لبنانيتان تحاربان الإرهاب في سجن رومية شرق بيروت

موقع دوتشي فيللي:

“سنقتلك أنت وأختك وعائلتك بأكملها”، جملة تهديد قالها نزيل من نزلاء سجن رومية شرق العاصمة اللبنانية بيروت. مايا ياموت، التي أهملت هذا التهديد وقررت مواصلة عملها في مجمع “ب”، حيث يقبع 160 متهماً بالإرهاب. مايا وأختها نانسي مهتمتان بمعرفة الأسباب وراء انضمام هؤلاء إلى تنظيم “داعش” ومنظمات إرهابية أخرى. عامان كاملان استغلتهما الشابتان اللبنانيتان في إجراء حوارات علمية مع نزلاء السجن بصفة يومية. ومن أهم الأشياء التي تحاولان العمل عليها في الخطوة التالية هي كسب ثقة السجناء.
الجماعات الإسلامية المتشددة لا تنجح في استقطاب الكثير من الشباب في لبنان مقارنة بالعراق وسوريا. ولكن بالرغم من ذلك، فإن المنضمين إلى هذه الجماعات من اللبنانيين قتل منهم الكثير ومن ضمنهم طالب القانون علاء الحسني، الذي قتل في مدينة كوباني السورية. خبر مقتل الحسني أصاب لبنان بصدمة، ولكن هذا ليس الخبر الوحيد الذي يثير القلق داخل لبنان. ففي مدينة طرابلس الساحلية وقعت في السنوات الماضية صدامات عنيفة بين عناصر إسلامية راديكالية والجيش اللبناني. وتنشأ الخلايا الإرهابية في مدينة طرابلس في الأحياء المحافظة مثل “باب التبانة”. وبالرغم من أن عدد المنضمين إلى هذه الخلايا مازال قليلاً، إلا أن مايا ونانسي تعبران عن قلقهما.

يقبع في سجن “رومية” شرق بيروت 160 شخصا متهمين بالإرهاب
غسل العقول في السجن
وبما أنه يتم داخل سجن رومية تجنيد أعضاء جدد لهذه الجماعات، بحسب الأختين مايا ونانسي، فقد قررتا استجواب السجناء. “في السجن يقوم الإرهابيون بغسل عقول الشباب”، على حد قول مايا. “قابلت سجيناً قادماً من حي فقير في طرابلس، ولكي يحصل على وجبة دافئة قام، وعمره 16 عاماً، بتوصيل متفجرات بأمر من شيخ متشدد. وتم إلقاء القبض عليه وجيء به إلى سجن رومية ليقضي 8 أعوام دون محاكمة قضائية. حين تم الإفراج عنه اتصل بي وأبلغني أنه سينضم لصفوف داعش”، تقول مايا. وتشير مايا بأصابع الاتهام إلى النظام القضائي اللبناني، الذي يتحمل مسؤولية تشدد السجناء، فالمحاكمات المعنية بالبت في الحكم على المتهمين بالإرهاب يتم تأجيلها لمدة طويلة جداً، ما يجعل المتشددين منهم بالفعل يقومون بغسل عقول آخرين في السجن.
وقد نجحت الفتاتان في كسب ثقة السجناء، وبالتحديد “الأمير” المسؤول عن باقي النزلاء، والذي أعطى لهما الضوء الأخضر للحديث مع الباقين. هدف مايا ونانسي كان معرفة السبب وراء انضمام الشباب إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة. واكتشفتا أن أغلب من تحدثتا معهم كانوا يفتقدون لـ “رمز الأب”. فإما كان الوالد متوفى أو أساء معاملتهم أثناء فترة الطفولة، تقول نانسي.
وقد أسستا حملة “Rescue me” أو “أنقذني” بهدف العمل على أفكار وطرق عملية مستقبلية لمساعدة الشباب ما بين سن 11 و16 في المدارس اللبنانية، التي فيها تلاميذ من سوريا. فهؤلاء عاصروا الكثير من العنف أو حتى مروا بتجارب عنيفة أنفسهم. وتهدف الحملة إلى التعرف على أمنيات التلاميذ المستقبلية فيما يخص العمل والمساعدة على تحقيق أمنياتهم هذه.
“قلة تمويل الحرب على الإرهاب
في واحدة من ورشات العمل تقوم الشابتان بمعالجة طفل كان على شفا الالتحاق بمعسكر الأطفال الذي يديره تنظيم “داعش”. وقد عرفت الشابة اللبنانية مايا من هذا الطفل كيف يتم تدريب الأطفال من قبل “داعش” ليصبحوا ماكينات قتل. “أحد مقاتلي داعش أعطاه سلاحاً وطلب منه التصويب على حجر. ثم كان عليه قتل قطة، ثم كانت الخطوة التالية التدريب على التصويب على جثة، وفي نهاية التدريب كان عليه التدرّب على قتل شخص ما”. وخلال الحديث اكتشفت الفتاتان أن حلم هذا الطفل كان أن يعمل كصحفي، لذلك ساعدتاه على الالتحاق بدورة تدريبية للعمل الصحفي، وبهذا نجحتا في أن ينسى موضوع “داعش”.
عبر حملة “أنقذني” تسعى الفتاتان لمساعدة المزيد من الناس، ولكن قلة التمويل تحول دون ذلك. وهما تطالبان بمزيد من الدعم المادي للقضاء على الإرهاب. وتقول نانسي: “أنا وأختي نقوم بهذا العمل لأن أصدقاء لنا انضموا لهذه الجماعات. نريد أن نواصل عملنا هذا لأننا رأينا دموعاً بما يكفي”.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.