أردوغان يبيع حماس ليشتري إسرائيل..

محمود عبد اللطيف:
 تشير المعطايات إلى أن رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان هرول إلى التصالح مع الكيان الإسرائيلي، في خطوة يهرب من خلالها نحو الأمام من إي احتمال لمحاسبة نظامه على العلاقة المباشرة مع التنظيمات الإرهابية، فاستبق قرار لمجلس الأمن لتجفيف منابع الإرهاب تحت البند السابع، بأن عمد وحليفه القديم الجديد في تل أبيب على تسريب معلومات عن اتفاق مبدئي بينهما على تسوية ملف “السفينة مرمرة”، التي اعتدت عليها قوات الاحتلال الإسرائيلي في المياه الإقيليمية أثناء توجهها إلى قطاع غزة لكسر الحصار المفروض من قبل إسرائيل، ويبدو في ظاهر الأمر أن مبلغ الـ 20 مليون دولار، سيكون دية لدم الأتراك الذي قتلوا بنيران الاحتلال في الحادثة، إلا أن بقية بنود الاتفاق التي سربتها القناة العاشرة الإسرائيلية تشير إلى أن أردوغان هو من سعى إلى التصالح، وأن تل أبيب فرضت شروطها على النظام التركي، فكانت حركة حماس هي الحطب الرخيص لنار الطبخة التركية الإسرائيلية، فالتسوية تفرض على نظام حزب العدالة والتنمية الميال إلى الإخوان أن يغلق أراضيها بوجه الأنشطة التي تسميها حكومة الكيان بـ “الإرهاب”، والمعني هنا بالدرجة الأولى بحسب ما سرب عن التسوية القيادي في حركة حماس “صالح عاروري”، إذ ستمنعه أنقرة من الدخول إلى أراضيها، كما سيتم فرض قيود على نشاط حماس في تركيا، إضافة إلى قبول أنقرة بمد الكيان الإسرائيلي لخط غاز يمر عبر أراضيها، لنقل الغاز الفلسطيني المنهوب من قبل دولة الاحتلال إلى الأسواق الأوروبية.
وبما إن النظام التركي تخلى على مايبدو عن جزء من الأكاذيب التي كان يتشدق بها من خلال علاقته مع حركة حماس، بأنه أحد القوى التي تدعم القضية الفلسطينية ضد “الغطرسة الإسرائيلية”، يكون أردوغان قد أسقط القناع الإسلامي الذي أقنع به الناخب التركي ليصل إلى السلطة في تركيا، ويمكن القول في الوقت نفسه أن أردوغان يعمل على إعادة تسويق نفسه كواجهة للإسلام المعتدل في عيون أوروبا من خلال إعادة العلاقة مع الكيان الإسرائيلي إلى المستوى المعلن والممثل  دبلوماسيا بأعلى المستويات المتعارف عليها بين الدول، وعلى ذلك سيكون حالف شمال الأطلسي ملزما بحماية أردوغان سياسياً، قبل حمايته عسكرياً، فاحتمالات نشوب حرب مباشرة مع روسيا على خلفية ملف إسقاط الطائرة الروسية “su-24” في سوريا، مع وجود احتمال بتورط تركي في إسقاط طائرة الركاب الروسية في سيناء بكون القنبلة التي أدت لسقوطها كانت قد زرعت داخل مطار تركي أثناء تواجد الطائرة فيه قبل اسبوع من الحادثة، برغم ذلك، تبدو احتمالات الحرب مستبعدة أمام قوة الخيارات الروسية الأخرى، على المستويين القانوني والاقتصادي، فإذا ما كانت موسكو معنية بالانتقام بشكل مباشر فمن السهل عليها أن تقصقص أجنحة أردوغان داخليا من خلال إلغاء الصفقات الموقعة مع تركيا في مجالات من أهمها الطاقة، إضافة إلى تقديم ما يمتلكه الروس من أدلة على مشاركة أردوغان وعائلته بشكل مباشر بتمويل تنظيم داعش من خلال تجارة النفط المسروق، وعلى ذلك سيكون على الأمم المتحدة أن تتخذ موقف حاسم نتيجة للقوة الروسية المتصاعدة خلال المرحلة الحالية.
