ما السّر وراء إطلاق واشنطن سراح أخطر قادة طالبان؟

ما السّر وراء إطلاق واشنطن سراح أخطر قادة طالبان؟

في الوقت الذي تنتهك واشنطن سيادة العديد من الدول عبر طائراتها بدون طيار، أو عبر قواتها الخاصة، بهدف اغتيال أعضاء معروفين أو مغمورين من القاعدة وطالبان، وتنفق من اجل ذلك أموالا طائلة وجهودا كبيرة، بالاضافة الى تحمل التداعيات السياسية والامنية لهذه الإجراءات، نراها تقوم في الوقت نفسه باطلاق سراح خمسة من اكبر واخطر قادة طالبان في معتقل غوانتانامو، في مقابل الجندي الامريكي بو بيرغدال الذي كان محتجزا في أفغانستان لدى طالبان.

إن الصفقة التي أدت الى إطلاق سراح قادة طالبان من غوانتانامو، والتي توسطت فيها قطر، دون علم افغانستان، البلد الأول المعني بما جرى، أثارت العديد من التساؤلات حول أهدافها وتوقيتها وحول تجاهل الحكومة الافغانية وحول مصلحة الوسيط القطري.

السجناء الخمسة الذين أطلقت واشنطن سراحهم، ليسوا أعضاء عاديين في حركة طالبان، فهم من كبار مسؤولي ما كان يعرف حينها ب”إمارة أفغانستان الإسلامية”، التي حكمت افغانستان بين أعوام 1996 و2001، ومتورطون بقتل آلالاف من الناس الابرياء، وتعرف أميركا قبل غيرها أنهم لن يخرجوا ليزاولوا أعمالهم كأناس عاديين بل سيعودون قطعا الى تنظيم صفوف الحركة، التي ستكون أخطر بكثير مما هي عليه آلان.

مصادر أفغانية مطلعة تؤكد أن هؤلاء الخمسة ما زالوا يتمتعون بنفوذ كبير داخل الحركة التي تقاتل حكومة كابول منذ الاطاحة بنظامها في نهاية 2001 في اجتياح عسكري قادته الولايات المتحدة.

ومن أجل التعرف أكثر على من يوصفون بالأخطر في غوانتانامو ننقل عن مصادر أفغانية أسماءهم ومسؤولياتهم ودورهم في الحركة :

– الملا خير الله خير خواه: وزير الداخلية في نظام طالبان، أحد أبرز مسؤولي طالبان منذ تأسيسها في 1994، ويعتبر واحدا من الأكثر نفوذا في الحركة .واعتقلته السلطات الباكستانية عام 2002 وسلمته إلى الولايات المتحدة.

– الملا محمد فاضل آخوند: وزير الدفاع في نظام طالبان وأحد أهم قياداتها العسكرية. وقد اشتهر خصوصا في ميادين القتال قبل اعتقاله. اعتقل في نوفمبر 2001.

– الملا نور الله نوري: كان مسؤولا عن ولاية بلخ (شمال) في نظام طالبان. وعلى غرار الملا محمد فاضل آخوند، اعتقل في نوفمبر 2001.
– الملا عبد الحق وثيق: نائب مدير الاستخبارات في نظام طالبان. هو أيضا أحد مؤسسي الحركة وقد اعتقل في نهاية 2001.

– الملا محمد نبي: وهو الأقل شهرة بين الخمسة المفرج عنهم، وهو شخصية ليست من الصف الأول في حركة التمرد. وتعتبر مصادر أفغانية أن إدراج طالبان اسم نبي على هذه اللائحة قد يكون سببه علاقاته المحتملة بشبكة حقاني، وهي فرع من حركة طالبان يعتقد أنها هي التي اعتقلت الجندي الأميركي واحتجزته طيلة هذه السنوات.

ترى هل علينا أن نقتنع أن الادارة الاميركية قامت وانطلاقا من دوافع انسانية صرفة !! بإطلاق سراح مثل هذا النوع من الرجال لإنقاذ حياة جندي اميركي؟، وهل علينا ان نقتنع ايضا أن دولة قطر، كما قال وزير خارجيتها، لم تكن تستهدف من وساطتها الا البعد الانساني؟.

من المؤكد أن البعد الانساني في صفقة التبادل بين اميركا وطالبان كان في آخر سلم أولويات الإدارة الاميركية ، كما أن هدف قطر من الوساطة لم يكن لجعل قادتها ينامون ليلهم بهدوء بعد ان أنقذوا رجالا كانوا وراء القضبان ظلما!.

اميركيا، تخطط واشنطن ومنذ فترة في الطريقة التي يمكن أن تتعامل بها مع المشهد الافغاني بعد انسحابها من افغانستان خلال هذا العام ، بينما ما زالت حركة طالبان تنشط في الكثير من مناطق افغانستان، وقد تشكل خطرا على المصالح الامريكية في هذا البلد والمنطقة لاسيما أمن الطاقة، لذلك استغلت واشنطن الصفقة لصياغة تفاهم مع هذه الحركة حول مآلات الحالة الافغانية لما بعد الانسحاب الاميركي من افغانستان ، وهو ما اشار اليه صراحة وزير الدفاع الأميركي تشاك هيغل عندما اعرب عن أمله بأن يقود الافراج عن الجندي الاميركي إلى محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وطالبان.

قطريا، وجدت الحكومة القطرية في وساطتها تنفسا لحالة العزلة التي تعيشها في ظل الحصار الخليجي المصري على خلفية تدخلها في شؤون الدول العربية، ولاثبات أن بامكانها ان تجد لها متنفسا غير الفضاء العربي، بالاضافة الى حجز مكان آمن لها بين كبار مصدري الغاز الرئيسيين الى امريكا والغرب.

أفغانيا، أثارت الصفقة غضب الحكومة الافغانية التي اعتبرت الصفقة بأنها مخالفة للقانون الدولي ، لانه تم تسليم المسجونين إلى دولة ثالثة غير الدولتين المعنيتين، كما اعترفت الحكومة الافغانية انها لم تكن على علم بالصفقة ولا بالمفاوضات التي جرت بين اميركا وطالبان، وهو ما يعكس مخاوف الحكومة الافغانية من تقارب أميركي طالباني في المستقبل على حسابها.

أخيرا ومع عودة قادة طالبان الاوائل الى المشهد الافغاني ، يبدو أن افغانستان مقبلة على تطورات لن تكون في صالح شعبها بأي حال من الأحوال، فعندما يعتبر زعيم حركة طالبان الملا عمر في بيان نادر له، الصفقة بأنها نصر عظيم، وعندما يعرب وزير الدفاع الامريكي هاغل عن أمله ان تفتح الصفقة بابا للدخول في مفاوضات مباشرة مع طالبان، يعني هذا أن المشهد الافغاني سيشهد انتكاسات أمنية خطيرة لاسيما بعد أن كشف الرئيس الاميركي باراك اوباما عن ان الحكومة القطرية أعطته ضمانات بأنها ستتخذ إجراءات لحماية الأمن القومي الأميركي وليس الأمن القومي الافغاني!!.

منيب السائح – شفقنا

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.