كيف تنتصر بعد انتصارك !

hezbollah-fighters1

صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
هو ليس مجرد احتفال عادي بتحرير الجنوب اللبناني من القوات الإسرائيلية، بقدر ما هو عمر ما بين أعمار تقدمت كلها حينما كان الخيار الذي بدا الرد على هزيمة العام 1982 وكأنه مستحيل الحدوث. فالذين عاشوا تلك المرحلة القاسية، كانوا يعرفون أن التضحيات كبيرة، وأن الطريق إلى التحرير تلزمه قوى متعاظمة لايمكنها التأثير في العقل الاسرائيلي اذا لم تصل لحظة تحطيم معنوياته بعد تحطيم عقله العسكري الذي يحكمه.
بعد ثلاث عشرة سنة من عمر التحرير يبدو ذلك البعيد من الايام الاولى لمجموعة الشباب الذين جلسوا يرسمون مستقبل الصراع مع اسرائيل وكأنهم كانوا على دراية بما سيكون عليه بعد ثماني عشرة سنة .. انه التحرير، لكن الأصعب ما بعده، وأصعب الأصعب، أن تصبح رقما كبيرا في المعادلة الاقليمية، مما يتطلب سهرا مضنيا من أجل الحفاظ على هذا الموقع.
كل الشهداء الذين سقطوا خلال سنوات التحرير عبدوا الطريق ضمن مستويين: أبقوا على السخونة الدائمة لبقعة الأرض المحتلة بحيث كان يصعب البقاء فيها، فيما كانوا أيضا يمنحون حزبهم دما جديدا هو استمرار لما سبقته من دماء. فصناعة التحرير، مثل أية صناعة تحتاج لضخ كي يثمر الجهد تماما.
صحيح أن المقاومة في جنوب لبنان كانت لافتة، وكان الاسرائيلي كلما تضايق من فعلها ينقض على اللبنانيين وعلى بناهم التحتية، الا ان كثيرين اعتقدوا صعوبة النتائج التي وصلت اليها.
وحدهم من عرفوا النتيجة التي اضيئت في مايو هم قادة المقاومة والشهداء .. ووحدهم من قرأوها منذ أول سطر كتبوه وكان ملاحظات عن معارك. ووحدهم من انفتحت لهم البصيرة فرأوا ما بعد مايو، وتحديدا ما حصل في العام 2006، والا لما كانت النتائج كما جاءت لو كان العكس هو الصحيح. واليوم، ان سألتهم عن المستقبل، فلسوف يقولونه لك كأنه سيقع غدا، يرونه واضحا، لأنهم وحدهم من يعرف انهم المنتصرون، ولكي تنتصر لابد ان تحدد نصرك قبل الولوج به، بل إن الإيمان به أولى معالم هزيمة الآخر الذي إن عرفت قوته أسقطها في المعركة.
وهذا العام أيضا، تضيف المقاومة الاسلامية في لبنان رائعة من روائعها، حين عرفت ان الطريق الى لبنانيتها هي عروبتها، وأن لامسافة بين سوريا ولبنان، وأن لا بلدان سوى انهما بلد واحد وهو صناعة الله. ولكي يدافع حزب الله عن ذاته، عليه أن يكون عربي المنى عربي الهوى عربي الفؤاد. والمعركة ضد اسرائيل واحدة ، سواء في جنوب لبنان، او ضد الارهاب في سوريا، او في أي مكان يتطلبه ذاك المقام.
في كل مناسبة مميزة، تتمايز المقاومة الاسلامية بفعل يعبر عن مكنونات أولئك الذين رسموا الخيوط الأولى لمسيرة ظافرة عرفت منذ أول خيط فيها انها ذاهبة الى التفاصيل التي ذهبت اليها . لكنها كلما وصلت الى نقطة التطابق المرسومة، وجدت نفسها انها لم تصل. ثمة شرح طويل بحاجة لتقوله، لكن توقيته سيكون متقطعا، إنها المناسبات التي سيصنعها، لأن الأحزاب التاريخية صنّاعة للأحداث وولاّدة للنصر فيها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.