و من الواضح إن حكومة الاحتلال بفرضها إيقاعها على النظام التركي، تكون قد منحته “مقابل” لم يتم تسريبه، وسيكون من المنطقي التفكير بالدرجة الأولى بأن النظام التركي أخذ ضمانات إسرائيلية بإلزام الإدارة الأمريكية بحمايته من خلال ضغوط يمارسها اللوبي اليهودي على البيت الأبيض ساعة الحاجة لهذه الضغوط، وقد تقوم دولة الاحتلال بدور وسيط للمصالحة ما بين أنقرة وموسكو مقابل ألا تقوم الأخيرة بفضح المزيد من الدلائل على التورط التركي بدعم الإرهاب في سوريا وخاصة داعش، وقد تكفي إدارة بوتين بأن تخرج تركيا من الملف السوري بشكل نهائي وتغلق حدودها، وفي الأمر مكسب استراتيجي كبير لموسكو، وإن لم تقتنع موسكو -وهذا هو المرج-، سيكون الخيار الأمريكي في المرحلة القادمة الدفاع بشكل مستميت عن نظام أردوغان وتبرأته من دعم الإرهاب، لكن وفي كلا الحالتين، يمكن القول إن الأدلة التي قدمتها موسكو كفلت إخراج تركيا من اللعبة الدولية في جملة من الملفات، وعلى أردوغان الإنكفاء خلال المرحلة القادمة وعدم اللعب بالنار الروسية، وبالتالي سيفكر رجل أنقرة بأن يعيد بناء الثقة مع الشارع التركي، فالمرحلة القادمة تتطلب رأي هذا الشارع لإعادة دسترة تركيا بما يتوافق وأحلامه السلطوية.
ونقطة ثانية، يبدو أن المساعي القطرية نجحت في عقد مصالحة بين حليفها الأساسيين في المنطقة، فالدوحة تمتلك علاقات اقتصادية قوية مع الكيان الإسرائيلي، وبالتالي ستكون تجارة الغاز الطبيعي واحدة من الأوراق الأكثر حيوية خلال المرحلة القادمة إذا ماتم الاتفاق على أن ثمة خط للغاز المشترك بين قطر وإسرائيل إلى تركيا، وهو الحلم القديم المتجدد لجملة من الدول في المنطقة، من أهمها قطر والسعودية وكيان الاحتلال، ويتمثل هذا الحلم بتحويل تركيا إلى خزان تجميعي لغاز الشرق الأوسط لتصديره إلى أوروبا، وفي الأمر ضغط خليجي إسرائيلي على إيران وروسيا بالدرجة الأولى، ولكن السؤال يكمن في ماهية الخريطة التي ستعمل الحكومة الإسرائيلية وشركائها خلال المرحلة القادمة على مد خط الغاز المتفق عليه..؟.
برياً، ستكون تكلفة مرور هذا الخط من الأراضي العراقية فيما لو وافقت بغداد أكبر بكثير من نقله عبر القوافل البحرية، في حين أن مدّ هذا الخط عبر سوريا يتطلب الوصول إلى مرحلة تقسيم سوريا وإعادة هيكلتها في جملة من الدويلات الخاضعة لسيطرة الكيان الإسرائيلي وقطر وتركيا، والأمر أكثر من مستحيل قياساً على العمليات العسكرية الضخمة، والمنجزات التراكمية للقوات السورية، وبالتالي سيكون الخيار الوحيد المحتمل للتنفيذ عبر البحر المتوسط ضمن المياه الإقليمية قبالة لبنان وسوريا، ولكن هل ستأمن حكومة الاحتلال على هذا الخط من الاستهداف من قبل المقاومة اللبنانية أو الفلسطينية..؟.
عن “عربي برس”

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.