ماريا زخاروفا..!

موقع إنباء الإخباري ـ
الأكاديمي مروان سوداح*:

تعرّفت على السيدة ماريا فلاديميروفنا زخاروفا في العاصمة الاردنية عمّان، خلال زيارة السيد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وقد كنت أتوق الى هذا التعارف منذ زمن طويل.

كنت أعتقد بأنني سأرى السيدة زخاروفا أو ألتقيها في العاصمة الحمراء التي عشقتها منذ نعومة أظفاري وارتبطتُ بها حياتياً إلى منتهى الدهر، لكن حضورها إلى عمّان كان أكبر مفاجأة إلي. لذا، حَرصت حِرصاً كبيراً أن أكون مُتواجداً في اللقاء معها والذي كان نجمه وزيرها، السيد سيرغي لافروف.

قبل فترة احتفلت السيدة زخاروفا بعيد ميلادها وهي التي ما زالت في ريعان الشباب وتتدفق حيوية وتمتلئ بنشاط متجدد تشتهر به، وقد غدت زخاروفا نجمة هي الأشهر لا سيّما في المؤتمرات الصحافية والخِطاب المباشر والدقيق والمُتّزن والواقعي الذي تتميز به. وزخاروفا النشيطة دوماً وأبداً أمضت طفولتها في بكين، عاصمة جمهورية الصين الشعبية، حيث عمل والداها، لذلك تتقن السيدة زخاروفا اللغة الصينية وتجيدها بطلاقة، وهي تعرف الصين وتحفظها جيداً، وهي بلا شَك تُعتبر أحد جسور الصداقة الإنسانية المَتينة بين روسيا الفيديرالية وجمهورية الصين الشعبية.

تخرّجت زخاروفا من كلية الإعلام الدولي التابعة لـِ “معهد العلاقات الدولية” الشهير تاريخياً والواقع في العاصمة الروسية، وهو أعرق معهد في روسيا. الى ذلك، حصلت زخاروفا على درجة مُرشح في العلوم التاريخية، وهي تجيد الإنجليزية أيضاً – والروسية بالطبع لكونها لغتها الأم، ونالت في 2013 شهادة الشرف الرئاسية، وفي أغسطس/ آب 2015، وقّع الرئيس فلاديمير بوتين مرسوماً بمنح زخاروفا رتبة المبعوث المفوض فوق العادة من الدرجة الأولى، عِلماً بأن رتبتها السابقة كانت المبعوث المفوض فوق العادة من الدرجة الثانية.

تنقّلت السيدة زخاروفا في العديد من المهن الدبلوماسية والإعلامية، وتفوّقت في أعمالها ومنها البرامج السياسية الحوارية التلفازية، وقادها ذلك إلى تسنّمها أحد المناصب الأكثر أهمية وتأثيراً، وهو رئاسة دائرة الإعلام والصحافة بوزارة الخارجية الروسية منذ 10 أغسطس/ آب عام 2015، وكذلك منصب الناطق الرسمي باسم هذه الوزارة، وقد قادت شهرتها على صعيد الكون الى إختيارها في عام 2016 في قائمة (بي بي سي) لأكثر 100 شخصية مؤثّرة في العالم.

زخاروفا- المواطنة الروسية والشخصية الحكومية البارزة والمُمثِّلة الإعلامية الرسمية لوزارة الخارجية الروسية، هي أول سيدة تمثل الخارجية الروسية في تاريخ البلاد كانت وستبقى مِثالاً للدبلوماسية الروسية الهادئة والمُتّزِنة والحَاملة لإرث دبلوماسي تاريخي عميق الجذور، لا بل أنها ستبقى مِثالاً يُحتذى للدبلوماسية العالمية، إذ تنعكس في شخصية السيدة زخاروفا العَراقة الدبلوماسية الروسية على حقيقتها وواقعيتها، والتزامها بمبادىء التعايش السلمي والانحياز لقضايا الشعوب، والصراحة والمُبَاشرة في العَرض وفي الاحتكام في خطابها السياسي الى معلومات وحقائق دقيقة ترد دوماً على لسانها، لتؤكد للقاصي والداني درايتها العميقة في الشؤون ذات الصِّلة، والتي هي جزء من المَعرفة السياسية العميقة لمؤسـسة الخارجية الروسية، التي تتابع بدقة مختلف المسائل المطروحة على بساط البحث والنقاش في العالم، لتعكس أفضل مدرسة دبلوماسية هي مدرسة الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف.

تُعتبر شخصية ماريا زخاروفا جاذبة وجذّابة بلا شك، ولافتة للمهتمين بل ولغير المهتمين تقليدياً بالسياسة والدبلوماسية. إذ أن إطلالاتها البهيّة في مؤتمراتها الصحافية غدت مِغناطيساً يَجمع مِن حَوله أوسع القلميين والمُفكّرين والساسة، المًحللين والمًعلقين الإعلاميين والسياسيين على اختلاف مشاربهم وعقائدهم.

لقد خَبِرنا العديد من السيدات في وزارات الخارجية لبلدان عديدة، مِنهن مَن عَملن في بلدان كبرى أخرى، لكن السيدة زخاروفا والحق يُقال، أضحت الأحذق والأكثر نباهة وعِلماً ودبلوماسيةً بينهن، بل والأكثر خبرةً وسياسةً وذكاءً، فهي مُلّمة بكامل تفاصيل الحدث الذي تتحدث عنه وتحاكمه في مؤتمراتها الصحافية التي صارت الأشهر والأكثر مُتابعةً عالميةً، إذ تهتم بها مختلف الدول ووزارات خارجيتها، بل ويتبّدى الاهتمام بها من طرف رؤساء البلدان أنفسهم، وتنشَدُ إليها شتى وسائل الإعلام الصديقة لروسيا والخصم على حد سواء.

لقد نجحت إدارة الرئيس فلاديمير بوتين وفي هذه المرة أيضاً، حين أبرزت شخصية السيدة زخاروفا الرفيعة المستوى، فهي الخبيرة بتفاصيل الأحداث في العالم وما ورائيّاتها. إضافةً الى ذلك، تتميز في ردودها على أسئلة الصحفيين والإعلاميين بإبهار مُستميعها بِسِعة إطّلاعها وعُمق مَعارِفها وذاكرتها القوية، برغم أن مشاغلها كثيرة وواسعة رِقاعها، فهي تبدأ بالدبلوماسية الروسية، وتَطول لتشمل قضايا وملفات مختلف أصقاع الأرض ونزاعاتها الحامية وتشابكاتها الخطيرة، وعلى رأس هذه كلها- القضية السورية ومسائل المنطقة العربية وجنوب المتوسط.

في إحتفالية السيدة ماريا زخاروفا- الإنسانة الطموحة والمُمتلئة حيوية وشباباً، نتمنى لها اليوم وكل يوم مَزيداً من النجاح والسؤدد والتألق المهني في سياقات أعمالها اليومية المهمة، ومن أجل تعزيز متواصل للعلاقات الروسية – العربية، ولمواصلة إعلاء الحقيقة في ملفات “الشرق الأُوسط” الكبير، الذي هو في الواقع وفي “دكتاتورية الجغرافيا”- التخوم الجنوبية لروسيا الصديقة.

* #مروان_سوداح: مؤسس ورئيس #رَاَبِطَة_الَقَلَمِيِّين الاَلِكْتْروُنِيّةِ #مُحِبِّيِ_بُوُتِيِن وَ #رُوسيِّهَ فِيِ #الأُردُن وًالعَالَم العَرَبِيِ و متخصص #أردني بالشأن #الروسي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.