أخطر أربعة إرهابيين تنفيذيين مطلوب القبض عليهم

ahmad-mikati

صحيفة البناء اللبنانية ـ
يوسف المصري:

لا شك أن إلقاء القبض على أحمد سليم ميقاتي شكل صيداً ثميناً للأجهزة الأمنية اللبنانية كون التحقيق معه كشف شبكة الخلايا الإرهابية العاملة في الشمال، تماماً كما كان توقيف نعيم عباس شكل رأس خيط ثميناً لها أرشدها إلى شبكة الخلايا النائمة التي عملت على تنفيذ عمليات انتحارية في الضاحية وبيروت والجنوب.

وكلا هذين الإنجازين سمحا للأجهزة الأمنية بامتلاك أرشيف الخلايا الأمنية الناشطة على الساحة اللبنانية. وتؤكد مصادر أمنية أن التوقيفات الأمنية التي نفذها الجيش منذ انتهاء معركة طرابلس حتى الآن يعود الفضل فيها للمعلومات التي انتزعت من ميقاتي خلال التحقيق معه.

وتلفت المصادر الأمنية إلى أن كلاً من ميقاتي وعباس، يقدمان نموذجاً عن نوعية قادة الإرهاب العاملين على ساحة لبنان، حيث تلحظ وجود عدة قواسم مشتركة بينهما:

القاسم الأول الذي يجمع بين عباس وميقاتي يتمثل برد الفعل ذاته الذي أبدياه خلال لحظات اعتقالهما. فعباس كان مختبئا في شقة في حي طريق الجديدة، وبعد مراقبة من مخابرات الجيش دامت طوال الليل، خرج صباحاً من الشقة قاصداً موقفاً للسيارات حيث كان يركن

فيه سيارته، وهنا هاجمه ضابط في مخابرات الجيش ورماه أرضاً. لم يبد عباس أية مقاومة، بل طلب من الضابط عدم قتله وكشف بسرعة عن هويته قائلاً: أنا نعيم عباس. ولدى اقتياده إلى اليرزة عرض صفقة: أرشدكم إلى سيارات مفخخة بمقابل أمني. وبالفعل أرشدهم إلى سيارة كانت متوقفة في طريق الجديدة، ومن ثم بدأ بالكشف عن سيل معلوماته الثمينة.

قصة اعتقال أحمد سليم ميقاتي لا تختلف كثيراً لجهة الطريقة التي تصرف فيها الأخير خلال توقيفه. وعلمت «البناء» بوقائع عن توقيفه ظلت غير معلنة حتى الآن ، وتفيد أن وحدة من القوة الضاربة في الجيش اللبناني، قصدت الشقة التي كان يختبئ فيها بعد توافر معلومات عنها لمخابرات الجيش. اقتحمت القوة الشقة ولم تجده هناك، بل وجدت إرهابيين آخرين يعملون معه. ثم غادرت القوة الضاربة المنزل بعد إخلائه من الأسلحة وحلت مكانها قوة من الجيش اللبناني. أحد الجنود لاحظ قطرات متتالية من الدماء تبدأ من عند أحد جوانب المنزل وتتجه إلى الأسفل نحو حقول تقع أمامه. تابع الجندي خط الدم حتى وصل إلى نقطة وجد نفسه فيها وجهاً لوجه أمام ميقاتي. رفع الجندي بوجهه السلاح فارتعد الأخير الذي كان مصاباً نتيجة قفزه من شرفة المنزل هارباً لحظة اقتحامه من قبل القوة الضاربة. واقتيد ميقاتي إلى التحقيق، ومنذ أول دقيقة اعترف قائلاً: أنا أحمد سليم ميقاتي.

وبنظر الأجهزة الأمنية فإن عباس كميقاتي، فكلاهما أقرب لأن يكونا مقاولي إرهاب، فهما يلتزمان تنفيذ عمليات لمصلحة «جبهة النصرة» و»داعش» وغيرهما، وفي اللحظات الحرجة يقومان بعقد صفقة على حياتهما.

وكما أنه يوجد وراء ميقاتي إرهابيون أخطر يؤدون دور النشطاء اللوجستيين، فالأمر نفسه كان صحيحاً بالنسبة لعباس.

فقد كشفت التحقيقات مع عباس عن وجود إرهابي خطر يؤدي دور حلقة وصل أساسية في عمليات نقل المتفجرات والانتحاريين من سورية إلى لبنان، يدعى منذر الحسن وهو سوري الجنسية. مهمة الحسن كانت بالضبط أداء دور صلة الوصل اللوجستية بين عباس وأحد أمراء «جبهة النصرة» في القلمون وعرسال، فهو الذي يستلم من الأخير الانتحاريين ويسلمهم لعباس الذي يحدد لهم المهمات التنفيذية. لا يزال الحسن فاراً من وجه العدالة؛ وبذلك لا يزال خطره على ساحات الضاحية وبيروت والجنوب التي هي مجال اختصاصه، قائماً على رغم أن اعتقال عباس أدى إلى خلل في كل التركيبة القيادية التي كان الحسن من أبرز ورموزها. ومع ذلك تظل مهمة اعتقال الحسن بالنسبة للأجهزة الأمنية بمثابة أولوية في معركتها لتفكيك أبرز شبكات الإرهاب العاملة في لبنان، وتحديداً في الضاحية وبيروت.

