هل يكون لبنان «الوطن البديل» للأقليّات الهاربة من جور «داعش»؟

christians-levant

صحيفة الديار اللبنانية ـ
غسان بو دياب:

 

يبرع تنظيم «داعش» الإرهابي في القيام بالدور المنوط به من قبل مشغليه، والمتعلق بتشويه صورة الإسلام إلى أبعد الحدود، وتصويره عدوا كبيرا للبشرية جمعاء، ودينا يدعو إلى العنف والقتل والذبح والإرهاب.

 

وينجح القيمون على هذا التنظيم الإرهابي أيضا في تصوير المسلمين كمعتنقي فكر إرهابي متوحش، يحاول ابتلاع كل ما تصل إليه يده، من أجل تخويف الناس منهم، بالتالي، فقد نجح هذا التنظيم المسلح في توحيد العالم في وجهه.حاملا راية الإسلام، ما يؤشر إلى مستوى التخطيط الذي يتمتع به من يقف وراءه من أجهزة استخبارات ومتخصصين وصناع فكر.

 

بالتوالي والتتابع، يقوم هذا التنظيم بالهجوم على الأقليات، كل في دوره، لم تسلم أقلية من ذلك، بدءا بالإيزيديين، وصولا إلى الآشوريين أمس، كما شاهد العالم، إلى جانب ذلك، كيف يقوم أشخاص يكتبون على ملابسهم وراياتهم شعارات اسلامية، بالقتل والحرق والذبح، وقطع الرؤوس، وأكثر، وصولا إلى تدمير آثار وتماثيل تنتمي إلى التاريخ الإنساني، وتخضع لمعايير التراث العالمي، ولا من يرفع صوتا بادانة واستنكار.

 

مصادر روحية مطلعة قالت لـ«الديار» إن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض بها الأقلية الاشورية للاضطهاد، فتاريخ هذه الطائفة الذي يحمل صفحات كبيرة من المعاناة، والتهجير اللذين يتعرضون لهما ليس إلا فصلاً جديداً من فصول تاريخهم الحافل خصوصا أن الآفاً منهم قد نزحوا من ضيعهم التي سقطت بيد تنظيم «داعش» الذي اسر عددا منهم.

 

وأضافت المصادر بالقول إنه رغم إرتباط الاشوريين بأرض الشرق بأوثق العرى، إلا أن الحروب تحملهم على الرحيل «من الوطن الغالي الى آخر الى مهجر باتت العودة منه شبه مستحيلة». علما أنهم هم أول من بنى مملكة مسيحية في الشرق»، مضيفة أن ارهابيي «داعش» يحتجزون أكثر من مئتين من افراد أشوريين بعد ان تهجر الآلاف ممن بقي منهم في سوريا، شاكرة الحكومة اللبنانية التي فتحت ابوابها استثنائياً لاستقبال النازحين من الطائفة اليه، وقد بدأت تصل عائلات منهم بدءا من ليل الاثنين.

 

واستعادت المصادر بعض الكلمات من «المؤتمر الأشوري العام الذي ندد باستمرار بـ«مسلسل الابادة الجماعية ضد ابناء الشعب الاشوري الجريح» كما واستمرار «عملية التطهير العرقي لأخلاء الوطن الاشوري من ابناءه الأصلاء»، مستذكرا «خابور الأصالة والبسالة» الذي «يشمخ اليوم متصديا للهجمة البربرية والموجة الظلامية ومد الاجرام متمثلا بـ«داعش» واجهة للبعض من القوى الاقليمية ومصالحها المتصارعة».

 

وأضافت «إن الشعب الاشوري لم تتوقف جراحه عن النزف، واليوم الجرح اخطر، والازمة اشد والتكالب على وجودنا أشرس من أي وقت مضى، فنحن اليوم نخوض معركة نكون فيها او لا نكون، نبقى على ارضنا أو نزول، معركة نحتاج فيها الى كل ذراع اشورية قادرة على حمل سلاح الدفاع والتحرير، وكل قلب آشوري مؤمن بحقه في الوجود والحياة الحرة الكريمة على ارضه،العيش وفقا لخياراته الحرة».

 

واثنت المصادر على « شجاعة وصلابة الاشوريين وتمسكهم بارضهم، و«مقدرتهم على الارتقاء الى مستوى المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق اشوريي اليوم»، منتقدة عالم اليوم الذي اصبح «عالما مؤمنا بحق القوة بديلا عن قوة الحق»، وداعية إلى «تسخير كل امكانات الشعب الأشوري في جميع اصقاع الارض لاجل رفد سواعد ابطالنا بمقومات الدفاع والتحرير».

 

وفي ما يمكن وصفه ببيان رقم واحد، دعت المصادر الآشوريين «المؤمنين باشوريتهم الى الانضمام الى قوافل البطولة قوافل المدافعين عن الارض والعرض و الحياة والوجود، الانضمام الى صف المقاتلين»، لأن «السلاح الاشوري يجب ان يقاتل تحت الراية الاشورية لا ان يتحول الى ميليشيا مأجورة لدى اعداء القضية الآشورية».

 

كما ناشدت أصحاب الضمائر في العالم باسم الإنسانية التي «يحمل لواءها اليوم الآشوريون ند لقوى الظلام والهمجية»، بـ«نصرة الانسانية عبر الوقوف الى جانب هذا الشعب الجريح الصابر»، داعية أهالي الشهداء إلى الصبر على الموت، لأن أبناءهم «ارتقوا الى اسمى مراتب المجد، وسيبقون رمزا لنضال الشعب، وخالدون في الضمائر ابطال تستقى منهم الاصالة.

 

في سياق متصل، قالت مصادر متابعة إن معاناة الشعب الاشوري لم تبدأ مع «داعش»، ولن تنته معه، فهو يسعى، منذ مدة، الى أن يعترف الأكراد بمسؤوليتهم عن قتل الاشوريين في هذه المنطقة»، إذ إن كثيرين من الاشوريين قتلوا بيد قوات كردية كانت تعمل مع العثمانيين ثم عملوا في ما بعد مع المملكة العراقية، مشيرة إلى أن المسؤولية يجب على الحكومة الكردية أن تتحملها كما تحملت الحكومة الالمانية في ما بعد المسؤولية عن الهولوكوست الذي جرى في ظل عهد النازيين». ومطالبة العالم بالإعتراف بمذبحة الاشوريين التي حدثت في العام 1915.

 

وأضافت «العالم يتفرج على المسيحيين يذبحون ويهجرون، ولا من يحمي حقهم في الحياة، ومسلسل الإجرام ضد الأشوريين مستمر، ويبدو أن القضية مستمرة في ظل وجود أقوام لا يشبهون البشر بشيء، يعبدون الدم والقتل والسلاح والرهائن.

 

بالإنتظار، هل سيعود لبنان ليكون ملجأ للأقليات المستضعفة الهاربة من جور حكام «داعش» الإرهابيين، بحيث يتمكنون من العودة متى انتهى الواقع الضاغط، أم ان دخول الأراضي اللبنانية لن يكون إلا «ترانزيت» لتهجير هؤلاء إلى الدول الغربية والأوروبية، من أجل «تنظيف» الشرق من الأقليات؟ غدا لناظره قريب

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.