سياسة #أوباما الخارجية على المحك

obama.jpgobama
فورين بوليسي:
بعد أقل من ثلاثة أشهر سيتخلى أوباما عن إرثه في السياسة الخارجية للمؤرخين والمتخصصين في شؤون الرئاسة ليخضعوها للتحليل والتقييم لكن قبل حصول ذلك يبدو البيت الأبيض عازماً على إنجاز لائحة من الأمور التي ستواجه عاصفة كبيرة في الكونغرس.إن الهدف من ذلك هو الدفع باتجاه سياسات لن يكون لدى المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون الرأسمال السياسي من أجل تطبيقها في حال فازت في 8 تشرين الثاني/ نوفمبر، أو لتعزيز أكبر قدر من المبادرات الممكنة في حال تولي المرشح الجمهوري دونالد ترامب الرئاسة وتخليه عن الأولويات الدبلوماسية والأمنية الحالية. في كلتا الحالتين فإن إرث أوباما على المحك.

فما الذي يريد أوباما إنجازه قبل خروجه من البيت الأبيض وما هي التحديات التي تواجهه لاستكمال ما بدأه؟


حماية الاتفاق النووي مع إيران

في الأشهر المتبقية له في البيت الأبيض سيحرص أوباما على منع أي محاولة من الكونغرس لتقويض الاتفاق النووي الإيراني الذي تم التوصل إليه في تموز/ يوليو 2015 بين طهران والقوى الدولية. ويؤكد الرئيس على أنه يملك كل الصلاحيات التي يحتاجها لإعادة فرض عقوبات اقتصادية في حال انتهكت طهران الاتفاق، وهو يسعى لمواجهة الدعم المتزايد لدى أطراف في الحزبين لتجديد العقوبات التي تنتهي في كانون الأول/ ديسمبر. بالرغم من ذلك فإن صقور الحزب الديمقراطي يريدون توجيه رسالة واضحة لإيران بأن الولايات المتحدة مستعدة لاستئناف فرض العقوبات الاقتصادية في حال دعت الحاجة. فيما يريد بعض الجمهوريين القيام بخطوات إضافية من شأنها توسيع نطاق بعض العقوبات لتخريب الصفقة بما قد يدفع طهران للتخلي عنها.
من المرجح أن يعارض الديمقراطيون هذه المحاولات من قبل الجمهوريين مؤيدين البيت الأبيض في تحذيراته من أن تجديد العقوبات على إيران يمكن أن يقوّض رئيس الجمهورية الإصلاحي حسن روحاني.
ويمكن للجمهوريين التخلي عن الدفع باتجاه عقوبات جديدة في حال حصولهم على وعود في المقابل بشأن مشروع قانون آخر يفرض عقوبات على إيران بسبب تجاربها الصاروخية البالستية.

حظر التعذيب

في يومه الأول في البيت الأبيض في كانون الثاني/ يناير 2009 أصدر أوباما أمراً بمنع أساليب تعذيب متبعة ضد المشتبه بهم بالإرهاب أو المقاتلين الأعداء الذين اعتقلوا بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2015 أقر الكونغرس قانوناً جعل الحظر دائماً.
لكن ترامب وجمهوريين آخرين تعهدوا منذ ذلك الحين بإعادة هذه الأساليب، في ضوء زيادة المخاوف من تصاعد داعش وسلسلة من الهجمات الإرهابية الكبيرة. مدير الـ”سي آي اي” جون برينان قال إنه يفضّل الاستقالة على الخضوع لأوامر ترامب في هذا الخصوص. لكن من غير الواضح ما إذا كان آخرون أو قادة الاستخبارات المقبلون سيؤيدون الرئيس الجديد في حال أصرّ على إعادة أساليب التحقيق القاسية.

تدعيم سياسات مكافحة الإرهاب

في تموز/ يوليو حدد أوباما بالتفصيل عناوين سياسته بما يتعلق بهجمات الطائرات بدون طيار أو عمليات القتل والخطف والاعتقال. ولكن بما أن جزءاً قليلاً من سياسة مكافحة الإرهاب الخاصة بأوباما موجود في القانون، فإن أي رئيس مقبل يمكن أن ينقلب على جوانب رئيسية فيها.
وقد خسر أوباما بالفعل أحد الوعود التي أطلقها في بداية حملته بإغلاق معتقل غوانتانامو. وبالرغم من تقليص عدد المعتقلين في غوانتانامو منذ 2009 إلا أنه لا يزال يتواجد فيه 60 سجيناً. وتدعم كلينتون إغلاق المعتقل ونقل من تبقى من السجناء لمراكز تحظى بحماية أمنية مشددة على نحو كبيرة في الولايات المتحدة. إلا أن ترامب دعا لإبقاء المعتقل مفتوحاً وهو يحظى بدعم واسع من قبل أعضاء في الحزبين حول هذه المسألة تحديداً.

