مصادر دبلوماسية أوروبية لـ «الشرق الأوسط»: ننصح السلطات المصرية القيام ببادرة تهدئة تجاه الفريق المقابل

 

صحيفة الشرق الأوسط:

نفت مصادر دبلوماسية أوروبية واسعة الاطلاع أن تكون مسؤولة العلاقات الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي قد قدمت «خطة جاهزة» للخروج من الأزمة السياسية المستفحلة في مصر، مضيفة أن جل ما حملته هو «بعض الأفكار والنصائح» التي تسعى لجعلها مقبولة من كافة أطراف الصراع.. فيما يعتزم عضوان بارزان بمجلس الشيوخ الأميركي زيارة القاهرة الأسبوع المقبل بطلب من الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وقالت المصادر الأوروبية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» إن ما يهم الأوروبيين في الوقت الحالي هو أمران، الأول هو وقف التصعيد، أي وضع حد للعنف المتبادل بين السلطة الجديدة من جهة والإسلاميين من جهة ثانية. والأمر الثاني، توفير الظروف «المعقولة» لوصل الحوار المقطوع بين الطرفين تمهيدا للوصول إلى حل «توافقي» يقبله الجانبان. بيد أن المشكلة تكمن اليوم، وفق الأوساط الأوروبية، في أن الأفكار المطروحة والتي أصبحت إلى حد ما متداولة تواجه صعوبة رئيسة. فمن جهة يصر قادة الإخوان المسلمين حتى الآن على عودة «الشرعية»، أي استعادة الرئيس المخلوع محمد مرسي منصبه في رئاسة الجمهورية كشرط «مبدئي» لقبول الحوار والبحث عن مخارج. ومن جهة أخرى، ترفض القوات المسلحة والسلطات الجديدة وحركة «تمرد» وكل الذين نزلوا إلى الشارع في 30 يونيو (حزيران) العودة إلى «النظام القديم»، لاعتبارهم أن صفحة مرسي وحكم الإخوان قد «طويت» نهائيا وأن هذا الطلب «لا يمكن قبوله بتاتا».
وبالنظر لهذه الصعوبة «المبدئية»، فإن ما يبحث عنه الأوروبيون هو «توفير أرضية للحوار» بين الطرفين، الأمر الذي حاولت كاترين آشتون تحقيقه خلال زيارتيها المتتاليتين إلى القاهرة ولكن من غير أن تنجح حتى الآن. وترى المصادر أن أحدا «لم يعثر حتى الآن» على الصيغة التي تجعل الإخوان يعودون إلى الصف ويقبلون بالحديث إلى العسكر، كما أن أحدا لم ينجح بعد في تحديد «الثمن» الذي يمكن أن تقبل دفعه السلطات الجديدة لإعادة «تطبيع» الوضع في مصر.
وتتخوف المصادر الأوروبية من أن استمرار لجوء قوات الأمن إلى استخدام العنف – كما حصل في الأيام الأخيرة – سيكون من نتائجه قيام «شرخ» داخل السلطات الجديدة، الأمر الذي سيزيد من صعوبة التوصل إلى مخرج مقبول.. بينما تريد أوروبا دليلا على المواقف التي أعلنها نائب رئيس الجمهورية المؤقت الدكتور محمد البرادعي. ويبدو أن ثمة تيارين متجاذبين داخل السلطات الجديدة والقوات المسلحة، الأول يدعو إلى «عدم المماطلة» واستخدام القوات المسلحة لفض الاعتصامات ووضع حد لمظاهر الاحتجاج التي يلجأ إليها الإخوان المسلمون منذ نحو الشهر «حتى لو كلف ذلك سقوط ضحايا». أما المدرسة الثانية، فإنها تدعو إلى التروي وإلى الامتناع عن اللجوء إلى الطرق والأساليب التي كانت سائدة أيام حكم مبارك، وترى أن العنف «يقوي الإسلاميين ويجعل منهم ضحايا، وبالتالي أكثر تشددا، وأقل استعدادا لقبول مخرج سياسي للأزمة».
ولا يريد الأوروبيون الذين يظهرون بمظهر الوسطاء الوحيدين المقبولين من الجانبين أن يتغلب التيار الأول؛ لأن ذلك يعني «انزلاق مصر إلى حرب أهلية» وفق تعبير المصادر الأوروبية. ولذا فقد وجدوا أنه من الضرروي «مواكبة» المصريين «وعدم تركهم وحيدين»، الأمر الذي يفسر أن وزير الخارجية الألماني وصل إلى القاهرة بعد ساعات من مغادرة آشتون لها. وستتبع ذلك زيارات أوروبية أخرى تحمل كلها الرسالة ذاتها، وهي «ضرورة الإسراع إلى المسار الديمقراطي والبدء بالتلويح بقطع المساعدات المدنية الأوروبية عن مصر البالغة للفترة 2011 – 2013 نحو 450 مليون يورو».
ويلح الأوروبيون، وهو ما فعلته آشتون في القاهرة وما طالب به وزير الخارجية الفرنسي ونظيره الألماني، على أن تقوم السلطات الجديدة بـ«بادرة تهدئة» تتمثل في إطلاق سراح المعتقلين وبينهم مرسي، الذين يصفهم الوزير لوران فابيوس بأنهم «سجناء سياسيون». كذلك فإنهم يدعون إلى وقف الملاحقات القانونية بحق القادة الإسلاميين، مما يعني أنهم «يشككون» في حقيقة الشبهات الجنائية المساقة بحقهم. وتفيد المصادر الأوروبية التي تابعت عن قرب مناقشات آشتون والاتصالات التي يقوم بها مسؤولون أوروبيون آخرون مع القاهرة أن السلطات الجديدة تسأل عن «المقابل» الذي سيدفعه الإخوان المسلمون. ويبدو أن «المساومات» تدور حول ما تسميه المصادر الأوروبية «المنطقة الرمادية». ومعلوم أن مقترحات مثل الإفراج عن مرسي مقابل تعهده سلفا بإجراء استفتاء على رئاسته أو التزامه بالاستقالة وتنظيم انتخابات رئاسية جديدة لم تقبلها القوات المسلحة ولا الحكومة الحالية والقوى التي تدعمها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.