محمد بن سلمان … أخطر رجل في العالم

 

موقع العهد الاخباري ـ
ترجمة :عقيل الشيخ حسين: 
الكاتب : Bill Law

عن صحيفة “ذي اندبندنت” بواسطة موقع  Arrêt sur Info الالكتروني

13 فبراير / شباط 2016

وزير الدفاع السعودي شخص عدواني وطموح ومتيقظ تماماً تجاه أعدائه في الداخل والخارج. عندما كان محمد بن سلمان في الثانية عشرة من عمره، كان يحضر اجتماعات يديرها والده سلمان، أمير منطقة الرياض في تلك الفترة. وفي التاسعة والعشرين، أي بعد سبعة عشر عاماً، قام أصغر وزير دفاع في العالم بإغراق بلاده في حرب ضروس وبلا أفق في اليمن.

المملكة العربية السعودية تلعب حالياً بطريقة خطرة مع إيران عدوتها في المنطقة، وقائدها رجل يبدو أنه يريد أن يصبح الأقوى في الشرق الأوسط بأسرع وقت ممكن.

كان الأمير محمد ما يزال مراهقاً عندما بدأ يمارس المضاربة في مجال الأعمال والعقارات. وعندما كان يحدث له أن يجد نفسه في ورطة أو أكثر، كان أبوه قادراً على الإمساك بالوضع. وخلافاً لإخوته غير الأشقاء، لم يذهب محمد بن سلمان أو ” MbS “، على ما يسمي نفسه، إلى الجامعة في الخارج، مفضلاً البقاء في الرياض حيث درس الحقوق في جامعة “الملك سعود”. والأشخاص الأكثر احتكاكاً به كانوا يرون فيه شاباً رصيناً لا يدخن ولا يشرب الكحول ولا يهتم مطلقاً بالحفلات.

في العام 2011، أصبح أبوه ولياً لولي العهد، وحصل على وزارة الدفاع التي يسيل لها اللعاب بسبب ميزانيتها الضخمة وعقود التسلح المربحة. وبصفته مستشاراً خاصاً، قام ” MbS ”  بإدارة القصر الملكي بيد حديدية في العام 2012، وذلك بعد تعيين والده ولياً للعهد.

وفي كل مرحلة من مراحل هذا الترقي في سلم تراتبيات آل سعود، كان الأمير محمد هو المفضل والبارز إلى جانب أبيه. وكان من المتعارف بين السعوديين النافذين، سواء كانوا من رجال الدين أم من رجال الأعمال، أن من يريد رؤية الأب لا بد له أولاً أن يتمكن من رؤية الابن.

محمد بن سلمان

ويؤكد خصومه أنه جمع ثروة كبيرة، ولكن السلطة، قبل المال، هي ما يحفز الأمير. فعندما جلس سلمان على العرش في كانون الثاني / يناير، كانت صحته قد ساءت من قبل ما جعله يعتمد كثيراً على ابنه. ويقال بأن الملك، وهو الآن في سن التاسعة والسبعين، يعاني من مرض عقلي ولا يقدر على التركيز إلا لعدة ساعات في اليوم. وعلى هذا، فإن “MbS “، وهو القائم على الاتصالات بأبيه، هو أيضاً القائم الفعلي على السلطة الملكية.

وكانت هذه السلطة قد تعاظمت بشكل كبير منذ الأشهر الأولى في عهد سلمان. فقد عين الأمير محمد وزيراً للدفاع ورئيساً لشركة الطاقة السعودية، آرامكو، ورئيساً لمؤسسة جديدة وقوية هي “مجلس الاقتصاد والتنمية” الذي يشرف على عمل جميع الوزارات. كما ترأس صندوق الاستثمار السيادي في المملكة. وبصفته ولياً لولي العهد، فقد تجاوز خصمه محمد بن نايف، الذي يشغل منصب ولي العهد ووزير الداخلية، عندما ضم ديوانه إلى الديوان الملكي.

ولم يلبث الأمير، وهو ممن لا يحبذون البيروقراطية، أن فرض بصمته عندما أوعز إلى الوزارات أن تقدم له شهرياً تقريراً عن سير عملها. والحقيقة أن ذلك من الأمور غير المسبوقة في نظام اقتصادي متحجر وقائم على المحسوبية ورأسمالية التفاهمات والفساد. ثم إن ظهوره المفاجئ في الوزارات، منذ الصباح الباكر، حيث يطلب الاطلاع على السجلات، سرعان ما أصبح شاغلاً للجميع بقدر ما يهز الرياض  ويخرجها من نعاسها ويجبرها على العمل مثيراً بذلك إعجاب الشباب السعودي. يقول عنه أحد رجال الأعمال : “إنه يحظى بتقدير كبير من الشباب. يقوم بأعمال شاقة ويرعى مشاريع لإصلاح الاقتصاد، وهو منفتح على الشباب ومتفهم لهم”.

وكل هذا له قيمته، لأن 70 % من السعوديين تقل أعمارهم عن 30 عاماً، ولأن البطالة مرتفعة بين أفراد هذه الفئة العمرية ويتراوح معدلها بين 20 و25 %.

ولكن، حتى هذا الحماس الذي يبديه الأمير في إصلاحاته الاقتصادية دفع السعودية إلى الدخول في حرب قذرة ضد الجيران في اليمن. فقد أطلق الأمير في آذار / مارس الماضي حرباً جوية ضد الحوثيين الذين طردوا من البلاد الرئيس -المعين من قبل السعودية- عبد ربه منصور هادي. وهكذا، رمي ” MbS ”  من النافذة بسنوات من سياسة التحفظ السعودية.

