوطن، في وقتٍ واحد، فإنّ هناك الآلاف بل عشرات الآلاف من السوريين الموجودين في الخارج، سواء لأسباب معيشية أو لأسباب أمنية (تلافياً للخطف أو للذبح المجاني)، أو حتى لأسباب اقتصادية، لا يحقّ لأحدٍ، أن يضعهم في سلّة الخارجين عن الوطن.. فليس كلّ مَن خَرَجَ من الوطن، هو خارج عن الوطن.. ومَن يَرَ الأمور كذلك، يحتاج إلى دورة محو أميّة سياسية.. ففي كل بلدان العالَم، هناك عشرات الآلاف ممّن خرجوا من أوطانهم، ولكنهم لم يخرجوا على أوطانهم، بل حملوا أوطانهم في قلوبهم ووجدانهم وعقولهم، ونذروا أنفسهم، ليكونوا سفراء حقيقيين وجنوداً مجهولين أو معلومين، في خدمة أوطانهم الأصلية.. والاستمرار في مثل هذه الاتّهامات غير الذكيّة، يعني وضع المحسن والمسيء في سلّة واحدة، وقد قال رابع الخلفاء الراشدين: (لا يكونّن المحسن والمسيء، عندك بمنزلة سواء، فإنّ في ذلك، تزهيداً لأهل الإحسان في إحسانهم، وتشجيعاً لأهل الإساءة على إساءتهم).

ثمّ مَن أعطى بعضَ المراهقين في الداخل، حقّ تصنيف الناس بين (وطني) و(غير وطني) لأسبابٍ مزيّفة ومختلقة؟.. وبماذا يختلف هؤلاء الصبية، حينئذ، عن عصابات التكفير، التي تصنّف الناس، وتُصْدِرُ شهاداتٍ بالإيمان، لمَن ينضوي معها، ثم تهدر دم مَن ليس معها؟!.. فهل يريد هؤلاء الصبية خدمة أعداء الوطن، من خلال استمرارهم بتقمّص دور القاضي الذي يصدر الأحكام، ذات اليمين وذات الشمال، على هواه ومزاجه؟.. أم أنّهم يريدون خدمة الوطن، الأمر الذي يتطلّب منهم، التوقّف الكامل والشامل، عن إصدار شهادات في الوطنية وفي الخيانة، وترك البتّ في مثل هذه المواضيع، لأصحاب الحلّ والعقد في سورية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.