خيبات السعودية وجنيف اليمني

yemen9.jpg

موقع شفقنا الإخباري ـ
سامح مظهر:
يوما بعد يوم يتضح حجم الخيبة الكبرى التي منيت بها السعودية في عدوانها الظالم على اليمن، فرغم مرور اكثر من شهرين على اجرامها اليومي المتواصل على الشعب اليمني الصابر، لم تحقق آلة الموت السعودية، أي انجاز عسكري على الارض، غير تدميرها البنية التحتية للشعب اليمني، وقتل الالاف من اطفاله ونسائه وشيوخه، وتشريد مئات الالاف من ابنائه، وتهديد عشرين مليون يمني بالموت جوعا، وازالة المعالم الاثرية والحضارية اليمنية، والتي تعتبر ارثا انسانيا بامتياز، من الوجود.

نتائج المغامرة الصبيانية السعودية على اليمن، تكفي لدفع اكثر الحكومات دكتاتورية، الى التفكير مليا في وقف هذه المغامرة أو اعادة النظر فيها، ولكن للاسف الشديد ما لحق باليمن من كوارث انسانية، ستتكشف مع مرور الزمن عندما ان تخفف السعودية من قبضة اعلامها المهيمن ، وينحسر بعض نفوذها الذي تستخدمه اليوم بكل طاقتها في العالم الاسلامي والغرب، وتقلص بعض الشيء من حجم اموالها لشراء الذمم والضمائر، لم تحرك اي بقايا ضمير في العقل السعودي الحاكم، لسببين رئيسيين الاول ؛ العناد الجاهلي الذي يميز العقلية السعودية الحاكمة، والثاني؛ الدعم الامريكي والغربي الذي يجهد في التغطية على هذا الاجرام السعودي الواضح، والذي ينتهك كل الاعراف والقوانين الالهية والوضعية، عبر تسخير المحافل الدولية لخدمة السعودية، اما عن طريق استغلالها او اسكاتها.

هذان السببان ساهما ومازالا، في استمرار السعودية في غيها وعدوانها، وهو عدوان لا يماثله عدوان في العالم من حيث الطغيان والعنجهية والاستهتار والصلف وعدم المبالاة بالمشاعر الانسانية والقوانين الدولية، الا العدوان الصهيوني، الذي يعتبر نسخة طبق الاصل من العدوان السعودي، لاسيما عندما نرى المحافل الدولية، التي تهيمن عليها امريكا، لا ترفع اصبعها حتى في وجه المعتدي او تشير اليه بالاسم حتى، ولكنها تُلقي اللوم، كل اللوم، على الضحية، لانه يقاوم الجزار، كما فعلت هذه المحافل عندما كانت شريكة للصهيونية في جريمة ذبح الطفولة في غزة.

رغم ان الجهات التي تقف وراء السعودية وفي مقدمتها امريكا، ايقنت ان المغامرة السعودية قد تكلفها كثيرا، اذا ما خرجت عن السيطرة، بعد ان فشلت السعودية في تحقيق اي مكسب لصالحها او لصالح ادواتها في اليمن، رغم منح امريكا والغرب كل هذا الوقت للسعودية لتواصل اجرامها ضد الشعب اليمني ، لذلك فكرت في ايجاد مخرج للسعودية من ورطتها في اليمن عبر الدعوة لعقد مؤتمر سلام لمختلف القوى اليمنية للخروج بصيغة، يمكن ان تعيد بعض التوازن لليمن، بعد ان ادى التدخل السعودي قبل وبعد العدوان العسكري المباشر الى تعكير صفو هذا البلد، والحق الاضرار الجسيمة ببنيته الاجتماعية والاقتصادية.

طوق النجاة الذي القته امريكا للسعودية لانقاذها من ورطتها التي القت نفسها في اتونها، بقصر نظر وعناد و تعصب اعمى وعنجهية فارغة، والمتمثل بمؤتمر جنيف الذي يعقد حاليا، تحت رعاية الامم المتحدة، تحاول السعودية، وانطلاقا من قصر نظرها المعهود، وسياستها المبنية على التعالى والغطرسة عبر شراء كل شيء بدولارات النفط، تجاهل هذا الطوق الامريكي عبر استخدام اساليب صبيانة لافشال هذا المؤتمر، عبر فرض شروط، من خلال الدول العشر الراعية لما يسمى بالمبادرة الخليجية، كما جاء في البيان الصادر عنها والذي جاء متناقضا مع دعوة الامم المتحدة للمؤتمر دون شروط، حيث جاء في جانب من البيان؛ “إننا نكرر تأكيد إيماننا بأن مبادرة مجلس التعاون الخليجي وأليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، والقرارات السابقة، تمثل الوسائل الوحيدة لتحقيق تطلعات الشعب اليمني”. الا ان بيان الامم المتحدة اغلق الطريق امام السعودية لافشال المؤتمر عبر فرض شروط مسبقة، بدعوته “بالمكونات السياسية اليمنية المشاركة في هذه المشاورات بحسن نية و بدون شروط مسبقة وفي جو من الثقة والاحترام المتبادل للعمل معا على إيجاد سبل إحياء العملية السياسية و التوصل إلى حل ينقذ اليمن وشعبه من الأزمة الحالية الخطيرة”.