ولا بد لهذا التصرف من أن يكون قد طرح نفسه في حينه كفكرة جيدة: الابن الطموح للملك المتقدم في السن يشن حرباً على تحرك في البلد المجاور الواقع إلى الجنوب من اليمن والذي يعاني أصلاً من عدم الاستقرار. ومن جهته، أسبغ الدعم الإيراني للحوثيين على هذه المغامرة طابعاً أكثر إغراءً وجاذبية.

بكل افتخار، استعرض الجيش السعودي أسلحته الجديدة المشتراة بمليارات ومليارات الدولارات. ” MbS ” ينافسه رجل في وزارة الداخلية، قوي وأكبر منه سناً. لذا أراد أن يظهر ما يتمتع به من قدرات أمام منافسه، ولكن أيضاً أمام مناصريه الذين يدينون له شخصياً بالولاء. وبحسب المخططات، كان من المفترض أن يأتي النصر سريعاً وحاسماً، أي مناسباً تماماً لتأكيد موقع الأمير كقائد للجيش ينتمي إلى خط الملك المحارب الكبير ومؤسس المملكة السعودية الحديثة، جده ابن سعود.

لم يأخذ ” MbS ” في الاعتبار واقعا معينا، يقضي بأن الحوثيين يشكلون حاجزاً فاصلاً وثميناً أمام الخطر الحقيقي الذي يهدد آل سعود، ألا وهو تنظيم “القاعدة في شبه الجزيرة العربية”. ويبدو أيضاً أنه قد تناسى الوضع الحرج الذي تمكن  الحوثيون الأشداء من زج السعوديين فيه خلال حرب على الحدود بين البلاد لم تمض عليها غير سنوات قليلة. وقعت تلك الحرب في العام 2009 عندما سيطر الحوثيون على الميناء السعودي في جيزان ولم يغادروه إلا مقابل غرامة كبيرة بقيمة 70 مليون دولار.

حتى الآن، لم تتمكن “عاصفة الحزم” من إثبات أي شيء. فقد طال أمد الحرب حتى بلغ عاماً على وجه التقريب، وأغرق الشعب اليمني في حال من البؤس اللامتناهي. وتم تدمير قسم كبير من البنية التحتية بفعل القصف الجوي المكثف، في حين تمكن الحوثيون من الاحتفاظ بثبات بالعاصمة صنعاء وبمعظم المناطق الشمالية. أما في الجنوب، فقد خلا الجو لتنظيم القاعدة. وظل ” MbS ” ثابتاً على موقفه وأقسم على مواصلة الحرب في إطار إصراره على إجبار الحوثيين، بقوة القنابل، على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.

يقول جازون توفاي، المحرر الاقتصادي لقسم الشرق الأوسط في مجلة كابيتال إيكونوميكس، عن الأمير بأنه شغوف بالصراع والمنازلة. لكن توفاي، شأنه شأن الكثير من المحللين، قد شُدِه بما أبداه الأمير محمد من قدرة على ضبط جميع المشكلات المرتبطة بالطابع المحبط والمعقد الذي يسمم الاقتصاد السعودي. يقول توفاي : ” لقد نجح تماماً على مستوى الاقتصاد. قام بتجديد الاستراتيجية واستحق لذلك الثناء”.

من الممكن لمزايا طبيعة الأمير المتوثبة أن تتراخى في ظروف تطور الصراع مع إيران من أجل النفوذ في المنطقة. فعندما أعلن “MbS”، في أواسط كانون الأول / ديسمبر، عن تشكيل مجلس من 34 بلداً إسلامياً لمحاربة الإرهاب، كان من الواضح أن المستهدف هو إيران. فالإيرانيون دعموا الرئيس السوري بشار الأسد بقوة إما مباشرة وإما  من خلال حزب الله. أما السعوديون، فإنهم مصممون على إلحاق الهزيمة بالأسد قبل الشروع بأية مفاوضات.

واليوم، وبعد إعدام رجل الدين الشيعي الكبير، الشيخ نمر باقر النمر، من قبل السعوديين، جاء وقت الردود الانتقامية والردود على الردود. فقد هوجمت السفارة السعودية في طهران، ورد السعوديون بالتوافق مع بلدان مجلس التعاون الخليجي الأخرى بأن استدعوا سفراءهم لدى إيران. وجاء تدمير السفارة الإيرانية في صنعاء، بقصف جوي فيما يبدو، ليزيد في حدة التوترات.

وفي كتاب مفتوح تم تداوله على نطاق واسع خلال الصيف الماضي، قام منافسون للأمير الشاب من داخل الأسرة المالكة بإدانة عجرفته، ووصلوا إلى حد المطالبة بتنحية هو ووالده والأمير محمد بن نايف. لكن لم تلبث أن انطفأت واستمر ” MbS ”  في التحليق بفضل ما يتمتع به من شعبية في السعودية.

ومع هذا، يظل السؤال مطروحاً : إلى أي مدى يمكن لتوثبه الطبيعي أن يضمن له الانتصار في صراعه مع إيران ؟

ولا يمكننا أن نستبعد إمكانية أن يكون هذا الشاب الباهر في عدم التروي الذي يحلو له أن يملأ القالب الأبوى الخاص بالمحارب السني، أن يكون بصدد استطلاع الآراء حول رغبته في توجيه ضربة عسكرية لإيران الشيعية. احتمال يفتح أفقاً مخيفاً على هذه المنطقة الممزقة في الأساس بحرب مذهبية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.