إعادة النظر في مشروع قانون 11 أيلول

مرة واحدة استخدم فيها أوباما الفيتو ضد مشروع قانون 11 أيلول/ سبتمبر

مرة واحدة استخدم فيها أوباما الفيتو ضد مشروع قانون 11 أيلول/ سبتمبر
الفيتو الأول والوحيد الذي استخدمه أوباما خلال رئاسته كان في أيلول/ سبتمبر الماضي حين صوّت الكونغرس لصالح مشروع القانون الذي يجيز لأهالي ضحايا هجمات 11 أيلول/ سبتمبر مقاضاة السعودية لدورها المزعوم في الهجوم الإرهابي. لكن بعد أقل من 24 ساعة على ذلك، أعلن كبار مسؤولي الكونغرس من الجمهوريين أنهم قد يعيدون صياغة مشروع القانون بإضافة “بحيث لا يتعرض عناصر أجهزتنا لأي مشاكل في الخارج”. وهي الحجة التي ساقها أوباما لتبرير استخدام الفيتو. لكن من الممكن أن تلقى محاولة أوباما تغيير القانون داخل الحزب الديمقراطي نفسه، حيث يعارض تشاك شامير الذي يتوقع أن يصبح زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب، أي تعديلات على هذا القانون. كما أن لا أحد من المشرعين سواء في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ عرض حتى الآن حشد التأييد لإعادة النظر في القانون.

إنجاز اتفاق التجارة الآسيوية

يبدو أن مصير الصفقتين التجاريتين اللتين أمل أوباما أن تشكلا حجر الزاوية في إرثه الاقتصادي أي اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ واتفاقية الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار، غير واضح. مع ذلك فإن أوباما لا يزال يأمل الدفع باتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ في جلسة البطة العرجاء في الكونغرس ما بعد الانتخابات.
وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية إن أوباما يخطط لاستخدام رحلته المقبلة إلى البيرو بين 18 و20 تشرين الثاني/ نوفمبر لحسم الاتفاق، خصوصاً وأن زعماء الكونغرس الجمهوريين لطالما حذروا أوباما بأن الاتفاق سيفشل بعد الانتخابات الرئاسية، فيما أياً من ترامب أو كلينتون لا يدعم الاتفاقية بشكلها الحالي.

الفصل بين وكالة الأمن القومي وقيادة السايبر

حين سيراجع المؤرخون رئاسة أوباما فإن إرثه الأكثر ديمومة يكمن في الفضاء الإلكتروني. إذ إن إدارته كانت رائدة في هذا المجال الجديد في الوقت الذي تسللت فيه عمليات القرصنة من قبل موسكو والصين إلى السياسة الأميركية.
وفيما تتطور قدرات أميركا في حرب السايبر يرى خبراء أنه يجب فصل مهام وكالة الأمن القومي التي تركز على جمع المعلومات الاستخبارية وقيادة السايبر، المنظومة العسكرية المسؤولة عن القيام بعمليات القرصنة، إذ إن مدير وكالة الأمن القومي يتولى رئاسة الاثنين. وكان أوباما على وشك فصل الدورين في 2013 لكن جرى إقناعه بالعدول عن ذلك من قبل مدير وكالة الأمن القومي كيث الكسندر من أجل الحفاظ على التعاون بين الجسمين، لكن مسؤولين اليوم في إدارة أوباما بمن فيهم مدير الاستخبارات الوطنية جايمس كلابر يضغط في اتجاه إجراء هذا التغيير.
وقال مسؤول في الإدارة الأميركية إن البيت الأبيض “يراجع باستمرار ما إذا كانت لدينا هيئات تنظيمية مناسبة لمواجهة التهديدات المحتملة في الفضاء الالكتروني والأمكنة الأخرى”. وقال ديريك شوليت المسؤول السابق في إدارة أوباما والمستشار الحالي لكلينتون إن جزءاً كبيراً من القوة للسيطرة على سياسة الأمن القومي تقع على عاتق الرئيس بغض النظر عن هويته.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.