الإرهابي الخطر الثاني

أما التحقيقات مع سليم ميقاتي فكشفت عن اسم إرهابي قيادي خطر لا يزال فاراً، وهو على صلة بالتخطيط للأعمال الإرهابية في الشمال، ويدعى «أبو أيوب العراقي» ويعتقد أنه كان يملك الإمرة على ميقاتي. تتحفظ المصادر الأمنية على إعطاء المزيد من التفاصيل عنه، ولكنها تؤكد أن خطورته ناتجة من مكانته العالية في التراتبية الدينية الجهادية التي تصدر الفتاوى في شأن الساحة الشمالية، ولكنه لوجستياً يعتبر أقل خطورة من شادي المولوي المعتبر الإرهابي الخطر الثالث المطلوب للأمن اللبناني.

وتجزم المصادر عينها أن المولوي لم يخرج من طرابلس حتى الآن.

وتوجد تسريبات أمنية تفيد أن «أبو أيوب» من الجنسية المصرية وليس عراقياً بحسب ما هو متعارف. وترجح المراجع الأمنية المصرية صحة هذا التقدير. وتجدر الإشارة في هذا المجال أن المستوى الأمني المصري مستمر بالتنسيق مع شقيقه السوري بخصوص مكافحة الإرهاب. ويؤكد المصريون أن استخباراتهم تقدر عدد المصريين المنخرطين في صفوف الجماعات التكفيرية في سورية يتراوح بين 3 إلى 4 آلاف شخص.

البحث عن المولوي

وترى مصادر أمنية لبنانية أن وقائع هروب شادي المولوي مشابهة لحد بعيد لوقائع هروب أحمد الأسير، فالأخير قصد بعد اقتحام مربعه في عبرا، أقرب نقطة آمنة له وهي مخيم عين الحلوة على ما ترجح بنسبة عالية المطاردة الأمنية له، فيما المولوي أيضاً قصد أقرب نقطة آمنة له موجودة في إحدى ضواحي طرابلس. وهذا التشابه يقود أيضاً إلى استنتاج توليه الأجهزة الأمنية عناية كبيرة، ومفاده أنه كما الأسير نجح بعد نحو سبعة أشهر من هروبه بإعادة بناء شبكات أمنية تابعة له في صيدا، فإن المولوي سيفعل الأمر ذاته في طرابلس فيما لو نجح بالاستقرار في مخبئه الجديد، وعليه من الأهمية بمكان العمل على توقيفه في شكل عاجل.

وتفيد معلومات من عين الحلوة أن مطالب أمنية لبنانية وصلت للقوى السياسية الفلسطينية من أجل التعاون لتوقيف الأسير، كون بقائه في المخيم – فيما لو تأكدت المعلومات حول هذا الأمر – من شأنه أن يورط فلسطينييه بحرب تشبه ما حصل في نهر البارد. لقد تم إبلاغ فلسطينيي مخيم عين الحلوة أن الشبكات التي فككها الجيش اللبناني في صيدا بالتزامن مع معركة طرابلس، ينتمي جميع عناصرها لأحمد الأسير، وأن المجموعة التي كانت مكلفة بمهاجمة مواقع للجيش اللبناني بصواريخ آر بي جي كانت مؤلفة من أربعة أشخاص هم فلسطينان ولبنانيان.

ونفس الرسالة تحاول الجهات الأمنية إيصالها لمناطق يحتمل أن يكون المولوي مختبئاً فيها، وتطلب من سكانها وفعالياتها التعاون معها لإيقافه حتى يتم تجنيب أحيائهم ما حصل في باب التبانة.

لقد أظهرت التحقيقات التي جرت مع العضو الأخطر في مجموعة صيدا الإرهابية وهو «م – ف « أن الأسير كان وجههم للتحصن في أحياء صيدا القديمة والانطلاق منها لتنفيذ عمليات إرهابية تستهدف إثارة الفتنة المذهبية وضرب الجيش.

لقد شكل توقيف م – ف بالنسبة للأجهزة الأمنية في مجال إرشادها لتفكيك خلية صيدا الإرهابية نفس الدور الإيجابي الذي شكله توقيف كل من عباس وميقاتي في مجال تفكيك خلايا بيروت والشمال. ولكن بقي هناك في صيدا إرهابي خطر من خلية الأسير لا يزال حراً، وهو لبناني كان أوقف خلال أحداث عبرا وتم سجنه، ولكن تدخلات سياسية أدت للإفراج عنه. ويعد هذا الإرهابي هو المطلوب الخطر رقم 4 في لائحة الإرهابيين الخمسة الذين توجد أولوية لإلقاء القبض عليهم.

تختم المصادر عينها أن لا شك أن هناك إرهابيين آخرين لا يقلون خطورة ولكن مصدر خطر الأربعة الآنف ذكرهم هو أنهم متخفون داخل المدن اللبنانية، ربما عدا منذر الحسن الموجود حالياً في الجرود ولكنه يملك صلات بالكثير من الخلايا النائمة. والسؤال الذي يخضع لمتابعة الآن هو هل وجد الحسن مقاولاً لتنفيذ عملياته بعد توقيف نعيم عباس؟؟!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.