كما حاولت السعودية عبر فرض رؤيتها على الامم المتحدة بشان طرفي المفاوضات عندما حاولت تسويق هذه الرؤية من خلال التاكيد على ان المفاوضات تجري بين “الشرعية والانقلابيين”،، فما كان من المبعوث الاممي لليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد الا ان يعلن ان المفاوضات ستجري بين المكونات السياسية اليمنية وهي المؤتمرالشعبي العام وحلفاؤه، وأنصار الله وحلفاؤهم، المشترك وشركاؤه، و الحراك الجنوبي السلمي، وبذلك سد الطريق على السعودية لافساد التحضيرات الجارية للمؤتمر مرة اخرى.

العناد الصبياني للسعودية استمر حتى اللحظات الاخيرة عندما حاولت عرقلة سفر ممثلي انصارالله والمؤتمر والحق، من خلال ايجاد عراقيل امام اقلاع الطائرة التي كانت تحاول نقلهم الى جنيف، حتى تم تاخير الطائرة نحو 24 ساعة، فيما كان ممثلو عبدربه منصور هادي قد وصلوا جنيف قبل ثلاثة ايام، حيث حاولوا كما هو معروف عن السياسة السعودية الساذجة، الترويج لموقفها وموقف حلفائها في اليمن ازاء الازمة اليمنية، بغياب وفد انصار الله، وكأنه العالم بالسذاجة التي يتصورها السعوديون، وستنطلي عليه هذه اللعبة الغبية.

افضل من شرح حال الوفود وطبيعتها ولكن دون قصد، هو المتحدث باسم الامم المتحدة احمد فوزي عندما كان يشير الى عدد الوفود المشاركة وطبيعتها، حيث قال أن إسماعيل ولد الشيخ أحمد “سيجري لقاءات منفصلة مع وفد الرياض ووفد صنعاء” ، وهو افصح تعبير عن حقيقة الوفدين، وفد الرياض و وفد صنعاء، فليس من الانصاف والاخلاق وصف الوفد الذي يمثل عبدربه منصور هادي الرئيس اليمني المستقيل والهارب، بانه وفد يمني ، فمن الصعب وصف هذا الوفد باليمني، وهو الذي يدعم العدوان السافر على اليمن والشعب اليمني، ويبرر قتل الاطفال والنساء والشيوخ، و تدمير البنى التحتية والتراث الحضاري الانساني لليمن، وتجويع اليمنيين وارهابهم على مدى اكثر من شهرين، بينما عبدربه منصور هادي وامثاله، وفي مقابل هذه الخيانة العظمى بحق اليمن وشعبه وتاريخه، يعيشون في قصور آل سعود الفارهة، حيث رغد العيش وذل الخيانة، وفي المقابل، كان وفد صنعاء هو الوصف الالصق بانصار الله و رفاقهم الذي لم ولن يتركوا وطنهم وعاشوا مع شعبهم بالسراء والضراء، ورفضوا الانصياع للاجنبي والخضوع للمعتدي، فكانوا خير من يمثل الشعب اليمني العربي المسلم الاصيل.

اخيرا ورغم محاولات امريكا انقاذ حليفها المغرور والنزق عبر مؤتمر جنيف، الا ان الطبع يغلب التطبع، فالسعودية و بسبب عنادها وطبيعة قيادتها، وبسبب خيباتها المتتالية في اليمن، ستعمل لافشال مؤتمر جنيف، من خلال محاولة فرض رؤيتها المشوهة لليمن على المجتمع الدولي، وقبله على الشعب اليمني،، وهو امر مرفوض جملة وتفصيلا من قبل الشعب اليمني ومن قبل قواه الثورية والوطنية . لذلك لن يعيد السعودية الى رشدها، الا وقع الحقائق على ارض اليمن، والتي ستنزل على راسها كالصاعقة، كما نزلت الاخبار التي اكدت على سيطرة “انصار الله” والجيش اليمني على عاصمة محافظة الجوف على الحدود مع السعودية، في الوقت الذي كانت “دُمى” وفد الرياض تتبختر منتفخة في جنيف.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.