غزة… وجع القلب، وقلب الوجع!!!

mhamad-abousamra-gaza

موقع إنباء الإخباري ـ
الشيخ د. أبوعائد / محمد أبوسمره*

غزة يا وجع القلب ….!!!!
غزة ياقلب الوجع …..!!!!
آآآآآآهٍ ….. آآآآآآهٍ من وجعٍ ، ومن آلمٍ لا دواء له ….!!!
لاعلاج له ….!!!!
لاشفاء له ….. !!!!
غزة ….
أما اكتفيتِ وارتويتِ من كل هذا العذاب ، والألم ، والوجع ، والحزن ؟!
أما إكتفيتِ ….؟؟!!
كأنما أصبحت أنت والعذاب توأمان ….!!!
كأنما عًشِقتِ وأحببتِ العذاب ، والحزن ، والحصار، والجوع ، والفقر ، والآلام …؟!
كأنما إبتلعً بحرُكِ حروف اللغةٍ كلها ….!!
أصبحتِ تعشقين الصمت … !!
كأنك أنت لست التي أعرفك ، ويعرفك الجميع ..!!!
يا غزة …
يا سيدة الصمت والأحزان والآلام والأوجاع ….
حتى صرخات التأوه والألم أصبحتِ لا تعرفينها ….
ولكني يا سيدة الحزن …
يا سيدة الوحدة والغربة والصمود ….
ياغزة المعشوقة … ياوحيدة … ياغريبة …. ياعظيمة…
أنا إبنك العربي / الفلسطيني / الغزي ….. سأصرخ نيابةً عنك …
وبملء الفم ….. ملء الهم …..
سأصرخ .. وأصرخ .. وأصرخ …
ألماً/ وجعاً / حزناً / و…. أملاً:
آهٍ من وجعٍ….
ومن ألمٍ….
ومن حزنٍ ومن غضبٍ ….
آهٍ من غربةٍ داخل حدود ماتبقى من بقايا الوطن …!!
وآهٍ من قسوةِ سجنٍ ، جدرانه ماتبقى من بقايا مساحة الوجع الغزي …!!!
حيث لابحر لنا إلا بضعة أمتار …
لا هواء ، لاسماء …لاشمس ، ولانهار !!!
ليلنا نهارنا ، نهارنا ليلنا ….
أما سماؤنا ، فهي لطائرات المحتل والموت ، لمناطيد العسس والرعب التي تعد أنفاسنا….
لا هواء، لا شمس ، لا بحر ، لا ليل ، لا نهار ، ولا أرض ، حيث تستبيحها جرافات الخراب ، ودبابات الدمار، وأبراج النار ….
وعلى إمتداد حدودنا ، مزارعنا ، تستبيح آليات القاتل ، ونيرانه أكثر من ربع مساحة القطاع ، الذي يضيق بأهله إلى حد الاختناق ،،،
قطاع غزة ليس أكثر من سجن صغير ، صغير ، حد الإختناق والتكدس ….
ومخطئ من يقول إنه السجن الكبير ، إنما هو السجن الصغير جداً ، يضيق بأهله الصابرين ، والذين وصل بهم الضيق والتعب والالم والوجع حداً يجعل نبي الله أيوب ( عليه السلام) ، يتواضع في صبره أمام صبرهم / صبرنا ، صمودهم / صمودنا ، وعذاباتهم / عذاباتنا ….ّّّ!!!!!
فغزة ليست أكثر من علبة كبريت مشتعلة ، ملتهبة ، متفجرة غيظاً / قهراً / جوعاً وحصاراً ….
يا غزة …. تعجز الكلمات ….
تخرس الحروف ….
يبتلعنا البحر مع كل حرف من الحروف …
فلم يعد لنا سوى الحلم ،الحلم ،الحلم …
هذا إن بقي هناك قدرةً لنا حتى على الحلم !!!!
أو فيما لو استطعنا أن نسرق بضع لحظاتٍ من جحيم تعبنا وليلنا لننام ….
ونحاول أن نحلم … نحلم ، كيف ؟؟!!!
ومن هو هذا الذي يستطيع النوم ، في ظل هذا الحريق واللهب الليلي ؟؟؟
هذا اللهب والجحيم الليلي.!!!!
لا كهرباء….
لا ماء….
لا هواء….
لاشيئ سوى العذاب والمعاناة !!!
