عزوف روسيا الكبير واضمحلال دورها الثقافي العربي

fouad-rajeh-russia-media

موقع إنباء الإخباري ـ
فؤاد راجح*:
ربما نجحت روسيا كوريث شرعي قوي للإتحاد السوفييتي في كل شيء باستثناء حضورها المناسب على المستوى، وفي الجانب الثقافي على وجه الخصوص.
إن إخفاق روسيا في هذا الشأن واضحٌ للعيان، ولعل أبرز سماته تتجلى في غياب دور روسيا الفاعل في منطقة الشرق الأوسط وفتور علاقاتها مع الدول العربية.
أنا سأتحدث عن جانب واحد فقط: إضمحلال دور الإعلام الروسي الناطق بالعربية. في عهد الإتحاد السوفييتي كانت هناك العديد من الصحف والمجلات والإذاعات الرائدة الناطقة بالعربية منها على سبيل المثال مجلات “المدار”، و “العصر الجديد”، و “الإتحاد السوفييتي” و “المرأة السوفيتية”، و “المجلة العسكرية السوفييتية”، وصحيفة “أنباء موسكو” الشهيرة، ومن موسكو كذلك كانت تبث بالعربية يومياً وببرامج شيقة ومتنوعة جداً وجاذبة اذاعات منها، إذاعة موسكو وراديو السلام والتقدم وغيرها.
واضمحل الدور الروسي الثقافي باللغة العربية بشكل كبير جداً، ويكاد أن يكون قد انحصر حالياً في المراكز الثقافية الروسية الموجودة في البلدان العربية فقط. وتوقف نشر الكتب الادبية الروسية بالعربية، وتخلو المراكز الثقافية الروسية من الكتب الأدبية الروسية بل والعلمية أيضاً برغم أهميتها ودورها الكبير في مجالاتها، وحتى ما تقدمه العديد من هذه المراكز لا يرتقي إلى ما يجب على روسيا كدولة عظمى القيام به.
لقد فقدت روسيا أصدقاء كثيرين كانوا يتابعون بشغف الإعلام الروسي الناطق بالعربية. ويبدو أن القيادة الروسية لا تعير هذا الموضوع إهتماماً، أو ربما توكل الأمر إلى جماعات وأشخاص بعيدين كل البعد عن تطلعات الشعوب العربية وشعوب روسيا التي تنادي بالصداقة الحقيقية والاستراتيجية مع العالم العربي.
صحيح أن هناك مؤسسات إعلامية رائدة ناطقة بالعربية في الوقت الراهن مثل “روسيا اليوم”، لكنها تواجه مشكلة معقدة تتمثل في عدم إعطاء أولوية للعلاقات الروسية العربية في أخبارها وبرامجها. كما يغلب عليها نمط ومضمون الأخبار التي تنشرها القنوات الغربية وتلك غير الغربية التي تتبنى الطابع الغربي، والذي يجعل من القناة الروسية أحيانا، ربما دون قصد، كناقد لروسيا وحلفاء روسيا.
إن عزوف روسيا الكبير عن العالم العربي وتراجع دورها الثقافي هنا يتناقض مع طموح ومبادئ روسيا وقيادتها السياسية في الوقت الذي تتعاظم مسؤليتها تجاه القضايا الدولية يوما بعد يوم.
وقد تمثل الأحداث الساخنة في منطقة الشرق الأوسط فرصة جيدة ومواتية لروسيا لتستأنف نشاطها الثقافي والتنويري الكلي، في الوقت الذي يعطي الجميع إهتماماً كبير للصراع المسلح وثقافة الحوارات حول العنف والفوضى.
فهل ستعيد القيادة الروسية النظر في دورها الثقافي في العالم العربي الآن؟
*صحفي ومراسل صحفي وكاتب وعضو في هيئة القيادة العالمية ورئيس المجموعة الرئاسية اليمنية والرئيس العام لـ”ديوان أرباط” (مكتب أرباط) للصحافة والإعلام والنشر والترجمات في رَاَبِطَة الَقَلَمِيِّين الاَلِكْتْروُنِيّةِ لمُحِبِّيِ بُوُتِيِن وَرُوسيِّهَ فِيِ الأُردُن وًالعَالَم العَرَبِيِ.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.