هل تغير الانتخابات التركية بوصلة أردوغان الخارجية؟

ardo

موقع العهد الاخباري ـ
ميساء مقدم: 

أعاد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تجميع قواه الشعبية داخلياً. أكثر من 85 في المئة من الشعب التركي شاركوا في العملية الديمقراطية ليعاد تفويض الحزب الحاكم منذ أكثر من 16 عاماً إلى السلطة. 49,5 في المئة من مقاعد البرلمان حصل عليها حزب “العدالة والتنمية” متقدّماً عن حصته في انتخابات شهر حزيران الماضي التي كانت 41 في المئة فقط. لكن التساؤل الأبرز الذي يطرح اليوم يرتبط بكيفية “صرف” هذا الفوز الانتخابي في السياسة الخارجية لتركيا، ومدى تأثيره في السلوك التركي اتجاه الأزمة السورية مع انطلاق مفاوضات فيينا؟

لا يرى المتخصص في العلاقات العربية – التركية محمد نور الدين “تغيرات ايجابية في الموقف التركي بما يخص الأزمة السورية”، برأيه فـ”العوامل التي تتحكم بالدور التركي في سوريا والمنطقة لا علاقة لها برصيد أردوغان الشعبي في الداخل التركي”.

يشير نور الدين الى أن “الانتخابات أعادت حزب “العدالة والتنمية” وتركيا عموماً الى المربع الأول الذي كان عليه قبل الانتخابات في 7 حزيران الفائت، تركيا اليوم كما كانت قبل 6 حزيران مع فوارق لا تصب لا في مصلحة حزب العدالة والتنمية ولا في مصلحة تركيا على الأقل على صعيد السياسة الخارجية”. يؤكد أنه “اذا قرأ أردوغان هذه النتائج على أنها تفويض له لمزيد من التشدد في بعض العناوين الخارجية وخصوصاً في الشأن السوري، سيسقط من جديد بوهم رهانات غير واقعية”، عازياً الأسباب الى عاملين أساسيين؛ يتمثّل العامل الأول بالحرب على الأكراد وما أنتجته من ازدياد جرعة الكراهية لأردوغان في الداخل التركي (بعد التفجيرات ضد الأكراد والحرب ضد حزب العمال)، أمّا العامل الثاني والأكثر أهمية، فهو الوجود العسكري الروسي الذي طرأ على الساحة السورية، وهو عائق كبير أمام محاولة أردوغان استكمال بعض العناوين التي يسعى لترجمتها في سوريا مثل اقامة منطقة عازلة والاصرار على اسقاط الرئيس بشار الأسد وتثبيت قواعد اشتباك أطاحت بها روسيا في الفضاء السوري.

من جهته، أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية جمال واكيم يعتبر أن “هناك استمرارية في سياسة تركيا الخارجية منذ ما قبل وصول حزب “العدالة والتنمية” الى السلطة، وهذا الحزب لم يخالف الخط الذي رسمته الحكومات السابقة (العلمانية) بما يتعلق بالتحالف مع الولايات المتحدة و”اسرائيل” واقامة علاقة استراتيجية معهما، وما يتغير يتّصل بالتكتيك فقط”.

وتبعاً لذلك، يرى واكيم أنه “لن يكون هناك تغير جذري”، موضحاً أنه “أساساً لم تكن هناك توقعات بتغيّر جذري في التوجهات التركية حتى مع وصول أحد أحزاب المعارضة التركية الى السلطة، ستبقى تركيا حليفة لأميركا وستبقى تدعم المجموعات المسلحة في سوريا ضد النظام لحين نضوج تسوية سياسية بين الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جهة، وروسيا وايران والصين من جهة أخرى”..

حول الانتقادات الغربية والأميركية للتضييق على الحريات، والتي رافقت الانتخابات البرلمانية الأخيرة في تركيا، يعتبر واكيم أنها “لا تلامس جوهر العلاقة بين الولايات المتحدة وأنقرة، ولا تلامس جوهر الدعم الأميركي لأردوغان وبقاءه في السلطة”، مشيراً الى أنه “وصل الى السلطة بدعم أميركي، وقبل وصوله الى الحكم زار أميركا وقدّم الولاء والطاعة لها”. ويشدد واكيم على أن “تركيا منذ العام 1950 لم تخرج من تحت المظلة الأميركية لضرورات جيوسياسية، ومع دخول واشنطن مفاوضات شاقة في مؤتمر فيينا ستكون طويلة وعسيرة مع روسيا وايران لا تستطيع الاستغناء عن ورقة تعتبر قوية بيدها”.

رؤية واكيم تتعارض مع شرح نور الدين للقضية؛ فالأخير يرى أن “المواقف الغربية والأميركية من سلطة رجب طيب أردوغان سلبية”، معتبراً أنه “على الرغم من وجود توافق تركي – أميركي على الخطوط السياسية الرئيسة في المنطقة، الا ان هناك خلافاً على أولويات معينة في الملف السوري، فضلاً عن أن تصاعد النزعات المتشددة في تركيا لا يريح الأوروبيين الذين يعتبرون أن هذا البلد جزء من الاستقرار والأمن في جنوب شرق أوروبا، ومثل هذه التيارات قد تسبب اضطرابات داخل أوروبا”. ويخلص نور الدين الى القول إن “خسارة أردوغان أو فوزه بنسبة أصوات أقل كانت ستريح أميركا وأوروبا بشكل أكبر”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.