كَازاخستان والعَرب فِي خضمّ آستانة

 

موقع إنباء الإخباري ـ
مروان سوداح*:
بَرز إسم جمهورية كازاخستان وبالذات عاصمتها “آستانة”، على نطاق واسع في مفاوضات “التهدئة” والحلول والتفاهمات في سورية، والتي جرت على أراضي كازاخستان- الدولة الكبيرة المساحة والقليلة السكان نسبياً، وقد كان الانطباع السائد منذ بدء مفاوضات “أستنا”، أن الدولة الكازاخستانية سوف تندفع في التوسّع بعلاقاتها العربية أفقياً وعمودياً، إقتصادياً وتجارياً، إستثمارياً وسياسياً، وتنشر سفاراتها ومُلحقياتها المختلفة في كل البلدان العربية دون استثناء، للتعريف بنفسها، وترويجاً لنهجها السلمي ووساطتها التي رحّبت بها مختلف الأطراف بدون استثناء، وتأكيداً على التقارب الثقافي والإنساني والحضاري مع الأقطار العربية والشعب العربي برمته، ولامتدادات كازاخستان الدينية الإسلامية والمسيحية في “الشرق العربي” بالتحديد وليس في غيره.
لقد استبشرنا خيراً في “حِراكات كازاخستان” السلمية والتعاضد العربي – الكازاخي مؤخراً، إذ أنها أفضت، (سوياً مع العمليات العسكرية الناجحة للجيش العربي السوري)، الى سيادة القرار السياسي للدولة السورية، كونه الأول والأخير في القضايا الوطنية والداخلية السورية، في كل مراحل المفاوضات والمباحثات مع مختلف الأطراف، وما نزال نستبشر في أن تتمخض حِراكات وأنشطة هذه الدولة الصديقة للقضايا التحررية العربية، عن توسيع أفقي وعمودي في علاقاتها الآسيوية العربية، بخاصة مع تلك التي انتصرت في الحرب على الإرهاب الدولي، ولأجل أن يَعرف كل مواطن عربي يومياتها وتاريخها وآمالها الكبار في عهد الرئيس نور سلطان نزاباييف، وبعد 25 سنة من الاستقلال وعلاقاتها الدبلوماسية مع العرب، وصِلاتها الوثيقة والمُثمرة مع روسيا الفيديرالية والجمهوريات السوفييتية السابقة، الواقعة في آسيا الوسطى وفي القلب من أوراسيا.
وبعد كل تلك السنوات الاستقلالية من عمر الدولة الكازاخية الجديدة، بقي الانتشار الدبلوماسي الكازاخي في الأقطار العربية متواضعاً للغاية، وبرغم المبادرات السلمية الناجحة للحكومة الكازاخية على صُعد عديدة، عربية وعالمية، بقي الأمر كذلك على ما كان عليه “متواضعاً” بما يَخص الفِعل السياسي والاقتصادي الكازاخي – العربي لهذه الدولة في العالم العربي، الذي يَقع الى جنوبها الجغرافي مباشرة، ولهذا نأمل أن تلتفت القيادة الكازاخية إلى ملاحظاتنا بتوسع رؤيتها إلى إفتتاح أوسع لسفاراتها وملحقياتها العسكرية والثقافية والتجارية – الفاعلة – في كامل الدول العربية، وتدشين معارض تجارية نشطة سورية وأُردنية وفلسطينية ولبنانية كازاخية ، وإقامتها كذلك في تلك البلدان وفي غيرها والتي لم يتم فيها إفتتاح مثل هذه المؤسسات بعد.
في الواقع، يمكن تطوير العلاقات الكازاخية – الاردنية، والكازاخية – الفلسطينية، والكازاخية – اللبنانية، والكازاخية – العربية عموماً إلى درجة عليا في شتى المناحي، إلا أن بعض المُعيقات ربما ما تزال تقف مانعاً في مجرى هذا التطور المِفصلي في علاقات بلداننا مُجتمعة، لكن من غير المفهوم للآن عدم وجود خط طيران جوي مباشر بين الأردن وكازاخستان وبين كازاخستان وبعض البلدان العربية، مما يُعيق التنمية الملموسة لعلاقاتنا الثنائية على وجه مأمول، وربما هناك أيضاً بلدان عربية أخرى لا يوجد فيها سفارات كازاخية وملحقيات عسكرية، إلا أن متطلبات الزمن الذي نعيشه والدور الكازاخي – العربي المتنامي في مناحٍ عديدة فاعلة، يُطالبنا بسرعة توثيق روابطنا العربية – الكازاخية، وضرورة اجتراح سفاراتنا العربية والكازاخية المزيد من الفعاليات تعريفاً بأنفسنا لشعوبنا، فلا يمكن أن نغفر لذواتنا العربية والكازاخية أي تقاعس تنموي في تبادلاتنا وعلاقاتنا الثنائية والجماعية.
إن كل يوم وشهر وسنة تمضي تُسجَّل خسارة كبيرة في سِجلِ هذه العلاقات، التي كان من الممكن أن تصل إلى درجات أعلى خلال السنين الطويلة المطويّة.
شخصياً، أرى أن إنجاز فعاليات متبادلة شهرية عربية – كازاخية ليس بالأمر الصعب، فهناك الكثير من الأفكار المُبدعة في هذا المجال، لكن على بلداننا وشعوبنا ونشطائنا المُبادرة في هذا الإتجاه النافع لجميعنا، ضمن مقولة “الربح للكل”، تماماً كما كان أمر هذا الأمر خلال سنوات الاتحاد السوفييتي، أولاً بتدعيم صروح الصحافة والإعلام ما بين عواصمنا العربية وإستنا بالاتجاهين وبالقدر نفسه لجميعنا، حتى نتمكن من التمهيد للارتقاء بروابطنا بصورة شاملة، ومن أجل منفعة وكسب مشترك لكل العواصم والبلدان.
إن كل يوم يمضي دون علاقات نشطة بين العرب والكازاخيين، يَعني تراجعاً الى الخلف، وانكفاءً غير مقبول على الذات.
لقد آن الآوان للتحرّك، فلا مجال بعد اليوم للتحوصل على الذات.
لتتقارب ثقافاتنا ومصالحنا، فعصرنا هو عصر التعاون والتعامل المُنتج والإنجاز والتفاهم والجَسر الشامل في كل حقل ومنحى.

*كاتب وصحفي ومتخصص بشؤون آسيا، ومؤسس ورئيس رابطة القلميين العرب حُلفاء روسية.

تعليق 1
  1. مروان سوداح يقول

    شكراً جزيلاً لنشر المقالة استاذ محمود ريا اخي ورفيقي الحبيب ومديرنا العام ولعنايتك بها..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.