وفي كل الأيام …..الأسابيع …الشهور :
لا معابر ….
لا سفر….
لا مستقبل ….
لا أمل …..
وحتى عندما تُفتح طاقة صغيرة جداً من الأمل لبضعة عشرات من البشر ، عفواً بقايا البشر، يتكالب عليهم الجميع ، ومن جهات الكون الأربع ليصادروا هذا الأمل ، ويغلقوا هذه النافذة الصغيرة ..
ممنوع عليكم أيها الفلسطينييون الغزيون الأمل ، وليس مسموحاً لكم أيضاً أية محاولة لصناعة الأمل ، ومحاولة التشبث بالأمل ، أنتم ممنوعون من الأمل ، من الفرح ، من السعادة ، من الحياة ، ومن من كل شيء له علاقة بحياة البشر ….
فقط عليكم أن تعيشوا العذاب ، ولا شيئ سوى العذاب ، فالعذاب صُنِعَ خصيصاً لأجلكم ، ولذلك لا تحاولوا الفرح … فلن تفرحوا !!!
يا الله …… كم أصبحنا منبوذين ومُهانين ومقهورين وأذلاء …!!!
وهنا أود السؤال البريء، أو غير البريء :
ــــ لماذا الجميع أصبح يهوى صناعة عذاباتنا ، وآلامنا ، وأوجاعنا ؟؟؟
ــــ ترى هل يعلم العالم ، وأممه المتحدة : أن غزة العنيدة هذه ، تبتلع بين ضفتيها , وأسلاك حدودها الشائكة مليونين من البشر ، ويقبعون منذ ثمانية أعوام سجناء محاصرين داخل حدود القطاع المغلقة عليهم؟؟؟
ــــ وهل يدرك الجميع أن غزة العَصِيَة على الكسر ، قد تصبر على الظلم والحصار والضيم والفقر والألم والجوع بضع سنوات ، ولكنها لن تصبر العمر كله والزمان كله … ولن تنكسر …؟؟
ــــ هل يعرف الجميع أن شرارة الغضب الفلسطيني ، والثورة الفلسطينية ، والمقاومة والفعل الفلسطيني النوعي ، وبدء وصياغة كل مرحلة ، دوماً تنطلق من غزة ….,؟؟
يا قوم : غزة قد تصبر ، قد تتألم ، قد تتوجع ، قد تصمت بعض الوقت ، ولكنها باذن الله لن تنكسر …
صدقوني لن تنكسر ، فكما أنها لم تنكسر بالماضي ، لن تنكسر بالحاضر والمستقبل بإذن الله …..
ومن لا يصدقني فليُعِد قراءة تاريخ بلاد الشام وفلسطين عموماً ، وتاريخ ودور وماضي غزة على وجه الخصوص … ويوماً ما غزة هذه المظلومة / المحاصرة / الفقيرة / المتعبة / الجائعة / المتعبة / الصابرة ، ستنفجر ، كما برميل البارود ، كما البركان المشتعل غضباً وثورةً ، وتضحية وعطاءً ، وإنتصاراً ، وستنتصر
فهي لم تعرف الهزائم أبداً طيلة تاريخها منذ فجر التاريخ ، وكل الغزاة والمحاربين لها كانوا ينهزمون وينكسرون على أبواب قلاعها ، وتحت أسوارها ، وأمام صمود فرسانها ، لذلك تمنى المجحوم رابين أن تغرق في البحر ، ولكنها لم تغرق ، وانتصرت ، وأنتجت حُلماً وأملاً فلسطينياً جديداً …
ونحن على الموعد ، مع حُلمٍ وأملٍ ومستقبلٍ جديد تصنعه لنا ، ولشعبنا ، ولقضيتنا ، ولأمتنا … غزة على الموعد ، كما كانت دوماً.
*مؤرخ ومفكر إسلامي / فلسطيني
رئيس تيارالإستقلال الفلسطيني ، ومركزالقدس للدراسات والإعلام والنشر .
فلسطين ـ غزة

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.