لعب في دائرة الخطأ والخطر

صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
اذا قلنا للشعوب العربية ان تدافع عن وجودها، فهي في احسن الاحوال لا تعرف كيف لأنها لم تكن يوما مؤدلجة بشكل حقيقي سوى بعواطف تتغير مع الزمان والمكان والحدث والشخص .. واذا قلنا لجيوش عربية ان تكون الطليعة في الدفاع عن الوجود العربي، فان معظم هذه الجيوش مشغولة بواقع بلدها اي قطرها ومهددة في كل لحظة بان ينتهي وجودها كما حدث للجيش العراقي والليبي وكما كانت المؤامرة ستطول الجيش العربي السوري.
انه الزمن العربي الذي يخرجنا جميعا نحو التنبه واليقظة لكل واقعة او حادثة او جملة او تهديد .. على ارض سوريا العربية قوى متعددة متناقضة، يجدر الانتباه الى انها لن تتجانس مهما تبدلت الظروف، خصوصا بين الاميركي والروسي، هي حساسيات زمنية بين الدولتين العظميين، بل هي صراع كان يشكل محورا هنا وآخر مقابله. اليوم تلاقيا على ارض واحدة، فهل تتسع تلك الارض لهما، ام ان واحدا يجب ان يخرج !!!.
مشاعر الاميركي ومعلوماته الميدانية انه هو الذي ستدور عليه الدوائر، ولا يمكن له ان يبقى تحت اي ظرف كان، ولذلك يخترع قصة السلاح الكيماوي، لكي يدفع بأحد اذرعته إلى القيام بالمهمة كي يكتمل اتهام الجيش العربي السوري بذلك، عندها تتدخل اميركا للضرب بقوة في سوريا، فتكون الاشارة التي تعني اعادة ترتيب حضورها من اجل ان تكون حصتها في النتائج النهائية للازمة بحجم عظمتها.
الروسي يهدد لأنه يعرف السيناريو الاميركي المقرر لضرب سوريا، اما حلفاء سوريا فيعيدون الانذار الاخير الذي وجهوه الى الاميركي بان وجوده في سوريا تحت مرمى نيرانهم.
ثمة لعب في دائرة الخطأ والخطر معا، نتمنى ان يتنبه الكبير الاميركي الى حركته في سوريا والى اهدافه ايضا. ماخسره السوريون باهظ للغاية خرابا وموتا ونزوحا وتهجيرا وتبدلا في نوعية الحياة، وقد يكون في عرف القيادة السياسية والعسكرية ان المعركة اذا انفتحت على جبهة جديدة مهما كانت قسوتها، فلسوف تخاض حتى النهاية، وهي ستربحها بكل تأكيد لانها على ارضها الطاهرة، وكلنا يعرف قصة كل الاحتلالات التي حدثت وكيف انتهت.
من المؤسف ان ثمة من لا يريد الاعتبار للتاريخ، ونحن هنا نحذر بحكم معرفتنا على الأقل للقراءة الأولية لما سيترتب عليه الاعتداء الاميركي على سوريا. وليس الرد الروسي العنيف سوى الانذار الذي يضع الأمور في نصابها الحقيقي. اذ ليست الامور بهذه البساطة في تكرارها، في الوقت الذي لن يكون هنالك صمت هذه المرة من حلفاء سوريا.
اعتقد اننا امام مخاطر التورط في سوريا، والكل متورط، لكنها هذه المرة ستأخذ طابع ردة الفعل التي في مستوى العنف الاميركي ان حصل.
عندما يكون الزيت على النار يغلي فلا يمكن ان تضع اصبعك فيه، هكذا هي المنطقة وسوريا تحديدا، فكل من سيلعب بالخطأ سيرد عليه بما هو مفترض رده.
لن نقول بالطبع ان تصل المسألة حدود الاصطدام بين الروسي والاميركي، وان كانت العين الحمراء الروسية قد بدأت نظرتها بعد ان وصلها التهديد الاميركي ضد سوريا، والذي تعتبر ان وجودها الفاعل والاساسي والرئيسي فيه لا يسمح لاي كان بتجاوزها بطريقة الخطأ الذي سيكون خطرا في حد ذاته.
انها ساعات حبلى بالمفاجآت وعلى الاميركي ان يحسب لها ايضا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.